إنّ الأئمّة ورثوا وسائل النبوّة من اُمّهم فاطمة - کوثر فی احوال فاطمة بنت النبی الطهر (ص) جلد 6

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کوثر فی احوال فاطمة بنت النبی الطهر (ص) - جلد 6

سید محمد باقر موسوی؛ مصحح: محمدحسین رحیمیان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

و يؤت الزكاة في حال الركوع.

[ المائدة: 55.]


و بلّغ الرسول صلى الله عليه و آله و عرّف ذلك الوليّ في قضيّة غدير خم، و هو عليّ أميرالمؤمنين أبو أهل بيت الوحي و الرسالة عليهم السلام.

يابن أبي الحديد! هذا كتاب اللَّه جعل عليّاً عليه السلام نفس رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في آية المباهلة، و هذا عمل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في غدير خم، فهل نصرة أهل البيت أباهم و ميلهم إلى بيتهم إلّا بأمر اللَّه تعالى و إطاعة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؟

يابن أبي الحديد! هل قرأت آية المباهلة و آية التطهير في شأن فاطمة الزهراء عليهاالسلام بضعة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و شأن الحسن عليه السلام والحسين عليه السلام سيّدي شباب أهل الجنّة؟ أفهم يميلون إلى بيتهم ونصرة أبيهم على التعصّب والهوى؟

أفهذا الإفتراء عليهم ليس من الحقد و الكفر و النفاق؟ إن كان المقصود من كلامك هذا المعنى.

بلى؛ إنّ أهل البيت ينصرون أباهم و يميلون إلى بيتهم و نحن متابعون لهم عليهم السلام بدليل يوم الغدير، و يوم إكمال الدين و إتمام النعمة، و بدليل رواية يوم الدار، و رواية: «عليّ عليه السلام مع الحقّ و الحقّ مع عليّ عليه السلام».

و بدليل رواية إعطاء الراية يوم خيبر، و بدليل آية المباهلة، و آية التطهير،و آيات اُخرى كثيرة.

و بدليل رواية متواترة الثقلين: كتاب اللَّه والعترة، و رواية: «أنا مدينة العلم و عليّ بابها» و رواية: «علّمني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ألف باباً من العلم...»، و روايات اُخرى لاتعدّ و لاتحصى.

و نحن الشيعة لأجل الصداقة و المحبّة ننادي بأعلى أصواتنا، و نقول:

يا أهل العلم و العقلاء و المنصفون! أيّها الأحرار و الطالبون دين الحقّ و دين العدالة و الحريّة و الكرامة الإنسانيّة و...

أيّها الشباب الأعزّاء و أهل الثقافة و العلم و أهل التحقيق واُلوا الألباب!أجيبوا داعي الحقّ و داعي اللَّه: تعالوا إلى مذهب أهل بيت الرسالة مذهب عليّ وأحد عشر من أبنائه المعصومين المطهّرين عليهم السلام تجدوهم سفينة نجاتكم من الهلاكة، و ظلمات الدنيا، و عذاب الآخرة.

تمسّكوا بالعروة الوثقى كما أمركم ربّكم، و تمسّكوا بسفينة أهل بيت نبيّكم أهل بيت الوحي والرحمة كما أمر به نبيّكم لن تضلّوا بعدها أبداً، و تفلحوا كما وعد اللَّه تبارك و تعالى.

أيّها المثقّفون والأحرار! تفحّصوا عن مذهب أهل البيت، مذهب القرآن و العترة الّذي يرشد إلى العلم و كمال الإنسانيّة مذهب شيعة الإماميّة الإثنا عشريّة.

فإن وجدتموا فيه ما يناقض كتاب اللَّه القرآن الكريم، أو يناقض السنّة الصحيحة،أو مخالف لفطرة الإنسانيّة، أو العقل فدعوه واتركوه، فلا لوم عليكم بعد ذلك، و إن لم تجدوا فيه و لن تجدوا فيه النقص والريب، هناك يتمّ عليكم الحجّة.

و إذا ظهر الحقّ و لم تجيبوه و لم تؤمنوا به و لم تسلّموا، فاعلموا أنّه يصيبكم من اللَّه عذاب أليم بما كنتم تكذبون دين اللَّه الّذي أرسله لعباده و ارتضاه لهم و ينجيهم به من عذاب أليم.

و لا يخفى عليكم بأن تفحّصوا كتب المعتبرة عند الشيعة و الأحاديث و الروايات المعتمدة عندهم، و أقوال فقهائهم و فتاوى علمائهم المعروفين و المعتمدين عندهم الّذين يأخذ الشيعة أحكامهم الدينية منهم، و يسلكون مسلكهم و مذهبهم من زمن أئمّتهم إلى يومنا هذا.

فليس كلّ من يسمّى باسم العالم قوله متبوعة عندهم، و لا كلّ كتاب و لا كلّ رواية موجودة في كتبهم مقبولة عندهم، فلا تغفلوا عن هذا.

إنّ الأئمّة ورثوا وسائل النبوّة من اُمّهم فاطمة


3773/ 1- قال الحسن بن عليّ الوشّا: سألت مولاي أباالحسن عليّ بن موسى الرضا عليهماالسلام هل خلّف رسول اللَّه صلى الله عليه و آله غير فدك شيئاً؟

فقال أبوالحسن عليه السلام: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله خلّف حيطاناً بالمدينة صدقة و خلّف ستّة أفراس، و ثلاث نوق: العضباء و الصهباء و الديباج، و بغلتين: الشهباء و الدلدل، و حماره اليعفور، و شاتين حلوبتين، و أربعين ناقة حلوباً.

و سيفه ذاالفقار، و درعه ذات الفضول، و عمامته السحاب، و حبرتين يمانيّتين، و خاتمه الفاضل، و قضيبه الممشوق، و فراشاً من ليف، و عبائتين قطوانيّتين، و مخاداً من أدم؛

صار ذلك إلى فاطمة عليهاالسلام، ما خلا درعه و سيفه و عمامته و خاتمه، فإنّه جعله لأميرالمؤمنين عليه السلام.

[ البحار: 8/ 108 (طبع حجرية) باب نزول الآيات في أمر فدك.]


خلاصة مقتبسة من كتاب فدك


أقول: لمّا رأيت كتاب «فدك» لمؤلّفه آية اللَّه السيّد محمّد حسن الموسوي القزويني الحائري رحمه الله كتاباً جامعاً و كاملاً و أضيف إلى ذلك تحقيقات الاُستاذ باقر المقدّسي ملحقاً به مع مزايا اُخرى أخذت منه خلاصة و جعلتها بعد أبحاث هذه مستقلّاً، إتماماً للفائدة، و إكمالاً للموضوع، و لتكون خلاصة مستقلّة لحسن ترتيبها وتحقيقها وفوائدها.

و بعدها أخذت بعض أبحاثٍ من كتاب «فدك في التأريخ» لمؤلّفه الشهيد آية اللَّه محمّد باقر الصدر، لكثرة فوائده، و جعلته آخر الكتاب و خاتمته.

المقدّمة


توفّي النبيّ صلى الله عليه و آله و استولى أبوبكر و حزبه على الخلافة الإسلاميّة، و امتنع الهاشميّون و شيعتهم من الإنقياد للحزب الحاكم، فرآى الحاكمون تقوية أنفسهم و إضعاف الجبهة المعارضة لهم بكلّ وسيلة، فوضعوا اليد على أهمّ مواردهم الإقتصاديّة و هي فدك و...

و قد صارت فدك ملكاً لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله بنصّ القرآن الكريم: «وَ ما أَفاءَ اللَّه عَلى رَسولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْه مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَلكنَ اللَّه يُسَلِّطُ رُسُلَه عَلى مَن يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَي ءٍ قَديرٌ».

فكان يتصرّف في فدك حسبما يشاء، إلى أن نزل «وَ آتِ ذَاالقُرْبى حَقَّه» فاستوضح رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من جبرئيل مراد الآية.

فقال له: أعط فاطمة عليهاالسلام فدكاً، لتكون بلغة لها ولأولادها، و ذلك عوض ما بذلته اُمّها خديجة عليهاالسلام من أموال و جهود في سبيل الإسلام.

فدعا النبيّ صلى الله عليه و آله فاطمة عليهاالسلام و أعطاها فدكاً، و انتهت بهذا ملكيّة النبيّ صلى الله عليه و آله لفدك و صارت ملكاً للزهراء عليهاالسلام، تتصرّف فيها تصرّف المالك بملكه و بقي الأمر هكذا.

حتّى توفّي النبيّ صلى الله عليه و آله و استولى أبوبكر على الخلافة الإسلاميّة،فوضع اليد على فدك، و انتزعها من يد الزهراء عليهاالسلام، فابتدأ النزاع بينها و بينه.

فطالبته بفدك على أنّها نحلة و عطيّة من أبيها.

فطلب أبوبكر منها إقامة البيّنة على دعواها.

مع أنّها صاحبة اليد و التصرّف، و اليد حجّة و إمارة على الملكيّة، و ليس على صاحب اليد البيّنة، بل البيّنة على غير صاحب اليد و هو المدّعى و صاحب اليد يكون مدّعى عليه.

و يدلّ على أنّ اليد لها لفظ «الإيتاء» في الآية، و الإقطاع و إلاعطاء في الأخبار، فإنّها ظاهرة في التسليم و المناولة- كما يشهد- لكون اليد لها دعواها النحلة، و هي سيّدة النساء و أكملهنّ، و شهادة أقضى الاُمّة «عليّ عليه السلام» بها، لأنّ الهبة لا تتمّ بلا إقباض.

و الخليفة الأوّل كان يعلم تمام العلم بأنّها صادقة، و لكنّه مع هذا طالبها بالبيّنة، و جعلها مدّعية بعد أن كانت صاحبة اليد والتصرّف و أنّها مدّعى عليها، ولكن الحقّ مع القوّة.






و دعوى القوى كدعو السباع من الظفر والناب برهانها

فاضطرّت حينئذ أن تقيم البيّنة على نحلتها، و هنا روايات متعدّدة تشعر بأنّ الزهراء عليهاالسلام أحضرت الشهود عند أبي بكر عدّة مرّات، و كانوا يختلفون من حيث العدد، و في كلّ مرّة يردها بطريقة خاصّة.

ففي المرّة الاُولى قدمت عليّاً عليه السلام، و اُمّ أيمن.

فقال لها أبوبكر: أبرجل و امرأة تستحقينها؟

و في رواية: قد علمت يا بنت رسول اللَّه! أنّه لايجوز إلّا شهادة رجل و امرأتين.

و الزهراء عليهاالسلام تعلم تماماً بأنّ المحاكمات العادية تحتاج إلى شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، و لكن قضيّتها لم تكن كسائر المحاكمات، إذ ليس لها خصم في دعواها حتّى تحتاج إلى ما تحتاجه سائر الخصومات.

بل هي قضيّة شخصيّة عائليّة كانت تحتاج إلى شاهد واحد يصدق قولها، إذ المفروض بأبي بكر أن يكون حاكماً و قاضياً لا أن يكون طرفاً في النزاع وخصماً لها، ولكن الخليفة جعل نفسه خصماً و حاكماً في آن واحد.


أقول: بعد أن كانت الزهراء عليهاالسلام صاحبة اليد و التصرّف و صادقة و طاهرة بآية التطهير، و إقرار أبي بكر بأنّها عليهاالسلام صادقة، لاتحتاج إلى بيّنة واحدة و لا إلى بيّنتين، و لا إلى شي ء أبداً، و إنّما أقامت عليهاالسلام بالبيّنة مرّة بعد اُخرى، لأنّ لها أن تنقذ حقّها بأيّ طرق ممكن، و إن أخطأ الغاصب بمطالبة البيّنة؛

و لأن يبقى في التأريخ أنّ بنت الرسول صلى الله عليه و آله أقامت لدعواها شهوداً و بيّنة من يكون أقضى الاُمّة، و من يكون هو مع الحقّ والحقّ معه، و من يكون أولى بالمؤمنين من أنفسهم، و من يكون نفس الرسول صلى الله عليه و آله و أخوه، و من يكونا سيّدي شباب أهل الجنّة و ريحانتا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و هم المطهّرون بشهادة آية التطهير، و من شهد النبيّ صلى الله عليه و آله بأنّها من أهل الخير و أهل الجنّة
يعني اُمّ أيمن و أسماء بنت عميس- وكلّ أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله حتّى أبي بكر يعلمون تمام العلم بذلك الاُمور.

حتّى يقضوا جميع المسلمين و جميع طبقات الناس في كلّ الدهر التأريخية إذا سمعوا و يقرأوا التأريخ في ذلك القضايا، لتكون لهم العبرة بأنّ الشحّ و الملك و السلطة كيف تغلب على الحقّ؟ و كيف الحقّ يبقى في التأريخ و إن كرهت السلطة بقاء الحقّ -.




فالتجأت الزهراء عليهاالسلام حينئذ أن تقدم شهوداً أكثر... ففي المرّة الثانية قدمت عليّاً عليه السلام و اُمّ أيمن و أسماء بنت عميس والحسنين عليهماالسلام.

[ قال في الهامش: ذكر في «المواقف» و شرحها في المقصد الرابع من مقاصد الإمامة: أنّها ادّعت النحلة و شهد لها عليّ والحسنان عليهماالسلام، و أضاف في «المواقف» اُمّ كلثوم، و قال في شرحها: الصحيح: اُمّ أيمن. اُنظر: دلائل الصدق للإمام المظفّر:


و هنا صار الخليفة و صاحبه أمام أمر واقع، فحاولا التخلّص من الموقف و التهرّب من الحقّ فالتجأوا إلى المغالطة، فجرحا الشهود قائلين: أمّا عليّ؛ فزوجها، والحسنان ابناهما، و هم يجرّون إلى أنفسهم، و أسماء بنت عميس كانت تحت جعفر بن أبي طالب، فهي تشهد لبني هاشم، و أمّا اُمّ أيمن؛ فامرأة أعجميّة لا تفصح.

و إلى هذا الموقف أشار شريف مكّة قائلاً:






















مّ قالت فنحلة لي من والدي المصطفى فلم ينحلاها
فأقامت بها شهوداً فقالوا بعلها شاهد لها وابناها
لم يجيزوا شهادة ابني رسول اللَّه هادي الأنام إذ ناصباها
لم يكن صادقاً عليّ و لافاطمة عندهم و لا ولداها
كان أتقى للَّه منهم عتيق قبح القائل المحال وشاها

وأخيراً رجع الشهود على أعقابهم يجرون أذيال الخيبة متألمين من ردّ شهادتهم و تجريح القوم إيّاهم ممّا حدا بالآخرين الّذين يعلمون بإعطاء النبيّ صلى الله عليه و آله فدكاً للزهراء عليهاالسلام أن يحجموا عن الشهادة كأبي سعيد الخدري و ابن عبّاس اللذين رويا إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله أعطى فاطمة عليهاالسلام فدكاً.

و ذلك خوفاً من أبي بكر و أعوانه لمّا رأوه من شدّتهم على أهل البيت عليهم السلام، و علماً بأنّ شهادتهم سترد، كما ردّت شهادة عليّ والحسن والحسين عليهم السلام و اُمّ أيمن و أسماء بنت عميس.




ولكن الزهراء عليهاالسلام لم تكفّ عن مطالبتها بفدك، آملة نجاح مساعيها، و هادفة إقامة الحجّة على غاصبيها، فأعادت الكرّة عليه ثالثة.

و في هذه المرّة لمّا رآى أبوبكر إلحاحها الشديد أراد أن يسدّ الباب في وجهها، و يقطع عليها خطّ العودة، لتكفّ عن الطلب، فقال لها: إنّ هذا المال لم يكن للنبيّ صلى الله عليه و آله، و إنّما كان مالاً من أموال المسلمين يحمل النبيّ صلى الله عليه و آله به الرجال، و ينفقه في سبيل اللَّه، فلمّا توفّي ولّيته كما كان يليه.

إذن ففدك على رأي أبي بكر ليست ملكاً للنبيّ صلى الله عليه و آله حتّى يعطيها لمن يشاء، بل هي ملك للمسلمين.

و معنى ذلك أنّ الزهراء عليهاالسلام لو أقامت سبعين بيّنة و شاهداً على أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أنحلها فدكاً، لا يعطيها أبوبكر إيّاها بحجّة، إنّها ليست للنبيّ صلى الله عليه و آله و ليس له أن يعطيها لفاطمة عليهاالسلام.

و هذا خروج عن حكم اللَّه إذ يقول: «وَ ما أَفاءَ اللَّهَ عَلى رَسولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لَا رِكابٍ وَلكنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كَلِّ شَي ءٍ قَديرٌ».

و لمّا بلغ الأمر إلى هذا الحدّ انسحبت الزهراء عليهاالسلام من الميدان، و ذهبت تشكو حالها إلى ابن عمّها عليّ عليه السلام، قائلة: «هذا ابن أبي قحافة يبتزّني نحلة أبي ، و بلغة ابنيّ، لقد أجهد في خصامي وألدّ في كلامي».

و كانت تدور دعوى الميراث حول ثلاثة أشياء:

1- فدك. 2- ما أفاء اللَّه على رسوله في المدينة.

3- ما بقي من سهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بخيبر.

أوّلاً: فدك؛ طالبت الزهراء عليهاالسلام بفدك إرثاً بعد ما أخفقت في الحصول




عليها نحلة، و لصاحب الحقّ أن يسلك أيّ طريق مشروع يوصله إلى حقّه حتّى إذا تعدّدت الدعاوي عنده، و هذا شي ء يقرّه الشرع و القانون المدني.

فعلى اعتبار أنّ فدك ممّا أفاء اللَّه به على رسوله، فإذا لم تنتقل في حياته إلى الزهراء عليهاالسلام- حسب زعم أبي بكر- فلا بدّ أن تنتقل إليها بعد وفاته بالميراث، لأنّها الوريثة الشرعيّة الوحيدة لأبيها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله- على رأي الشيعة- أو أنّ العبّاس يشاركها، على رأي السنّة القائلين بالتعصيب.

ثانياً: ما أفاء اللَّه على رسوله في المدينة، أو ما كان لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله بالمدينة، أو ما يعبّر عنه بصدقة النبيّ صلى الله عليه و آله بالمدينة، إذ كانت للنبيّ صلى الله عليه و آله أموال في المدينة أفاءها اللَّه عليه، و هي الحوائط السبعة الّتي وهبها مخيريق اليهودي من بني النضير يوم اُحد لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

و قال السمهودي في «وفاء الوفاء»: قال المجد: قال الواقدي: كان مخيريق أحد بني النضير حبراً عالماً، فآمن بالنبي صلى الله عليه و آله و جعل ماله- و هو سبع حوائط- لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

و قال: روى ابن زبالة عن محمّد بن كعب: أنّ صدقات رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كانت أموالاً لمخيريق اليهودي، فلمّا كان يوم اُحد قال لليهود: ألا تنصرون محمّداً صلى الله عليه و آله، فواللَّه؛ إنّكم لتعلمون أنّ نصرته حقّ. قالوا: اليوم السبت. قال: فلا سبت لكم، و أخذ سيفه فمضى مع النبيّ صلى الله عليه و آله، فقاتل حتّى أثخنته الجراح.

فلمّا حضرته الوفاة، قال: أموالي إلى محمّد صلى الله عليه و آله يضعها حيث يشاء، و كان ذا مال، فهي عامّة صدقات النبيّ صلى الله عليه و آله.

و أمواله هذه الّتي أوصى بها هي بساتينه السبع و هي: الدلال، و برقة، والصافية، والمثيب، و مشربة اُمّ إبراهيم، والأعواف، و حسنى.

و أوقفها النبيّ صلى الله عليه و آله على خصوص فاطمة عليهاالسلام، و كان يأخذ منها لأضيافه و حوائجه، و عند وفاتها عليهاالسلام أوصت بهذه البساتين، و كلّ ما كان لها من مال إلى أميرالمؤمنين عليه السلام.

و قال: مخيريق سابق اليهود، و سلمان سابق فارس، و بلال سابق حبشة.

[ وفاء الوفاء: 2/ 153.]


فظهر من هذه الروايات أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أعطى فاطمة عليهاالسلام الحوائط السبعة و أوقفها عليها، و لكن أبابكر استولى عليها أيضاً، كما استولى على فدك، فطالبت الزهراء عليهاالسلام بها ميراثاً من أبيها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

مع أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أوقفها عليها في حياته تماماً كفدك الّتي أنحلها إيّاها أبوها في حياته، ولكنّها طالبت بها ميراثاً بعد أن لم تستطع الحصول عليها عن طريق النحلة.

و ثالثاً: ما بقي من سهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بخيبر لقد أثبت القرآن الكريم حقّاً للَّه ولرسوله في الغنمية، فقال: «وَاعْلَموا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَي ءٍ فَأنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكين وَ ابن السَّبيل».

[ الأنفال: 41.]

]

و من جملة ما غنمه المسلمون أموال يهود خيبر، فأخذ النبيّ صلى الله عليه و آله سهمه و سهم اللَّه وسهم ذاالقربى، و أعطى المسلمين سهامهم.

روى الطبري في تاريخه؛ قال: كانت المقاسم على أموال خيبر على الشق، و نطاء، والكتيبة، فكانت الشقّ ونطاء في سهام المسلمين، و كانت الكتيبة خمس اللَّه عزّ و جلّ، و خمس النبيّ صلى الله عليه و آله و سهم ذوي القربى واليتامى والمساكين و ابن السبيل.

[ تأريخ الطبري: 3/ 19.]


فالنبي صلى الله عليه و آله قد عيّن لنفسه ولذويه حصن الكتيبة، و ميّزه عن سهام المحاربين، فملك النبيّ صلى الله عليه و آله وذووه حصن الكتيبة بأشخاصهم.

و للزهراء عليهاالسلام في خمس خيبر حقّان: حقّ من حيث أنّها شريكة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و حقّ من جهة ميراثها لحقّه.

و قد استولى أبوبكر على خمس خيبر كلّه، فمنعها الحقّين.

والجدير بالذّكر؛ أنّ ما بقي من سهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بخيبر لم يخصّ فاطمة عليهاالسلام وحدها، بل يعمّ ورثة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله جميعاً، و لهذا طالبت زوجات النبيّ صلى الله عليه و آله أبابكر بحقّهنّ من سهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

فقد روى ياقوت الحموي، عن عروة ابن الزبير: أنّ أزواج رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أرسلن عثمان بن عفان إلى أبي بكر يسألن مواريثهنّ من سهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

فقال أبوبكر: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة، إنّما هذا المال لآل محمّد لنائبتهم وضيقهم، فإذا متّ فهو إلى وليّ الأمر من بعدي.

و نحن نلاحظ أنّ زوجات النبيّ صلى الله عليه و آله لم يطالبن بفدك و لا الحوائط السبعة ميراثاً، لأنّهنّ يعلمن علم اليقين بأنّها لفاطمة عليهاالسلام، ومطالبتها بهما عن طريق الإرث ذريعة للحصول عليهما، و إلّا فقد ملكتهما فاطمة عليهاالسلام في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

و على كلّ؛ إنّ دعوى الميراث كانت تدور حول هذه الأشياء الثلاثة، و طالبت الزهراء عليهاالسلام بها منفردة و مجتمعة، و كانت تأتيه حيناً مع عمّها العبّاس، و آنة وحدها.

فمرّة طالبت بفدك وحدها، وثانية طالبت بسهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وحده، و ثالثة طالبت بفدك و سهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله معاً، و رابعة طالبت بفدك و سهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و ما أفاء اللَّه عليه في المدينة مجتمعة.

فدك و تفرّد أبي بكر بروايات نسبها إلى رسول اللَّه


روى في «معجم البلدان» في قصّة فدك عن كتاب «الفتوح» للبلاذريّ أنّه: لمّا جاءت فاطمة عليهاالسلام إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في سمهه بخيبر و فدك.

قال: يا بنت رسول اللَّه! سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: إنّما هي طعمة أطعمنيها اللَّه في حياتي، فإذا متّ فهي بين المسلمين.

و في «شرح النهج»: إنّما هي طعمة أطعمناها اللَّه، فإذا متّ كانت بين المسلمين.

[ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 16/ 218.]


و روى أبوداود في سننه في باب صفا يا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من كتاب «الخراج» عن أبي الطفيل، قال: جاءت فاطمة عليهاالسلام إلى أبي بكر تطلب ميراثها من النبيّ صلى الله عليه و آله.

فقال أبوبكر: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: إنّ اللَّه عزّوجلّ إذا أطعم نبيّاً طعمة فهي للّذي يقوم بعده.

و نحوه في «كنزالعمّال».

[ كنز العمّال: 3/ 130.]


و عندما خطبت خطبتها في مسجد أبيها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال لها أبوبكر: إنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهباً و لا فضّة، و لا داراً، و لا عقاراً، و إنّما نورث الكتاب والحكمة والعلم والنبوّة، و ما كان لنا من طعمة فلوليّ الأمربعدنا أن يحكم فيه بحكمه، و قد جعلنا ماحاولتيه في الكراع والسلاح.

و في كلّ مرّة كان أبوبكر يردّها بحديث خاصّ عن النبيّ صلى الله عليه و آله انفرد باستماعه.

1- فمرّة يقول لها: إنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: إنّ النبيّ لا يورث.

2- و مرّة يقول لها: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: لا نورث، ما تركناه صدقة، إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال، أو في هذا المال.

3- و مرّة يقول لها: حدّثني رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: إنّ اللَّه يطعم النبيّ الطعمة ما كان حيّا، فإذا قبضه اللَّه إليه رفعت.

4- و مرّة يقول لها: إنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: إذا أطعم اللَّه نبيّاً طعمة ثمّ قبضه كانت للّذي بعده، فلمّا ولّيت رأيت أن أردّه على المسلمين.

5- أو سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: إن اللَّه إذا أطعم نبيّاً طعمة فهي للّذي يقوم بعده.

6- مرّة يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهباً و لا فضّه و لا داراً، و لا عقاراً، و إنّما نورث الكتاب والحكمة و العلم و النبوّة، و ما كان لنا من طعمة فلوليّ الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه.

7- قال: يا بنت رسول اللَّه! سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: إنّما هي طعمة أطعمنيها اللَّه في حياتي، فإذا متّ فهي بين المسلمين.

8- سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: إنّ اللَّه عزّ و جلّ إذا أطعم نبيّاً طعمة فهي للّذي يقوم بعده.

-أقول: لمّا أوردت ثلاثة أقوال اُخر من أبي بكر من هذا الكتاب و ذكرها الاُستاذ باقر المقدّسي في المقدّمة بقوله: مرّة و مرّة، تركناها حذراً من التكرار، فراجع المأخذ.

فحصل هنا لأبي بكر ثمانية رواية انفرد بها بالإستماع من النبيّ صلى الله عليه و آله بعبارات مشوّشة و مضطربة كلّها غير موافق للقرآن الكريم، و هنا مثل بالفارسيّة

/ 44