رويداً فعن قليل ينجلي لكم القسطل، [ أي الغبار.] فتجدون ثمر فعلكم مرّاً أو (أم، خ ل) تحصدون غرس أيديكم زعافاً ممزّقاً وسمّاً قاتلاً، و كفى باللَّه حكماً (حكيماً، خ ل) وبرسول اللَّه صلى الله عليه و آله خصماً و بالقيامة موقفاً...
فلمّا أن قرأ أبوبكر الكتاب رعب من ذلك رعباً شديداً، و قال: يا سبحان اللَّه! ما أجرأه عليّ وأنكله عن غيري، معاشر المهاجرين والأنصار! تعلمون إنّي شاورتكم في ضياع فدك بعد رسول اللَّه، فقلتم: إنّ الأنبياء لايورثون، و إنّ هذه أموال يجب أن تضاف إلى مال الفي ء، و تصرف في ثمن الكراع و السلاح و أبواب الجهاد و مصالح الثغور فأمضينا رأيكم...
فقال له عمر: أبيت أن تقول إلّا هكذا، فإنّك ابن من لم يكن مقداماً في الحروب، و لا سخيّاً في الجدوب، سبحان اللَّه! ما أهلع فؤادك، و أصغر نفسك صفت لك سجّالاً لتشربها، فأبيت إلّا أن تظمأ كظمائك، و أنخت لك رقاب العرب، و ثبّت لك أمارة أهل الإشارة و التدبير، و لولا ذلك لكان ابن أبي طالب قد صيّر عظامك رميماً، فأحمد اللَّه على ما قد وهب لك منّي و أشكره على ذلك... فطب نفساً و لا تغرّنك صواعقه... فإنّي أسدّ بابه قبل أن يسدّ بابك.
فقال له أبوبكر: ناشدتك اللَّه يا عمر! لمّا تركتني من أغاليطك و تربيدك، فواللَّه؛ لو همّ بقتلي وقتلك لقتلنا بشماله دون يمينه، ما ينجينا منه الا ثلاث خصال:
احداها: انه واحد لاناصر له.
والثانيه، انه يتبع فينا وصيه رسول الله صلى الله عليه و آله.
والثالثة؛ فما من هذه القبائل أحد إلّا و هو يتخضّمه كتخضّم ثنية الإبل أوان الرّبيع، فتعلم لولا ذلك لرجع الأمر إليه، و لو كنّا له كارهين.
أمّا إنّ هذه الدنيا أهون عليه من لقاء أحدنا الموت، أنسيت له يوم اُحد و قد فررنا بأجمعنا وصعدنا الجبل، و قد أحاطت به ملوك القوم و صناديدهم موقنين بقتله لا يجد عنه محيصاً للخروج...
و لولا أنّه أنزل اللَّه إليه آية من كتاب اللَّه لكنّا من الهالكين، و هو قوله: (وَلَقَدْ عَفى عَنْكُمْ) فاترك هذا الرجل ما تركك و لايغرّنك قول خالد أنّه يقتله، فإنّه لا يجسر على ذلك، و إن رامه كان أوّل مقتول بيده، فإنّه من ولد عبد مناف إذا هاجوا أهيبوا، و إذا غضبوا أذموا، و لا سيّما عليّ بن أبي طالب، فإنّه بابها الأكبر، و سنامه الأطول، و همامها الأعظم، والسلام على من اتّبع الهدى.[ البحار: 29/ 140- 145، عن الإحتجاج.]
أقول: قد اختصرت رسالته عليه السلام و أخذت من مواضع كلامه عليه السلام، و كذا ذكرت مواضع من كلام أبي بكر و عمر، و اختصرت.
و قال العلّامة المجلسي رحمه الله: أقول: روى في «نهج البلاغة» تلك الفقرات في موضع آخر يناسبها، ثمّ بيّن و شرح فقرات الرسالة، فراجع المأخذ.
و أقول أيضاً: يدلّ هذا الخبر أنّ حديث الأنبياء لايورثون؛ ليس من كلام رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، بل اختلقوه القوم الّذين وضعوا أبابكر في مسند الخلافة، و حملوه على رقاب المسلمين.
و لعلّ المختلقين هم الّذين كتبوا بينهم الصحيفة المعروفة، و إنّما أبابكر نسب هذا الخبر الموضوع إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله افتراءاً، فاغتنم.
3649/ 5- الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أبان بن عثمان، عن عبدالرحمان بن أبي عبداللَّه، قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام:
إنّ اللَّه عزّوجلّ منّ علينا بأن عرّفنا توحيده، ثمّ منّ علينا بأن أقررنا بمحمّد صلى الله عليه و آله بالرّسالة، ثمّ اختصّنا بحبّكم أهل البيت نتولّاكم و نتبرّأ من عدوّكم، و إنّما نريد بذلك خلاص أنفسنا من النّار.
قال: و رققت فبكيت.
فقال أبوعبداللَّه عليه السلام: سلني فواللَّه؛ لا تسألني عن شي ء إلّا أخبرتك به.
قال: فقال له عبدالملك بن أعين: ما سمعته قالها لمخلوق قبلك.
قال: قلت: خبّرني عن الرّجلين؟
قال: ظلمانا حقّنا في كتاب اللَّه عزّ و جلّ، و منعا فاطمة صلوات اللَّه عليها ميراثها من أبيها، و جرى ظلمهما إلى اليوم- قال: و أشار إلى خلفه- و نبذا كتاب اللَّه وراء ظهورهما. [ روضةالكافي: 148 ح 74.]
3650/ 6- وفاة الصدّيقة الزهراء عليهاالسلام: عن الخرائج للراوندي؛ والمناقب لابن شهراشوب: ثمّ نزل على النبيّ صلى الله عليه و آله قوله تعالى: (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه)، فدعا فاطمة عليهاالسلام و قال لها: إنّ فدكاً لك ولعقبك من بعدك جزاءاً عمّا كانت لاُمّك خديجة عليهاالسلام من الحقّ، و هذه فدك نحلة لك.
و أمر أميرالمؤمنين عليه السلام أن يكتب لفاطمة عليهاالسلام بها، فكتب عليه السلام، و شهد هو ومولى لرسول اللَّه واُمّ أيمن- كانوا حضوراً-.
فقالت فاطمة عليهاالسلام لأبيها: لست أحدث فيه حدثاً ما دمت حيّاً، فإنّك أولى بها و من نفسي و مالي.
فعرّفها نبيّ الإسلام عواقب الاُمور و نفسيّات الرجال، و ما يحدثونها بعده من انقلاب و تطوّرات، و قال: أكره أن أجعلها سبة فيمنعوك إيّاها من بعدي.
فخضع لأمره التابع لوحي السماء، و جمع الناس في منزله، فأعلمهم بما نزل عليه من القرآن الحاكم، بأنّ فدكاً لفاطمة عليهاالسلام.
فكان وكيلها يجبي لها غلّتها البالغة كلّ سنة أربعة و عشرين ألف ديناراً- كما في (الخرائج)- أو سبعون ألف ديناراً- كما في «كشف المحجّة» لابن طاووس رحمه الله.
كانت تفرّقها على الفقراء من بني هاشم والمهاجرين والأنصار حتّى لا يبقى عندها ما يسع نفقة اليوم لها ولولدها. [ مسند فاطمة الزهراء عليهاالسلام:34 و35.]
3651/ 7- من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف الأنصاري و هو عامله على البصرة، و قد بلغه أنّه دعي إلى وليمة قوم من أهلها فمضى إليها.
أمّا بعد؛ يا ابن حنيف! فقد بلغني أنّ رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة،فأسرعت إليها يستطاب لك الألوان، و تنقل إليك (عليك- خ ل) الجفان، و ما ظننت أنّك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفوّ و غنيّهم مدعوّ... إلى أن قال:
ألا و إنّ لكلّ مأموم إماماً يقتدي به، و يستضي ء بنور علمه.
ألا و إنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، و من طعمه بقرصيه.
ألا و إنّكم لاتقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع و اجتهاد، وعفّة و سداد.
فواللَّه؛ ما كنزت من دنياكم تبراً، و لا ادّخرت من غنائمها وقراً، و لا أعددت لبالي ثوبي طمراً، (ولا حزت من أرضها شبراً، ولا أخذت منه إلّا كقوت أتان دبرة،ولهي في عيني أوهى وأهون من عفصة مقرة).
بلى كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أظلّته السماء، فشحّت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس قوم آخرين، و نعم الحكم اللَّه.
و ما أصنع بفدك و غير فدك، والنفس مظانّها في غد جدث، تنقطع في ظلمته آثارها،و تغيب أخبارها، و حفرة لو زيد في فسحتها و أوسعت يدا حافرها لضغطها (لأضغطها- خ ل) الحجر، و المدر، و سدّ فرجها التراب المتراكم، و إنّما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، و تثبت على جوانب المزلق.
و لو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفّى هذا العسل، و لباب هذا القمح، و نسائج هذا القزّ، ولكن هيهات! أن يغلبني هواي و يقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة، و لعلّ بالحجاز أو باليمامة من لا طمع له في القرص، و لا عهد له بالشبع.
أو أن أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى، وأكباد حرى؟
أو أن أكون كما قال القائل:
و حسبك داءً أن تبيت ببطنة | وحولك أكباد تحنّ إلى القدّ |
أأقنع من نفسي بأن يقال (لي:) أميرالمؤمنين و لا اُشارككم في مكاره الدهر؟ أو أكون اُسوة لهم في جشوبة العيش، فما خلقت ليشغلني أكل الطيّبات كالبهيمة المربوطة همّها علفها... [ البحار: 33/ 473- 476 ح 686، عن نهج البلاغة.
.
3652/ 8- أقول: روى في «البحار» عن كتاب «زوائد الفوائد» للسيّد ابن طاووس رحمه الله عن أبي العلاء الهمداني الواسطيّ؛ و يحيى بن محمّد بن حويج البغداديّ، عن أحمد بن إسحاق القمّي- صاحب أبي الحسن العسكري عليه السلام- عن أبي الحسن عليّ بن محمّد العسكريّ عليه السلام خبراً في فضل يوم التاسع من شهر ربيع الأوّل... و فيه:
قال صلى الله عليه و آله: نعم؛ يا حذيفة! جبت من المنافقين يرتاس عليهم، و يستعمل في
اُمّتي الرؤيا و... و يصدّ الناس عن سبيل اللَّه، يحرّف كتاب اللَّه، و يغيّر سنّتي، و يشتمل على إرث ولدي، و ينصب نفسه علماً.
و يتطاول على إمامه من بعدي، و يستخلب أموال الناس من غير حلّها، و ينفقها في غير طاعة اللَّه، و يكذّبني و يكذّب أخي و وزيري، و يحسد ابنتي عن حقّها، فتدعو اللَّه عزّ و جلّ عليه، فيستجيب دعاءها في مثل هذا اليوم...
و فيه أيضاً: قال حذيفة:... حتّى رأيت بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله... وحرّف القرآن، وأحرق بيت الوحي، و ابتدع السّنن و غيّرها و غيّر الملّة و نقل السنّة.
وردّ شهادة أميرالمؤمنين عليه السلام، و كذّب فاطمة عليهاالسلام بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و اغتصب فدك منها، و أرضى اليهود والنصارى والمجوس، وأسخط قرّة عين المصطفى، ولم يرضها... ولطم وجه الزكيّة عليهاالسلام... [ البحار : 95/ 351- 355.
] أقول: قال في البحار: و بإسنادنا إلى المفيد رحمه الله قال في «حدائق الرياض»عند ذكر ربيع الأوّل: اليوم العاشر منه تزوّج النبيّ صلى الله عليه و آله خديجة عليهاالسلام بنت خويلد اُمّ المؤمنين رضي اللَّه عنها، و لها أربعون سنة، و له صلى الله عليه و آله خمس وعشرون سنة.
و يستحبّ صيامه شكراً للَّه تعالى على توفيقه بين رسوله و الصالحة الرضيّة التقيّة.
و قال: في اليوم الثاني عشر منه كان قدوم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله المدينة مع زوال الشمس. و في مثله سنة اثنتين و ثمانين من الهجرة كان انقضاء دولة بني مروان، فيستحبّ صومه شكراً للَّه تعالى على ما أهلك من أعداء رسوله صلى الله عليه و آله (البحار: 95/ 357، عن إقبال الأعمال).] أقول: الخبر طويل، أخذت منه مواضع الحاجة، فراجع المأخذ.
3653/ 9- حدّثنا أحمد بن محمّد بن الهيثم العجليّ و أحمد بن الحسن القطّان و محمّد بن أحمد السنانيّ؛ والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب و عبداللَّه بن محمّد الصائغ و عليّ بن عبداللَّه الورّاق رضي اللَّه عنهم، قالوا:
حدّثنا أبوالعبّاس أحمد بن يحيى بن زكريّا القطّان، قال: حدّثنا بكر بن عبداللَّه بن حبيب، قال: حدّثنا تميم بن بهلول، قال: حدّثني أبومعاوية، عن الأعمش، عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام، قال:
هذه شرائع الدين لمن تمسّك بها، وأراد اللَّه تعالى هداه... إلى أن قال:
وحبّ أولياءاللَّه واجب، والولاية لهم واجبة، والبراءة من أعدائهم واجبة، و من الّذين ظلموا آل محمّد صلّى اللَّه عليهم، وهتكوا حجابه، وأخذوا من فاطمة عليهاالسلام فدك، ومنعوها ميراثها، وغصبوها وزوجها حقوقهما.
وهمّوا بإحراق بيتها، وأسّسوا الظلم، وغيّروا سنّة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين واجبة. [ البحار: 10/ 222- 226 و27/ 52، عن الخصال.]
أقول: الخبر طويل أخذت منه موضع الحاجة، فراجع المأخذ.
3654/ 10- زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ورث عليّ عليه السلام علم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وورثت فاطمة عليهاالسلام تركته.
والخبر مشهور: أنت وارث علم الأوّلين والآخرين. [ البحار: 38/ 154.]
مطالبة فاطمة حقّها وفدكاً
3655/ 1- العيّاشي: بإسناده عن جميل بن درّاج، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: أتت فاطمة عليهاالسلام تُريد فدكاً.
فقال: هاتي أسود أو أحمر يشهد بذلك.
قال: فأتت باُمّ أيمن.
فقال: بما تشهدين.
قالت: أشهد أنّ جبرائيل أتى محمّد صلى الله عليه و آله فقال: فإنّ اللَّه يقول: (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه)، فلم يدر محمّد صلى الله عليه و آله من هم؟
فقال: يا جبرئيل! سل ربّك من هم؟
فقال: فاطمة ذوالقربى، فأعطاها فدكاً.
فزعموا أنّ عمر محى الصحيفة، و قد كان كتبها أبوبكر. [ غاية المرام:324 ح 7. أقول: و روى عطيّة العوفي، قال: لما افتتح رسول اللَّه صلى الله عليه و آله خيبر وأفاء اللَّه عليه فدك، و أنزل عليه (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه).
قال: يا فاطمة! لك فدك.
و عن أبي الطفيل عن عليّ عليه السلام قال: قال يوم الشورى: أفيكم أحد تمّ نوره من السماء حين قال (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه وَالمِسْكين)؟
قالوا: لا. (البحار: 29/ 120- 121، عن تفسير العيّاشي).]
3656/ 2- مصباح الأنوار؛ لبعض علمائنا الأخيار: عن أبي جعفر عليه السلام قال: دخلت فاطمة عليهاالسلام بنت محمّد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله على أبي بكر، فسألته فدكاً.
قال: النبيّ لا يورث.
فقالت: قد قال اللَّه تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمان داود).
فلمّا حاجّته أمر أن يكتب لها، وشهد عليّ بن أبي طالب عليه السلام و اُمّ أيمن.
قال: فخرجت فاطمة عليهاالسلام فاستقبلها عمر، فقال: من أين جئت يا بنت رسول اللَّه؟
قالت: من عند أبي بكر من شأن فدك، قد كتب لي بها.
فقال عمر: هاتي الكتاب.
فأعطته، فبصق فيه، و محاه عجّل اللَّه جزائه.
فاستقبلها عليّ عليه السلام، فقال: مالك يا بنت رسول اللَّه! غضبى.
فذكرت له ما صنع عمر.
فقال: ما ركبوا منّي و من أبيك أعظم من هذا.
فمرضت فجاءا يعودانها، فلم تأذن لهما، فجاءا ثانية من الغد، فأقسم عليها أميرالمؤمنين عليه السلام، فأذنت لهما، فدخلا عليها فسلّما، فردّت ضعيفاً.
ثمّ قالت لهما: أسألكما باللَّه الّذي لا إله إلّا هو؛ أسمعتما يقول رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في حقّي: من آذى فاطمة فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى اللَّه.
قالا: اللهمّ نعم.
قالت: فاشهدا أنّكما قد آذيتماني. [ البحار: 29/ 157.]
3657/ 3- المفضّل بن عمر، عن الصادق عليه السلام- في حديث طويل- وفيه:
ثمّ تبتدي فاطمة عليهاالسلام فتشكو ما نالها من عمر و ما نالها من أبي بكر، وأخذ فدك منها، ومشيها إليه في مجمع من المهاجرين والأنصار، و خطابها له في أمر فدك، و ما ردّ عليها من قوله: إنّ الأنبياء لا تورث، واحتجاجها بقول زكريّا
و يحيى عليهماالسلام، و قصّة داود و سليمان عليهماالسلام.
و قول صاحبه: هاتي صحيفتك الّتي ذكرت أنّ أباك كتبها لك، و إخراجها الصحيفة، و أخذها منها و نشرها على رؤوس الأشهاد من قريش و سائر المهاجرين و الأنصار،و تفل فيها، و عزله لها و تمزيقه إيّاها.
و بكاؤها و رجوعها إلى قبر أبيها باكية حزينة تمشي على الرمضاء قد أقلقتها، و استغاثتها باللَّه و بأبيها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و تمثّلها فيه بقول رقيّة بنت صفى:
قد كان بعدك أنباء و هنبثة | لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب |
إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها | واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغب |
أبدى رجال لنا نجوى صدورهم | لمّا مضيت و حالت دونك الحجب |
لكلّ قوم لهم قرب و منزلة | عند الإله على الأدنين مقترب |
يا ليت قبلك كان الموت يأخذنا | أملوا اُناس وفازوا بالّذي طلبوا |
و تقصّ عليه قصّة أبي بكر و إنفاذه خالداً و قنفذ و عمر و الجمع معهم لإخراج أميرالمؤمنين عليه السلام من بيته إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة.
و اشتغال أميرالمؤمنين عليه السلام بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و ضمّ أزواجه و تعزيتهم و جمع القرآن و تأليفه، و قضاء ديونه و إنجاز عداته، و هي ثمانون ألف درهم باع فيها تليده و طارفه قضاها عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
و قول عمر: اُخرج يا عليّ! إلى ما أجمع عليه المسلمون من البيعة، فما لك أن تخرج عمّا أجمع عليه المسلمون و إلّا قتلناك.
و قول فضّة جارية فاطمة عليهاالسلام: إنّ أميرالمؤمنين عليه السلام مشغول، و الحقّ له، إن أنصفتم من أنفسكم وأنصفتموه.
3658/ 4- و ذكر أبوعليّ الطبرسي في قوله (تعالى): (وَإِذَا وَقَع القَوْل عَلَيْهم
أَخْرجنا لَهُمْ دابَّة من الأَرْض تُكلّمُهمْ) ما يؤيّد ذلك. [ مختصر بصائر الدرجات: 191 و 192.
.
أقول: والّذي يظهر من هذا الحديث؛ أنّ عمر بن الخطّاب مزّق كتابين:
أحدهما: الّذي كتبه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله على أمر فدك لفاطمة عليهاالسلام، و أنّ عمر تفل فيه و خرقه و مزّقه.
و الثاني:- كما في روايات اُخرى- أخذ منها عليهاالسلام ما كتبه أبوبكر، و ذلك في كتابه الّذي كتبه في فدك وردّها للزهراء عليهاالسلام بعد احتجاجها عليه، وأخذه عمر أيضاً، و تفل فيه ومزّقه.
فمزّق عمر كتابين، و تفل فيهما، أحدهما كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، والآخر كتاب أبي بكر.
و إنّما الّذي أحرق قلب سيّدة النساء العالمين الّتي هي قلب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؛ تمزيق عمر كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بعد أن تفل فيه، و صار سبب بكائها ورجوعها إلى قبر أبيها و...
3659/ 5- قال في تفسير القمّي: (مَنّاع للخَيْر).
المنّاع: الثاني.
والخير: ولاية أميرالمؤمنين عليه السلام، و حقوق آل محمّد عليهم السلام، و لمّا كتب الأوّل كتاب فدك بردّها على فاطمة عليهاالسلام منعه (شقّه، خ ل) الثاني، فهو معتد أثيم. [ البحار: 29/ 113، عن تفسير القمّي.]
3660/ 6-... قال: ثمّ إنّ فاطمة عليها السلام بلغها أنّ أبابكر قبض فدكاً [ عقد المؤلّف العلّامة لبحث فدك باباً مستقلّاً، و سيجي ء تمام الكلام عند ذلك، و إن شئت راجع في منع فدك عنها عليهاالسلام! صحيح البخاري: كتاب الخمس 1، فضائل أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله 12، كتاب المغازي: 38 و 14، الفرائض: 3، صحيح مسلم كتاب الجهاد: 49 و53، الامارة: 19، سنن النسائي الجهاد: 52 و53 و54، كتاب الفي ء: 9؛ مسند ابن حنبل: 1/ 4 و 6 و 9 و 10 و 13- 2/ 353، سنن الترمذي كتاب السير: 44، تأريخ الطبري: 3/ 208، مشكل الآثار للطحاوي: 1/ 48، سنن البيهقي: 6/ 300، كفاية الطالب: 226، تأريخ ابن كثير: 5/ 285، الخميس: 2/ 93 (هامش البحار).] ] فخرجت في