کوثر فی احوال فاطمة بنت النبی الطهر (ص) جلد 6

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کوثر فی احوال فاطمة بنت النبی الطهر (ص) - جلد 6

سید محمد باقر موسوی؛ مصحح: محمدحسین رحیمیان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

و كان بين وفاتها و وفاة أبيها اثنتان و سبعون ليلة.

3727/ 7- قال أبوبكر: وحدّثني محمّد بن زكريّا، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن عمارة بالإسناد الأوّل، قال:

فلمّا سمع أبوبكر خطبتها شقّ عليه مقالتها، فصعد المنبر، و قال: أيّها الناس! ما هذه الرِّعة إلى كلّ قالة! أين كانت هذه الأمانيّ في عهد رسول اللَّه؟ ألا من سمع فليقل، و من شهد ليتكلّم، إنّما هو ثعالة شهيده ذنبه، مُرِبٌّ لكلّ فتنة، هو الّذي يقول: كرّوها جذعة بعد ما هرمت، يستعينون بالضعفة، و يستنصرون بالنساء، كاُمّ طِحال أحبّ أهلها إليها البغي!!! ألا إنّي لو أشاء أن أقول لقلتُ، و لو قلتُ لبحتُ، إنّي ساكت ما تركت.

ثمّ التفت إلى الأنصار، فقال: قد بلغني يا معشر الأنصار! مقالة سفهائكم، و أحقّ من لزم عهد رسول اللَّه أنتم!! فقد جاءكم فآويتم ونصرتم، ألا إنّي لست باسطاً يداً ولا لساناً على مَنْ لم يستحقّ ذلك منّا.

ثمّ نزل، فانصرفتْ فاطمة عليهاالسلام إلى منزلها.

قلت: قرأت هذا الكلام على النقيب أبي يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصريّ، و قلت له: بمن يعرّض؟

فقال: بل يصرّح.

قلت: لو صرّح لم أسألك.

فضحك، و قال: بعليّ بن أبي طالب عليه السلام.

قلت: هذا الكلام كلّه لعليّ عليه السلام يقول؟

قال: نعم، إنّه المُلْك يا بنيّ!

قلت: فما مقالة الأنصار؟

قال: هتفوا بذكر عليّ عليه السلام فخاف من اضطراب الأمر عليهم، فنهاهم.

فسألته عن غريبه.

فقال: أما الرِّعة- بالتخفيف- أي: الاستماع والإصغاء، والقالة: القول، وثُعالة:اسم الثعلب علم غيرُ مصروف، مِثل ذُؤالة للذئب، و شهيده ذنبه، أي لا شاهد له على ما يدّعي إلّا بعضه و جزء منه.

و أصله مثل قالوا: إنّ الثعلب أراد أن يُغريَ الأسد بالذئب، فقال: إنّه قد أكل الشاة الّتي كنت قد أعددتها لنفسك، و كنت حاضراً قال: فمن يشهد لك بذلك؟ فرفع ذنبه و عليه دم، و كان الأسد قد افتقد الشاة، فقبل شهادته، و قتل الذئب.

و مَرَبّ: ملازم، أربَّ بالمكان.

و كرّوها جَذَعة أعيدوها إلى الحال الأولى، يعني الفتنة والهرج.

و اُمّ طِحال: امرأةٌ بغي في الجاهليّة، و يضرب بها المثل فيقال: أزنى من اُمّ طحال !!!

3728/ 8- قال أبوبكر: وحدّثني محمّد بن زكريّا، قال: حدّثني ابن عائشة، قال: حدّثني أبي، عن عمّه، قال: لمّا كلمت فاطمة عليهاالسلام أبابكر بكى، ثمّ قال: يا ابنة رسول اللَّه! واللَّه؛ ما ورّث أبوك ديناراً و لا درهماً، و إنّه قال: إنّ الأنبياء لا يورثون.

فقالت: إنّ فدك وهبها لي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

قال: فمن يشهد بذلك؟

فجاء عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فشهد، و جاءت اُمّ أيمن، فشهدت أيضاً.

فجاء عمر بن الخطّاب و عبدالرحمان بن عوف فشهدا أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يقسمها.

قال أبوبكر: صدقت يا ابنة رسول اللَّه! و صدق عليّ، و صدقتْ اُمّ أيمن، و صدق عمر، و صدق عبدالرحمان بن عوف، و ذلك أنْ مالك لأبيك، كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يأخذ من فدك قوتكم، و يقسم الباقي، و يحمل منه في سبيل اللَّه، فما تصنعين بها؟

قالت: أصنع بها كما يصنع بها أبي.

قال: فلك على اللَّه أن أصنع فيها كما يصنع فيها أبوك.

قالت: اللَّه لتفعلنّ!

قال: اللَّه لأفعلنّ.

قالت: اللهمّ اشهد.

و كان أبوبكر يأخذ غلّتها فيدفع إليهم منها ما يكفيهم، و يقسم الباقي، و كان عمر كذلك، ثمّ كان عثمان كذلك، ثمّ كان عليّ عليه السلام كذلك.

فلمّا ولي الأمر معاوية بن أبي سفيان أقطع مروان بن الحكم ثلثها، و أقطع عمرو بن عثمان بن عفّان ثلثها، و أقطع يزيد بن معاوية ثلثها، و ذلك بعد موت الحسن بن عليّ عليهماالسلام.

فلم يزالوا يتداولونها حتّى خلصتْ كلّها لمروان بن الحكم أيّام خلافته، فوهبها لعبدالعزيز ابنه، فوهبها عبدالعزيز لابنه عمر بن عبدالعزيز.

فلمّا ولي عمر بن العزيز الخلافة، كانت أوّل ظُلامة ردّها دعا حسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام- و قيل: بل دعا عليّ بن الحسين عليه السلام- فردّها عليه، و كانت بيد أولاد فاطمة عليهاالسلام مدّة ولاية عمر بن عبدالعزيز.

فلمّا ولي يزيد بن عاتكة قبضها منهم، فصارت في أيدي بنى مروان، كما كانت يتداولونها، حتّى انتقلت الخلافة عنهم.

فلمّا ولي أبوالعبّاس السفّاح ردّها على عبداللَّه بن الحسن بن الحسن.

ثمّ قبضها أبوجعفر لمّا حدث من بني حسن ما حدث، ثم ردّها المهديّ ابنه على ولد فاطمة عليهاالسلام.

ثمّ قبضها موسى بن المهدي و هارون أخوه، فلم تزل في أيديهم حتّى ولي المأمون، فردّها على الفاطميّين.

3729/ 9- قال أبوبكر: حدّثني محمّد بن زكريّا، قال: حدّثني مهدي بن سابق، قال:

جلس المأمون للمظالم، فأوّل رُقعة وقعتْ في يده نظر فيها و بكى، و قال للّذي على رأسه: نادِ أين وكيلُ فاطمة عليهاالسلام؟

فقام شيخ عليه دُرّاعة و عمامة وخُفّ تَعِزّي، فتقدّم، فجعل يناظره في فدك والمأمون يحتجّ عليه و هو يحتجّ على المأمون.

ثمّ أمر أن يسجّل لهم بها، فكتب السجلّ و قرى ء عليه، فأنفذه.

فقام دِعْبل إلى المأمون، فأنشده الأبيات الّتي أوّلها:






أصبح وجه الزّمان قد ضَحِكا بردّ مأمونِ هاشمٍ فَدَكا

فلم تزل في أيديهم حتّى كان في أيّام المتوكّل، فأقطعها عبداللَّه بن عمر البازيار، و كان فيها إحدى عشرة نخلةً غرسها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بيده، فكان بنو فاطمة عليهاالسلام يأخذون ثمرها.

فإذا قدم الحجّاج أهدوْا لهم من ذلك التمر فيصلونهم، فيصير إليهم من ذلك مال جزيل جليل.

فصرم عبداللَّه بن عمر البازيار ذلك التمر، وجّه رجلاً
يقال له: بشران بن أبي اُميّه الثقفي
إلى المدينة فصرمه، ثمّ عاد إلى البصرة، ففُلج.

3730/ 10- قال أبوبكر: أخبرنا أبوزيد عمر بن شبّة، قال: حدّثنا سويد بن سعيد والحسن بن عثمان قالا: حدّثنا الوليد بن محمّد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة:

أنّ فاطمة عليهاالسلام أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و هي حينئذ تطلب ما كان لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله بالمدينة و فدك، و ما بقي من خمس خيبر.

فقال أبوبكر: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: لا نورث ما تركناه صدقة،إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال، و إنّي واللَّه؛ لا أغيّر شيئاً من صدقات رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عن




حالها الّتي كانت عليها في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و لأعملنّ فيها بما عمل فيها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

فأبى أبوبكر أن يدفع إلى فاطمة عليهاالسلام منها شيئاً.

فوجدتْ من ذلك على أبي بكر و هجرته فلم تكلّمه حتّى توفّيت، و عاشتْ بعد أبيها ستّة أشهر.

فلمّا توفّيت دفنها عليّ عليه السلام ليلاً، و لم يُؤذن بها أبابكر.

3731/ 11- قال أبوبكر: و أخبرنا أبوزيد، قال: حدّثنا إسحاق بن إدريس، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد، عن مَعمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة:

أنّ فاطمة عليهاالسلام والعبّاس أتيا أبابكر يلتمسان ميراثهما من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و هما حينئذ يطلبان أرضه بفدك و سهمه بخيبر.

فقال لهما أبوبكر: إنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: لا نُورث، ما تركنا صدقة، إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال، و إنّي واللَّه؛ لا أغيّر أمراً رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يصنعه إلّا صنعته.

قال: فهجرته فاطمةُ عليهاالسلام فلم تكلّمه حتّى ماتت.

3732/ 12- قال أبوبكر: و أخبرنا أبوزيد، قال: حدّثنا عمر بن عاصم و موسى بن إسماعيل، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن الكلبيّ، عن أبي صالح، عن اُمّ هانئ:

أنّ فاطمة عليهاالسلام قالت لأبي بكر: من يرثك إذا متَّ؟

قال: وَلدي وأهلي؟ قالت: فما لك ترث رسول اللَّه صلى الله عليه و آله دوننا؟

قال: يا ابنة رسول اللَّه! ما وَرّث أبوك داراً ولا مالاً ولا ذهباً ولا فضّة.

قالت: بلى سهم اللَّه الّذي جعله لنا، و صار فيئنا الّذي بيدك.

فقال لها: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: «إنّما هي طُعمة أطعمناها اللَّه، فإذا متّ كانت بين المسلمين».




3733/ 13- قال أبوبكر: و أخبرنا أبوزيد، قال: حدّثنا أبوبكر بن أبي شيبة، قال:حدّثنا محمّد بن الفضل، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل، قال:

أرسلتْ فاطمة عليهاالسلام إلى أبي بكر: أنت ورثت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أم أهله؟

قال: بل أهله.

قالت: فما بال سهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؟

قال: إنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: «إنّ اللَّه أطعم نبيّه طعمة»، ثمّ قبضه، وجعله للّذي يقوم بعده، فوليت أنا بعده، أن أردّه على المسلمين.

قالت: أنت و ما سمعت من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أعلم.

- قلت: في هذا الحديث عجب، لأنّها قالت له: أنت ورثتَ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أم أهله؟

قال: بل أهله.

و هذا تصريح بأنّه صلى الله عليه و آله مَورُوث يرثه أهله، و هو خلاف قوله: «لا نورث».

و أيضاً؛ فإنّه يدلّ على أنّ أبابكر استنبط من قول رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: «إنّ اللَّه أطعم نبيّاً طعمة» أن يُجري رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عند وفاته مجرى ذلك النبيّ.

أو يكون قد فهم أنّه عنى بذلك النبيّ المنكر لفظاً نفسه، كما فهم من قوله في خطبته: إنّ عبداً خيّره اللَّه بين الدنيا و ما عند ربّه، فاختار ما عند ربّه-.

فقال أبوبكر: بل نفديك بأنفسنا.

3734/ 14- قال أبوبكر: و أخبرنا أبوزيد، قال: أخبرنا القعنبيّ، قال: حدّثنا عبدالعزيز بن محمّد، عن محمّد بن عمر، عن أبي سلمة: أنّ فاطمة عليهاالسلام طلبت فدك من أبي بكر.

فقال: إنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: «إنّ النبيّ لا يُورَث»، من كان النبيّ يعوله فأنا أعوله، و من كان النبيّ يُنفق عليه، فأنا أنفق عليه.

فقالت: يا أبابكر! أيرثك بناتُك و لايرثُ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بناته؟

فقال: هو ذاك.

3735/ 15- قال أبوبكر: و أخبرنا أبوزيد، قال: حدّثنا محمّد بن عبداللَّه بن الزبير قال: حدّثنا فضيل بن مرزوق، قال: حدّثنا البحتريّ بن حسّان، قال: قلت لزيد بن عليّ عليه السلام- و أنا أريد أن أهجّن أمر أبي بكر-:

إنّ أبابكر انتزع فدك من فاطمة عليهاالسلام.

فقال: إنّ أبابكر كان رجلاً رحيماً، و كان يكره أن يغيّر شيئاً فعله رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فأتته فاطمة عليهاالسلام فقالت: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أعطاني فدك.

فقال لها: هل لك على هذا بيّنة؟ فجاءت بعليٍّ عليه السلام، فشهد لها، ثمّ جاءت اُمّ أيمن، فقالت: ألستما تشهدان أنّي من أهل الجنّة؟

قالا: بلى.

-قال أبوزيد: يعني أنّها قالت لأبي بكر و عمر-.

قالت: فأنا أشهد أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أعطاها فدك.

فقال أبوبكر: فرجل آخر أو امرأة اُخرى لتستحقي بها القضيّة.

ثمّ قال أبوزيد: و أيم اللَّه؛ لو رجع الأمر إليّ لقضيتُ فيها بقضاء أبي بكر!!

3736/ 16 - قال أبوبكر: و أخبرنا أبوزيد، قال: حدّثنا محمّد بن الصّباح، قال: حدّثنا يحيى بن المتوكّل أبوعقيل، عن كثير النوال، قال:

قلت لأبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام: جعلني اللَّه فداك؛ أرأيت أبابكر و عمر، هل ظلماكم من حقّكم شيئاً- أو قال: - ذهبا من حقّكم بشي ء؟

فقال: لا، والّذي أنزل القرآن على عبده ليكون للعالمين نذيراً، ما ظلما حقّنا مثقال حبّة من خردل.

قلت: جعلت فداك؛ أفأتولاّ هما؟

قال: نعم؛ ويحك! تولّهما في الدنيا والآخرة، و ما أصابك ففي عنقي!!

ثمّ قال: فعل اللَّه بالمغيرة و بُنَان، فإنّهما كذبا علينا أهل البيت!!

3737/ 17- قال أبوبكر: و أخبرنا أبوزيد، قال: حدّثنا عبداللَّه بن نافع والقعنبيّ، عن مالك عن الزهري، عن عروة، عن عائشة:

أنّ أزواج النبيّ صلى الله عليه و آله أردْن لمّا توفّي أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهنّ - أو قال: ثُمنهنّ -.

قالت: فقلت لهنّ: أليس قد قال النبيّ صلى الله عليه و آله: «لا نُورث، ما تركنا صدقة»؟

3738/ 18- قال أبوبكر: و أخبرنا أبوزيد، قال: حدّثنا عبداللَّه بن نافع والقعنبيّ و بشر بن عمر، عن مالك، عن بي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال: «لا يقسم ورثتي ديناراً ولا درهماً، ما تركتُ بعد نفقة نسائي و مؤونة عيالي، فهو صدقة».

قلت: هذا حديث غريب، لأنّ المشهور أنّه لم يرو حديث انتفاء الإرث إلّا أبوبكر وحده.

3739/ 19- و قال أبوبكر: وحدّثنا أبوزيد، عن الحزامي، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عبدالرحمان الأعرج: أنّه سمع أباهريرة يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول:

«والّذي نفسي بيده لا يقسِم ورثتي شيئاً، ما تركت صدقة».

قال: و كانت هذه الصّدقة بيد عليّ عليه السلام، غلب عليها العبّاس، و كانت فيها خصومتها، فأبى عُمرأن يقسمها بينهما حتّى أعرض عنها العبّاس، و غلب عليها عليه السلام.

ثم كانت بيد حسن و حسين ابني عليّ عليهم السلام.

ثمّ كانت بيد عليّ بن الحسين عليه السلام والحسن بن الحسن، كلاهما يتداولانها، ثمّ بيد زيد بن عليّ عليه السلام.

3740/ 20- قال أبوبكر: و أخبرنا أبوزيد، قال: حدّثنا عثمان بن عمر بن فارس، قال: حدّثنا يونس، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان:

أنّ عمر بن الخطّاب دعاه يوماً بعد ما ارتفع النهار.

قال: فدخلتُ عليه و هو جالس على سرير رمال ليس بينه وبين الرمال فراش، على و سادة أَدَم، فقال: يا مالك! إنّه قد قدم من قومك أهلُ أبيات حضروا المدينة، و قد أمرت لهم برضخ فاقسمه بينهم.

فقلت: يا أميرالمؤمنين!! مُرْ بذلك غيري.

قال: اقسم أيّها المرء!

قال: فبينا نحن على ذلك إذ دخل يرفأ، فقال: هل لك في عثمان و سعد و عبدالرحمان والزبير يستأذنون عليك؟

قال: نعم، فأذن لهم.

قال: ثمّ لبث قليلاً، ثمّ جاء، فقال: هل لك في عليّ عليه السلام والعبّاس يستأذنان عليك.

قال: ائذن لهما.

فلمّا دخلا قال عبّاس: يا أميرالمؤمنين! اقض بيني و بين هذا- يعني عليّاً عليه السلام- و هما يختصمان في الصوافي الّتي أفاء اللَّه على رسوله من أموال بني النضير.

قال: فاستبّ

[ لايخفى...]

عليّ عليه السلام والعبّاس عند عمر.

قال عبدالرحمان: يا أميرالمؤمنين!! اقض بينهما و أرح أحدهما من الآخر.

فقال عمر: أنشدكم اللَّه الّذي تقوم بإذنه السماوات والأرض، هل تعلمون

أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: «لا نُورَث، ما تركناه صدقة»، يعني نفسه؟

قالوا: قد قال ذلك.

فأقبل على العبّاس و عليّ عليه السلام فقال: أنشدكما اللَّه هل تعلمان ذلك؟

قالا: نعم.

قال عمر: فإنّي أحدّثكم عن هذا الأمر، إن اللَّه تبارك و تعالى خصّ رسوله في هذا الفي ء بشي ء لم يُعطه غيره، قال تعالى: «مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيلٍ وَ لا رِكابٍ وَلكنَّ اللَّهَ يُسُلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاء وَاللَّهُ عَلى كَلِّ شَي ء قَدير»؛

[ الحشر: 6.]

و كانت هذه خاصة لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فما اختارها دونكم، و لا استأثر بها عليكم، لقد أعطاكموها وثبتها فيكم حتّى بقي منها هذا المال، و كان ينفق منه على أهله سنتهم، ثمّ يأخذ ما بقي فيجعله فيما يجعل ما اللَّه عزّ و جلّ، فعل ذلك في حياته ثمّ توفّي.

فقال أبوبكر: أنا وليّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فقبضه اللَّه، و قد عمل فيها بما عمل به رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، و أنتما حينئذ.

والتفت إلى عليّ عليه السلام و العبّاس تزعمان أنّ أبابكر فيها ظالم فاجر فاجر، واللَّه؛ يعلم إنّه فيها لصادق بارٌّ راشد، تابع للحقّ!!

ثمّ توفّى اللَّهُ أبابكر، فقلت: أنا أولى الناس بأبي بكر وبرسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فقبضتها سنتين- أو قال: سنين من إمارتي- أعمل فيها مثل ما عمل به رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و أبوبكر.

ثمّ قال: و أنتما- و أقبل على العبّاس و عليّ عليه السلام- تزعمان أنّي فيها ظالم فاجر، واللَّه يعلم أنّي فيها بارّ راشد، تابع للحقّ!! ثمّ جئتماني و كلمتكما واحدةً، و أمركما جميع، فجئتني- يعني العبّاس- تسألني نصيبك من ابن أخيك، وجاءني

هذا- يعني عليّاً عليه السلام - يسألني نصيب امرأته من أبيها، فقلت لكما: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: «لا نورث، ما تركناه صدقة».

فلمّا بدا لي أن أدفعها إليكما قلت: أدفعها على أنّ عليكما عهد اللَّه و ميثاقه لتعملان فيها بما عمل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و أبوبكر، و بما عملتُ به فيها، و إلّا فلا تكلماني!!!

فقلتما: ادفعها إلينا بذلك، فدفعتها إليكما بذلك، أفتلتمسان منّي قضاء غير ذلك؟ واللَّه الّذي تقوم بإذنه السّماوات والأرض لا أقضي بينكما بقضاء غير ذلك حتّى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنها فادفعاها إليّ فأنا أكفيكماها!

قال أبوبكر: وحدّثنا أبوزيد، قال: حدّثنا إسحاق بن إدريس، قال: حدّثنا عبداللَّه بن المبارك، قال: حدّثني يونس، عن الزّهري، قال: حدّثني مالك بن أوس بن الحدثان (بنحوه).

قال: فذكرت ذلك لعروة، فقال: صدق مالك بن أوس، أنا سمعت عائشة تقول: أرسل أزواج النبيّ صلى الله عليه و آله عثمان بن عفان إلى أبي بكر يسأل لهنّ ميراثهنّ من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ممّا أفاء اللَّه عليه حتّى كنت أردّهنّ عن ذلك.

فقلت: ألا تتقين اللَّه، ألم تعلمن أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يقول:«لا نورَث، ما تركناه صدقة»، يريد بذلك نفسه، إنّما يأكل آل محمّد عليهم السلام من هذا المال، فانتهى أزواج النبيّ صلى الله عليه و آله إلى ما أمرتهنّ به.

قلت: هذا مشكل، لأنّ الحديث الأوّل يتضمّن أنّ عمر أقسم على جماعة فيهم عثمان، فقال: نشدتكم اللَّه، ألستم تعلمون أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قال: «لا نورث ما تركناه صدقة»، يعني نفسه؟

فقالوا: نعم.

و من جملتهم عثمان، فكيف يعلم بذلك فيكون مترسّلاً لأزواج النبيّ صلى الله عليه و آله يسأله أن يعطيهنّ الميراث؟!

اللهمّ إلّا أن يكون عثمان وسعد و عبدالرحمان و الزبير صدّقوا عمر على سبيل التقليد لأبي بكر فيما رواه و حُسْنِ الظنّ، وسمّوا ذلك عِلْماً، لأنّه قد يطلق على الظنّ اسم العلم!!

فإن قال قائل: فهلّا حسن ظنّ عثمان برواية أبي بكر في مبدأ الأمر فلم يكن رسولاً لزوجات النبيّ صلى الله عليه و آله في طلب الميراث؟

قيل له: يجوز أن يكون في مبدأ الأمر شاكّاً، ثمّ يغلب على ظنّه صِدْقه، لأمارات اقتضت تصديقه، و كلّ الناس يقع لهم مثل ذلك.

و هاهنا إشكال آخر، و هو أنّ عمر ناشد عليّاً عليه السلام والعبّاس: هل تعلمان ذلك؟

فقالا: نعم.

فإذا كانا يعلمانه فكيف جاء العبّاس و فاطمة عليهاالسلام إلى أبي بكر يطلبان الميراث على ما ذكره في خبر سابق على هذا الخبر- و قد أوردناه نحن-؟ و هل يجوز أن يقال: كان العبّاس يعلم ذلك ثمّ يطلب الإرث الّذي لا يستحقّه؟

و هل يجوز أن يقال: إنّ عليّاً عليه السلام كان يعلم ذلك و يمكّن زوجته أن تطلب ما لا تستحقّه، خرجت من دارها إلى المسجد، و نازعت أبابكر، و كلّمته بما كلّمته إلّا بقوله و إذنه ورأيه؟

و أيضاً، فإنّه إذا كان صلى الله عليه و آله لا يُورَث، فقد أشكل دفع آلته و دابّته وحذائه إلى عليّ عليه السلام، لأنّه غير وارث في الأصل، و إن كان أعطاه ذلك، لأنّ زوجته بُعْرضة أن تَرِث، لولا الخبر، فهو أيضاً غير جائز، لأنّ الخبر قد منع من أن يرث منه شيئاً قليلاً كان أو كثيراً.

فإن قال قائل: نحن معاشر الأنبياء لا نُوَرّث ذهباً ولا فضّة ولا أرضاً ولا عَقاراً ولا داراً.

قيل: هذا الكلام يُفهم من مضمونه أنّهم لايورّثون شيئاً أصلاً، لأنّ عادة

/ 44