حتّى إذا دارت بنا رحى الإسلام، و درّ حلب الأيّام، و خضعت ثغرة الشرك، و سكنت فورة الإفك، و خمدت نيران الكفر، و هدأت دعوة الهرج.
و استوسق نظام الدين [ استوسق: اجتمع.] فأنّى حزتم بعد البيان؟ وأسررتم بعد الإعلان؟ و نكصتم بعد الإقدام؟ و أشركتم بعد الإيمان؟
بؤساً لقوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم، وهمّوا بإخراج الرسول، و هم بدؤوكم أوّل مرّة، أتخشونهم؟ فاللَّه أحقّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين.
ألا و قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، [ أخلدتم: ملتم. والخفض: السعة والخصب واللين.] و أبعدتم من هو أحقّ بالبسط والقبض، و خلوتم بالدعة، [ الدعة: الراحة والسكون.] و نجوتم بالضيق من السعة، فمججتم ما وعيتم، ودسعتم الّذي تسوّغتم، [ الدسع: القي ء، وتسوغ الشراب: شربه بسهولة.] فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً، فإنّ اللَّه لغنيّ حميد.
ألا و قد قلت ما قلت هذا على معرفة منّي بالجذلة [ الجذلة: ترك النصر.] الّتي خامرتكم، [ خامرتكم: خالطتكم.] و الغدرة الّتي استشعرتها قلوبكم، ولكنّها فيضة النفس، و نفثة الغيظ، و خور
القناة [ الخور: الضعف، والقناة: الرمح. والمراد من ضعف القناة هنا: ضعف النفس عن الصبر على الشدّة.] و بثّة الصدر، و تقدمة الحجّة، فدونكموها فاحتقبوها دبرة [ فاحتقبوها: أي احملوها على ظهوركم، و دبر البعير أصابته. الدبرة- بالتحريك-: و هي جراحة تحدث من الرحل.] الظهر،نقبة الخف، [ نقب خف البعير: رق وتثقب.] باقية العار، موسومة بغضب الجبّار، وشنار الأبد، موصولة بنار اللَّه الموقدة، الّتي تطّلع على الأفئدة.
فبعين اللَّه ما تفعلون، وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون. و أنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فاعملوا إنّا عاملون، و انتظروا إنّا منتظرون.
فأجابها أبوبكر عبداللَّه بن عثمان و قال: يا بنت رسول اللَّه! لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفاً كريماً، رؤوفاً رحيماً، و على الكافرين عذاباً أليماً، و عقاباً عظيماً، إن عزوناه و جدناه أباك دون النساء، و أخا إلفك دون الأخلّاء، [ الإلف: هو الأليف بمعنى المألوف، والمراد به هنا: الزوج، لأنّه إلف الزوجة، و في بعض النسخ: «ابن عمّك».] آثره على كلّ حميم، وساعده في كلّ أمر جسيم، لا يحبّكم إلّا سعيد، و لا يبغضكم إلّا شقيّ بعيد. [ في «ذخائر العقبى» لمحبّ الدّين الطبري: قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «لا يحبّنا أهل البيت إلّا مؤمن تقيّ، و لا يبغضنا إلّا منافق شقيّ» أخرجه الملّا.] فأنتم عترة رسول اللَّه الطيّبون، الخيرة المنتجبون، على الخير أدلّتنا، و إلى الجنّة مسالكنا، و أنت يا خيرة النساء، و ابنة خير الأنبياء، صادقة في قولك، سابقة في وفور عقلك، غير مردودة عن حقّك، ولا مصدودة عن صدقك.
واللَّه؛ ما عدوت رأي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و لا عملت إلّا بإذنه، والرائد لا يكذب أهله، و إنّي اُشهد اللَّه و كفى به شهيداً، أنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ذهباً ولا فضّة، و لا داراً و لا عقاراً، و إنّما نورث
الكتاب و الحكمة و العلم و النبوّة و ما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه». [ نقل الإمام المجاهد السيّد عبدالحسين شرف الدين قدس سره في كتابه الجليل «النصّ والإجتهاد» عن الاُستاذ المصري المعاصر محمود أبو رية ما يلي: قال: بقي أمر لابدّ أن نقول فيه كلمة صريحة، ذلك هو موقف أبي بكر من فاطمة رضي اللَّه عنها بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و ما فعل معها في ميراث أبيها، لأنّا إذا سلّمنا بأنّ خبر الآحاد الظنّي يخصّص الكتاب القطعي، و أنّه قد ثبت أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قد قال: إنّه لا يورث.
و أنّه لا تخصيص في عموم هذا الخبر، فإنّ أبابكر كان يسعه أن يعطي فاطمة رضي اللَّه عنها بعض تركة أبيها صلى الله عليه و آله كأن يخصّها بفدك، و هذا من حقّه الّذي ليس يعارضه فيه أحد، إذ يجوز للخليفة أن يخصّ من يشاء بما يشاء. قال: و قد خصّ هو نفسه الزبير بن العوام و محمّد بن مسلمة و غيرهما ببعض متروكات النبيّ صلى الله عليه و آله على أنّ فدكاً هذه الّتي منعها أبوبكر لم تلبث أن أقطعها الخليفة عثمان لمروان، هذا كلامه بنصّه.
ثمّ أعقب السيّد رحمه الله قائلاً: و نقل ابن أبي الحديد عن بعض السلف كلاماً مضمونه العتب على الخليفتين، و العجب منهما في مواقفهما مع الزهراء عليهاالسلام بعد أبيها صلى الله عليه و آله قالوا في آخره:
و قد كان الأجل أن يمنعها التكرم عمّا ارتكباه من بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فضلاً عن الدين، فذيّله ابن أبي الحديد بقوله: هذا الكلام لا جواب عنه. (النصّ والإجتهاد: 123- 124)]
و قد جعلنا ما حاولته في الكراع و السلاح يقاتل بها المسلمون و يجاهدون الكفّار، و يجالدون المردة الفجّار، و ذلك بإجماع من المسلمين، لم أنفرد به وحدي، و لم أستبدّ بما كان الرأي عندي، [ خطر ببالي و أنا اُفكّر في قول الخليفة: «و ذلك بإجماع المسلمين لم أنفرد به» و قوله في آخر الحديث الّذي تفرّد بنقله عن النبيّ صلى الله عليه و آله: «و ما كان لنا من طعمة فلوليّ الأمر أن يحكم فيه بحكمه».
نعم؛ خطر ببالي و أنا اُفكّر في هاتين الفقرتين و ما إذا كانت فدك من حقّ المسلمين حتّى يؤخذ رأيهم فيه أم من حقّه الخاصّ حتّى يحكم فيه بحكمه، كما جاء في ذيل الحديث الّذي استنكرته الصدّيقة الطاهرة عليهاالسلام، و اعتبرته كذباً و زوراً، و افتراء على الرسول صلى الله عليه و آله اعتلالاً منهم لمّا أجمعوا على الغدر بذرّيّته، كما اعتبرته طعناً في عصمته صلى الله عليه و آله لو صدر ذلك منه.
و أسمع ذلك كلّه في جوابها عليهاالسلام لأبي بكر: «سبحان اللَّه؛ ما كان أبي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عن كتاب اللَّه صادفاً، و لا لأحكامه مخالفاً، بل كان يتبع أثره، و يقفوا سوره، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور، و هذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته».
ثمّ إن كان من حقّه الخاصّ، فلماذا لم يعطها سيّدة النساء و بنت سيّد الأنبياء إكراماً لمقام أبيها صلى الله عليه و آله؟ و إذا كان من حقّ المسلمين لماذا لم يؤخذ رأيهم أوّلاً في إعطائه إيّاها؟
نعم؛ خطر ببالي و أنا أجيل الفكر في هذا و شبهه قول الشريف قتادة بن إدريس من قصيدته العصماء في رثاء سيّدة النساء عليهاالسلام، و الّتي يقول في أوّلها:
ما لعيني غاب عنها كراها | و عراها من عبرة ما عراها |
الدار نعمت فيها زمانا | ثمّ فارقتها فلا أغشاها |
.... إلى أن يقول:
بل بكائي لمن خصّها | اللَّه تعالى بلطفه واجتباها |
و حباها بالسيّدين الجليلين | المعظمين منه حين حباها |
و لفكري في الصاحبين الّذين | استحسنا ظلمها و ما راعياها |
منعا بعلها من الحلّ والعقد | و كان المنيب والأواها |
و الّتي يقول فيها:
و أتت فاطم تطالب بالإر | ث من المصطفى فما ورّثاها |
.... إلى أن قال
أترى المسلمين كانوا يلومونهما | في العطاء لو أعطياها |
كانت تحت الخضراء بنت نبيّ | ناطق صادق أمين سواها |
بنت من؟ اُمّ من؟ حليلة من؟ | ويل لمن سنّ ظلمها وأذاها |
و هذه حالي و مالي، هي لك و بين
يديك، لا تزوى عنك، و لا ندخر دونك، و إنّك و أنت سيّدة اُمّة أبيك،والشجرة الطيّبة لبنيك، لا ندفع مالك من فضلك، و لايوضع في فرعك وأصلك، حكمك نافذ فيما ملكت يداي فهل ترين أن أخالف في ذلك أباك؟ فقالت عليهاالسلام: سبحان اللَّه! ما كان أبي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عن كتاب اللَّه صادفاً، [ صادفاً: معرضاً.] ] و لا لأحكامه مخالفاً! بل كان يتبع أثره، و يقفو سوره، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور؟ و هذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل [ الغوائل: المهالك.] في حياته.
هذا كتاب اللَّه حكماً عدلاً، وناطقاً فصلاً، يقول: «يَرِثُني وَيَرِثُ مِنْ آل يَعْقوب» [ مريم: 6.] و يقول: «وَ وَرِثَ سُلَيْمان داود». [ النمل: 16.] و بيّن عزّ و جلّ فيما وزع من الأقساط، و شرع من الفرائض والميراث، و أباح من حظّ الذكران والإناث، ما أزاح به علّة المبطلين، و أزال التظنّي والشبهات في الغابرين.
كلّا؛ بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً، فصبر جميل، واللَّه المستعان على ما تصفون.
فقال أبوبكر: صدق اللَّه و رسوله، و صدقت ابنته، و أنت معدن الحكمة و موطن الهدى و الرحمة، و ركن الدين، و عين الحجّة، لا أبعد صوابك، و لا أنكر خطابك، هؤلاء المسلمون بيني و بينك، قلّدوني ما تقلّدت، و باتّفاق منهم أخذت ما أخذت غير مكابر و لا مستبدّ، و لا مستأثر، و هم بذلك شهود.
فالتفتت فاطمة عليهاالسلام إلى الناس، و قالت:
معاشر المسلمين! المسرعة إلى قيل الباطل، [ في بعض النسخ: «قبول الباطل».] المغضبة على الفعل القبيح الخاسر، أفلا تتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها؟ كلّا؛ بل ران على قلوبكم، ما أسأتم من أعمالكم، فأخذ بسمعكم و أبصاركم، و لبئس ما تأوّلتم، و ساء ما به أشرتم، و شرّ ما منه اغتصبتم، لتجدنّ واللَّه؛ محمله ثقيلاً، وغبّه وبيلاً، إذا كشف لكم الغطاء، وبان باورائه الضرّاء، و بدا لكم من ربّكم ما لم تكونوا تحتسبون، و خسر هنالك المبطلون.
ثمّ عطفت على قبر النبيّ صلى الله عليه وآله و قالت:
قد كان بعدك أنباء و هنبثة | لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب |
إنّا فقدناك فقد الأرض و ابلها | و اختلّ قومك فاشهدهم و لاتغب |
و كلّ أهل له قربى و منزلة | عند الإله على الأدنين مقترب |
أبدت رجال لنا نجوى [ النجوى: السرّ.
++
صدورهم لمّا مضيت و حالت دونك الترب
تجهمتنا رجال و استخف بنا | لما فقدت و كلّ الأرض مغتصب | |
و كنت بدراً ونوراً يستضاء به | عليك ينزل من ذي العزة الكتب | |
و كان جبريل بالآيات يؤنسنا | فقد فقدت و كلّ الخير محتجب | |
فليت قبلك كان الموت صادفنا | لما مضيت و حالت دونك الكثب [ الكثب ] | بضمّتين-: جمع الكثيب وهو: الرمل. |
ثمّ انكفئت عليهاالسلام، و أميرالمؤمنين عليه السلام يتوقّع رجوعها إليه، و يتطلّع طلوعها عليه، فلمّا استقرّت بها الدار، قالت لأميرالمؤمنين عليه السلام:
يابن أبي طالب! اشتملت شملة الجنين، و قعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل، [ قوادم الطير: مقادم ريشه: وهي عشرة. والأجدل: الصقر.]
فخانك ريش الأعزل، [ الأعزل من الطير: ما لا يقدر على الطيران.] ] هذا ابن أبي قحافة يبتزّني نحلة أبي و بلغة [ يبتزّني: يسلبني، والبلغة: ما يتبلّغ به من العيش.] ابنيّ! لقد أجهد [ في بعض النسخ: «أجهر».] في خصامي، و ألفيته ألدّ [ ألفيته: وجدته. والألد: شديد الخصومة.] في كلامي.
حتّى حبستني قيلة نصرها، و المهاجرة وصلها، و غضّت الجماعة دوني طرفها، فلا دافع و لا مانع، خرجت كاظمة، و عدلت راغمة، أضرعت خدّك [ ضرع: خضع و ذل.] يوم أضعت حدّك، إفترست الذئاب، وافترشت التراب، ما كففت قائلاً، و لا
أغنيت طائلاً، [ أي: ما فعلت شيئاً نافعاً، وفي بعض النسخ: «ولا أغنيت باطلاً»: أي كففته.] و لا خيار لي.
ليتني متّ قبل هنيئتي، ودون ذلّتي عذيري اللَّه منه عادياً، [ العذير: بمعنى العاذر أي: اللَّه قابل عذري، وعادياً: متجاوزاً.] و منك حامياً.
و يلاي في كلّ شارق! و يلاي في كلّ غارب! مات العمد، و وهن العضد [ الوهن: الضعف في العمل، أو الأمر، أو البدن.] شكواي إلى أبي!
و عدواي [ العدوى: طلبك إلى وال لينتقم لك من عدوّك.] إلى ربّي!
اللهمّ إنّك أشدّ منهم قوّة وحولاً، و أشدّ بأساً و تنكيلاً.
فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: لا ويل لك، بل الويل لشانئك، [ الشانى ء: المبغض.] ثمّ نهنهي عن وجدك [ أي : كفّي عن حزنك وخفّفي من غضبك.] يابنة الصفوة، وبقيّة النبوّة! فما ونّيت [ أي: ما كللت ولا ضعفت ولا عييت.] عن ديني، و لا أخطأت مقدوري [ ما تركت ما دخل تحت قدرتي، أي: لست قادراً على الإنتصاف لك لما أوصاني به الرسول صلى الله عليه و آله.] فإن كنت تريدين البلغة، فرزقك مضمون، و كفيلك مأمون، و ما أعدّ لك أفضل ممّا قطع عنك، فاحتسبي اللَّه.
فقالت: حسبي اللَّه، و أمسكت. [ البحار: 43/ 159 ح9، و29/ 220 ح8، عن الاحتجاج.]
3682/ 2- علل الشرائع: ابن المتوكّل، عن السعدآبادي، عن البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن أحمد بن محمّد بن جابر، عن زينب عليهاالسلام بنت عليّ عليه السلام، قالت: قالت فاطمة عليهاالسلام في خطبتها في معنى فدك: للَّه فيكم عهد قدّمه إليكم، و بقيّة استخلفها عليكم، كتاب اللَّه بيّنة بصائره، و آي منكشفة سرائره، و برهان متجلّية ظواهره، مديم للبريّة استعماعه، وقائد
إلى الرّضوان اتّباعه، ومؤدّ إلى النجاة أشياعه.
فيه تبيان حجج اللَّه المنيرة، و محارمه المحرّمة، و فضائله المدوّنة، و جملة الكافية، و رخصة الموهوبة، و شرائعه المكتوبة، و بيّناته الجالية.
ففرض الإيمان تطهيراً من الشرك.
و الصلاة تنزيهاً من الكبر.
و الزكاة زيادة في الرزق.
و الصيام تثبيتاً للإخلاص.
و الحجّ تسلية للدين.
و العدل مسكاً للقلوب.
و الطاعة نظاماً للملّة.
و الإمامة لمّاً من الفرقة.
و الجهاد عزّاً للإسلام.
و الصبر معونة على الإستيجاب.
و الأمر بالمعروف مصلحة للعامّة.
و برّ الوالدين وقاية عن السخط.
وصلة الأرحام منماة للعدد.
و القصاص حقناً للدماء.
و الوفاء للنذر تعرّضاً للمغفرة.
و توفية المكائيل والموازين تغييراً للبخسة.
و اجتناب قذف المحصنات حجباً عن اللعنة.
و اجتناب السرقة إيجاباً للعفّة.
و مجانبة أكل أموال اليتامى إجارة من الظلم.
و العدل في الأحكام إيناساً للرعيّة.
و حرّم اللَّه عزّ و جلّ الشرك إخلاصاً للربوبيّة، فاتّقوا اللَّه حقّ تقاته فيما أمركم به، و انتهوا عمّا نهاكم عنه.
قال الصدوق رحمه الله: أخبرنا عليّ بن حاتم، عن محمّد بن أسلم، عن عبدالجليل الباقطانيّ، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن عبداللَّه بن محمّد العلويّ، عن رجال من أهل بيته، عن زينب بنت عليّ عليهماالسلام، عن فاطمة عليهاالسلام بمثله.
و أخبرني عليّ بن حاتم أيضاً، عن محمّد بن أبي عمير، عن محمّد بن عمارة، عن محمّد بن إبراهيم المصري، عن هارون بن يحيى الناشب، عن عبيداللَّه بن موسى العبسي، عن عبيداللَّه بن موسى المعمّري، عن حفص الأحمر، عن زيد بن عليّ، عن عمّته زينب بنت عليّ عليهماالسلام، عن فاطمة عليهاالسلام بمثله.
و زاد بعضهم على بعض في اللفظ. [ البحار: 6/ 107 و 108 ح 1.]
أقول: و للعلّامة المجلسي رحمه الله بيان في معاني ألفاظ هذه الخطبة، فراجع المأخذ.
3683/ 3- و عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن عليّ بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبداللَّه البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن أحمد بن محمّد بن جابر، عن زينب بنت عليّ عليهماالسلام قالت: قالت فاطمة عليهاالسلام في خطبتها:فرضى اللَّه الإيمان تطهيراً من الشرك.
و الصلاة تنزيهاً عن الكبر.
و الزكاة زيادة في الرزق.
و الصيام تثبيتاً (تبييناً) للإخلاص.
و الحجّ تشييداً للدين.
والجهاد عزّاً للإسلام.
و الأمر بالمعروف مصلحة للعامة، الحديث.
و رواه أيضاً بعدّة أسانيد طويلة.
و رواه في «الفقيه» بإسناده عن إسماعيل بن مهران (مثله). [ وسائل الشيعة: 1/ 13 و14 ح22.]
3684/ 4- في خطبة فاطمة عليهاالسلام في أمر فدك:
للَّه فيكم عهد قدّمه إليكم، و بقيّه استخلفها عليكم كتاب اللَّه، بيّنة بصائرها، و آي منكشفة سرائرها، و برهان متجلّية ظواهره، مديم للبريّة استماعه، و قائداً إلى الرّضوان اتّباعه، و مؤدّياً إلى النجاة أشياعه.
فيه تبيان حجج اللَّه المنيرة، و محارمه المحرّمة، و فضائله المدوّنة، و جمله الكافية، و رخصه الموهوبة، و شرائطه [ في نسخة: وشرائعه.] المكتوبة، وبيّناته الجالية. [ البحار: 92/ 13 ح5، عن العلل.]
3685/ 5- في خطبة فاطمة عليهاالسلام: إنّ اللَّه جعل الوفاء بالنذر تعرّضاً للرحمة. [ البحار: 104/ 208 ح13، عن العلل.]
خطبة الزهراء في مرضها مع نساء المهاجرين و الأنصار لمّا يعدنها
3686/ 1- قال سويد بن غفلة: [ قال العلّامة في «الخلاصة»: سويد بن غفلة الجعفي، قال البرقي: إنّه من أولياء أميرالمؤمنين عليه السلام، إنتهى. و في «اُسد الغابة»: أدرك الجاهليّة كبيراً، و أسلم في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و لم يره، و أدّى صدقته إلى مصدق النبيّ صلى الله عليه و آله، ثمّ قدم المدينة فوصل يوم دفن النبيّ صلى الله عليه و آله، و كان مولده عام الفيل و سكن الكوفة... و في «تهذيب التهذيب»: أدرك الجاهليّة، و قد قيل: إنّه صلّى مع النبيّ صلى الله عليه و آله، و لايصحّ، و قدم المدينة حين نفضت الأيدي من دفن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و هذا أصح... إلى أن قال: قال ابن معين والعجلي: ثقة... و قال أبونعيم: مات سنة ثمانين، و قال أبوعبيد القاسم بن سلام و غير واحد: مات سنة إحدى و ثمانين. و قال عمرو بن عليّ و غيره: مات سنة 88.] : لمّا مرضت فاطمة سلام اللَّه عليها المرضة الّتي توفّيت فيها دخلت عليها نساء المهاجرين و الأنصار يعدنها، فقلن لها: كيف أصبحت من علّتك يا بنت رسول اللَّه؟ [ قال ابن أبي الحديد في المجلّد الرابع من شرحه على النهج: قال أبوبكر: وحدّثنا محمّد بن زكريّا، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالرحمان المهلبي، عن عبداللَّه بن حمّاد بن سليمان، عن أبيه، عن عبداللَّه بن حسن بن حسن،عن اُمّه فاطمة بنت الحسين عليه السلام، قالت: لمّا اشتدّ بفاطمة عليهاالسلام بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله الوجع، و ثقلت في علّتها دخلت عليها... إلى آخره.]
فحمدت اللَّه، و صلّت على أبيها، ثمّ قالت: أصبحت واللَّه؛ عائفة لدنياكنّ، قالية لرجالكنّ، لفظتهم بعد أن عجمتهم [ لفظتهم: رميت بهم وطرحتهم، بعد أن عجمتهم: أي بعد أن اختبرتهم وامتحنتهم.]