قال: بل اللَّه تبارك و تعالى أعطاها. [ البحار: 96/ 212 ح 18 و رواه أيضاً في: 29/ 205.]
3621/ 9- عن الأحول، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: قلت له شيئاً ممّا أنكرته الناس.
فقال: قل لهم: إنّ قريشاً قالوا: نحن اُولوا القربى الّذين هم لهم الغنيمة.
فقل لهم: كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لم يدع للبراز يوم بدر غير أهل بيته، و عند المباهلة جاء بعليّ والحسن والحسين و فاطمة عليهم السلام، أفيكون لهم المرّ و لهم الحلو؟ [ البحار: 96/ 212 ح 18، و رواه أيضاً في: 29/ 205.]
3622/ 10- فيما احتجّ الرّضا عليه السلام في فضل العترة الطاهرة، قال: والآية الخامسة قال اللَّه عزّ و جلّ: (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه) خصوصيّة خصّهم العزيز الجبّار بها، واصطفاهم على اُمّة.
فلمّا نزلت هذه الآية على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، قال: ادعوا إليّ فاطمة عليهاالسلام.
فدعيت له، فقال: يا فاطمة! قالت: لبّيك يا رسول اللَّه! فقال صلى الله عليه و آله: فدك هي ممّا لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب، و هي لي خاصّة دون المسلمين، و قد جعلتها لك لما أمرني اللَّه به، فخذيها لك ولولدك. [ البحار: 29/ 105 و 106، عن عيون أخبار الرضا عليه السلام.]
3623/ 11- عن محمّد بن حفص بن عمر، عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: لما أنزل اللَّه تعالى (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّهُ وَالمِسْكِينَ).
قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: يا جبرئيل! قد عرفت المسكين، فمن ذوالقربى؟
قال: هم أقاربك.
فدعا حسناً وحسيناً عليهماالسلام و فاطمة عليهاالسلام، فقال: إنّ ربّي أمرني أن أعطيكم ما أفاء عليّ.
قال: أعطيتكم فدك. [ البحار: 29/ 119، عن تفسير العيّاشي.]
3624/ 12- جعفر بن محمّد بن سعيد الأحمسي معنعناً عن أبي مريم، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:
لمّا نزلت الآية (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّهُ) أعطى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام فدك.
فقال أبان بن تغلب: رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أعطاها؟
قال: فغضب أبوجعفر عليه السلام، ثمّ قال: اللَّه أعطاها. [ البحار: 29 /121 ح19، عن تفسير فرات.]
3625/ 13- فرات بن إبراهيم الكوفي معنعناً، عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: لمّا نزلت الآية دعا النبيّ صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام فأعطاها فدك.
فقال: هذا لك و لعقبك بعدك، (وآتِ ذَا القُرْبى حَقَّهُ). [ البحار: 29/ 121 ح 20، عن تفسير فرات.]
3626/ 14- أبان بن تغلب، قال: قلت لأبي عبداللَّه عليه السلام: أكان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أعطى فاطمة عليها السلام فدكاً؟
قال: كان لها من اللَّه. [ غاية المرام: 324 ح6، عن تفسير العيّاشي.]
3627/ 15- جعفر بن محمّد الفزاري معنعناً، عن ابن عبّاس رضى الله عنه في قوله تعالى: (وَآتِ ذَا القُربى حَقَّه)، و ذاك حين جعل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله سهم ذي القربى لقرابته. فكانوا يأخذونه على عهد النبيّ صلى الله عليه و آله حتّى توفّي، ثمّ حجبوا الخمس عن قرابته، فلم يأخذوه. [ البحار: 29/ 122، عن تفسير فرات.]
3628/ 16- أقول: روى السيّد بن طاووس رحمه الله في كتاب (سعد السعود) من تفسير محمّد بن العبّاس بن عليّ بن مروان قال:
روى حديث فدك في تفسير قوله تعالى: (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه) عن عشرين طريقاً.
فمنها؛ ما رواه عن محمّد بن محمّد بن سليمان الأعبدي، و هيثم بن خلف الدوري، و عبداللَّه بن سليمان بن الأشعب، و محمّد بن القسم بن زكريّا، قالوا:
حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: أخبرنا عليّ بن عابس.
وحدّثنا جعفر بن محمّد الحسيني، عن عليّ بن المنذر الطريفي، عن عليّ بن عابس، عن فضل بن مرزوق، عن عطيّة العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: لمّا نزلت (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه) دعا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام، وأعطاها فدكاً. [ البحار: 29/ 123 ح23، 24.]
3629/ 17- و قال رحمه الله في (كشف المحجّة) فيما أوصى إلى ابنه:
قد وهب جدّك محمّد صلى الله عليه و آله اُمّك فاطمة عليهاالسلام فدكاً والعوالي، و كان دخلُها- في رواية الشيخ عبداللَّه بن حماد الأنصاري- أربعة و عشرين ألف دينار في كلّ سنة.
و في رواية غيره: سبعين ألف دينار. [ البحار: 29/ 123 ح 25.]
3630/ 18- عطيّة العوفي، قال: لمّا فتح رسول اللَّه صلى الله عليه و آله خيبر وأفاء اللَّه عليه فدكاً، و أنزل اللَّه عليه: (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه).
قال: يا فاطمة! لك فدك. [ غاية المرام: 324 ح 8، عن تفسير العيّاشي]
3631/ 19- عبدالرحمان بن فلح: كتب المأمون إلى عبداللَّه بن موسى العبسي يسأله عن قصّة فدك، فكتب إليه عبداللَّه بن موسى بهذا الحديث. [ غاية المرام: 324 ح 9، عن تفسير العيّاشي.]
أقول: في الأصل عبدالرحمان بن صالح. وفي المصدر هكذا: رواه عن الفضل بن مرزوق، عن عطيّة، فردّ المأمون فدك على ولد فاطمة صلوات اللَّه عليها. [ تفسير العيّاشي: 2/ 287.]
3632/ 20- السيوطي في (الدر المنثور) في ذيل تفسير قوله تعالى (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه) في سورة الإسراء، قال: وأخرج البزاز و أبويعلى و ابن أبي حاتم و ابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري، قال:
لمّا نزلت هذه الآية: (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه) دعا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فاطمة سلام اللَّه عليها، فأعطاها فدكاً. [ فضائل الخمسة: 3/ 136.]
3633/ 21- قال: و أخرج ابن مردويه، عن ابن عبّاس قال:
لمّا نزلت (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه) أقطع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فاطمة سلام اللَّه عليها فدكاً.
3634/ 22- الهيثمي في مجمعه: (7/ 49) قال:
عن أبي سعيد، قال: لمّا نزلت (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه) دعا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام، فأعطاها فدكاً.
قال: رواه الطبراني. [ فضائل الخمسة: 3/ 136.]
قول: و ذكره الذهبي أيضاً في ميزان الإعتدال: (2/ 228)، و صحّحه المتّقي في (كنز العمّال): (2/ 158) عن أبي سعيد قال: لمّا نزلت (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه) قال النبيّ صلى الله عليه و آله: يا فاطمة! لك فدك.
قال: أخرجه الحاكم في تأريخه و ابن النجار. [ فضائل الخمسة: 3/ 136.]
قال العلّامة المجلسي رحمه الله و قد تظاهرت الرواية من طرق أصحابنا بذلك، و ثبت أنّ ذاالقربى: عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.
و على هذا فقد كان أبو بكر و عمر لمّا وليا هذا الأمر يرتبان في الأعمال والبلاد القريبة و النائية من الصحابة و المهاجرين و الأنصار و من لايكاد يبلغ مرتبة عليّ و فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، و لايقاربها.
فلو اعتقداهم مثل بعض الولاة وسلّما إليهم هذه الصدقة الّتي قامت النائرة في أخذها، و عرفاهم ما روياه وقالا لهم: أنتم أهل البيت، و قد شهد اللَّه لكم بالطهارة و أذهب عنكم الرجس، و قد عرفناكم أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: لا نورث، و قد سلّمناها إليكم و شغلنا ذممكم بها، واللَّه؛ من وراء أفعالكم فيها، واللَّه سبحانه بمرأى منكم و مسمع، فاعملوا فيها بما يقرّبكم منه و يزلفكم عنده.
فعلى هذا سلّمناها إليكم و صرفناكم فيها، فإن فعلتم الواجب الّذي أمرتم به، و فعلتم فيها فعل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقد أصبتم وأصبنا، و إن تعدّيتم الواجب وخالفتم ما حدّه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقد أخطأتم وأصبنا، فإنّ الّذي علينا الاجتهاد، ولم نال في اختياركم جهداً، و ما علينا بعد بذل الجهد لائمة، و هذا الحديث من الانصاف كما يروى، [ في المصدر: كما يرى.] واللَّه الموفق والمسدّد. [ البحار: 29/ 205 و 206.]
3635/ 23- والذهبي في ميزان الاعتدال: ذكر حديثاً مسنداً، و قد صحّحه عن أبي سعيد قال: لمّا نزلت (وَآتِ ذَا القُرْبى حَقَّه) دعا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام، فأعطاها فدكاً. [ ميزان الاعتدال: 2/ 228.]
3636/ 24- خالد بن طهمان: أنّ فاطمة رضي اللَّه عنها قالت لأبي بكر: أعطني فدك، فقد جعلها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لي.
فسألها البيّنة.
فجاءت باُمّ أيمن ورباح مولى النبيّ صلى الله عليه و آله، فشهدا لها بذلك.
فقال: إنّ هذا الأمر لا تجوز فيه إلّا شهادة رجل وامرأتين. [ فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهجة قلب المصطفى صلى الله عليه و آله: 433.]
مقدار القيمة الماديه لفدك
3637/ 1 - أبوعمرو، عن ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى، عن عبدالرحمان، عن أبيه، عن محمّد بن إسحاق، عن عبداللَّه بن أبي بكر بن عمرو بن حنرم، عن أبيه قال:
عرض في نفس عمر بن عبدالعزيز شي ء من فدك، فكتب إلى أبي بكر و هو على المدينة:أنظر ستّة آلاف دينار، فزد عليها غلَّة فدك أربعة آلاف دينار، فاقسمها في ولد فاطمة رضي اللَّه عنهم من بني هاشم.
و كانت فدك للنبيّ صلى الله عليه و آله خاصّة،فكانت ممّا لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب.
قال: و كانت للنبيّ صلى الله عليه و آله أموال سمّاها، منها؛ العواف، و برقط، والميثب، والكلا، وحسنا، والصانعة، وبيت اُمّ إبراهيم.
فأمّا العواف؛ فمن سهمه من بني قريظة. [ البحار: 22/ 295 ح 1، عن أمالي الطوسي.]
أقول: للعلّامة المجلسي رحمه الله بيان في هذه الأسماء و تصحيح بعضها، فراجع «البحار».
3638/ 2- في المناقب: أفراسه، بغاله، حمره، إبله... إلى أن قال: محزنبق [ هكذا في النسخة، والصحيح: مخيريق (هامش البحار).] حبراً عالماً أسلم، و أوصى بماله لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله و هو سبع
حوائط... وفدك، فأعطى فدك والعوالي فاطمة عليهاالسلام... إلى آخره. [ البحار: 16/ 107- 109 ح 41.]
أقول: الخبر طويل اختصرت بذكر بعض العناوين، و ذكرت موضع الحاجة إليه، فراجع المأخذ.
3639/ 3-... إنّ فدكاً لم تكن أرضاً صغيرة، أو مزرعة متواضعاً- كما يظنّ البعض- بل الأمر الّذي اطمئنّ إليه أنّها كانت تدرّ على صاحبها أموالاً طائلة تشكل ثروة مهمّة، و ليس على بعد هذا أن أحدّد الحاصل السنوي منها، و إن ورد في بعض طرقنا الارتفاع به إلى أعداد عالية جدّاً.
و يدلّ على مقدار القيمة المادية لفدك اُمور:
الأوّل:... أنّ عمر منع أبابكر من ترك فدك للزهراء عليهاالسلام، لضعف المالية العامّة مع احتياجها إلى التقوية، لما يتهدد الموقف من حروب الردة وثورات العصاة.
و من الجليّ؛ أنّ أرضاً يستعان بحاصلها على تعديل ميزانية الدولة و تقوية مالياتها في ظروف حرجة كظرف الثورات و الحروب الداخلية لابدّ أنّها ذات نتاج عظيم.
الثاني: قول الخليفة لفاطمة عليهاالسلام في محاورة له معها حول فدك: إنّ هذا المال لم يكن للنبيّ صلى الله عليه و آله، و إنّما كان مالاً من أموال المسلمين يحمل النبيّ به الرجال و ينفقه في سبيل اللَّه.
فإنّ تحميل الرجال لايكون إلّا بمال مهمّ تتقوّم به نفقات الجيش.
الثالث:... من تقسيم معاوية فدكاً أثلاثاً، و إعطائه لكلّ من يزيد و مروان و عمرو بن عثمان ثلثاً.
فإنّ هذا يدلّ بوضوح على مدى الثروة المجتناة من تلك الأرض، فإنّها بلا
شكّ ثروة عظيمة، تصلح لأن توزع على اُمراء ثلاثة من أصحاب الثراء العريض والأموال الطائلة.
الرابع: التعبير عنها بقرية- كما في «معجم البلدان»- و تقدير بعض نخيلها بنخيل الكوفة في القرن السادس الهجري، كما في «شرح النهج» لابن أبي الحديد: [ فدك في التأريخ: 30- 31.]
و قلت لمتكلّم من متكلّمي الإماميّة يعرف بعليّ بن تقيّ من بلدة النيل: و هل كانت فدك إلّا نخلاً يسيراً و عقاراً ليس بذلك الخطير؟
فقال لي: ليس الأمر كذلك، بل كانت جليلة جدّاً، و كان فيها من النخل نحو ما بالكوفة الآن من النخل. [ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16/ 236.]
أمّا وارداتها؛ فقدّروا فيها نصابه الأوّل 24 ألف دينار في السنة، والثاني 70 ألف، و يمكن توجيه النصيبين باختلاف السنين في كميّة الثمر. [ فدك: 13.]
3640/ 4-... لمّا أجلاهم عمر بعث إليهم من يقوّم الأموال، بعث أبا الهيثم بن التيهان وفروة بن عمرو وحباب بن صخر وزيد بن ثابت.
فقوّموا أرض فدك و نخلها، فأخذها عمر ودفع إليهم قيمة النصف الّذي لهم.
و كان مبلغ ذلك خمسين ألف درهم أعطاهم إيّاها من مال أتاه من العراق و أجلاهم إلى الشام. [ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16/ 211.]
إنّ فدك رمز يرمز إلى المعنى العظيم
أقول: و يستفاد من الرّوايات و الأخبار أنّ عنوان فدك يطلق على فدكين: فدك خاصّ، و فدك عامّ.
أمّا فدك الخاصّ؛ فهو فدك المعروف يعني الأراضي نواحي خيبر إلى نواحي المدينة الّذي أخذها أبوبكر بالقهر والتجبّر على شهادة الزّور، و ادّعى أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لا يورّث، و أقامت فاطمة الزهراء عليهاالسلام حجّة وبيّنة الحقّ، ولكن ردّها أبوبكر عناداً و تجبّراً.
و أمّا فدك العامّ؛ فيستفاد من تحديد موسى بن جعفر عليهماالسلام، و من روايات اُخرى أنّ الأرض كلّها نحلة لفاطمة عليهاالسلام و مهرها، و أنّ الأرض يرثها اللَّه عباده الصالحون.
ففي الواقع؛ الخلافة على الأرض والولاية لها حقّ الزهراء و بعلها و أبنائها المعصومين عليهم السلام، و هي المعنى الثاني، و المقصود الأصلي من عنوان فدك في النزاع بين الزهراء عليهاالسلام و أبي بكر و صاحبه.
قال صاحب «فدك في التأريخ»: ففي الواقع كانت مطالبة فدك رمز، و الحقيقة مطالبة حقّ علي عليه السلام يعني الولاية والخلافة، و على هذا كانت فدك معنى رمزيّاً يرمز إلى المعنى العظيم، و لايعني تلك الأرض الحجازيّة المسلوبة.
بل يتجلّى منها مفهوم أوسع من ذلك ينطوي على غرض طموح يبعث إلى الثورة، ويهدف إلى استرداد حقّ مسلوب، و عدل ضائع، و مجد عظيم، و تعديل اُمّة انقلبت على أعقابها.