اُمّ جميل، زوجة الحجّاج بن عتيك الثقفي، فاستراب به جماعة من المسلمين، فرصده أبوبكرة ونافع بن الحارث وشبل بن معبد وزياد بن عبيد، حتى دخل إليها فرفعت الريح الستر فإذا به عليها، فوفد على عمر، فسمع عمر صوت أبي بكرة وبينه وبينه حجاب، فقال: أبوبكرة! قال: نعم. قال: لقد جئت ببشر؟ قال: إنّما جاء به المغيرة.
ثمّ قصّ عليه القصّة.
فبعث عمر أباموسى الأشعري عاملاً مكانه، وأمره أن يُشخص المغيرة، فلمّا قدم عليه جمع بينه وبين الشهود، فشهد الثلاثة، وأقبل زياد، فلمّا رآه عمر قال: أرى وجه رجل لا يخزي اللَّه به رجلاً من أصحاب محمّد، فلمّا دنا قال: ما عندك يا سلح العقاب؟ قال: رأيت أمراً قبيحاً، وسمعت نفَساً عالياً، ورأيت أرجلاً مختلفة، ولم أرَ الذي مثل الميل في المكحلة.
فجلد عمر أبابكرة، ونافعاً، وشبل بن معبد، فقام أبوبكرة وقال: أشهد أنّ المغيرة زانٍ، فأراد عمر أن يجلده ثانية، فقال له: عليَّ إذاً توفّي صاحبك حجارة.
وكان عمر إذا رأى المغيرة قال: يا مغيرة، ما رأيتك قطّ إلّا خشيت أن يرجمني اللَّه بالحجارة.
[ تاريخ اليعقوبي: 146:2؛ تاريخ دمشق: 35:60 تا 39 نحوه، تاريخ الطبري: 69:4 تا 72، الأغاني: 103/16 تا 110 وفيه عن الشعبي 'كانت اُمّ جميل بنت عمر- التي رُمي بها المغيرة بن شعبة- بالكوفة تختلف إلى المغيرة في حوائجها، فيقضيها لها، قال: ووافقت عمر بالموسم والمغيرة هناك، فقال له عمر: أ تعرف هذه؟ قال: نعم، هذه اُمّ كلثوم بنت عليّ. فقال له عمر: أ تتجاهل عليَّ؟ ! واللَّه ما أظنّ أبا بكرة كذب عليك، وما رأيتك إلّا خفت أن اُرمى بحجارة من السماء'.]
6496- الاستيعاب: بعث عمر بن الخطّاب زياداً في إصلاح فسادٍ وقع باليمن،
فرجع من وجهه وخطب خطبة لم يسمع الناسُ مثلَها، فقال عمرو بن العاص: أما واللَّه لو كان هذا الغلام قرشيّاً لساق العرب بعصاه.
فقال أبوسفيان بن حرب: واللَّه إنّي لأعرف الذي وضعه في رحم اُمّه.
فقال له عليّ بن أبي طالب: ومن هو يا أباسفيان؟
قال: أنا.
قال: مهلاً يا أباسفيان.
فقال أبوسفيان:
أما واللَّه لولا خوفُ شخص
لأظهرَ أمرَه صخرُ بن حربٍ
وقد طالت مجاملتي ثقيفاً
وتركي فيهم ثمرَ الفؤاد
يراني يا عليُّ من الأعادي
ولم تكُن المقالة عن زياد
وتركي فيهم ثمرَ الفؤاد
وتركي فيهم ثمرَ الفؤاد
6497- تاريخ دمشق عن الشعبي: أقام عليّ عليه السلام بعد وقعة الجمل بالبصرة خمسين ليلة، ثمّ أقبل إلى الكوفة واستخلف عبد اللَّه بن عبّاس على البصرة، قال: فلم يزل ابن عبّاس على البصرة حتى سار إلى صفّين. ثمّ استخلف أباالأسود الديلي على الصلاة بالبصرة، واستخلف زياداً على الخراج وبيت المال والديوان، وقد كان استكتبه قبل ذلك، فلم يزالا على البصرة حتى قدم من صفّين.
[ تاريخ دمشق: 170:19.]
6498- شرح نهج البلاغة: فأمّا أوّل ما ارتفع به زياد فهو استخلاف ابن عبّاس له على البصرة في خلافة عليّ عليه السلام، وبلغت عليّاً عنه هنات، فكتب إليه يلومه ويؤنّبه؛ فمنها الكتاب الذي ذكر الرضي بعضه وقد شرحنا فيما تقدّم ما ذكر
الرضي منه.
وكان عليّ عليه السلام أخرج إليه سعداً مولاه يحّثه على حمل مال البصرة إلى الكوفة، وكان بين سعد وزياد مُلاحاة ومنازعة، وعاد سعد وشكاه إلى عليّ عليه السلام وعابه، فكتب عليّ عليه السلام إليه:
أمّا بعد، فإنّ سعداً ذكر أنّك شتمته ظُلماً، وهدّدته وجبهته تجبّراً وتكبّراً، فما دعاك إلى التكبّر وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم: 'الكبر رداء اللَّه، فمن نازع اللَّه رداءه قصمه'.
وقد أخبرني أنّك تُكثّر من الألوان المختلفة في الطعام في اليوم الواحد، وتدّهن كلّ يوم، فما عليك لو صمت للَّه أيّاماً، وتصدّقت ببعض ما عندك محتسباً، وأكلت طعامك مراراً قفاراً، فإنّ ذلك شعار الصالحين! أفتطمع وأنت متمرّغ في النعيم؟! تستأثر به على الجار والمسكين والضعيف والفقير والأرملة واليتيم، أن يُحسب لك أجر المتصدّقين!
وأخبرني أنّك تتكلّم بكلام الأبرار، وتعمل عمل الخاطئين، فإن كنت تفعل ذلك فنفسك ظلمت، وعملك أحبطت، فتب إلى ربّك يصلح لك عملك، واقتصد في أمرك، وقدّم إلى ربّك الفضل ليوم حاجتك، وادّهن غبّاً،
[ الغبّ: الإتيان في اليومين، وقال الحسن: في كلّ اُسبوع "لسان العرب: 635:1 و 636".]
فإنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم يقول: 'ادّهنوا غبّاً ولا تدّهنوا رفهاً'.
[ الرَّفْه: كثرة التَّدَهُّن والتَّنَعُّم "النهاية: 247:2".]
[ شرح نهج البلاغة: 196:16؛ نثر الدرّ: 321:1 نحوه.]
6499- تاريخ اليعقوبي: وجّه |عليّ عليه السلام| رجلاً من أصحابه إلى بعض عمّاله
مستحثّاً، فاستخفّ به فكتب إليه: أمّا بعد،فإنّك شتمت رسولي وزجرته، وبلغني أنّك تبخّر وتكثر الأدهان وألوان الطعام، وتتكلّم على المنبر بكلام الصدّيقين، وتفعل إذا نزلت أفعال المحلّين، فإن يكن ذلك كذلك فنفسك ضررت وأدبي تعرّضت.
ويحك أن تقول العظمة والكبرياء ردائي، فمن نازعنيهما سخطت عليه! بل ما عليك أن تدّهن رفيهاً، فقد أمر رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم بذلك؟! وما حملك أن تشهد الناس عليك بخلاف ما تقول، ثمّ على المنبر حيث يكثر عليك الشاهد، ويعظم مقت اللَّه لك، بل كيف ترجو وأنت متهوّع في النعيم جمعته من الأرملة واليتيم، أن يوجب اللَّه لك أجر الصالحين؟! بل ما عليك، ثكلتك اُمّك، لو صمت للَّه أيّاماً، وتصدّقت بطائفة من طعامك، فإنّها سيرة الأنبياء وأدب الصالحين، أصلح نفسك وتب من ذنبك وأدِّ حقّ اللَّه عليك، والسلام.
[ تاريخ اليعقوبي: 202:2.]
6500- تاريخ الطبري عن الشعبي: لمّا انتقض أهل الجبال وطمع أهل الخراج في كسره، وأخرجوا سهل بن حنيف من فارس- وكان عاملاً عليها لعليّ عليه السلام- قال ابن عبّاس لعليّ: أكفيك فارس.
فقدم ابن عبّاس البصرة، ووجّه زياداً إلى فارس في جمع كثير، فوطئ بهم أهل فارس، فأدّوا الخراج.
[ تاريخ الطبري: 137:5، البداية والنهاية: 318:7 نحوه.]
6501- تاريخ الطبري عن عليّ بن كثير: إنّ عليّاً استشار الناس في رجل يولّيه فارس حين امتنعوا من أداء الخراج، فقال له جارية بن قدامة: ألا أدلّك يا
أميرالمؤمنين على رجل صليب الرأي، عالم بالسياسة، كافٍ لما ولي؟
قال: من هو؟
قال: زياد.
قال: هو لها.
فولّاه فارس وكرمان، ووجّهه في أربعة آلاف، فدوّخ تلك البلاد حتى استقاموا.
[ تاريخ الطبري: 137:5، الكامل في التاريخ: 429:2، البداية والنهاية: 321:7 كلاهما نحوه.]
6502- شرح نهج البلاغة عن عليّ بن محمّد المدائني: لمّا كان زمن عليّ عليه السلام ولّى زياداً فارس أو بعض أعمال فارس، فضبطها ضبطاً صالحاً، وجبى خراجها وحماها، وعرف ذلك معاوية، فكتب إليه: أمّا بعد، فإنّه غرّتك فلاع تأوي إليها ليلاً، كما تأوي الطير إلى وكرها، وايم اللَّه، لولا انتظاري بك ما اللَّه أعلم به لكان لك منّي ما قاله العبد الصالح: 'فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَ لَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَ هُمْ صَغِرُونَ'.
[ النمل: 37.]
وكتب في أسفل الكتاب شعراً من جملته:
تنسى أباك وقد شالت نعامته
إذ يخطب الناس والوالي لهم عمر
إذ يخطب الناس والوالي لهم عمر
إذ يخطب الناس والوالي لهم عمر
فلمّا ورد الكتاب على زياد قام فخطب الناس، وقال: العجب من ابن آكلة الأكباد، ورأس النفاق! يهدّدني وبيني وبينه ابن عمّ رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم وزوج سيّدة نساء العالمين، وأبوالسبطين، وصاحب الولاية والمنزلة والإخاء في مائة ألف من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان! أما واللَّه لو تخطّى هؤلاء
أجمعين إليّ لوجدني أحمر مخشّاً ضرّاباً بالسيف.
ثمّ كتب إلى عليّ عليه السلام، وبعث بكتاب معاوية في كتابه.
فكتب إليه عليّ عليه السلام، وبعث بكتابه:
أمّا بعد، فإنّي قد ولّيتك ما ولّيتك وأنا أراك لذلك أهلاً، وإنّه قد كانت من أبي سفيان فلتة في أيّام عمر من أمانيّ التيه وكذب النفس، لم تستوجب بها ميراثاً، ولم تستحقّ بها نسباً، وإنّ معاوية كالشيطان الرجيم يأتي المرء من بين يديه وعن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فاحذره، ثمّ احذره، ثمّ احذره، والسلام.
[ شرح نهج البلاغة: 181:16، اُسد الغابة: 1800:337:2، تاريخ دمشق: 175:19 و 176 كلاهما نحوه وراجع الاستيعاب: 829:101:2.]
6503- أنساب الأشراف: كتب معاوية إلى زياد يتوعّده ويتهدّده، فخطب الناس فقال: أيّها الناس، كتب إليّ ابن آكلة الأكباد، وكهف النفاق، وبقيّة الأحزاب، يتوعّدني، وبيني وبينه ابن عمّ رسول اللَّه في سبعين ألفاً، قبائع سيوفهم عند أذقانهم، لا يلتفت أحد منهم حتى يموت، أما واللَّه لئن وصل هذا الأمر إليه ليجدنّي ضرّاباً بالسيف.
[ أنساب الأشراف: 199:5، تاريخ الطبري: 170:5 نحوه؛ وقعة صفّين: 366 وراجع المعارف لابن قتيبة: 346 والغارات: 647:2.]
6504- اُسد الغابة: لمّا ولي زياد بلاد فارس لعليّ، كتب إليه معاوية يعرض له بذلك ويتهدّده إن لم يطعه، فأرسل زياد الكتاب إلى عليّ، وخطب الناس وقال: عجبت لابن آكلة الأكباد، يتهدّدني، وبيني وبينه ابن عمّ رسول اللَّه في المهاجرين والأنصار.
فلمّا وقف على كتابه عليّ عليه السلام كتب إليه: إنّما ولّيتك ما ولّيتك وأنت عندي أهل لذلك، ولن تدرك ما تريد إلّا بالصبر واليقين، وإنّما كانت من أبي سفيان فلتة زمن عمر لا تستحقّ بها نسباً ولا ميراثاً، وإنّ معاوية يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه، فاحذره، والسلام.
[ اُسد الغابة: 1800/337/2 وراجع تاريخ دمشق: 175/19 و 176 والاستيعاب: 829/101/2.]
6505- نهج البلاغة : من كتابٍ له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أنّ معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه: وقد عرفت أنّ معاوية كتب إليك يستزلّ لبّك، ويستفلّ غربك،
[ الغَرْب: الحِدّة والشوكة "النهاية: 351:3".]
فاحذره فإنّما هو الشيطان، يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وعن شماله، ليقتحم غفلته، ويستلب غرّته.
وقد كان من أبي سفيان في زمن عمر بن الخطّاب فلتة من حديث النفس، ونزغة من نزغات الشيطان: لا يثبت بها نسب، ولا يستحقّ بها إرث، والمتعلّق بها كالواغل المدفّع،
[ الواغِل المدفّع: الذى يَهجم على الشراب لِيَشربَ مَعهم وليس منهم، فلا يَزال مُدَفّعاً بَينَهم "النهاية: 209:5".]
والنوط المذبذب.
[ النَّوْطِ المُذَبذَب: أراد ما يُناط برَحل الراكب من قَعبٍ أو غيره، فهو أبداً يتحرك "النهاية: 128:5".]
فلمّا قرأ زياد الكتاب قال: شهد بها وربّ الكعبة، ولم تزل في نفسه حتى ادّعاه معاوية.
[ نهج البلاغة: الكتاب 44.]
6506- تاريخ الخلفاء: وفي سنة ثلاث وأربعين... استلحق
[ في المصدر: 'استخلف'، والصحيح ما أثبتناه.]
معاوية زياد بن
أبيه، وهي أوّل قضيّة غيّر فيها حكم النبيّ عليه الصلاة والسلام في الإسلام.
[ تاريخ الخلفاء: 235.]
6507- تاريخ دمشق عن سعيد بن المسيّب: أوّل من ردّ قضاء رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم، دعوة معاوية.
[ تاريخ دمشق: 179:19.]
6508- تاريخ دمشق عن ابن أبي نجيع: أوّل حكم رُدّ من حكم رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم الحكم في زياد.
[ تاريخ دمشق: 179:19.]
6509- تاريخ دمشق عن عمرو بن نعجة: أوّل ذلّ دخل على العرب قتل الحسين وادّعاء زياد.
[ تاريخ دمشق: 179:19.]
6510- مروج الذهب: لمّا همّ معاوية بإلحاق زياد بأبي سفيان أبيه- وذلك في سنة أربع وأربعين- شهد عنده زياد بن أسماء الحرمازي ومالك بن ربيعة السلولي والمنذر بن الزبير بن العوّام: أنّ أباسفيان أخبر أنّه ابنه... ثمّ زاده يقيناً إلى ذلك شهادة أبي مريم السلولي، وكان أخبر الناس ببدء الأمر، وذلك أنّه جمع بين أبي سفيان وسميّة اُمّ زياد في الجاهليّة على زنى.
وكانت سميّة من ذوات الرايات بالطائف تؤدّي الضريبة إلى الحارث بن كلدة، وكانت تنزل بالموضع الذي تنزل فيه البغايا بالطائف خارجاً عن الحضر في محلّة يقال لها: حارة البغايا.
[ مروج الذهب: 14:3.]
6511- تاريخ اليعقوبي: كان زياد بن عبيد عامل عليّ بن أبي طالب على
فارس، فلمّا صار الأمر إلى معاوية كتب إليه يتوعّده ويتهدّده، فقام زياد خطيباً، فقال: إنّ ابن آكلة الأكباد، وكهف النفاق، وبقيّة الأحزاب، كتب يتوعّدني ويتهدّدني، وبيني وبينه ابنا بنت رسول اللَّه في تسعين ألفاً، واضعي قبائع سيوفهم تحت أذقانهم، لا يلتفت أحدهم حتى يموت، أما واللَّه لئن وصل إليّ ليجدنّي أحمز، ضرّاباً بالسيف.
فوجّه معاوية إليه المغيرة بن شعبة، فأقدمه ثمّ ادّعاه، وألحقه بأبي سفيان، وولّاه البصرة، وأحضر زياد شهوداً أربعة، فشهد أحدهم أنّ عليّ بن أبي طالب أعلمه أنّهم كانوا جلوساً عند عمر بن الخطّاب حين أتاه زياد برسالة أبي موسى الأشعري، فتكلّم زياد بكلام أعجبه، فقال: أكنت قائلاً للناس هذا على المنبر؟ قال: هم أهون عليَّ منك يا أمير المؤمنين، فقال أبوسفيان: واللَّه لهو ابني، ولأنا وضعته في رحم اُمّه. قلت: فما يمنعك من ادّعائه؟ قال: مخافة هذا العير
[ العير: الحمار الوحشي "النهاية: 328:3".]
الناهق.
وتقدّم آخر فشهد على هذه الشهادة. قال زياد الهمداني: لمّا سأله زياد كيف قولك في عليّ؟ قال: مثل قولك حين ولّاك فارس، وشهد لك أنّك ابن أبي سفيان.
وتقدّم أبومريم السلولي فقال: ماأدري ما شهادة عليّ، ولكنّي كنت خمّاراً بالطائف، فمرّ بي أبوسفيان منصرفاً من سفر له، فطعم وشرب، ثمّ قال: يا أبامريم طالت الغربة، فهل من بغيّ؟ فقلت: ما أجد لك إلّا أمة بني عجلان. قال:
فأتني بها على ما كان من طول ثدييها ونتن رفغها،
[ الرفغ بالضم والفتح: واحد الأرفاغ، وهي اصول المغابن كالآباط والحوالب، وغيرها من مطاوي الأعضاء، وما يجتمع فيه من الوسخ والعرق "النهاية: 244:2".]
فأتيته بها، فوقع عليها، ثمّ رجع إليّ فقال لي: يا أبامريم، لاستلّت ماء ظهري استلالاً تثيب ابن الحبل في عينها.
فقال له زياد: إنّما أتينا بك شاهداً، ولم نأت بك شاتماً. قال: أقول الحقّ على ما كان، فأنفذ معاوية...
[ بياض في المصدر.]
قال: ما قد بلغكم وشهد بما سمعتم، فإن كان ما قالوا حقّاً، فالحمد للَّه الذي حفظ منّي ما ضيّع الناس، ورفع منّي ما وضعوا، وإن كان باطلاً، فمعاوية والشهود أعلم، وما كان عبيد إلّا والداً مبروراً مشكوراً.
[ تاريخ اليعقوبي: 218:2 وراجع الفخري: 109 وأنساب الأشراف: 199:5 تا 203.]
6512- تاريخ دمشق عن هشام بن محمّد عن أبيه: كان سعيد بن سرح مولى حبيب بن عبد شمس شيعة لعليّ بن أبي طالب، فلمّا قدم زياد الكوفة والياً عليها أخافه، وطلبه زياد، فأتى الحسن بن عليّ، فوثب زياد على أخيه وولده وامرأته فحبسهم، وأخذ ماله، وهدم داره.
فكتب الحسن إلى زياد: من الحسن بن عليّ إلى زياد، أمّا بعد، فإنّك عمدت إلى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، فهدّمت داره، وأخذت ماله وعياله فحبستهم، فإذا أتاك كتابي هذا فابنِ له داره، واردد عليه عياله وماله، فإنّي قد أجرته، فشفّعني فيه.
فكتب إليه زياد: من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة، أمّا بعد، فقد أتاني كتابك تبدأفيه بنفسك قبلي، وأنت طالب حاجة، وأنا سلطان وأنت سوقة،