و هو الّذي رواه أصحابنا رضي اللَّه عنهم عن الصادقين عليهم السلام، و أخبرنا السيّد مهدي بن نزار.
أقول: سند الحديث الذّي نقله نزار الحسيني هكذا:
ذكر الطبرسي في «مجمع البيان» قال: أخبرنا السيّد أبوالحمد مهدي بن نزار الحسيني- قراءة- قال: حدّثنا أبوالقاسم عبيداللَّه بن عبداللَّه الحسكاني، قال: حدّثنا الحاكم الواحد أبومحمّد، قال: حدّثنا عبداللَّه بن عمر بن أحمد بن عثمان ببغداد- شفاهاً- قال: أخبرني عمر بن الحسن بن عليّ بن مالك، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد الأحمسي؛
قال: حدّثنا حسن بن حسين، قال: حدّثنا أبومعمر سعيد بن خيثم و عليّ بن القاسم الكندي، و يحيى بن يعلى، و عليّ بن مسهر، عن فضيل بن مرزوق، عن عطيّة العوفي، عن أبي سعيد الخدري... [ مجمع البيان: 3/ 411، فدك: 50 (الهامش)، و تفسير العيّاشي: 2/ 288.]
قال: لمّا نزلت قوله: «وآت ذا القربى حقّه» أعطى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام فدك.
قال عبدالرحمان بن صالح: كتب المأمون إلى عبيداللَّه بن موسى يسأله عن قصّة فدك.
فكتب إليه عبيداللَّه بهذا الحديث رواه عن الفضل بن مرزوق، عن عطيّة، فردّ المأمون فدك على ولد فاطمة عليهاالسلام، انتهى.
و روى العيّاشي حديث عبدالرحمان بن صالح... إلى آخره. [ البحار: 29/ 107.]
حدود فدك في عصر بني العبّاس
3718/ 1- في كتاب «أخبار الخلفاء»: إنّ هارون الرشيد كان يقول لموسى بن جعفر عليه السلام: خذ فدكاً حتّى أردّها إليك، فيأبى حتّى ألحّ عليه.
فقال عليه السلام: لا آخذها إلّا بحدودها.
قال: و ما حدودها؟
قال: إن حدّدتها لم تردّها.
قال: بحقّ جدّك إلّا فعلت.
قال: أمّا الحدّ الأوّل؛ فعدن، فتغيّر وجه الرشيد، و قال: أيهاً.
قال: والحدّ الثاني؛ سمرقند، فأربد وجهه.
قال: والحدّ الثالث؛ افريقيّه، فاسودّ وجهه.
و قال: هيه.
قال: والرابع؛ سيف البحر ممّا يلي الجزر وارمينية.
قال الرشيد: فلم يبق لنا شي ء، فتحول إلى مجلسي.
قال موسى عليه السلام: قد أعلمتك أنّني إن حدّدتها لم تردّها، فعند ذلك عزم على قتله. [ البحار: 29/ 200 ح 41، و 48/ 142 ح 20، عن المناقب لابن شهراشوب.]
3719/ 2- و في رواية ابن أسباط: أنّه قال:
أمّا الحدّ الأوّل؛ فعريش مصر.
و الثاني؛ دومة الجندل.
و الثالث؛ اُحد.
و الرابع؛ سيف البحر.
فقال: هذه كلّه هذه الدنيا.
فقال عليه السلام: هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة، فأفاءه اللَّه على رسوله بلا خيل و لا ركاب، فأمره اللَّه أن يدفع إلى فاطمة عليهاالسلام. [ البحار: 48/ 144 و 145 ح 20، عن المناقب لابن شهراشوب.]
و رواه أيضاً في موضع آخر من «البحار». [ البحار: 29/ 200 و 201 ح 41.]
3720/ 3- عليّ بن محمّد بن عبداللَّه، عن بعض أصحابنا- أظنّه السيّاري- عن عليّ بن أسباط، قال:
لمّا ورد أبوالحسن موسى عليه السلام على المهديّ، رآه يردّ المظالم.
فقال: يا أميرالمؤمنين! ما بال مظلمتنا لا تردّ؟
فقال له: و ما ذاك يا أباالحسن؟
قال: إنّ اللَّه تبارك و تعالى لمّا فتح على نبيّه صلى الله عليه و آله فدك و ما والاها لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، فأنزل اللَّه على نبيّه صلى الله عليه و آله «وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه». [ الإسراء: 26.]
فلم يدر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من هم، فراجع في ذلك جبرئيل، و راجع جبرئيل عليه السلام ربّه.
فأوحى اللَّه إليه أن ادفع فدك إلى فاطمة عليهاالسلام.
فدعاها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقال لها: يا فاطمة! إنّ اللَّه أمرني أن أدفع إليك فدك.
فقالت: قد قبلت يا رسول اللَّه! من اللَّه و منك.
فلم يزل و كلاؤها فيها حياة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
فلمّا ولّى أبوبكر أخرج عنها وكلاءها.
فأتته فسألته أن يردّها عليها.
فقال لها: ايتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك.
فجاءت بأميرالمؤمنين عليه السلام و اُمّ أيمن، فشهدا لها.
فكتب لها بترك التعرّض.
فخرجت والكتاب معها.
فلقيها عمر، فقال: ما هذا معك يا بنت محمّد؟ قالت: كتاب كتب لي ابن أبي قحافة.
قال: أرينيه، فأبت، فانتزعه من يدها و نظر فيه، ثمّ تفل فيه و محاه و خرقه، فقال لها: هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل و لا ركاب، فضعي الجبال في رقابنا.
فقال له المهديّ: يا أباالحسن! حدّها إليّ.
فقال: حدّ منها جبل اُحد، و حدّ منها عريش مصر، و حدّ منها سيف البحر، و حدّ منها دومة الجندل.
فقال له: كلّ هذا؟
قال: نعم؛ يا أميرالمؤمنين! هذا كلّه، إنّ هذا كلّه ممّا لم يوجف أهله على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بخيل و لا ركاب.
فقال: كثير، و أنظر فيه. [ البحار: 48/ 156 ح 29، عن الكافي.]
أقول: و رواه في «غاية المرام» عن محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمد (مثله). [ غاية المرام: 323 ح 1.]
و رواه في «الكافي» باب الفي ء و الأنفال أيضاً، فراجع. [ الكافي: 2/ 497 ح 5.]
أقول: للعلّامة المجلسي رحمه الله بيان لقول عمر: «فضعي الجبال في رقابنا»، فراجع المأخذ.
فدك في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد
قال ابن أبي الحديد: الفصل الأوّل: فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث و كتبهم، لا من كتب الشيعة و رجالهم، لأنّا مشترطون على أنفسنا ألّا نحفل بذلك، و بجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهريّ في «السقيفة وفدك»، و ما وقع من الإختلاف والإضطراب عَقِب وفاة النبيّ صلى الله عليه و آله.
و أبوبكر الجوهريّ هذا عالم محدِّث كثير الأدب، ثقة، ورع، أثنى عليه المحدّثون وروَوْا عنه مصنّفاته.
3721/ 1- قال أبوبكر: حدّثني أبوزيد عمر بن شبّة، قال: حدّثنا حيّان بن بشر، قال: حدّثنا يحيى بن آدم، قال: أخبرنا ابن أبي زائدة، عن محمّد بن إسحاق، عن الزهري، قال:
بقيتْ بقيّةٌ من أهل خيبر تحصّنوا، فسألوا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أن يحقن دماءهم ويُسيِّرهم، ففعل.
فسمع ذلك أهل فدك، فنزلوا على مثل ذلك.
و كانت للنبيّ صلى الله عليه و آله خاصّة، لأنّه لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب.
3722/ 2- قال أبوبكر: و روى محمّد بن إسحاق أيضاً: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لمّا فرغ من خيبر قذف اللَّه الرعب في قلوب أهل فدك.
فبعثوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فصالحوه على النّصف من فدك، فقدمت عليه رسلهم بخيبر- أو بالطريق، أو بعد ما أقام بالمدينة- فقبل ذلك منهم.
و كانت فدك لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله خالصةً له، لأنّه لم يوجف عليها بخيلٍ ولا ركاب.
قال: و قد روي: أنّه صالحهم عليها كلّها، اللَّه أعلم أيُّ الأمرين كان.
3723/ 3- قال: و كان مالك بن أنس يحدّث عن عبداللَّه بن أبي بكر بن عمرو بن حَزْم:أنّه صالحهم على النصف، فلم يزل الأمر كذلك، حتّى أخرجهم عمر بن الخطّاب و أجلاهم بعد أن عوّضهم عن النّصف الّذي كان لهم عوضاً من إبل و غيرها.
و قال غير مالك بن أنس: لمّا أجلاهم عمر بعث إليهم من يقوّم الأموال، بعث أبا الهيثم بن التيّهان، و فروة بن عمرو، و حباب بن صَخْر، و زيد بن ثابت، فقوّموا أرض فدك و نخلها، فأخذها عمر، و دفع إليهم قيمة النصف الّذي لهم.
و كان مبلغ ذلك خمسين ألف درهم، أعطاهم إيّاها من مالٍ أتاه من العراق، و أجلاهم إلى الشام.
3724/ 4- قال أبوبكر: فحدّثني محمّد بن زكريّا، قال: حدّثني جعفر بن محمّد بن عُمارة الكنديّ، قال: حدّثني أبي، عن الحسين بن صالح بن حيّ، قال: حدّثني رجلان من بني هاشم، عن زينب عليهاالسلام بنت عليّ بن أبي طالب عليه السلام؛
قال: و قال جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه؛
قال أبوبكر: وحدّثني عثمان بن عمران العجيفيّ، عن نائل بن نجيح بن عمير بن شَمِر، عن جابر الجُعفيّ، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام؛
قال أبوبكر: وحدّثني أحمد بن محمّد بن يزيد، عن عبداللَّه بن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن عبداللَّه بن حسن بن الحسن، قالوا جميعاً:
لمّا بلغ فاطمة عليهاالسلام إجماع أبي بكر على منعها فدك، لاثت خمارها، و أقبلت في لُمّة من حفدتها و نساء قومها، تطأ في ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية
رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، حتّى دخلتْ على أبي بكر، و قد حشد الناس من المهاجرين و الأنصار، فضرب بينها و بينهم ريطةً بيضاء.
-و قال بعضهم: قِبْطيّة، و قالوا: قُبْطية بالكسر و الضمّ-.
ثمّ أنّت أنّةً أجهش لها القوم بالبكاء، ثمّ أمهلت طويلاً حتّى سكنوا من فورتهم.
ثمّ قالت: أبتدء بحمد من هو أولى بالحمد، و الطَّوْل و المجد، الحمدللَّه على ما أنعم، وله الشكر بما ألهم.
و ذكر خطبةً طويلةً جيّدة، قالت في آخرها:
فاتّقوا اللَّه حقّ تقاته، و أطيعوه فيما أمركم به، فإنّما يخشى اللَّه من عباده العلماء، و احمدوا اللَّه الّذي لعظمته و نوره يبتغي مَن في السماوات و الأرض، إليه الوسيلة، و نحن وسيلته في خلقه، و نحن خاصّته، و محلّ قدسه، و نحن حجّته في غيبه، و نحن ورثة أنبيائه.
ثمّ قالت: أنا فاطمة ابنة محمّد صلى الله عليه و آله، أقول عَوداً على بدء، و ما أقول ذلك سَرَفاً و لا شَطَطاً، فاسمعوا بأسماع واعية، و قلوبٍ واعية.
ثمّ قالت: «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتّمْ حَريصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤمِنينَ رَؤوفٌ رَحيم» [ التوبة: 128، 129.]
فإن تَعْزُوه تجدوه أبي دون آبائكم، و أخا ابن عمّي دون رجالكم.
- ثمّ ذكرت كلاماً طويلاً سنذكره فيما بعد في الفصل الثاني، تقول في آخره-:
ثمّ أنتم الآن تزعمون أن لا إرْثَ لي؛ «أَفَحُكْمَ الجاهلِيّةِ يَبْغونَ وَ مَنْ أحسَنُ
مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يوقِنونَ»؟ [ المائدة: 50.]
إيهاً معاشر المسلمين! ابتزُّ إرث أبي، أبىَ اللَّه أن تَرِثَ يابن أبي قحافة أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئاً فريّاً! فدونكها مخطومةً مرحولةً تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم اللَّه، والزعيم محمّد صلى الله عليه و آله، و الموعد القيامة، و عند الساعة يخسر المبطلون، و لكلّ نباٍ مستقرٌّ و سوف تعلمون من يأتيه عذابٌ يخزيه و يحلّ عليه عذاب مقيم.
ثمّ التفتت إلى قبر أبيها، فتمثّلت بقول هندٍ بنت أثاثة:
قد كان بعدك أنباء و هيمنة | لو كنت شاهدها لم تَكثُرِ الخطبُ |
أبدتْ رجالٌ لنا نجوى صدورهم | لمّا قضيتَ و حالت دونك الكُتُبُ |
تَجَهّمتنا رجالٌ واستُخِفَّ بنا | إذ غبتَ عنّا فنحن اليومَ نُغتصَبُ |
قال: و لم ير الناسُ أكثر باك و لا باكيةً منهم يومئذ.
ثمّ عدلت إلى مسجد الأنصار، فقال:
يا معشر البقيّة! و أعضاد الملّة، و حَضَنة الإسلام، ما هذه الفترة عن نُصرتي، والوَنْية عن معونتي، والغمزة في حقّي، والسِّنة عن ظُلامتي؟
أما كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: «المرء يُحفَظ في ولده»؟ سرعان ما أحدثتم، و عجلان ما أتيتم، ألانْ مات رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أمتّم دينه! ها إنّ موته لَعمرى خطبٌ جليل استوسع وهَنه، و أستبهم فتقُه، وفُقِدَ راتقه، وأظلمت الأرض له، و خشعت الجبال، و أكْدَت الآمال، أُضيع بعده الحريم، و هُتِكت الحرمة، و أُذيلت المصونة.
و تلك نازلة أعلن بها كتاب اللَّه قبل موته، و أنبأكم بها قبل وفاته، فقال: «وَ مَا مُحَمَّدٌ إِلّا رَسولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفَإنْ ماتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى
أعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرّ اللَّه شَيئاً، وَسَيَجْزي اللَّه الشّاكِرينَ». [ آل عمران: 144.]
.
إيهاً بني قَيْلة! اهتضم تُراث أبي، و أنتم بمرآى و مَسمَع، تبلغكم الدعوة، و يشملكم الصوت، و فيكم العُدّة و العدد، ولكم الدار و الجَنن، و أنتم نُخبة اللَّه الّتي انتخب، و خيرته الّتي اختار؟!
باديتم العرب، و بادهتم الاُمور، و كافحتم إليهم حتّى دارت بكم رحى الإسلام، و درّحلبه، و خبت نيران الحرب، و سكنت فورة الشّرك، و هدأتْ دعوة الهَرْج، و استوثق نظام الدّين.
أفتأخّرتم بعد الإقدام، و نكصتم بعد الشدّة، و جبنتُم بعد الشجاعة؟ عن قوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم، فقاتلوا أئمّة الكفر إنّهم لا أيمانَ لهم لعلّهم ينتهون.
ألا و قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، و ركَنْتم إلى الدّعة، فجحدتم الّذي و عيتم، و سُغتم الّذي سوّغتم، و إن تكفروا أنتم و من في الأرض جميعاً، فإنّ اللَّه لغنيّ حميد.
ألا و قد قلت لكم ما قلت على معرفة منّي بالخذْلة الّتي خامرتْكم، و خَوَر القناة،و ضعف اليقين، فدونكموها فاحتووها مدبرة الظهر، ناقبة الخفّ، باقية العار، موسومة الشعار، موصولة بنار اللَّه الموقدة، الّتي تطّلع على الأفئدة، فبعين اللَّه ما تعملون «وَسَيَعْلَمُ الَّذينَ ظَلَموا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون».
3725/ 5- قال: وحدّثني محمّد بن زكريّا، قال: حدّثنا محمّد بن الضحّاك، قال: حدّثنا هشام بن محمّد، عن عوانة بن الحكم، قال:
لمّا كلّمت فاطمة عليهاالسلام أبابكر بما كلّمته به، حمد أبوبكر اللَّه و أثنى عليه و صلّى على رسوله، ثمّ قال:
يا خَيْرَة النساء، وابنة خير الآباء! واللَّه؛ ما عدوتُ رأيَ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و ما عملتُ إلّا بأمره، و إنّ الرائد لا يَكذب أهله، و قد قلت فأبلغت، و أغلظت فأهجرت، فغفراللَّه لنا ولك!!
أمّا بعد؛ فقد دفعت آلةَ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ودابّته وحذاءه إلى عليّ، و أمّا ما سوى ذلك؛ فإنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ذهباً و لا فضّة و لا أرضاً و لا عقاراً و لا داراً، ولكنّا نورث الإيمان والحكمة والعلم والسنّة» فقد عملت بما أمرني، و نصحت له، و ما توفيقي إلّا باللَّه عليه توكّلت وإليه أنيب!!
3726/ 6- قال أبوبكر: و روى هشام بن محمّد، عن أبيه، قال: قالت فاطمة عليهاالسلام لأبي بكر: إنّ اُمّ أيمن تشهد لي أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أعطاني فدك.
فقال لها: يا ابنة رسول اللَّه! واللَّه؛ ما خلق اللَّه خلْقاً أحبّ إليّ من رسول اللَّه أبيك، و لوددْتُ أنّ السماء وقعت على الأرض يوم مات أبوك، واللَّه؛ لأن تفتقر عائشة أحبّ إليّ من أن تفتقري، أتراني أعطى الأحمر والأبيض حقّه وأظلمك حقّك، و أنت بنت رسول اللَّه؟!!
إنّ هذا المال لم يكن للنبيّ، و إنّما كان مالاً من أموال المسلمين يحمل النبيّ به الرجال، و ينفقه في سبيل اللَّه، فلمّا توفّي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ولّيته، كما كان يليه!!
قالت: واللَّه؛ لا كلّمتك أبداً.
قال: واللَّه؛ لا هجرتك أبداً! قالت: واللَّه؛ لأدعونّ اللَّه عليك.
قال: واللَّه لأدعونّ اللَّه لك!
فلمّا حضرتها الوفاة أوصتْ ألّا يصلّي عليها، فدفنتْ ليلاً، و صلّى عليها عبّاس بن عبدالمطلب.