حديث سدّ الأبواب
[ قال الكتّاني في كتابه نظم المتناثر من الحديث المتواتر "ص 250": وقد أورد ابن الجوزي في الموضوعات حديث: 'سدّ باب عليّ'، مقتصراً على بعض طرقه، وأعلّه ببعض من تكلّم فيه من رواته، وليس ذلك بقادح، وأعلّه أيضاً بمخالفته للأحاديث الصحيحة في باب أبي بكر، وزعم أنّه من وضع الرافضة، قابلوا به حديث أبي بكر في الصحيح.قال الحافظ ابن حجر: وقد أخطأ في ذلك خطأً شنيعاً؛ لردّه الأحاديث الصحيحة بتوهم المعارضة مع إمكان الجمع، وفي اللئالئ المصنوعة للسيوطي قال شيخ الإسلام في القول المسدد في الذبّ عن مسند أحمد: قول ابن الجوزي في هذا الحديث: 'أنّه باطل، وأنّه موضوع'، دعوى لم يستدل عليها إلّا بمخالفة الحديث الّذي في الصحيحين، وهذا إقدام على ردّ الأحاديث الصحيحة بمجرد التوهم، ولاينبغي الإقدام على حكم بالوضع إلّا عند عدم إمكان الجمع، ولايلزم من تعذر الجمع في الحال أنّه لايمكن بعد ذلك، لأن فوق كل ذي علم عليم، وطريق الورع في مثل هذا أن لايحكم على الحديث بالبطلان، بأن يتوقف فيه إلى أن يظهر لغيره مالم يظهر له، وهذا الحديث من هذا الباب هو حديث مشهور، له طرق متعددة، كلّ طريق منها على انفرادها لاتقصر عن رتبة الحسن، ومجموعها ممّا يقطع بصحته، على طريقة كثير من أهل الحديث.]سيأتي مايدل عليه في نزول قوله تعالى: 'وَ النَّجْمِ إِذَا هَوَى'. [ سورة النجم، الآية 1، لاحظ ص 326.]174. ابن مردويه، حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى، حدّثنا إسحاق بن الفيض، حدّثنا سلمة بن حفص، حدّثنا أبوحفص الكندي، عن كثير النوا، عن عطيّة، عن أبي سعيد: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعليّ:'إنّه لايحلّ لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك'. [ اللئالئ المصنوعة، ج 1، ص 353.
ورواه ابن مردويه كما في مفتاح النجا "ص 34 29"، قال: الترمذي، وأبويعلى، وابن مردويه، والبيهقي، عن أبي سعيد....
ورواه الترمذي في سننه "ج 5، ص 639"، قال: حدّثنا عليّ بن المنذر، حدّثنا محمّد بن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعليّ: 'يا عليّ، لايحلّ لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك'.
ورواه محمّد بن خلف في أخبار القضاة. "ج 3، ص 149".
ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب من تاريخ دمشق. "ج 1، ص 292، ح 332 331".]175. ابن مردويه، عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضى الله عنه، قال: لمّا قدم أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة لم يكن لهم بيوت، وكانوا يبيتون في المسجد. فقال لهم النبيّ صلى الله عليه وسلم: 'لاتبيتوا في المسجد، فتحتلموا'. ثمّ إنّ القوم بنوا بيوتاً حول المسجد، وجعلوا أبوابها إلى المسجد. ثمّ إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم بعث إليهم معاذ بن جبل، فنادى أبابكر فقال: إنّ رسول اللَّه يأمرك أن تسدّ بابك الّذي في المسجد، ولتخرج منه، فقال: سمعاً وطاعة. ثمّ أرسل إلى حمزة فسدّ بابه، وقال: سمعاً وطاعة للَّه ولرسوله، وعليّ متردد لايدري أهو فيمن يقيم أو فيمن يخرج، وكان النبيّ صلى الله عليه وسلم قد بنى له في المسجد بيتاً بين أبياته. فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم: 'اسكن طاهراً مطهّراً'. فبلغ حمزة قول النبيّ صلى الله عليه وسلم لعليّ، فقال: يا محمّد، أخرجتنا وتمسك غلماناً من بني عبدالمطلب! فقال له: 'لو كان الأمر لي ماجعلت دونكم من أحد. واللَّه ما أعطاه إيّاه إلّا اللَّه، وإنّك لعلى خير من اللَّه ورسوله'. [ أرجح المطالب، ص 415، قال فيه: أخرجه الفقيه أبوالحسن بن المغازلي، وأبوبكر بن مردويه.
ورواه ابن المغازلي في مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام "ص 253، ح 303"، قال: أخبرنا محمّد بن أحمد بن عثمان، حدّثنا أبوالحسين محمّد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ، حدّثنا محمّد بن الحسين بن حميد بن الربيع، حدّثنا جعفر بن عبد اللَّه بن محمّد أبوعبد اللَّه، حدّثنا إسماعيل بن أبان، حدّثنا سلّام بن أبي عمرة، عن معروف بن خرّبوذ، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيّد الغفاري، قال: لمّا قدم أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله المدينة لم يكن لهم بيوت يبيتون فيها، فكانوا يبيتون في المسجد، فقال لهم النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم: لا تبيتوا في المسجد فتحتلموا. |وذكر مثل الحديث، وقال في آخره: | أبشر! فبشّره النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، فقتل يوم أحد شهيداً.]
حديث ردّ الشمس
[ في كتاب شرح معاني الآثار "ج 1، ص 46"، قال محقق الكتاب محمّد زهري النجار- ضمن الفائدة الحادية عشر-: وقد قال خاتمة الحفّاظ السيوطي وكذا السخاوي: أنّ ابن الجوزي في موضوعاته تحامل تحاملاً كثيراً، حتّى أدرج فيه كثيراً من الأحاديث الصحيحة، كما أشار إليه ابن الصلاح. وهذا الحديث |أي حديث ردّ الشمس| صححه المصنف- رحمه اللَّه تعالى- وأشار إلى أن تعدد طرقه شاهد صدق على صحته، وقد صححه قبله كثير من الأئمّة، وأخرجه ابن شاهين وابن مندة وابن مردويه والطبراني في معجمه وقال: إنّه حسن، وصنّف السيوطي في هذا الحديث رسالة مستقلة سمّاها كشف اللبس عن حديث رد الشمس، وقال: إنّه سبق بمثله لأبي الحسن الفضلي، أورد طرقه بأسانيد كثيرة، وصححه بما لامزيد عليه...، وبهذا أيضاً سقط ما قاله ابن تيميّة وابن الجوزي من أن: هذا الحديث موضوع، فإنّه مجازفة منهما.]176. ابن مردويه، عن أبي هريرة، قال: نام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ورأسه في حجر عليّ رضى الله عنه، ولم يكن صلّى العصر حتّى غربت الشمس، فلمّا قام النبيّ صلى الله عليه وسلم دعا له، فردّت عليه الشمس حتّى صلى، ثمّ غابت ثانية. [ الخصائص الكبرى، ج 2، ص 137.]177. ابن مردويه، عن أسماء بنت عميس وأبي هريرة: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يوحى إليه ورأسه في حجر عليّ رضى الله عنه، وهو لم يصلّ العصر حتّى غربت الشمس، فقال لهرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: 'أصليّت يا عليّ؟' قال: لا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: 'اللهمّ إنّه كان في طاعتكَ وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس'. قالت أسماء: فرأيتها غربت ثمّ رأيتها طلعت بعدما غربت ووقفت. [ وسيلة النجاة، ص 167. قال: أخرج ابن شاهين، وابن المنذر كلّهم عن أسماء بنت عميس، وابن مردويه عنها وعن أبي هريرة....
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار "ج 2، ص 8"، قال: حدّثنا أبواُميّة، حدّثنا عبيد اللَّه بن موسى العبسي، حدّثنا الفضيل بن مرزوق، عن إبراهيم بن الحسن، عن فاطمة ابنة الحسين، عن أسماء ابنة عميس، قالت: كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم يوحى إليه ورأسه في حجر عليّ، فلم يصلِّ العصر حتّى غربت الشمس، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'صلّيت يا عليّ؟'، قال: لا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'اللهمّ إنّه كان في طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس'. قالت أسماء: فرأيتها غربت، ثمّ رأيتها طلعت بعد ما غربت.
عن الطحاوي رواه ابن كثير في البداية والنهاية "ج 6، ص 282".]178. ابن مردويه، عن أسماء بنت عميس، واُمّ سلمة، وجابر بن عبد اللَّه الأنصاري، وأبي سعيد الخدري، والحسين بن عليّ- رضي اللَّه عنهم-: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان ذات يوم في منزله وعليّ بين يديه إذ جاء جبرئيل يناجيه عن اللَّه عزوجل، فلمّا تغشى الوحي توسّد فخذ عليّ، ولم يرفع حتّى غابت الشمس، فصلّى العصر جالساً إيماءً، فلمّا أفاق قال لعليّ: 'فاتتك العصر؟'. فقال: صلّيتها إيماءً. فقال: 'ادعُ اللَّه يردّ عليك الشمس حتّى تصلّيها قائماً في وقتها، فإنّه يجيبك لطاعتك اللَّه ورسوله'. فسأل اللَّه في ردّها، فردّت عليه حتّى صارت في موضعها من السماء وقت العصر، فصلّاها ثمّ غربت. واللَّه، لقد سمعنا بها عند غروبها كصرير المنشار. [ أرجح المطالب، ص 686.
ورواه ابن مردويه كما في مناقب سيّدنا عليّ "ص 14".]
تشبيهه بالأنبياء والصالحين
سيأتي مايدل عليه في نزول قوله تعالى: 'وَ لَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ'. [ سورة الزخرف، الآية 57، لاحظ ص 319.]179. ابن مردويه، عن الحارث الأعور، أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: 'من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، ونوح في فهمه، وإبراهيم في حلمه، ويحيى في زهده، وموسى في بطشه، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب'. [ مناقب سيّدنا عليّ، ص 49. قال فيه: الطبراني، والحاكم، والقزويني، والخطيب، والحاكمي، والملّا، عن أبي الحمراء وابن عباس. وابن مردويه، عن الحارث الأعور. وابن شاهين، والديلمي، عن أبي سعيد الخدري.ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام من تاريخ دمشق "ج 2، ص 280، ح 811"، قال: أخبرنا أبوالقاسم زاهر بن طاهر، قال: قرئ على سعيد بن محمّد البجيري، أنبأنا أبونصر النعمان بن محمّد الجرجاني، أنبأنا أبوجعفر أحمد بن محمّد بن سعيد، أنبأنا محمّد بن مسلم بن وارة، أنبأنا عبيد اللَّه بن موسى العنسي، أنبأنا أبوعمرو الأزدي، عن أبي راشد الحبراني، عن أبي الحمراء، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: 'من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب'.
ورواه المحب الطبري في ذخائر العقبى "ص 93"، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة "ج 9، ص 168".]180. ابن مردويه، حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم، حدّثنا الحسين بن عليّ بن
الحسين السلولي، حدّثنا سويد بن مسعر بن يحيى بن حجاج النهدي، حدّثنا أبي، حدّثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث الأعور، صاحب راية عليّ بن أبي طالب عليه السلام، قال: بلغنا أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان في جمع من أصحابه فقال: 'اُريكم آدم في علمه، ونوحاً في فهمه، وإبراهيم في حكمته؟'، فلم يكن بأسرع من أن طلع عليّ، فقال أبوبكر: يا رسول اللَّه، أقست رجلاً بثلاثة من الرسل؟ بخٍ بخٍ لهذا الرجل، من هو يا رسول اللَّه؟ قال النبيّ صلى الله عليه و آله: 'ألا تعرفه يا أبابكر؟'، قال: اللَّه ورسوله أعلم. قال: 'أبوالحسن عليّ بن أبي طالب'. فقال أبوبكر: بخٍ بخٍ لك يا أباالحسن! وأين مثلك يا أباالحسن. [ المناقب، الخوارزمي، ص 88، ح 79. قال: أخبرني شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي- إجازةً، أخبرنا أبوالفتح عبدوس بن عبد اللَّه بن عبدوس الهمداني- إجازةً-، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمّد بن طاهر الجعفري بأصبهان، عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهاني.
ورواه ابن مردويه على ما رواه الأمْرتْسَري في أرجح المطالب "ص 455"، قال: عن الحارث الأعور، وذكر مثله. وفيه: 'أيّكم' بدل 'اُريكم'، وليس فيه: وأين مثلك يا أباالحسن.]181. ابن مردويه، عن سالم بن أبي الجعد، قال: سُئل عليّ عن ذي القرنين أ نبيٌّ هو؟ فقال: 'سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: هو عبد- وفي لفظ-: رجل ناصَحَ اللَّه فنصحه، وإنّ فيكم لشبهه أو مثله'. [ الجامع الكبير، ج 15، ص 300، ح 5848.
ورواه ابن مردويه كما في أرجح المطالب "ص 42".]182. ابن مردويه، عن أبي الطفيل، أنّ ابن الكواء سأل عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه عن ذي القرنين أ نبيّاً كان أم ملكاً؟ قال: لم يكن نبيّاً ولا ملكاً، ولكن كان عبداً صالحاً، أحبَّ اللَّه فأحبّه، ونصح للَّه فنصحه، بعثه اللَّه إلى قومه فضربوه على قرنه فمات، ثمّ أحياه اللَّه لجهادهم، ثمّ بعثه إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر فمات، فأحياه اللَّه لجهادهم، فلذلك سُمّي ذا القرنين، وإنّ فيكم مثله. [ الجامع الكبير، ج 15، ص 300، ح 5849. قال فيه: ابن أبي الحكم في فتوح مصر، وابن مردويه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.]
جهاده زمن الدعوة
في وقعة بدر
183. ابن مردويه، عن أبي الطفيل، أنّ ابن الكواء سأل عليّاً: من الّذين بدّلوا نعمة اللَّه كفراً؟ [ إشارةً إلى قوله تعالى: 'أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَ أَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ'. "سورة إبراهيم، الآية 28".]قال: هم الفجّار من قريش. كفيتهم يوم بدر. [ كنز العمّال، ج 2، ص 444، ح 4454. قال: عبد الرزاق، والفاريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل.]184. ابن مردويه، عن ابن عباس رضى الله عنه قال: إنّ المشركين من قريش لمّا خرجوا لينصروا العير ويقاتلوا عليها، نزلوا على الماء يوم بدر، فغلبوا المؤمنين عليه، فأصاب المؤمنين الظمأ، فجعلوا يصلّون مجنبين ومحدثين، فألقى الشيطان في قلوب المؤمنين الحزن فقال لهم: أ تزعمون أنّ فيكم النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأنّكم أولياء اللَّه، وقد غُلبتم على الماء، وأنتم تصلّون مجنبين ومحدثين! حتّى تعاظم ذلك في صدور أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأنزل اللَّه من السماء ماءً حتّى سال الوادي، فشرب المؤمنون، وملؤا الأسقية، وسقوا الركاب، واغتسلوا من الجنابة، فجعل اللَّه في ذلك طهوراً وثبّت أقدامهم. وذلك أنّه كانت بينهم وبينالقوم رملة، فبعث اللَّه المطر عليها فلبدها حتّى اشتدت وثبّت عليها الأقدام، ونفر النبيّ صلى الله عليه وسلم بجميع المسلمين وهم يومئذٍ ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً، منهم سبعون ومئتان من الأنصار، وسائرهم من المهاجرين.
وسيّد المشركين يومئذٍ عتبة بن ربيعة- لكبر سنّه-، فقال عتبة: يا معشر قريش، إنّي لكم ناصح، وعليكم مشفق، لا أدخر النصيحة لكم بعد اليوم، وقد بلغتم الّذي تريدون، وقد نجا أبوسفيان فارجعوا، وأنتم سالمون، فإن يكن محمّد صادقاً فأنتم أسعد الناس بصدقه، وإن يك كاذباً فأنتم أحقُ من حقن دمه.
فالتفت إليه أبوجهل فشتمه وفج وجهه وقال له: قد امتلأت أحشاؤك رعباً. فقال له عتبة: سيعلم اليوم من الجبان المفسد لقومه!
فنزل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة حتّى إذا كانوا قرب أسنّة المسلمين قالوا: ابعثوا إلينا عدتنا منكم نقاتلهم، فقام غلمة بني الخزرج، فأجلسهم النبيّ صلى الله عليه وسلم ثمّ قال: 'يا بني هاشم أتبعثون إلى أخويكم- والنبيّ منكم- غلمة بني الخزرج؟' فقام حمزه بن عبدالمطلب وعليّ بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث، فمشوا إليهم في الحديد.
فقال عتبة: تكلّموا نعرفكم، فان تكونوا أكفاءنا نقاتلكم، فقال حمزةرضى الله عنه: أنا أسد اللَّه وأسد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال له عتبة: كفؤ كريم، فوثب إليه شيبة فاختلفا ضربتين فضربه حمزة فقتله. ثمّ قام عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه إلى الوليد بن عتبة، فاختلفا ضربتين فضربه عليّ رضى الله عنه فقتله. ثمّ قام عبيدة فخرج إليه عتبة، فاختلفا ضربتين فجرح كل واحد منهما صاحبه، وكرّ حمزة على عتبة فقتله. فقام النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: 'اللهمّ ربّنا، أنزلت عليّ الكتاب وأمرتني بالقتال ووعدتني النصر ولاتخلف الميعاد'، فأتاه جبريل عليه السلام فأنزل عليه: 'أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَثَةِ ءَالَفٍ مِّنَ الْمَلَل-ِكَةِ مُنزَلِينَ'، [ سورة آل عمران، الآية 124.]فأوحى اللَّه إلى الملائكة
'أَنِّى مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ ءَامَنُواْ سَأُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَْعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ' [ سورة الأنفال، الآية 12.]فقُتل أبوجهل في تسعة وستين رجلاً، وأُسر عقبة ابن أبي معيط، فَقُتِل صبراً فوفى ذلك سبعين، واُسر سبعون. [ الدرّ المنثور، ج 3، ص 171.]185. ابن مردويه، من حديث عمّار ابن اُخت سفيان، عن طريق الحنظلي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ، قال: نادى مناد من السماء يوم بدر يقال له رضوان: لاسيف إلّا ذوالفقار، ولافتى إلّا عليّ بن أبي طالب. [ الموضوعات، ج 1، ص 382.
ورواه الخوارزمي في المناقب "ص 167، ح 200"، قال: وبهذا الإسناد، عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبوعبد اللَّه الحافظ، حدّثنا عبد العزيز بن عبد الملك بن نصر الأموي ببخارى، حدّثنا أبوأيّوب سليمان بن أحمد بن يحيى الثغري بحمص، حدّثنا أبوعمارة محمّد بن أحمد بن يزيد بن المهتدي، حدّثنا عبد الجبار بن عبد اللَّه، حدّثنا سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يوم بدر: 'هذا رضوان، ملك من ملائكة اللَّه ينادي: لاسيف إلّا ذو الفقار، ولافتى إلّا عليّ'.
ورواه ابن عساكر في ترجمة الامام عليّ بن أبي طالب عليه السلام من تاريخ دمشق "ج 1، ص 158، ح 197". قال: أنبأنا أبوالقاسم عليّ بن أحمد بن محمّد بن بيان، وأخبرنا خالي أبوالمكارم سلطان بن يحيى بن عليّ وأبوسليمان داوود بن محمّد عنه، أنبأنا أبوالحسن ابن مخلد، أنبأنا إسماعيل بن محمّد الصفار، أنبأنا الحسن بن عرفة، حدّثني عمّار بن محمّد، عن سعيد بن محمّد الحنظلي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ قال: نادى منادٍ في السماء يوم بدر يقال له رضوان: لاسيف إلّا ذوالفقار، ولافتى إلّا عليّ.]
في وقعة احد
186. ابن مردويه، من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: صاح صائح يوم أُحد من السماء: لاسيف إلّا ذوالفقار، ولافتى إلّا عليّ بن أبي طالب. [ الموضوعات، ج 1، ص 382.ورواه ابن هشام في السيرة النبويّة "ج 2، ص 100"، قال: وحدّثني بعض أهل العلم أنّ ابن أبي نجيح، قال: نادى منادٍ يوم أُحد
لاسيف إلّا ذوالفقار
ولافتى إلّا عليّ
ولافتى إلّا عليّ
ولافتى إلّا عليّ
وقائل يقول:
لاسيف إلّا ذوالفقار
ولافتى إلّا عليّ
ولافتى إلّا عليّ
ولافتى إلّا عليّ
جبريل نادى معلناً
والمسلمون قد أحدقوا
لاسيف إلّا ذوالفقار
ولافتى إلّا عليّ
والنقع ليس بمنجلي
حول النبيّ المرسل
ولافتى إلّا عليّ
ولافتى إلّا عليّ