قول ابن أبي الحديد في ما روي من أمر فاطمة مع أبي بكر - کوثر فی احوال فاطمة بنت النبی الطهر (ص) جلد 6

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کوثر فی احوال فاطمة بنت النبی الطهر (ص) - جلد 6

سید محمد باقر موسوی؛ مصحح: محمدحسین رحیمیان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

أيصحّ أن نلعب هكذا مع كتاب ربّنا و سنّة نبيّنا صلى الله عليه و آله و ديننا و...؟

و مع هذا ندّعي أنّنا مسلمون مؤمنون، و بيوم القيامة موقنون؟ سبحان الحليم الحكيم، المملي و الممهل المتعال؛ «إِنَّما نُمْلي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهين».

[ آل عمران: 178.]


و من توابع حكم العقل والشّرع على قبح عملهم في إيذائها و إغضابها عليهاالسلام و عدم التكريم؛ إيذاء رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و إهانة له و إغضابه، و يرجع ذلك إلى الإهانة باللَّه و إيذاء اللَّه و إغضاب اللَّه تعالى، و صادق عليهم قول اللَّه تعالى في سورة المجادلة: «إِنَّ الَذيِنَ يُحَادّوُنَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ اُولئِكَ فِي الأَذَلِّينَ».

[ المجادلة: 20.]


و أمّا قول ابن أبي الحديد في حقّ السيّد المرتضى رحمه الله: فسبحان اللَّه! ما أشدّ حبّ الناس لعقائدهم.

[ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16/ 264.]


و قال في موضع آخر: فأمّا المنقول عن رجال أهل البيت عليهم السلام فإنّه يختلف فتارة، و تارة، و على كلّ حال، فميل أهل البيت عليهم السلام إلى ما فيه نصرة أبيهم و بيتهم.

[ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16/ 286.]


فأقول: يابن أبي الحديد! هل الدّين إلّا الحبّ والبغض؟ إذا كانت العقائد خالصة من الشرك، و متّخذة من الوحي الّذي لا ريب فيه، فلابدّ من حبّها أشدّ الحبّ.

لأنّنا أخذنا عقائدنا من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بوحي من اللَّه سبحانه لا يشوبها شي ء من الشرك أبداً، فنحبّها أشدّ الحبّ.

و أمّا أنتم من أين أخذتم عقائدكم؟ أمن الشورى أخذتم؟ فأين الشورى مع خلاف معظم أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، منهم وصيّه و أخوه و نفسه بآية

«أنْفُسنا» و بنو هاشم كلّهم، و سائر الصحابة الكبار.

و أمّا أنتم استندتم أساس مذهبكم على استبعادات خياليّة، و إلى ما هو بعيد في نظركم، مثل قولكم: و قدر الصحابة يجلّ عنه، و كان عمر أتقى للَّه!!! و أعرف لحقوق اللَّه من ذلك!!! و أمثال هذه العناوين والأقاويل.

و أخذتم من خبر الواحد الّذي وضعه الوضّاعون، فما أشدّ حبّكم لعقائدكم هذه؟!

و أمّا قولكم في حقّ رجال أهل البيت عليهم السلام الّذين هم أدرى بما في البيت، و هم مهبط الوحي و معدن الرسالة: هل ينصرون أبيهم على خلاف الحقّ؟

أليس أبوهم مع الحقّ والحقّ معه...؟

أليس آية «إِنَّما وَليُّكُمُ اللَّه...» و آية التطهير، و آية المباهلة، و آية «اليَوْم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينكُمْ» في قصّة الغدير، و روايات المنزلة، وحديث الثقلين، و هكذا الآيات لاُخرى، و روايات اُخر نزلت ووردت في شأن أبيهم؟

يابن أبي الحديد! أمن الإيمان و العقيدة المرضيّة أن تقول: فميل أهل البيت إلى ما فيه نصرة أبيهم و بيتهم؟!

ألم ينصروا الحقّ؟ و لابدّ لكلّ مسلم أن ينصر الحقّ، و لابدّ لكم- إن كنتم مسلمين حقّاً- أن تنصروا الحقّ، و الحقّ مع أبيهم؟ بلى! واللَّه؛ أنّ رجال أهل البيت سلام اللَّه عليهم نصروا الحقّ و نصروا أبيهم حتّى بذلوا دماءهم الطاهرة، و تحمّلوا القتل والأذى في سبيل الحقّ، بما لا مزيد عليه، و حتّى بلغوا مرتبة الشهادة والإسارة، و السجن والتشريد، و الفناء، و بذلوا كلّ جهدهم في نصرة اللَّه و نصرة الحقّ «فَمَاذَا بَعْد الحقّ إِلّا الضَلال فَأَنّى تصرَفُونَ»؟

[ يونس: 32.]


يابن أبي الحديد! قل: إنّما رجال أهل البيت ينصرون أبيهم، لأنّه مع الحقّ و بيتهم بيت الرسالة.

قول ابن أبي الحديد في ما روي من أمر فاطمة مع أبي بكر


3760/ 1- فأمّا ما رواه البخاري و مسلم في الصحيحين

[ صحيح البخاري:2/ 186، و صحيح مسلم: 3/ 1380، مع اختلاف في الألفاظ.]

من كيفيّه المبايعة لأبي بكر بهذا اللفظ الّذي أورده عليك، و الإسناد إلى عائشة:

أنّ فاطمة عليهاالسلام و العبّاس أتيا أبابكر يلتمسان ميراثهما من النبيّ صلى الله عليه و آله، و هما حينئذ يطلبان أرضه من فدك ، و سهمه من خيبر.

فقال لهما أبوبكر: إنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: «إنّا معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة، إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال»؛ و إنّي واللَّه لا أدع أمراً رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يصنعه إلّا صنعته.

فهجرتْه فاطمةُ عليهاالسلام و لم تكلّمه في ذلك حتّى ماتت، فدفنها عليّ عليه السلام ليلاً، و لم يؤذن بها أبابكر.

و كان لعليّ عليه السلام وجه

[ في صحيح مسلم: «وجهة» .8]

من الناس في حياة فاطمة عليهاالسلام، فلمّا توفّيت فاطمة عليهاالسلام انصرفت وجوه الناس عن عليّ عليه السلام،

[ في صحيح مسلم: «وجهة». 8]

فمكثت فاطمة عليهاالسلام ستّة أشهر، ثمّ توفّيت.

فقال رجل للزهري- و هو الراوي لهذا الخبر عن عائشة-: فلم يبايعه عليّ عليه السلام ستّة أشهر؟

قال: و لا أحد من بني هاشم حتّى بايعه عليّ عليه السلام.

فلمّا رآى ذلك ضرع إلى مبايعة أبي بكر، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا، و لا يأت

[ في صحيح مسلم: «ولايأتنا» .]

معك أحد، و كره أن يأتيه عمر لما عرف من شدّته.

فقال عمر: لا تأتهم وحدك.

فقال أبوبكر: واللَّه؛ لآتينّهم وحدي، و ما عسى أن يصنعوا بي؟

فانطلق أبوبكر حتّى دخل على عليّ عليه السلام، و قد جمع بني هاشم عنده، فقام عليّ عليه السلام، فحمد اللَّه وأثنى عليه بما هو أهله، ثمّ قال:

أمّا بعد؛ فإنّه لم يمنعْنا أنْ نبايعك يا أبابكر! إنكارٌ لفضلك، و لا منافسةٌ لخيرٍ ساقه اللَّه إليك، و لكنّا كنّا نرى أنّ لنا في هذا الأمر حقّاً، فاستبددتم به علينا.

و ذكر قرابته من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و حقّه، فلم يزل عليّ عليه السلام يذكر ذلك حتّى بكى أبوبكر.

فلمّا صمتَ عليّ عليه السلام تشهّد أبوبكر، فحمد اللَّه وأثنى عليه بما هو أهله، ثمّ قال: أما بعد؛ فواللَّه؛ لقرابة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أحبّ إليّ أنْ أصلها من قرابتي، و إنّي واللَّه؛ ما آلوكم من هذه الأموال الّتي كانت بيني وبينكم إلّا الخير؛ و لكنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: «لا نورث ما تركناه صدقة؛ و إنّما يأكل آل محمّد في هذا المال»، و إنّي واللَّه؛ لا أترك أمراً صنعه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إلّا صنعته إن شاء اللَّه!!! قال عليّ عليه السلام: موعدك العشية للبيعة، فلمّا صلّى أبوبكر الظهر، أقبل على الناس ثمّ عذر عليّاً عليه السلام ببعض ما اعتذر به، ثمّ قام عليّ عليه السلام فعظم من حقّ أبي بكر، و ذكر فضله وسابقته، ثمّ مضى إلى أبي بكر فبايعه، فأقبل الناس إلى عليّ عليه السلام، فقالوا: أصبتَ وأحسنتَ، و كان عليّ عليه السلام قريباً إلى الناس حين قارب الأمر بالمعروف!!!

3761/ 2- و روى أبوبكر أحمد بن عبدالعزيز، قال: حدّثني أبوزيد عمر بن

شبة، قال: حدّثني إبراهيم بن المنذر، قال: حدّثنا ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود؛ قال: غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة، و غضب عليّ عليه السلام والزبير، فدخلا بيتَ فاطمة عليهاالسلام، معهما السلاح.

فجاء عمر في عِصبابة، فيهم أُسيد بن حُضير، و سلمة بن سلامة بن قريش؛ و هما من بني عبد الأشهل، فاقتحما الدار.

فصاحت فاطمة عليهاالسلام و ناشدتْهما اللَّه، فأخذوا سيفيهما، فضربوا بهما الحجر حتّى كسروهما، فأخرجهما عمر يسوقهما حتّى بايعا.

ثمّ قام أبوبكر، فخطب الناس، فاعتذر إليهم، و قال: إنّ بيعتي كانت فَلْتة و قى اللَّه شرّها، وخشيت الفتنة، و أيم اللَّه؛ ما حرصت عليها يوماً قطّ، و لا سألتها اللَّه في سرٍّ و لا علانية قطّ، و لقد قُلّدت أمراً عظيماً ما لي به طاقة و لا يَدان،و لقد وددت أنّ أقوى الناس عليه مكاني.

فقبل المهاجرون، و قال عليّ عليه السلام والزبير: ما غضِبْنا إلّا في المشورة، و إنّا لنرى أبابكر أحقّ الناس بها، إنّه لصاحب الغار، و ثاني اثنين، و إنّا لنعرف له سِنّه، و لقد أمره رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بالصّلاة و هو حيّ!!!

3762/ 3- قال أبوبكر: و ذكر ابن شهاب بن ثابت: أنّ قيس بن شماس أخا بني الحارث من الخزرج، كان مع الجماعة الّذين دخلوا بيت فاطمة عليهاالسلام.

3763/ 4- قال: و روى سعد بن إبراهيم: أنّ عبدالرحمان بن عوف كان مع عمر ذلك اليوم، و أنّ محمّد بن مسلمة كان معهم، و أنّه هو الّذي كسر سيفَ الزبير.

3764/ 5- قال أبوبكر: وحدّثني أبوزيد عمر بن شبّة، عن رجاله، قال: جاء عمر إلى بيت فاطمة عليهاالسلام في رجال من الأنصار و نفر قليل من المهاجرين، فقال: و الّذي نفسي بيده لتخرجنّ إلى البيعة: أو لأحرقنّ البيت عليكم.

فخرج إليه الزبير مصلتاً بالسيف، فاعتنقه زياد بن لَبيد الأنصاريّ و رجل

آخر، فندر السيف من يده، فضرب به عمر الحجر فكسره، ثمّ أخرجهم بتلابيبهم يساقون سَوْقاً عنيفاً؛ حتّى بايعوا أبابكر.

3765/ 6- قال أبوزيد: و روى النضْر بن شُمَيْل، قال: حُمِل سيف الزبير لما نَدَر من يده إلى أبي بكر و هو على المنبر يخطب، فقال: اضربوا به الحجر.

قال أبوعمرو بن حماس: و لقد رأيت الحجر و فيه تلك الضربة، و الناس يقولون: هذا أثر ضربة سيف الزبير.

3766/ 7- قال أبوبكر: و أخبرني أبوبكر الباهليّ، عن إسماعيل بن مجالد، عن الشعبيّ، قال: قال أبوبكر: يا عمر! أين خالد بن الوليد؟

قال: هو هذا.

فقال: انطلقا إليهما- يعني عليّاً عليه السلام والزبير- فأتياني بهما.

فانطلقا، فدخل عمر و وقف خالد على الباب من خارج، فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟

قال: أعددته لأبايع عليّاً عليه السلام.

قال: و كان في البيت ناس كثير؛ منهم المقداد بن الأسود و جمهور الهاشميّين، فاخترط عمر السيف، فضرب به صخرة في البيت فكسره، ثمّ أخذ بيد الزبير، فأقامه ثمّ دفعه فأخرجه، و قال: يا خالد! دونك هذا، فأمسكه خالد، و كان خارج البيت مع خالد جمعٌ كثير من الناس، أرسلهم أبوبكر رِدْءً لهما.

ثمّ دخل عمر، فقال لعليّ عليه السلام: قم فبايع، فتلكّأ واحتبس، فأخذ بيده، و قال: قم.

فأبى أن يقوم، فحمله و دفعه، كما دفع الزبير، ثمّ أمسكهما خالد، و ساقهما عمر و من معه سَوْقاً عنيفاً، و اجتمع الناس ينظرون، و امتلأت شوارع المدينة بالرجال.

و رأت فاطمة عليهاالسلام ما صنع عمر، فصرخت و ولولت، و اجتمع معها نساء

كثير من الهاشميّات و غيرهنّ، فخرجت إلى باب حجرتها، و نادت:

يا أبابكر! ما أسرع ما أغرْتم على أهل بيت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، واللَّه لا أكلّم عمر حتّى ألقى اللَّه.

قال: فلمّا بايع عليّ عليه السلام والزبير، و هدأت تلك الفوْرة، مشى إليها أبوبكر بعد ذلك فشفَع لعمر، و طلب إليها فرضيت عنه!!!

3767/ 8- قال أبوبكر: و حدّثني المؤمل بن جعفر، قال: حدّثني محمّد بن ميمون، قال: حدثني داود بن المبارك، قال:

أتينا عبداللَّه بن موسى بن عبداللَّه بن حسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام و نحن راجعون من الحجّ في جماعة، فسألناه عن مسائل، و كنت أحد مَنْ سأله، فسألته عن أبي بكر و عمر.

فقال: أجيبك بما أجاب به جدّي عبداللَّه بن الحسن، فإنّه سئل عنهما.

فقال: كانت اُمّنا صِدّيقة ابنة نبيّ مرسل، و ماتت و هي غضبى على قوم، فنحن غضاب لغضبها.

قلت: قد أخذ هذا المعنى بعض شعراء الطالبيّين من أهل الحجاز؛ أنشدنيه النقيب جلال الدين عبد الحميد بن محمّد بن عبد الحميد العلويّ. قال: أنشدني هذا الشاعر لنفسه- و ذهب عنّي أنا اسمه- قال:










يا أباحفص! الهويْنَى و ما كنت مليا بذاك لولا الحمامُ
أتموتُ البتولُ غَضْبى و نَرضى ما كذا يصنعُ البنون الكرامُ

يخاطب عمر و يقول: مهلاً و رويداً يا عمر! أي ارفق واتَّئد و لاتعنف بنا، و ما كنت مليّاً أي: و ما كنت أهلاً، لأن تخاطب بهذا و تستعطف، و لا كنت قادراً على ولوج دار فاطمة عليهاالسلام على وجه الّذي ولجتها عليه، لولا أنّ أباها الّذي كان بيتها يحترم ويصان لأجله مات، فطمع فيها من لم يكن يطمع.

ثمّ قال: أتمومت اُمّنا و هي غضبى و نرضى نحن؟ إذاً لسنا بكرام، فإنّ الولد




الكريم يرضى لرضى أبيه و اُمّه و يغضب لغضبهما.

و الصحيح عندي: أنّها عليهاالسلام ماتت و هي واجدة على أبي بكر و عمر، و أنّها أوصتْ ألّا يصلِّيا عليها.

و ذلك عند أصحابنا من الاُمور المغفورة لهما. و كان الأولى بهما إكرامها و احترامَ منزلها، لكنّهما خافا الفرقة، و أشفقا من الفتنة، ففعلا ما هو الأصلحُ بحسب ظنّهما؛ و كانا من الدِّين وقوّة اليقين بمكان مكين، لاشكّ في ذلك، والاُمور الماضية يتعذّر الوقوف على عللها و أسبابها، و لا يَعْلَم حقائقها إلّا مَنْ قد شاهدها ولابسها!!!

بل لعلّ الحاضرين المشاهدين لها لا يعلمون باطن الأمر؛ فلا يجوز العدول عن حسن الإعتقاد فيهما بما جرى؛ واللَّه وليّ المغفرة والعفو؛ فإنّ هذا لو ثبت أنّه خطأ لم يكن كبيرة، بل كان من باب الصغائر الّتي لا تقتضي التبرّي، و لاتوجب زوال التولّي!!!

أقول: راجع المقدّمة من هذا الكتاب تعرف الجواب عن هذه الأباطيل.

3768/ 9- قال أبوبكر: و أخبرنا أبوزيد عمر بن شبة، قال: حدّثنا محمّد بن حاتم،عن رجاله، عن ابن عبّاس، قال:

مرّ عمر بعليّ عليه السلام، و أنا معه بفناء داره فسلّم عليه، فقال له عليّ عليه السلام: أين تريد؟

قال: البقيع.

قال: أفلا تصل صاحبك، و يقوم معك؟

قال: بلى.

فقال لي عليّ عليه السلام: قم معه.

فقمت فمشيتُ إلى جانبه، فشبّك أصابعه في أصابعي، و مشينا قليلاً، حتّى إذا خلّفنا البقيع قال لي: يا بن عبّاس! أما واللَّه؛ إنّ صاحبك هذا لأولى الناس

بالأمر بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، إلّا أنّا خفناه على اثنين.

قال ابن عبّاس: فجاء بكلام لم أجد بدّاً من مسألته عنه.

قلت: ما هما يا أميرالمؤمنين؟

قال: خِفْناه على حداثة سنّه، و حبّه بني عبدالمطلب.

3769/ 10- قال أبوبكر: وحدّثني أبوزيد، قال: حدّثني محمّد بن عباد، قال: حدّثني أخي سعيد بن عباد، عن الليث بن سعد، عن رجاله، عن أبي بكر الصدّيق!!! أنّه قال:ليتني لم أكشف بيت فاطمة عليهاالسلام، و لو أعلن عليّ الحرب.

3770/ 11- قال أبوبكر: وحدّثنا الحسن بن الربيع، عن عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عليّ بن عبداللَّه بن العبّاس، عن أبيه، قال:

لمّا حضرتْ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله الوفاة، و في البيت رجالٌ فيهم عمر بن الخطّاب.

قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: ائتوني بدواةٍ و صحيفة، أكتب لكم كتاباً لاتضلّون بعدي.

فقال عمر كلمة معناها: أنّ الوجع قد غلب على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

ثمّ قال: عندنا القرآن حسبنا كتاب اللَّه؛ فاختلف مَنْ في البيت واختصموا، فمِنْ قائل يقول: القول ما قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و مِنْ قائل يقول:القول ما قال عمر.

فلمّا أكثروا اللغط واللغو والإختلاف، غضِب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فقال: «قوموا؛ إنّه لا ينبغي لنبيّ أن يختَلف عنده هكذا».

فقاموا، فمات رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في ذلك اليوم.

فكان ابن عبّاس يقول: إنّ الرزيّة كلّ الرزية ما حال بيننا و بين كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، يعني الإختلاف واللغط.

قلت: هذا الحديث قد خَرّجه الشيخان محمّد بن إسماعيل البخاريّ، و مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحيهما، و اتّفق المحدّثون كافّة على روايته.

[ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6/ 47- 50.]


3771/ 12- قال القاضي عياض في «الشفاء» و في بعض طرق

الخبر: إنّ النبيّ يهجر!!

و في رواية: هَجَر.

و يروى: أَهجرَ.

و يروى: اُهجر.

قال القاضي عياض في «الشفاء»: إنّه لا يصحّ منه خلف و لا اضطراب في عمد، و لا سهو و لا صحّة، و لا مرض.

فما معنى الحديث في وصيّته؟ و كيف اختلفوا بعد أمره لهم أن يأتوه بالكتاب؟

[ حفدك: 120.]


3772/ 13- و روى ابن عبّاس رضى الله عنه قال: دخلت على عمر في أوّل خلافته و قد ألقي له صاع من تمر على خصفة، فدعاني إلى الأكل، فأكلت تمرة واحدة.

و أقبل يأكل حتّى أتى عليه، ثمّ شرب من جرّ كان عنده و استلقى على مرفقة له و طفق يحمد اللَّه يكرّر ذلك، ثمّ قال: من أين جئت يا عبداللَّه؟

قلت: من المسجد.

قال: كيف خلّفت ابن عمّك؟

فظننته- يعني عبداللَّه بن جعفر- قلت: خلفته يلعب مع أترابه.

قال: لم أعنِ ذلك، إنّما عنيت عظيمكم أهل البيت.

قلت: خلفته يمتح بالغَرْب على نخيلات من فلان، و هو يقرأ القرآن.

قال: يا عبداللَّه! عليك دماء البدن إن كتمتنيها هل بقي في نفسه شي ء من أمر الخلافة؟

قلت: نعم.

قال: أيزعم أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله نصّ عليه؟

قلت: نعم، و أزيدكم، سألت أبي عمّا يدّعيه، فقال: صدق.

فقال عمر: لقد كان من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في أمره ذَرْوً من قول لا يثبت حجّة، و لايقطع عذراً، و لقد كان يربع في أمره وقتاً ما.

و لقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه، فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطة على الإسلام!!لا و ربّ هذه البنية؛ لا تجتمع عليه قريش أبداً، و لو ولّيها لانتقضت عليه العرب من أقطارها، فعلم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أنّي علمت ما في نفسه، فأمسك و أبى اللَّه إلّا إمضاء ما حتم...!!!

ذكر هذا الخبر أحمد بن أبي طاهر صاحب كتاب «تأريخ بغداد» في كتابه مسنداً.

[ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 12/ 20 و 21.]


أقول: هذا إقرار عمر بن الخطّاب على منعه من أن يكتب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في وصاية عليّ عليه السلام كتاباً بعد الإقرار بأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بيّن وأعلن وصايته قولاً من قبل، ولكن لا يقطع عذراً، يعني: كان لإنكاره وتحريفه مجالاً لهم.

وأقرّ أيضاً بأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لم يهجر، و لم يغلب عليه الوجع، بل افتراه عمر بن الخطاب لأمرٍ أراده، حيث يقول: «فعلم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أنّي علمت ما في نفسه فأمسك...».

و أيضاً إقرار منه بأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بيّن أمر وصيّه و أمر أميرالمؤمنين عليه السلام مراراً، و لكن كان لإنكاره وتحريفه مجالاً لهم.

/ 44