أما كان قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: المرء يحفظ في ولده؟ و قد علمت أنّه صلى الله عليه و آله لم يترك لولده شيئاً غيرها؟
فلمّا سمع أبوبكر مقالتها و النسوة معها، دعا بدواة ليكتب به لها، فدخل عمر فقال: يا خليفة رسول اللَّه! لا تكتب لها حتّى تقيم البيّنة بها تدَّعي. [ و في رواية الثقفي بإسناده عن إبراهيم بن ميمون، عن عيسى بن عبداللَّه بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ أميرالمؤمنين عليه السلام قال: جاءت فاطمة عليهاالسلام إلى أبي بكر، فقالت: إنّ أبي أعطاني فدك، و عليٌّ عليه السلام يشهد لي و اُمّ أيمن.
قال: ما كنت لتقولين على أبيك إلّا الحقّ، قد أعطيتكها، و دعا بصحيفة من أدم فكتب لها فيها.
فخرجت فلقيت عمر، فقال: من أين جئت يا فاطمة؟
قالت: جئت من عند أبي بكر، أخبرته أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أعطاني فدك... فأعطانيها و كتب بها لي.
فأخذ عمر منها الكتاب، ثمّ رجع إلى أبي بكر، فقال: أعطيت فاطمة فدك و كتبت لها؟
قال: نعم.
قال عمر: عليّ يجرّ إلى نفسه، و اُمّ أيمن امرأة، و بصق في الكتاب و محاه، راجع! الشافي: 408، تلخيص الشافي: 3/ 125، و ترى (مثله) في الإحتجاج لأبي منصور الطبرسي: 58 (هامش البحار).]
فقالت فاطمة عليهاالسلام: نعم اُقيم البيّنة.
قال: من؟
قالت: عليٌّ عليه السلام و اُمّ أيمن.
فقال عمر: و لا تقبل شهادة امرأة أعجميّة لا تفصح، و أمّا عليٌّ عليه السلام فيجرّ النّار إلى قرصته.
فرجعت فاطمة عليهاالسلام و قد دخلها من الغيظ ما لا يوصف، فمرضت.
و كان عليٌّ عليه السلام يصلّي في المسجد الصلوات الخمس، فلمّا صلّى قال له أبوبكر و عمر: كيف بنت رسول اللَّه... إلى أن ثقلت فسألا عنها و قالا: قد كان بيننا و بينها ما قد علمت، فإن رأيت أن تأذن لنا لنعتذر إليها من ذنبنا.
قال: ذلك إليكما.
فقاما فجلسا بالباب، [ روى قصّه استيذانهما على فاطمة عليهاالسلام و ما جرى بعدها ابن قتيبة في الإمامة والسياسة: 1/ 20، و الجاحظ في أعلام النساء: 2/ 1214 (هامش البحار).] و دخل عليّ عليه السلام على فاطمة عليهاالسلام فقال لها: أيّتها الحرّة! فلان و فلان بالباب، يريدان أن يسلّما عليك فماترين؟
قالت: البيت بيتك، والحرّة زوجتك، افعل ما تشاء.
فقال: سدّي قناعك.
فسدّت قناعها، وحوّلت وجهها إلى الحائط، فدخلا وسلّما، وقالا: إرضي عنّا رضي اللَّه عنك.
فقالت: ما دعاكما إلى هذا؟
فقالا: إعترفنا بالإساءة، و رجونا أن تعفي عنّا، (وتخرجي سخيمتك).
فقالت: إن كنتما صادقين فأخبراني عمّا أسألكما عنه، فإنّي لا أسألكما عن أمر إلّا و أنا عارفة بأنّكما تعلمانه، فإن صدَّقتما علمت أنّكما صادقان في مجيئكما.
قالا: سلي عمّا بدا لك.
قالت: نشدتكما باللَّه هل سمعتما رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: فاطمة بضعة منّي، فمن آذاها فقد آذاني؟ [ الحديث مقطوع به، راجع! صحيح البخاري: فضائل الصحابة الباب 12 و 16 و 29، كتاب النكاح 109، صحيح مسلم: فضائل الصحابة ح 93 و 94، سنن أبي داود كتاب النكاح 12، سنن الترمذي كتاب المناقب: 60، سنن ابن ماجة: كتاب النكاح الباب 56، مسند ابن حنبل: 4/ 5 و 328 و 326 و 323؛ سنن السجستاني: 1/ 324، خصائص النسائي: 35، مستدرك الحاكم: 3/ 154 و 158 و 159، حلية الأولياء: 2/ 40، سنن البيهقي: 7/ 307، مشكاة المصابيح: 560، شرح النهج الحديدي: 2/ 438، مجمع الزوائد: 9/ 203، و إن شئت راجع! الغدير: 7/ 232.]
قالا: نعم.
فرفعت يدها إلى السماء، فقالت:
اللهمّ إنّهما قد آذياني، فأنا أشكوهما إليك و إلى رسولك، لا واللَّه؛ لا أرضى عنكما أبداً حتّى ألقى أبي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فاُخبره بما صنعتما، فيكون هو الحاكم فيكما.
قال: فعند ذلك دعا أبو بكر بالويل والثبور، وجزع جزعاً شديداً.
فقال عمر: تجزع يا خليفة رسول اللَّه!! من قول امرأة؟
قال: فبقيت فاطمة عليهاالسلام بعد وفات أبيها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أربعين ليلة.
فلمّا اشتدّ بها الأمر دعت عليّاً عليه السلام و قالت: يا ابن عمّ! ما أراني إلّا لما بي، و أنا اُوصيك أن تتزوّج أمامة بنت اُختي زينب، تكون لولدي مثلي، و اتّخذلي نعشاً، فإنّي رأيت الملائكة يصفونه لي، [ هذا سهو من الراوي، فإنّ أوّل من جعل لها نعشاً هي زينب بنت جحش الأسدية، و هي أوّل من مات من أزواجه صلى الله عليه و آله بعده، توفّيت في خلافة عمر، سنة عشرين، فجعلت لها أسماء بنت عميس نعشاً، و كانت بأرض الحبشة رأتهم يصنعون ذلك، ذكره الطبرسي في أعلام الورى: 149، ابن سعد في الطبقات: 8/ 79.
و أمّا فاطمة عليهاالسلام بضعة الرسول الأعظم! فقد دفنت ليلاً في بيتها، و لم تكن لتحتاج إلى نعش.
ولأيّ الاُمور تدفن ليلاً | بضعة المصطفى ويعفى ثراها |
(هامش البحار)
أقول: قد تقدّم التحقيق منّا حول هذه المسألة في عناويننا فراجع.]
و أن لا تُشهد أحداً من أعداء اللَّه
جنازتي، و لا دفني ولا الصّلاة عليَّ.
قال ابن عبّاس: و هو قول أميرالمؤمنين عليه السلام: أشياء لم أجد إلى تركهنّ سبيلاً، لأنّ القرآن بها اُنزل على قلب محمّد صلى الله عليه و آله: قتال الناكثين، والقاسطين والمارقين، الّذي أوصاني و عهد إليَّ خليلي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بقتالهم، و تزويج أمامة بنت زينب أوصتني بها فاطمة عليهاالسلام.
قال ابن عبّاس: فقبضت فاطمة عليهاالسلام من يومها، فارتجّت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء، و دهش الناس كيوم قبض فيه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فأقبل أبوبكر و عمر يعزّيان عليّاً عليه السلام و يقولان له: يا أباالحسن! لا تسبقنا بالصّلاة على ابنة رسول اللَّه.
فلمّا كان في الليل دعا عليٌّ عليه السلام العبّاس و الفضل و المقداد و سلمان و أباذرّ و عمّاراً، فقدم العبّاس فصلّى عليها و دفنوها.
فلمّا أصبح النّاس، أقبل أبوبكر و عمر و النّاس يريدون الصّلاة على فاطمة عليهاالسلام.
فقال المقداد: قد دفنّا فاطمة عليهاالسلام البارحة.
فالتفت عمر إلى أبي بكر، فقال: ألم أقل لك: إنّهم سيفعلون؟
قال العبّاس: إنّها أوصت أن لا تصلّيا عليها.
فقال عمر: لا تتركون يا بني هاشم ! حسدكم القديم لنا أبداً، إنّ هذه الضغائن الّتي في صدوركم لن تذهب، واللَّه؛ لقد هممت أن أنبشها، فاُصلّي عليها.
فقال عليّ عليه السلام: واللَّه؛ لو رمت ذاك يابن صهّاك! لا رجعت إليك يمينك، لئن سللت سيفي لا غمدته دون إزهاق نفسك، فرم ذلك.
فانكسر عمر وسكت، وعلم أنّ عليّاً عليه السلام إذا حلف صدق.
ثمّ قال عليّ عليه السلام: يا عمر! ألست الّذي همّ بك رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وأرسل إليّ
فجئت متقلّداً بسيفي، ثمّ أقبلت نحوك لأقتلك، فأنزل اللَّه عزّوجلّ: (فَلا تَعْجَل عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدّ لَهُمْ عَدّاً)[ مريم: 84.] ؟
قال ابن عبّاس: ثمّ إنّهم توامروا وتذاكروا، فقالوا: لايستقيم لنا أمر ما دام هذا الرجل حيّاً.
فقال أبوبكر: من لنا بقتله؟
فقال عمر: خالد بن الوليد.
فأرسلا إليه فقالا: يا خالد! ما رأيك في أمر نحملك عليه؟
قال: احملاني على ما شئتما، فواللَّه؛ إن حملتماني على قتل ابن أبي طالب لفعلت.
فقالا: واللَّه؛ ما نريد غيره.
قال: فإنّي له.
فقال أبوبكر: إذا قمتما في الصلاة؛ صلاة الفجر فقم إلى جانبه، و معك السيف، فإذا سلّمت فاضرب عنقه.
قال: نعم.
فافترقوا على ذلك، ثمّ إنّ أبابكر تفكّر فيما أمر به من قتل عليّ عليه السلام وعرف إن فعل ذلك وقعت حروب شديدة وبلاء طويل، فندم على ما أمر به فلم ينم ليلته تلك حتّى أتى المسجد، و قد اُقيمت الصلاة، فتقدّم و صلّى بالناس مفكّراً لا يدري ما يقول.
و أقبل خالد بن الوليد متقلّداً بالسيف حتّى قام إلى جانب عليّ عليه السلام، و قد فطن عليّ عليه السلام ببعض ذلك.
فلمّا فرغ أبوبكر من تشهّده صاح قبل أن يسلّم: يا خالد! لا تفعل ما
أمرتك، فإن فعلت قتلتك، ثمّ سلّم عن يمينه وشماله.
فوثب عليّ عليه السلام، فأخذ بتلابيب خالد وانتزع السيف من يده، ثمّ صرعه و جلس على صدره، و أخذ بسيفه ليقتله.
و اجتمع عليه أهل المسجد ليخلّصوا خالداً، فما قدروا عليه.
فقال العبّاس: حلّفوه بحقّ القبر لمّا كففت.
فحلّفوه بالقبر، فتركوه، فتركه و قام فانطلق إلى منزله.
و جاء الزبير و العبّاس و أبوذر و المقداد و بنوهاشم و اخترطوا السيوف وقالوا: واللَّه؛ لا ينتهون حتّى يتكلّم و يفعل و اختلف الناس وماجوا واضطربوا. و خرجت نسوة بني هاشم، فصرخن و قلن: يا أعداء اللَّه! ما أسرع ما أبديتم العداوة لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله و أهل بيته، ولطال ما أردتم هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فلم تقدروا عليه، فقتلتم ابنته بالأمس، ثمّ تريدون اليوم أن تقتلوا أخاه و ابن عمّه و وصيّه و أبا ولده؟ كذبتم وربّ الكعبة؛و ما كنتم تصلون إلى قتله حتّى تخوّف الناس أن تقع فتنة عظيمة. [ البحار: 28/ 302
.
أقول: و في هامش (البحار) هكذا: قال الفضل بن شاذان في (الإيضاح): روى سفيان بن عيينة؛ والحسن بن صالح ابن حي؛ و أبوبكر بن عيّاش؛ و شريك بن عبداللَّه، و جماعة من فقهائكم: أنّ أبابكر أمر خالد بن الوليد: إذا أنا فرغت من صلاة الفجر وسلّمت، فاضرب عنق عليّ.
فلمّا صلّى بالناس في آخر صلاته ندم على ما كان منه، فجلس في صلاته مفكّراً حتّى كادت الشمس أن تطلع، ثمّ قال: يا خالد! لا تفعل ما أمرتك به
ثمّ ذكر كلام عليّ عليه السلام مع خالد بن وليد، ثمّ ذكر: فقيل لسفيان و ابن حي ووكيع: ما تقولون فيما كان من أمر أبي بكر في ذلك؟
فقالوا جميعاً: كانت سيّئة لم تتمّ، و أمّا من يجسر من أهل المدينة، فيقولون: و ما بأس بقتل رجل في صلاح الاُمّة إنّه إنّما أراد قتله، لأنّ عليّاً أراد تفريق الاُمّة وصدّهم عن بيعة أبي بكر. [ الإيضاح: 155، البحار: 28/ 306 (الهامش).]
أقول: اُنظر واقض وأعجب عن نفسيّات هؤلاء المنافقين.
مطالبة فاطمة ميراثها
3661 /1 - عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري، عن أبي جعفر عليه السلام:
أنّ أبابكر قال لفاطمة عليهاالسلام: النبيّ لا يورث. قالت: قد ورث سليمان داود، و قال زكريّا: (فَهَبْ لي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُني وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوب)[ مريم: 5.] ] ، فنحن أقرب إلى النبيّ صلى الله عليه و آله من زكريّا إلى يعقوب. [ البحار: 29/ 207.]
3662/ 2- عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قال عليّ عليه السلام لفاطمة عليهاالسلام: فاطلبي ميراثك من أبيك رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
فجاءت إلى أبي بكر، فقالت: أعطني ميراثي من أبي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
قال: النبيّ لا يورث.
فقالت: ألم يرث سليمان داود؟
فغضب، و قال: النبيّ لا يورث.
فقالت: ألم يقل زكريّا: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوب)؟ [ مريم: 5.]
فقال: النبيّ لا يورث.
فقالت: ألم يقل: (يُوصيكُم اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُنْثَيَيْن)؟ [ النساء: 11.] فقال: النبيّ لا يورث. [ البحار: 29/ 207.]
3663 /3- عن أبي سعيد الخدري، قال: لمّا قبض رسول اللَّه صلى الله عليه و آله جاءت فاطمة عليهاالسلام تطلب فدكاً.
فقال أبوبكر: إنّي لأعلم- إن شاءاللَّه- أنّكِ لن تقولي إلّا حقّاً، ولكن هاتي بيّنتك.
فجاءت بعلي عليه السلام، فشهد، ثمّ جاءت باُمّ أيمن، فشهدت.
فقال: امرأة اُخرى أو رجلاً، فكتبت لك بها.
و روى في «مصباح الأنوار» (و) «(كشف الغمّة)» مثل الأحاديث الثلاثة الأخيره. [ البحار: 29/ 207، و 8/ 107 ط حجريّة. وفيه زيادة: قد رددت عليكم مظالمكم، و أوّل ما أردّ منها ما كان في يدي إنّكِ لن تقولي...]
قال العلّامة المجلسي رحمه الله: أقول: هذا الحديث عجيب، فإنّ فاطمة عليهاالسلام كانت مطالبة بميراث فلا حاجة بها إلى الشهود، فإنّ المستحقّ للتركة لا يفتقر إلى الشاهد إلّا إذا لم يعرف صحّة نسبه واعتزائه إلى الدارج، و ما أظنّهم شكّوا في نسب فاطمة عليهاالسلام، و كونها ابنة النبيّ صلى الله عليه و آله.
و إن كانت تطلب فدكاً، و تدّعي أنّ أباها صلى الله عليه و آله نحلها إيّاها احتاجت إلى إقامة البيّنة، (على فرض عدم العلم بصدقها.
ولكن هذا الفرض غير ممكن، لأنّ اللَّه تعالى شهد على صدقها وطهارتها من كلّ رجس)، و لم يبق لما رواه أبوبكر من قوله: «نحن معاشر الأنبياء لا
نورث معنى، و هذا واضح جدّاً، فتدبّر. [ البحار: 29/ 208.]
أقول: و ما بين الهلالين منّي ليست في المتن، فراجع المصدر.
3664/ 4- عن أبي جميلة المفضّل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن أحدهما عليهماالسلام قال:
إنّ فاطمة صلوات اللَّه عليها انطلقت إلى أبي بكر، فطلبت ميراثها من نبيّ اللَّه صلى الله عليه و آله.
فقال: إنّ نبيّ اللَّه لا يورث.
فقالت: أكفرت باللَّه، و كذبت بكتابه؟ قال اللَّه: (يُوصيكُمُ اللَّه فِي أَوْلادِكُم لِلذَكَرِ مِثْل حَظِّ الاُنثَيَيْن). [ البحار: 29/ 118 ح12، عن تفسير العيّاشي.]
3665/ 5- بإسناده إلى البخاري من صحيحه عن يحيى بن بكير، عن الليث، عن عقيل بن شهاب، عن عروة، عن عائشة: إنّ فاطمة عليهاالسلام بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ممّا أفاء اللَّه عليه بالمدينة و فدك و ما بقي من خمس خيبر.
فقال أبوبكر: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: لا نورث، ما تركناه صدقة، إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال، و إنّي واللَّه؛ لا اُغيّر شيئاً من صدقة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عن حالها الّتي كانت عليها في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و لأعملنّ فيها بما عمل به رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
فأبى أبوبكر أن يدفع إلى فاطمة عليهاالسلام شيئاً، فوجدت فاطمة عليهاالسلام على أبي بكر في ذلك، فهجرته فلم تكلّمه حتّى توفّيت ، و عاشت بعد النبيّ صلى الله عليه و آله ستّة أشهر.
فلمّا توفّيت دفنها زوجها عليّ عليه السلام ليلاً، و لم يؤذن بها أبابكر، و صلّى عليها عليّ عليه السلام.
وروى- أي ابن بطريق- في (العمدة) مثل ذلك من صحيح مسلم بسنده. [ البحار: 29/ 111 ح 5، عن العمدة: 390- 391 ح 777، عن صحيح مسلم 3/ 1380 صدر حديث 52 (طبعة اُخرى: 2/ 72) كتاب الجهاد.]
أقول: و أخرجه من كتب اُخرى كثيرة، من أراد الإطّلاع فليراجع «البحار». [ البحار: 29/ 206.]
3666 /6- و روي: أنّ فاطمة عليهاالسلام جاءت إلى أبي بكر بعد وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فقالت: يا أبابكر! من يرث إذا متّ؟
قال: أهلي و ولدي.
قالت: فما لي لا أرث رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؟
قال: يا بنت رسول اللَّه! إنّ النبيّ لا يورث، ولكن أنفق على من كان ينفق عليه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، واُعطي ما كان يعطيه. قالت: واللَّه؛ لا اُكلّمك بكلمة ما حييت، فما كلّمته حتّى ماتت. [ البحار: 29/ 206.]
3667/ 7- و قيل: جاءت فاطمة عليهاالسلام إلى أبي بكر، فقالت: أعطني ميراثي من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
قال: إنّ الأنبياء لا تورث ما تركوه فهو صدقة.
فرجعت إلى عليّ عليه السلام، فقال: ارجعي فقولي: ما شأن سليمان عليه السلام ورث داود عليه السلام، و قال زكريّا: (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُني وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوب). [ مريم: 5.]