فصول المفیدة فی الواو المزیدة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وأما النصب فقد قال أبو عبيد القاسم بن سلام هو على الصرف كما في قوله تعالى ( ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ) لأن المقصود الجمع بين الشيئين واعتراض النحاس على ذلك بأن ( ويعلم الصابرين ) وقعت الواو بعد النفي وهنا لم يتقدم نفي فيكون هذا جوابا له والذي قاله أبو عبيد لم يرد به أن هذه الآية مثل تلك من كل وجه بل المقصود أن نصب الفعل بعد الواو بإضمار أن لما كان المراد الجمع بين الشيئين لا كل واحد منهما والمقتضي لذلك مع إرادة الجمع وقوعه بعد فعل الشرط والجزاء المجزومين به وإن كان الزمخشري قد ضعف ذلك وجعله نحو قوله ( وألحق بالحجاز فأستريحا ) مما هو شاذ لا يقاس عليه وليس هذا كما زعم بل النصب بعد الواو بإضمار أن بعد مجزومي الشرط أو بينهما معروف مشهور كما تقدم عن ابن مالك وقد أنشد للأعشى في بيتين له ما عطف بالواو لهذا المعنى ( ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى ) ثم قال في البيت الثاني ( وتدفن منه الصالحات ) وضبطوه بنصب تدفن مع أنه لا ضرورة إليه لإمكان الرفع فيه وإنما عدل إلى النصب لإرادة المعنى وأنشدوا أيضا ( فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والبلد الحرام ) ( ونأخذ بعده بذناب عيش أجب الظهر ليس له سنام ) وهذا هو الذي اختاره في الآية الزجاج وأبو علي الفارسي ومكي والمحققون وتقديرها على هذه القراءة إن يشأ يسكن الرياح فتقف السفن أو إن يشأ يعصف الريح فيغرقها وينج قوما بطريق العفو عنهم وحينئذ يعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص فالجزاء متضمن شيئين بطريق الجمع الأول أحد شيئين من التغريق والعفو أو مجموعهما والثاني علم المجادلين في آيات الله أنه لا محيص لهم ويكون كل ذلك داخلا في حيز الشرط وفائدته في العفو بيان أنه إنما يفعل ذلك بمشيئته وإرادته لا باستحقاق عليه سبحانه وتعالى وأما الموصول وصلته بعد ( ويعلم ) فإن جعل فاعلا ل ( يعلم ) سهل دخوله في حيز الشرط وإن قدر مفعولا فالمعنى يعلمه واقعا كما في قوله تعالى ( إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ) وكونه فاعلا أقوى في الإعراب وأخلص من الإشكال وتكون الجملة المنفية من قوله تعالى ( ما لهم من محيص ) سدت مسد مفعولي علمت والله أعلم5 -ومنها قوله تعالى ( أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم ) الآية وفيها ثلاث قراءات إحداها قراءة نافع وابن كثير وابن عامر يقول بغير واو العطف وبرفع اللام وهي كذلك في مصاحف أهل مكة والمدينة والشام والثانية قراءة عاصم وحمزة والكسائي بالواو ورفع الفعل والثالثة قراءة أبي عمرو بالواو أيضا لكن بنصب يقول فأما الأولى فذكر جماعة من الأئمة أن العطف هنا وتركه سيان لأن العطف هنا لم يقتض تشريكا في الإعراب