بیشترلیست موضوعات الكوثر في أحوال فاطمة بنت النبي الأطهر(جلد 6) فدك محكمة تأريخيّة يفرق فيها بين الحقّ والباطل المقدّمة إنّ حكم فدك معلوم من القرآن مكان فدك، و أنّ اللَّه أفاءها على رسول اللَّه أنفال وفدك وأنّها خالصة لرسول اللَّه كيفيّة ملكيّة فدك لرسول اللَّه إعطاء رسول اللَّه فاطمة فدكاً مقدار القيمة الماديه لفدك إنّ فدك رمز يرمز إلى المعنى العظيم إخراج أبي بكر وكيل فاطمة من فدك علّة غصب فدك من فاطمة مطالبة فاطمة حقّها وفدكاً مطالبة فاطمة ميراثها ادّعاء أبي بكر حديث «لا نورث» إنّ شهود حديث «لا نورث» مضطرب ومردود إنّ فدك كانت بيد فاطمة اسناد خطبة الزهراء في المسجد كلمات بعض الأعلام و الأعاظم في شأن خطبتها احتجاج فاطمة الزهراء على القوم لمّا منعوها فدكاً... خطبة الزهراء في مرضها مع نساء المهاجرين و الأنصار لمّا يعدنها طلب عليّ و فاطمة النصرة من المهاجرين والأنصار ليلاً إنّ عمر روّع فاطمة إنّ فاطمة ماتت و هي غضبى عليهما و لم تقبل اعتذارهما إنّ فاطمة قد دفنت ليلاً وصلّى عليها عليّ و لم يؤذن بها أبابكر تؤامر أبي بكر و عمر و خالد على قتل أميرالمؤمنين إنّ أبابكر عند موته ودّ أنّه لم يكشف عن بيت عليّ و فاطمة العلّة الّتي من أجلها ترك أميرالمؤمنين فدك لمّا ولي ردّ الخلفاء فدك لورثة فاطمة حدود فدك في عصر بني العبّاس فدك في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد قول ابن أبي الحديد في أنّ النبيّ هل يورث أم لا؟ قول ابن أبي الحديد في أنّ فدك هل صحّ كونها نحلة...؟ قول ابن أبي الحديد في ما روي من أمر فاطمة مع أبي بكر إعتذار ابن أبي الحديد للدفاع والإنتصار عن الشيخين إشكال التناقض في مذهب المسلمين مانع من ظهور الإسلام على الدّين كلّه، لوعد اللَّه تعالى: «لِيُظْهِرَهُ عَلى الدينِ كُلِّه...» [ التوبة: 9. الجواب عن الإشكال إنّ الأئمّة ورثوا وسائل النبوّة من اُمّهم فاطمة خلاصة مقتبسة من كتاب فدك المقدّمة فدك و تفرّد أبي بكر بروايات نسبها إلى رسول اللَّه حكم فدك معلوم من القرآن فدك طعمة للنبي خاصّة شهادة عمر باختصاص فدك برسول اللَّه تصرّف أبي بكر في فدك من باب الإجتهاد والرأي التهافت بين الرواية والدراية اعتذار أبي بكر و إنكاره تكليف الأولياء في فدك منازعة فاطمة مع أبي بكر في فدك منازعة فاطمة مع أبي بكر بشأن فدك من حيث النحلة والإرث استفهام واحتجاج؟ المرافعة بين فاطمة و أبي بكر هل أنّ فدكاً نحلة وعطيّة؟ فدك في تصرّف فاطمة نهج البلاغة وسدّ طريق الإنكار تصديق أبي بكر للنحلة عمر بن عبدالعزيز و ملكيّة فدك المأمون و نحلة فدك صاحب اليد لا يكلّف بإقامة البيّنة الحجّة منقطعة عمّن انتزع فدك من فاطمة إعتراض و دفع فاطمة أولى بالتصديق من غيرها توضيح مقال و شرح حال كفاية شاهد واحد و يمين قبول شهادة عليّ وحده النصّ الجلي على عصمة عليّ و فاطمة عليّ نفس رسول اللَّه عليّ باب حطّة و سفينة النجاة ولاية الأمر لعليّ في عهد رسول اللَّه النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم حديث غدير خم عليّ أخو رسول اللَّه فلا يقول باطلاً سؤال و دفع إشكال كون الحجرات ملكاً للنبيّ تصديق أبي بكر زوجات النبيّ في بيوته دون فاطمة دعوى فاطمة إرثها من أبيها رسول اللَّه شقّ عمر كتاب أبي بكر بردّ فدك إلى فاطمة الآيات القرآنية الدالّة على توريث الأنبياء معنى لفظ الارث في اللغة و العرف عدم وقوع التأويل في الآيتين [ النمل: 16، مريم: 5 و 6. توريث الأنبياء لأولادهم قيام الشاهد على إرادة وراثة المال إرث سليمان بن داود القرآن و آيات الإرث الشاملة لفاطمة و غيرها تفرّد أبي بكر بحديث «لا نورث» عدم العبرة بقول القائل: «قال النبيّ كذا» أبوبكر كان متّهماً عند عليّ و فاطمة والعبّاس كلام ابن تيميّة: إنّ للقوم ذنوباً مغفورة خلوّ الحديث عن قول: «ما تركناه صدقة» عدم مساس حديث نفي الإرث بأبي بكر إنّ فاطمه وجدت على أبي بكر حتّى ماتت ترك النكير على أبي بكر لا يدلّ على حقّية كلامه إنكار الزوجات حديث «لا نورث»... كتاب أبي بكر بردّ فدك إلى فاطمة إنكار أبي بكر و عمر سهم ذي القربى المنصوص عليه في القرآن غضب فاطمة على أبي بكر و عمر و استمرارها على الغضب إقالة أبي بكر و ليست له الإقالة جواز إعطاء فدك من باب الولاية لو لا الغضاضة جواب إشكال أو إثبات إعضال كلام ابن تيميّة في هذه المسألة ردّ فدك إلى أهل البيت خلاصة مقتبسة من ملحقات كتاب فدك الأهداف التي استهدفتها الزهراء من مواقفها الصلبة تصلب القوم أمام مطالب فاطمة الغاية الّتي من أجلها أوصت الزهراء بدفنها ليلاً تأريخ فدك في عصر الخلفاء و عصر الاُمويّين والعبّاسيين كلمة الختام خاتمة على مسرح الثورة مستمسكات الثورة طريق الثورة النسوة ظاهرة تأريخ الثورة محكمة الكتاب توضیحاتافزودن یادداشت جدید
خمارها [ اللوث: الطي و الجمع، ولاث العمامة: شدّها و ربطها، ولاثت خمارها: لفّته، والخمار- بالكسر-: المقنعة، سمّيت بذلك لأنّ الرأس يخمر بها، أي يغطى.] على رأسها، و اشتملت بجلبابها، [ اللوث: الطي والجمع، ولاث العمامة: شدّها وربطها، ولاثت خمارها: لفّته، والخمار- بالكسر-: المقنعة، سمّيت بذلك لأنّ الرأس يخمر بها، أي يغطى.] و أقبلت في لمّة من حفدتها [ في لمّة: أي جماعة، وفي بعض النسخ: في لميمة بصيغة التصغير، أي: في جماعة قليلة، والحفدة- بالتحريك-: الأعوان والخدم.] و نساء قومها تطأ ذيولها، [ أي: أنّ أثوابها كانت طويلة تستر قدميها، فكانت تطأها عند المشي، وفي بعض النسخ تجر إدراعها، والمعنى واحد.] ما تخرم [ الخرم- بضمّ الخاء وسكون الراء-: الترك ، والنقص، والعدول.] مشيتها مشية رسول اللَّه صلى الله عليه و آله حتّى دخلت على أبي بكر و هو في حشد [ الحشد: الجماعة.] من المهاجرين و الأنصار و غيرهم، فنيطت دونها ملاءة، [ نيطت: علّقت، وناط الشي ء: علّقه، والملاءة: الإزار.] فجلست، ثمّ أنّت أنّة أجهش القوم [ أجهش القوم: تهيئوا.] بالبكاء،فارتجّ المجلس. ثمّ أمهلت هنيئة حتّى إذا سكن نشيج القوم، و هدأت فورتهم، افتتحت الكلام بحمداللَّه والثناء عليه والصلاة على رسوله، فعاد القوم في بكائهم، فلمّا أمسكوا عادت في كلامها، فقالت عليهاالسلام: الحمدللَّه على ما أنعم، و له الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم، من عموم نعم ابتداها، و سبوغ آلاء أسداها، و تمام منن أولاها، جمّ عن الإحصاء عددها، و نأى عن الجزاء أمدها، و تفاوت عن الإدراك أبدها، و ندبهم لاستزادتها بالشكر لاتّصالها، و استحمد إلى الخلائق بإجزالها، و ثنى بالندب إلى أمثالها . و أشهد أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له، كلمة جعل الإخلاص تأويلها، و ضمن القلوب موصولها، و أنار في التفكّر معقولها، الممتنع من الأبصار رؤيته،و من الألسن صفته، و من الأوهام كيفيّته. إبتدع الأشياء لا من شي ء كان قبلها، و أنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها كونها بقدرته، و ذرأها بمشيّته من غير حاجة منه إلى تكوينها، و لا فائدة له في تصويرها، إلّا تثبيتاً لحكمته، و تنبيهاً على طاعته، و إظهاراً لقدرته، (و) تعبّداً لبريّته، و إعزازاً لدعوته. ثمّ جعل الثواب على طاعته، و وضع العقاب على معصيته، زيادة لعباده من نقمته، وحياشة [ حاش الإبل: جمعها وساقها.] لهم إلى جنّته. و أشهد أنّ أبي محمّداً صلى الله عليه و آله عبده و رسوله، اختاره قبل أن أرسله،وسمّاه قبل أن اجتباه، واصطفاه قبل أن ابتعثه. إذالخلائق بالغيب مكنونة، و بستر الأهاويل مصونة، و بنهاية العدم مقرونة، علماً من اللَّه تعالى بما يلي الاُمور، و إحاطة بحوادث الدهور، و معرفة بمواقع الاُمور. ابتعثه اللَّه إتماماً لأمره، و عزيمة على إمضاء حكمه، و إنفاذاً لمقادير حتمه، فرآى الاُمم فرقاً في أديانها، عكَّفاً على نيرانها، عابدة لأوثانها، منكرة للَّه مع عرفانها. فأنار اللَّه بأبي محمّد صلى الله عليه و آله ظلمها، و كشف عن القلوب بهمها، [ حاش الإبل: جمعها وساقها.] و جلى عن الأبصار غممها، [ بهمها: أي مبهماتها، وهي المشكلات من الاُمور.] و قام في الناس بالهداية، فأنقذهم من الغواية، و بصرهم من العماية، وهداهم إلى الدين القويم، ودعاهم إلى الطريق المستقيم. ثمّ قبضه اللَّه إليه قبض رأفة و اختيار، و رغبة و إيثار، فمحمّد صلى الله عليه وآله من تعب هذه الدار في راحة، قد حفّ بالملائكة الأبرار، و رضوان الربّ الغفّار، و مجاورة الملك الجبّار، صلّى اللَّه على أبي نبيّه، وأمينه، وخيرته من الخلق وصفيّه، والسلام عليه و رحمةاللَّه وبركاته. ثمّ التفتت إلى أهل المجلس، و قالت: أنتم عباداللَّه نصب أمره ونهيه، وحملة دينه ووحيه، واُمناء اللَّه على أنفسكم، و بلغائه إلى الاُمم، زعيم حقّ له فيكم، و عهد قدمه إليكم، و بقيّة استخلفها عليكم: كتاب اللَّه الناطق، والقرآن الصادق، والنور الساطع، والضياء اللامع. بيّنة بصائره، منكشفة سرائره، منجلية ظواهره، مغتبطة به أشياعه، قائداً إلى الرضوان أتباعه، مؤدّ إلى النجاة استماعه، به تنال حجج اللَّه المنوّرة، وعزائمه المفسّرة، و محارمه المحذرة، و بيّناته الجالية، وبراهينه الكافية، وفضائله المندوبة، و رخصه الموهوبة، و شرائعه المكتوبة. فجعل اللَّه الإيمان؛ تطهيراً لكم من الشرك. والصلاة؛ تنزيهاً لكم عن الكبر. والزكاة؛ تزكية للنفس، و نماء في الرزق. والصيام؛ تثبيتاً للإخلاص. والحجّ؛ تشييداً للدين. والعدل؛ تنسيقاً للقلوب. وطاعتنا؛ نظاماً للملّة. و إمامتنا؛ أماناً للفرقة. والجهاد؛ عزّاً للإسلام. والصبر؛ معونة على استيجاب الأجر. والأمر بالمعروف؛ مصلحة للعامّة. و برّ الوالدين؛ وقاية من السخط. وصلة الأرحام؛ منساة في العمر، [ منساة للعمر: مؤخرة.] و منماة للعدد. والقصاص؛ حقناً للدماء. والوفاء بالنذر؛ تعريضاً للمغفرة. و توفية المكائيل والموازين؛ تغييراً للبخس. والنهي عن شرب الخمر؛ تنزيهاً عن الرجس. واجتناب القذف؛ حجاباً عن اللعنة. و ترك السرقة؛ إيجاباً بالعفّة. و حرّم اللَّه الشرك؛ إخلاصاً له بالربوبيّة. فاتّقوا اللَّه حقّ تقاته، و لاتموتنّ إلّا و أنتم مسلمون، وأطيعوا اللَّه فيما أمركم به، و نهاكم عنه، فإنّه إنّما يخشى اللَّه من عباده العلماء. ثمّ قالت: أيّها الناس! إعلموا! إنّي فاطمة و أبي محمّد صلى الله عليه و آله، أقول عوداً وبدواً، ولا أقول ما أقول غلطاً، و لا أفعل ما أفعل شططاً، [ الشطط- بالتحريك-: هو البعد عن الحقّ، ومجاوزة الحدّ في كلّ شي ء.] «لَقَدْ جَائَكُمْ رَسولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتّم [ عنتّم: أنكرتم وجحدتم.] حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤمِنينَ رَؤوفٌ رَحيمٌ». [ التوبة: 128.] فإن تعزوه [ تعزوه: تنبوه.] و تعرفوه: تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمّي دون رجالكم. [ سيأتي قول النبيّ صلى الله عليه وآله لعليّ عليه السلام: «أنت أخي»، وحديث المؤاخاة.] و لنعم المعزى إليه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم. فبلغ الرسالة، صادعاً بالنذارة، [ الصدع: هو الإظهار، والنذارة- بالكسر-: الإنذار، وهو الإعلام على وجه التخويف.] مائلاً عن مدرجة المشركين [ المدرجة: هي المذهب والمسلك.] ضارباً، ثبجهم، [ الثبج- بالتحريك-: وسط الشي ء ومعظمه.] آخذاً بأكظامهم، داعياً إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة، يجف الأصنام، [ في بعض النسخ: «يكسر الأصنام»، وفي بعضها: «يجذّ» أي يكسر.] وينكث الهام، حتّى انهزم الجمع وولّوا الدبر. حتّى تفرّى الليل عن صبحه، [ تفرّى الليل عن صبحه: أي انشقّ حتّى ظهر وجه الصباح.] ، وأسفر الحقّ عن محضه، ونطق زعيم الدين، و خرست شقاشق الشياطين، [ الشقاشق: جمع شقشقة- بالكسر- وهي: شي ء كالرية يخرجها البعير من فيه إذا هاج.] وطاح وشيظ النفاق، [ طاح: هلك. والوشيظ: السفلة والرذل من الناس.] وانحلّت عقد الكفر والشقاق، وفهتم بكلمة الإخلاص [ كلمة الإخلاص: كلمة التوحيد.] في نفر من البيض الخماص. [ البيض الخماص: المراد بهم أهل البيت عليهم السلام.] و كنتم على شفا حفرة من النار، مذقة الشارب، [ مذقة الشارب: شربته.] ونهزة الطامع، [ نهزة الطامع- بالضمّ-: الفرصة، أي محلّ نهزته.] وقبسة العجلان، وموطى ء الأقدام، [ قبسة العجلان: مثل في الإستعجال. وموطى ء الأقدام: مثل مشهور في المغلوبية والمذلّة.] تشربون الطرق، [ الطرق- بالفتح-: ماء السماء الّذي تبول به الإبل وتبعر.] وتقتاتون القدّ، [ القدّ- بكسر القاف وتشديد الدال-: سير بقد من جلد غير مدبوغ.] أذلّة خاسئين، تخافون أن يتخطّفكم الناس من حولكم. فأنقذكم اللَّه تبارك و تعالى بمحمّد صلى الله عليه و آله، بعد اللتيّا و الّتي، و بعد أن مني ببهم الرجال [ بهم الرجال: شجعانهم.] و ذؤبان العرب، و مردة أهل الكتاب، «كُلَّما أَوقَدوا ناراً لِلْحَرْبِ أطْفَأها اللَّه»، [ المائدة: 64.] أو نجم قرن الشيطان، [ نجم: ظهر، وقرن الشيطان: اُمّته وتابعوه.] أو فغرت فاغرة من المشركين، [ فغر فاه: أي فتحه، والفاغرة من المشركين: الطائفة منهم.] قذف أخاه في لهواتها. [ قذف: رمى، واللهوات- بالتحريك، جمع لهات-: و هي اللحمة في أقصى شفة الفم.] فلا ينكفى ء حتّى يطأ جناحها بأخمصه [ ينكفى ء: يرجع، والأخمص: ما لا يصيب الأرض من باطن القدم.] و يخمد لهبها بسيفه، مكدوداً في ذات اللَّه، مجتهداً في أمر اللَّه، قريباً من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، سيّداً في أولياء اللَّه، مشمراً ناصحاً، مجداً، كادحاً، لا تأخذه في اللَّه لومة لائم، و أنتم في رفاهيّة من العيش، و ادعون [ وادعون: ساكنون.] فاكهون [ فاكهون: ناعمون.] آمنون، تتربّصون بنا الدوائر، [ الدوائر: صروف الزمان، أي: كنتم تنتظرون نزول البلايا علينا.] و تتوكفون الأخبار، [ تتوقعون أخبار المصائب والفتن النازلة بنا.] و تنكصون عند النزال، و تفرّون من القتال. فلمّا اختار اللَّه نبيّه دار أنبيائه، و مأوى أصفيائه، ظهر فيكم حسكة النفاق، [ في بعض النسخ:حسيكة»، وحسكة النفاق: عداوته.] و سمل جلباب الدين، [ سمل: صار خلقاً، والجلباب: الإزار.] و نطق كاظم الغاوين، [ الكظوم: السكوت.] ونبغ خامل الأقلين، [ الخامل: من خفي ذكره، وكان ساقطاً لا نباهة له.] و هدر فنيق المبطلين، [ الهدير: ترديد البعير صوته في حنجرته، والفنيق: الفحل المكرم من الإبل الّذي لا يركب ولا يهان.] فخطر في عرصاتكم، [ خطر البعير بذنبه: إذا رفعه مرّة بعد مرّة وضرب به فخذيه.] وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفاً بكم، [ مغرزه: أي ما يختفى فيه تشبيهاً له بالقنفذ، فإنّه يطلع رأسه بعد زوال الخوف.] فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللعزّة فيه ملاحظين. ثمّ استنهضكم فوجدكم خفافاً، واحشمكم فألفاكم غضاباً، [ أي: حملكم على الغضب فوجدكم مغضبين لغضبه.] فوسمتم [ الوسم: أثر الكي.] غير إبلكم، ووردتم غير مشربكم. [ الورود: حضور الماء للشرب.] هذا؛ و العهد قريب، و الكلم رحيب، [ أي: لم يصلح بعد.] والجرح لمّا يندمل، [ أي: لم يصلح بعد.] والرسول لما يقبر، ابتداراً، زعمتم خوف الفتنة، ألا في الفتنة سقطوا، و إنّ جهنّم لمحيطة بالكافرين. فهيهات منكم! و كيف بكم، و أنّى تؤفكون، و كتاب اللَّه بين أظهركم، اُموره ظاهرة، و أحكامه زاهرة، و أعلامه باهرة، و زواجره لايحة، و أوامره واضحة، و قد خلفتموه وراء ظهوركم، أرغبة عنه تريدون؟ [ في بعض النسخ: «تدبرون».] أم بغيره تحكمون؟ بئس للظالمين بدلاً، و من يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين. ثمّ لم تلبثوا الأريث أن تسكن نفرتها، [ نفرت الدابّة: جزعت وتباعدت. ] و يسلس [ يسلس: يسهل.] قيادها، ثمّ أخذتم تورون وقدتها، [ أي: لهبها.] و تهيجون جمرتها، و تستجيبون لهتاف الشيطان الغوي، و إطفاء أنوارالدين الجلي، و إهمال سنن النبيّ الصفيّ. تشربون حسواً في ارتغاء، [ الحسو: هو الشرب شيئاً فشيئاً. والإرتغاء: هو شرب الرغوة، وهي اللبن المشوب بالماء وحسواً في ارتغاء: مثل يضرب لمن يظهر شيئاً ويريد غيره.] و تمشون لأهله و ولده في الخمرة والضراء، [ الخمر- بالفتح-: ما واراك من شجر وغيره. والضراء- بالفتح-: الشجر الملتف بالوادي.] و يصير [ وفي بعض النسخ: «يصبر».] منكم على مثل حز المدى، [ الحز: القطع. والمدى: السكاكين.] ووخز السنان في الحشاء، و أنتم الآن تزعمون: أن لا إرث لنا. أفحكم الجاهليّة تبغون، و من أحسن من اللَّه حكماً لقوم يوقنون؟!! أفلا تعلمون؟ بلى قد تجلى لكم كالشمس الضاحية: أنّي ابنته. أيّها المسلمون! ءأغلب على إرثي؟ [ في بعض النسخ: «إرثه».] يابن أبي قحافة! أفي كتاب اللَّه ترث أباك و لا أرث أبي؟ لقد جئت شيئاً فريّاً! أفعلى عمد تركتم كتاب اللَّه و نبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول: «وَوَرِثَ سُليمان داود». [ النمل: 16.] و قال فيما اقتصّ من خبر يحيى بن زكريّا، إذ قال: «فَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ وَليّاً يَرِثُني وَيَرِثُ مِنْ آل يَعْقوب» [ مريم: 6.] و قال: «وَأُولو الأَرْحام بَعْضهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ في كِتابِ اللَّه» [ الأنفال: 75.] و قال: «يُوصِيكُمْ اللَّه في أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُنْثَيَيْن» [ النساء: 11.] و قال: «إِنْ تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّة لِلوالِدَينِ وَالأقْرَبين بِالمَعْروفِ حَقّاً عَلى المُتَّقين». [ البقرة: 180.] و زعمتم: أن لا حظوة [ الحظوة: المكانة.] لي، ولا أرث من أبي، و لا رحم بيننا، أفخصّكم اللَّه بآية أخرج أبي منها؟ أم هل تقولون: إنّ أهل ملّتين لا يتوارثان؟ أو لست أنا و أبي من أهل ملّة واحدة؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن و عمومه من أبي و ابن عمّي؟ فدونكها مخطومة مرحولة، [ مخطومة: من الخطام- بالكسر- و هو: كلّ ما يدخل في أنف البعير ليقاد به، والرحل- بالفتح-: هو للناقة كالسرج للفرس.] تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم اللَّه، والزعيم محمّد صلى الله عليه و آله، والموعدالقيامة، و عندالساعة يخسر المبطلون، و لاينفعكم إذ تندمون، و لكلّ نبأ مستقرّ، و سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه و يحلّ عليه عذاب مقيم. ثمّ رمت بطرفها [ في بعض النسخ: «رنت».] نحو الأنصار، فقال: يا معشر النقيبة [ النقيبة: الفتية.] و أعضاد الملّة و حضنة الإسلام! ما هذه الغميزة في حقّي، [ الغميزة- بفتح الغين العجمة والزاي-: ضعفة في العمل.] والسنة [ السنة- بالكسر-: النوم الخفيف.] عن ظلامتي؟ أما كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أبي يقول: «المرء يحفظ في ولده»؟ سرعان ما أحدثتم، و عجلان ذا إهالة، [ إهالة- بكسر الهمزة-: الدسم. وسرعان ذا إهالة، مثل يضرب لمن يخبر بكينونة الشي ء قبل وقته.] و لكم طاقة بما اُحاول، و قوّة على ما أطلب و أزاول. أتقولون مات محمّد صلى الله عليه و آله؟ فخطب جليل: استوسع وهنه، واستنهر [ وهنه الوهن: الخرق. واستنهر: اتّسع] فتقه، وانفتق رتقه، وأظلمت الأرض لغيبته، و كسفت الشمس والقمر، وانتثرت النجوم لمصيبته، و أكدت [ أكدت: قلّ خيرها.] الآمال، وخشعت الجبال، وأضيع الحريم، واُزيلت الحرمة عند مماته. فتلك واللَّه؛ النازلة الكبرى، والمصيبة العظمى، لا مثلها نازلة، و لا بائقة [ بائقة: داهية.] عاجلة، أعلن بها كتاب اللَّه جلّ ثناؤه، في أفنيتكم، و في ممساكم، و مصبحكم، يهتف في أفنيتكم هتافاً، و صراخاً، و تلاوة، وألحاناً، ولقبله ما حلّ بأنبياء اللَّه ورسله، حكم فصل، وقضاء حتم: «وَ مَا مُحَمَّد إِلّا رَسول قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِه الرُسُلْ أَفَإن ماتَ أَو قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلى أعْقَابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّه شَيئاً وَسَيَجزي اللَّهُ الشاكِرينَ». [ آل عمران: 144.] إيهاً بني قيلة! [ بنو قيلة: قبيلتا الأنصار: الأوس والخزرج.] ءأهضم تراث أبي؟ و أنتم بمرى ء منّي و مسمع، و منتدى [ المنتدى: المجلس.] و مجمع، تلبسكم الدعوة، و تشملكم الخبرة، و أنتم ذووالعدد و العدّة، و الأداة و القوّة، و عندكم السلاح و الجنّة. [ الجنة- بالضم-: ما اسنتنرت به من السلاح.] توافيكم الدعوة فلا تجيبون، و تأتيكم الصرخة فلا تغيثون، و أنتم