فصول المفیدة فی الواو المزیدة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
المعنى وهذا يتبين ببسط الأمثلة على الأنواع التي ذكرناها فمثال الأمر قولك زرني وأزورك بالنصب إذا أردت لتجتمع الزيارتان مني ومنك قال الشاعر ( فقلت أدعي وأدعو إن أندى لصوت أن ينادي داعيان ) بنصب أدعو لأن مراده ليجتمع الدعاءان والبيت أنشده سيبويه وعزاه إلى ربيعة بن جشم وقيل للأعشى وقيل لغيره ومعنى أندى أبعد صوتا والنداء بعد الصوت ومثاله من الدعاء اللهم ارزقني مالا وتوفقني لعمل الخير فيه أي اجمع لي بينهما وهو كالأمرسواء ولا فرق في الدعاء بين أن يكون بصيغة افعل أو بالفعل الماضي أو المضارع إذا أريد به الدعاء مثل غفر الله لزيد ويدخله الجنة إذا أريد الجمع بينهما ولهذا قال ابن مالك في التسهيل أو دعاء بفعل أصيل في ذلك ليشمل القسمين وشرط ابن عصفور ألا يكون الدعاء مناقضا مثل ليغفر الله لزيد ويقطع يده قال لأن الأول دعاء له والثاني دعاء عليه فلم يجز النصب ومثال النهي قولهم لا تأكل السمك وتشرب اللبن بنصب تشرب لأنك نهيته عن الجمع بينهما وله أن يفعل كل واحد على انفراده وأن لا يفعل شيئا أصلا ولو أردت النهي عن كل منهما بمفرده لعطفت وجزمت الثاني ولو رفعت تشرب لكان الواو واو الحال ويكون المعنى قريبا من النصب لكن فيه قدر زائد عن النصب لأن مقتضى الحال التلبس بالفعلين في آن واحد والنهي عن الجمع إذا نصبت أعم من أن يكون تناولهما معا أو يتعاقبا لما في ذلك من الفساد والضرر ومنه ما أنشده سيبويه للأخطل ( لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم ) قال سيبويه فلو دخلت الفاء ها هنا لأفسدت المعنى وإنما أراد لا يجمع النهي والاتيان وذكر غيره عن الأصمعي أنه قال لم أسمع هذا البيت إلا وتأتي بإسكان الياء فعلى هذه الرواية يكون الواو للحال وتقديره وأنت تأتي مثله لأن واو الحال يطلب المبتدأ والخبر والمعنى في الروايتين واحد فهو مثل قوله تعالى ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ) ولا يلزم على هذا قول المعتزلة إن النهي عن المنكر إنما يخاطب به من هو غير متلبس بمعصية وكذلك الأمر بالمعروف والنهي هنا عن الجمع بين النهي عن الشيء وإتيان مثله إنما هو لبشاعة ذلك وغلظ العتاب عليه لقيام الحجة على ذلك الفاعل في كونه ينهى عن الشيء ثم هو يأتي مثله كما قال شعيب عليه الصلاة والسلام ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ) لأن ذلك لا يصح إلا من منته عن ذلك المنهي عنه ويحتمل أن لا يقدر مبتدأ على رواية الرفع بل يكون ذلك على ما تقدم من الاكتفاء في الفعل المضارع المثبت إذا وقع حالا بالواو وحدها كما في البيت المتقدم . . . . . . . . ( نجوت وأرهنهم مالكا ) لكنه شاذ كما تقدم فتقدير المبتدأ أولى أو يحتمل إسكان الياء على ضرورة الشعر مع أن رواية النصب صحيحة لنقل سيبويه إياها وهذا البيت نسبه أبو عبيد القاسم بن سلام إلى أبي المتوكل الكناني وقال جماعة إن الصحيح نسبه إلى أبي الأسود الدؤلي واسمه ظالم بن عمرو وهو من جملة قصيدة له مشهورة أولها ( تلقى اللبيب محسدا لم يجترم عرض الرجال وعرضه مثلوم ) ( حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالقوم أعداء له وخصوم )