فصول المفیدة فی الواو المزیدة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
ومنه أيضا قول كعب بن جعيل شاعر تغلب ( فكنت وإياها كحران لم يفق عن الماء إذ لاقاه حتى تقددا ) يريد أنه لما اجتمع مع صاحبته اعتنقها ولم يزل كذلك حتى هلك كالحران وهو العطشان الذي لم يرو من الماء حتى هلك والشاهد فيه نصب إياها على المفعول معه وإنما كان متعينا لقبح العطف على المضمر المرفوع متصلا من غير تأكيد والنوع الثالث ما يجوز فيه العطف والنصب لكن العطف أقوى مثل قولهم ما أنت وزيد وما أنت والفخر وقول الشاعر ( وما جرم وما ذاك السويق ) وإنما كان الرفع أجود لبعد العامل في اللفظ وجاز النصب لدلالة الاستفهام على العامل والرابع ما يجوز فيه الأمران والنصب هو الأقوى والعطف مرجوح مثل مالك وزيدا وما شأنك وعمرا وكذلك قمت وزيدا فمن جوز العطف على المضمر المجرور من غير إعادة الخافض وعلى المضمر المرفوع متصلا من غير تأكيد جوزه هنا . . وحسن النصب قبح ذلك وطلب الاستفهام للفعل وجوز ابن أبي الربيع أن تكون الواو في مثل قولك مالك وزيدا للعطف والنصب بعدها بإضمار الملابسة وعطفت الملابسة على الخبر كأنك قلت ما كان لك وملابستك زيدا أو ما كان لك تلابس زيدا الخامس ما يكون فيه العطف والنصب على السواء مثل جاء البرد والطيالسة لأن المجيء يصح لكل واحد منهما وعد بعضهم منه قولهم استوى الماء والخشبة لأن مساواة كل منهما للآخر على السواء فهو مثل اختصم زيد وعمرو وقد ضبط ابن الحاجب الأقسام الأربعة الأول بأن الفعل إما أن يكون لفظا أو معنى وعلى كل منهما إما يجوز العطف أو يمتنع فإن كان لفظا وجاز العطف جاز الوجهان مثل جئت أنا وزيدا يعني وإن كان النصب أرجح وإن لم يجز العطف تعين النصب مثل جئت وزيدا وإن كان معنى وجاز العطف تعين ذا مثل ما لزيد وعمرو وإلا تعين النصب مثل مالك وزيدا وسكت عما استوى فيه الأمران إما لدخوله في القسم الأول مع قطع النظر عن الترجيح أو لأن جواز كل من النصب والعطف إنما يجيء عند إرادة معناه وهو مختلف فإنك إذا قلت جاء زيد وعمرو لم يكن الكلام مقتضيا سوى مجيئهما مع قطر النظر عن كونهما جاءا مصطحبين أو مفترقين فإذا قلت وعمرا بالنصب لم يكن إلا على أنهما جاءا معا ففي النصب ما في العطف من الاشتراك في المجيء وزيادة الاصطحاب والمقصود من النصب نسبة الفعل إلى الأول مع مصاحبته للثاني ولذلك قيل إن الواو بمعنى مع قال ابن بري الواو التي مع المفعول معه لها فائدتان أحداهما أنها لا تقتضي مشاركة الثاني للأول في الفعل مثل سار زيد والنيل وواو العطف تقتضي ذلك والثاني أنها تجمع بين الاسمين في زمن واحد ولا كذلك واو العطف قلت أما الفائدة الأولى فإنها لا تعم جميع صور المفعول معه فإن مثل استوى الماء والخشبة وجاء البرد والطيالسة المشاركة حاصلة لكل منهما في الفعل وإنما يختص بذلك بعض الصور التي يتعين فيها النصب كما تقدم وأما الثانية فكأن مراده أن العاطفة لا تقتضي المعية بوضعها وتدل عليه بخلاف هذه وإلا فالعاطفة لا ينافي مدلولها الجمع بين الاسمين في زمن واحد وذكر النيلي أن هذه الواو لها شبه بالعاطفة من وجه وبمع من وجه وتخالفهما من وجه فشبهها بالعاطفة من حيث لا يجوز تقديم المفعول معه على الفعل كما لا يتقدم المعطوف على المعطوف عليه وشبهها بمع لما