مالك بن حبيب - موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ جلد 12

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ - جلد 12

محمد محمدی ری شهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الكوفة طول الحرب،

[ تاريخ الطبري: 11:5، الكامل في التاريخ: 371:2، البداية والنهاية: 261:7.]

وأحياناً كان يقود أقساماً اُخرى من الجيش.

[ وقعة صفّين: 475؛ تاريخ الطبري: 47:5، الكامل في التاريخ: 385:2.]


وفي معارك ذي الحجّة الاُولى كانت المسؤوليّة الأصليّة والدور الأساس للقتال على عاتقه.

[ تاريخ الطبري: 574:4، الكامل في التاريخ: 366:2، البداية والنهاية: 260:7.]

وفي المرحلة الثانية- شهر صفر- كان يقود القتال أيضاً يومين في كلّ ثمانية أيّام.

[ تاريخ الطبري: 12:5 و 13، مروج الذهب: 387:2 تا 389، الكامل في التاريخ: 371:2 و 372؛ وقعة صفّين: 214.]


وكان له مظهر عجيب في المنازلات الفرديّة للقتال، وفي حلّ عُقَد الحرب، وعلاج مشاكل الجيش، والنهوض بعب ء الحرب، والسير بها قُدماً بأمر الإمام عليه السلام. بَيد أنّ مظهره الباهر الخالد قد تجلّى في الأيّام الأخيرة منها، بخاصّة 'يوم الخميس' و 'ليلة الهَرير'.

وكان يوم الخميس وليلة الجمعة 'ليلة الهرير' مسرحاً لعرض عجيب تجلّت فيه شجاعته، وشهامته، واستبساله، وقتاله بلا هوادة، إذ خلخل نظم الجيش الشامي، وتقدّم صباح الجمعة حتى أشرف على خيمة القيادة.

[ وقعة صفّين: 475؛ تاريخ الطبري: 47:5، الكامل في التاريخ: 385:2.]


وصار هلاك العدوّ أمراً محتوماً، وبينا كان الظلم يلفظ أنفاسه الأخيرة، والنصر يلتمع في عيون مالك، تآمر عمرو بن العاص ونشر فخّ مكيدته، فأسرعت جموع من جيش الإمام- وهم الذين سيشكّلون تيّار الخوارج- ومعهم الأشعث إلى مؤازرته، فازداد الطين بلّةً بحماقتهم. وهكذا جعلوا الإمام عليه السلام

في وضعٍ حَرِج ليقبل الصلح، ويُرجعَ مالكاً عن موقعه المتقدّم في ميدان الحرب. وكان طبيعيّاً في تلك اللّحظة المصيريّة الحاسمة العجيبة أن يرفض مالك، ويرفض معه الإمام عليه السلام أيضاً، لكن لمّا بلغه أنّ حياة الإمام في خطر، عاد بروح ملؤها الحزن والألم، فأغمد سيفه، ونجا معاوية الذي أوشك أن يطلب الأمان من موت محقَّق، وخرج من مأزق ضاق به!!

[ وقعة صفّين: 489 و 490؛ تاريخ الطبري: 48:5 تا 50، الكامل في التاريخ: 386:2، الفتوح: 185:3 تا 188.]


وشاجر مالك الخوارجَ والأشعثَ، وكلّمهم في حقيقة ما حصل، وأنبأهم، بما يملك من بصيرة وبُعد نظر، أنّ جذر تقدّسهم يكمن في تملّصهم من المسؤوليّة، وشغفهم بالدنيا.

[ وقعة صفّين: 491؛ تاريخ الطبري: 50:5، الكامل في التاريخ: 387:2.]


وحين اقترح الإمام عليه السلام عبدَ اللَّه بن عبّاس للتحكيم ورفَضه الخوارج والأشعث، اقترح مالكاً، فرفضوه أيضاً مصرِّين على يمانيّة الحَكَم، في حين كان مالك يمانيّ المحتد، وهذا من عجائب الاُمور!

[ وقعة صفّين: 499 تا 504؛ مروج الذهب: 402:2، تاريخ الطبري: 51:5 و 52، الكامل في التاريخ: 387:2، الفتوح: 197:4 و 198.]


وعاد مالك بعد صفّين إلى مهمّته.

[ تاريخ الطبري: 95:5، الكامل في التاريخ: 410:2؛ الغارات: 257:1.]

ولمّا اضطربت مصر على محمّد بن أبي بكر وصعب عليه أمرها وتمرّد أهلها، انتدب الإمام عليه السلام مالكاً وولّاه عليها.

[ الأمالي للمفيد: 4:79، الغارات: 257:1 تا 259؛ أنساب الأشراف: 167:3 و 168، تاريخ الطبري: 95:5.]

وكان قد خَبَر كفاءته، ورفعته، واستماتته، ودأبه، ووعيه، وخبرته في العمل،

فكتب إلى أهل مصر كتاباً يعرّفهم به، قال فيه:

'... بعثتُ إليكم عبداً من عباد اللَّه، لا ينام أيّام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الرَّوع، أشدَّ على الفجّار من حريق النار، وهو مالك بن الحارث أخو مَذْحِج، فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحقّ؛ فإنّه سيف من سيوف اللَّه، لا كَلِيل الظُّبَة

[ كلَّ السَّيفُ، فهو كَلِيل: إذا لم يَقْطَع. وظُبَةُ السَّيفِ: طَرَفُه "النهاية: 198:4 و ج 155:3".]

ولا نابِي

[ يقال: نَبا حدُّ السَّيف: إذا لم يَقْطَع "النهاية: 11:5".]

الضَّرِيبة؛ فإن أمَركم أن تنفروا فانفروا، وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا؛ فإنّه لا يُقْدِم ولا يُحْجِم ولا يؤخِّر ولا يقدِّم إلّا عن أمري، وقد آثرتُكم به على نفسي لنصيحته لكم، وشدّة شكيمته على عدوّكم'.

[ نهج البلاغة: الكتاب 38، الأمالي للمفيد: 4:81، الغارات: 260:1 و ص 266، الاختصاص: 80؛ تاريخ الطبري: 96:5، تاريخ دمشق: 390:56.]


وكانت تعليماته عليه السلام الحكوميّة- المشهورة ب 'عهد مالك الأشتر'- أعظم وأرفع وثيقة للحكومة وإقامة القسط، وهي خالدة على مرّ التاريخ.

[ نهج البلاغة: الكتاب 53، تحف العقول: 126 وراجع: القسم السابع/استشهاد مالك الأشتر/واجبات مالك في حكومة مصر.]


وكان معاوية قد عقد الأمل على مصر، وحين شعر أنّ جميع خططه ستخيب بذهاب مالك إليها، قضى عليه قبل وصوله إليها. وهكذا استُشهد ليث الوغى، والمقاتل الفذّ، والناصر الفريد لمولاه، بطريقة غادرة بعدما تناول من العسل المسموم بسمّ فتّاك، وعرجت روحه المشرقة الطاهرة إلى الملكوت الأعلى.

[ أنساب الأشراف: 168:3، تاريخ الطبري: 95:5 تا 96، مروج الذهب: 420:2، الكامل في التاريخ: 410:2؛ الأمالي للمفيد: 4:82، الغارات: 263:1، الاختصاص: 81، تاريخ اليعقوبي: 194:2.]


وحزن الإمام عليه السلام لمقتله، حتى عَدّ موته من مصائب الدهر.

[ الأمالي للمفيد: 4:83، الغارات: 264:1.]

وأبّنه فكان تأبينه إيّاه فريداً؛ كما أنّ وجود مالك كان فريداً له في حياته عليه السلام.

[ نهج البلاغة: الحكمة 443، الأمالي للمفيد: 4:83، رجال الكشّي: 118:283:1، الغارات: 265:1؛ الكامل في التاريخ: 410:2، تاريخ الإسلام للذهبي: 594:3، ربيع الأبرار: 216:1.]


ولمّا نُعي إليه مالك وبلغه خبر استشهاده المؤلم، صعد المنبر وقال:

'ألا إنّ مالك بن الحارث قد قضى نحبه، وأوفى بعهده، ولقي ربّه، فرحم اللَّه مالكاً! لو كان جبلاً لكان فِنْداً،

[ الفِنْد من الجبل: أنفه الخارج منه. وقيل: هو المُنفَرد من الجبال "النهاية: 475:3".]

ولو كان حَجَراً لكان صَلْداً. لِلّه مالك! وما مالك! وهل قامت النساء عن مِثل مالك! وهل موجودٌ كمالِك!'.

[ الاختصاص: 81، الأمالي للمفيد: 4:83، الغارات: 265:1 كلاهما نحوه.]


ومعاوية الذي كان فريداً أيضاً في خبث طويّته ورذالته وضَعَته وقتله للفضيلة، طار فرحاً باستشهاد مالك، ولم يستطع أن يخفي سروره، فقال من فرط فرحه:

كان لعليّ بن أبي طالب يدان يمينان، فقُطعت إحداهما يوم صفّين- يعني عمّار بن ياسر- وقُطعت الاُخرى اليوم، وهو مالك الأشتر.

[ الغارات: 264:1، الاختصاص: 81؛ تاريخ الطبري: 96:5، الكامل في التاريخ: 410:2.]


وكلّما كان يذكره الإمام عليه السلام، يثقل عليه الغمّ والحزن، ويتحسّر على فقده. وحين ضاق ذرعاً من التحرّكات الجائرة لأهل الشام، وتألّم لعدم سماع جُنده كلامه، وتأوّه على قعودهم وخذلانهم له في اجتثاث جذور الفتنة، قال رجل:

استبانَ فقدُ الأشتر على أهل العراقِ. لو كان حيّاً لقلّ اللغط، ولعلم كلّ امرئٍ

ما يقول.

[ الأمالي للطوسي: 293:174، الغارات:481:2.]


نطق هذا الرجل حقّاً، فلم يكن أحد في جيش الإمام عليه السلام مثل مالك.

6683- تنبيه الخواطر: حكي أنّ مالكاً الأشتر كان مجتازاً بسوق الكوفة وعليه قميص خام وعمامة منه، فرآه بعض السُّوْقة

[ السُّوْقة من الناس: الرَّعِيَّة "النهاية: 424:2".]

فازدرى

[ الازْدِراء: الاحتِقار والانتِقاص والعيب "النهاية: 302:2".]

بزيّه؛ فرماه ببندقة تهاوناً به، فمضى ولم يلتفت، فقيل له: ويلك! أ تدري بمن رميت؟ فقال: لا، فقيل له: هذا مالك صاحب أميرالمؤمنين عليه السلام، فارتعد الرجل ومضى إليه ليعتذر منه، فرآه وقد دخل مسجداً وهو قائم يصلّي، فلمّا انفتل أكبّ الرجل على قدميه يقبّلهما، فقال: ما هذا الأمر؟! فقال: أعتذر إليك ممّا صنعت، فقال: لا بأس عليك، فواللَّه ما دخلت المسجد إلّا لأستغفرنّ لك.

[ تنبيه الخواطر: 2:1.]


6684- المناقب للخوارزمي عن أبي هاني بن معمر السدوسي- في ذكر غلبة جند معاوية على الماء في حرب صفّين-: كنت حينئذٍ مع الأشتر وقد تبيّن فيه العطش، فقلت لرجل من بني عمّي: إنّ الأمير عطشان، فقال الرجل: كلّ هؤلاء عِطاش، وعندي إداوة

[ الإداوَة: إناءٌ صغير من جلْد يُتَّخذ للماء كالسَّطيحة ونحوها "النهاية: 33:1".]

ماء أمنعه لنفسي، ولكنّي اُوثره على نفسي، فتقدّم إلى الأشتر فعرض عليه الماء، فقال: لا أشرب حتى يشرب الناس.

[ المناقب للخوارزمي: 240:215.]


6685- تاريخ دمشق عن أبي حذيفة إسحاق بن بشر- في ذكر وقعة اليرموك-:

ومضى خالد يطلب عظْمَ

[ عُظْمُ الأمرِ وعَظْمُه: مُعْظَمُه "لسان العرب: 410:12".]

الناس حتى أدركهم بثنية العقاب،

[ ثنيّة العُقاب: وهي ثنيّة مشرفة على غُوطة دمشق، يطؤها القاصد من دمشق إلى حِمص "معجم البلدان: 85:2".]

وهي تهبط الهابط المُغَرِّب منها إلى غوطة دمشق يدرك عظْم الناس حتى أدركهم بغوطة دمشق، فلمّا انتهوا إلى تلك الجماعة من الروم، وأقبلوا يرمونهم بالحجارة من فوقهم، فتقدّم إليهم الأشتر وهو في رجال من المسلمين، فإذا أمامهم رجل من الروم جسيم عظيم، فمضى إليه حتى وقف عليه، فاستوى هو والرومي على صخرة مستوية، فاضطربا بسيفيهما، فأطرّ الأشتر كفّ الرومي، وضرب الرومي الأشتر بسيفه فلم يضرّه، واعتنق كلّ واحد منهما صاحبه، فوقعا على الصخرة، ثمّ انحدرا، وأخذ الأشتر يقول- وهو في ذلك ملازم العلج لا يتركه-: 'قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ الْعَلَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ و وَبِذَ لِكَ اُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ'.

[ الأنعام: 162 و 163.]


قال: فلم يزل يقول ذلك حتى انتهى إلى مستوى الخيل وقرار، فلمّا استقرّ وثب على الرومي فقتله، وصاح في الناس: أنْ جُوزوا.

قال: فلمّا رأت الروم أنّ صاحبهم قد قُتل، خلّوا الثنية وانهزموا.

قالوا: وكان الأشتر الأحسن في اليرموك، قالوا: لقد قتل ثلاثة عشر.

[ تاريخ دمشق: 379:56.]


6686- وقعة صفّين عن سنان بن مالك- في مواجهة مقدّمة الجيش قبل حرب صفّين-: قلت له |لأبي الأعور|: إنّ الأشتر يدعوك إلى مبارزته، فسكت عنّي

طويلاً ثمّ قال: إنّ خفّة الأشتر وسوء رأيه هو الذي دعاه إلى إجلاء عمّال عثمان من العراق، وافتراءه عليه يقبّح محاسنه، ويجهل حقّه، ويُظهر عداوته.

ومن خفّة الأشتر وسوء رأيه أنّه سار إلى عثمان في داره وقراره، فقتله فيمن قتله، فأصبح مبتغىً بدمه؛ لا حاجة لي في مبارزته.

قال: قلت له: قد تكلّمت فاستمع منّي حتى اُخبرك، قال: فقال: لا حاجة لي في جوابك، ولا الاستماع منك، اذهب عنّي، وصاح بي أصحابه، فانصرفت عنه.

[ وقعة صفّين: 155.]


6687- شرح نهج البلاغة- في وصف الأشتر-: كان شديد البأس، جواداً رئيساً حليماً فصيحاً شاعراً، وكان يجمع بين اللين والعنف، فيسطو في موضع السطوة، ويرفق في موضع الرِّفق.

[ شرح نهج البلاغة: 101:15.]


6688- سير أعلام النبلاء: ملك العرب، مالك بن الحارث النخعي، أحد الأشراف والأبطال المذكورين. حدَّث عن عمر، وخالد بن الوليد، وفُقِئت عينه يوم اليرموك. وكان شهماً مُطاعاً زَعِراً،

[ من الزَّعارَّة- بتشديد الراء، وتخفّف-: الشَّراسَة "تاج العروس: 463:6".]

ألّب على عثمان وقاتله، وكان ذا فصاحة وبلاغة.

شهد صفّين مع عليّ عليه السلام، وتميّز يومئذٍ، وكاد أن يهزم معاوية، فحمل عليه أصحاب عليّ لمّا رأوا مصاحف جند الشام على الأسنّة يدعون إلى كتاب اللَّه، وما أمكنه مخالفة عليّ، فكفّ.

[ سير أعلام النبلاء: 6:34:4 وراجع تاريخ الطبري: 48:5.]


6689- شرح نهج البلاغة: قد روى المحدّثون حديثاً يدلّ على فضيلة عظيمة للأشتر رحمه الله، وهي شهادة قاطعة من النبيّ صلى الله عليه و سلم بأنّه مؤمن، روى هذا الحديث أبوعمر بن عبدالبرّ في كتاب الاستيعاب في حرف الجيم، في باب 'جُندب'، قال أبوعمر:

لمّا حضرت أباذرّ الوفاة وهو بالرَّبذة بكت زوجته اُمّ ذرّ، فقال لها: ما يُبكيك؟

فقالت: ما لي لا أبكي وأنت تموت بفَلاةٍ من الأرض، وليس عندي ثوب يسعك كفناً، ولابدّ لي من القيام بجهازك؟!

فقال: أبشري ولا تبكي، فإنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم يقول: 'لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة، فيصبران ويحتسبان فيريان النار أبداً'؛ وقد مات لنا ثلاثة من الولد.

وسمعتُ أيضاً رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم يقول لنفر أنا فيهم: 'لَيموتنّ أحدكم بفلاةٍ من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين'، وليس من اُولئك النفر أحد إلّا وقد مات في قرية وجماعة. فأنا- لا أشكّ- ذلك الرجل، واللَّه ما كَذبت ولا كُذِّبت، فانظري الطريق.

قالت اُمّ ذرّ: فقلت: أنّي وقد ذهب الحاجّ وتقطّعت الطُّرق؟ !

فقال: اذهبي فتبصّري.

قالت: فكنت أشتدّ إلى الكثيب، فأصعد فأنظر، ثمّ أرجع إليه فاُمرِّضه، فبينا أنا وهو على هذه الحال إذ أنا برجال على ركابهم، كأنّهم الرَّخم،

[ الرَّخَم: نوعٌ من الطَّير معروفٌ، واحدتُه رَخمة "النهاية، 212:2".]

تَخُبّ بهم

رواحلهم، فأسرعوا إليَّ حتى وقفوا عليَّ، وقالوا: يا أمةَ اللَّه، ما لك؟

فقلت: امرُؤ من المسلمين يموت، تكفّنونه؟

قالوا: ومن هو؟ قلت: أبوذرّ. قالوا: صاحب رسول اللَّه عليه السلام؟

قلت: نعم، ففدّوه بآبائهم واُمّهاتهم، وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه، فقال لهم: أبشروا فإنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم يقول لنفر أنا فيهم: 'ليموتنّ رجل منكم بفَلاةٍ من الأرض تشهده عِصابة من المؤمنين'، وليس من اُولئك النفر إلّا وقد هلك في قرية وجماعة، واللَّه ما كَذبت ولا كذِّبت، ولو كان عندي ثوب يسعني كفناً لي أو لامرأتي لم اُكفَّن إلّا في ثوب لي أو لها؛ وإنّي أنشدكم اللَّه ألّا يكفّنني رجل منكم كان أميراً أو عَريفاً

[ عَرِيف وهو القَيّم باُمور القبيلة أو الجَماعة من الناسِ يَلِي اُمورَهُم ويتعرّف الأمير منه أحوالهم "النهاية: 218:3".]

أو بريداً أونقيباً!

[ النَقِيب: هو كالعَريف على القوم المُقَدَّم عليهم، الذي يَتعرَّف أخبارهم، وينقِّب عن أحوالهم: أي يُفَتِّش "النهاية: 101:5".]


قالت: وليس في اُولئك النفر أحد إلّا وقد قارف بعض ما قال، إلّا فتىً من الأنصار قال له: أنا اُكفّنك يا عمّ في ردائي هذا، وفي ثوبين معي في عَيْبتي من غزل اُمّي.

فقال أبوذرّ: أنت تكفِّنني، فمات فكفّنه الأنصاري وغسّله النفر الذين حضروه وقاموا عليه ودفنوه؛ في نفر كلّهم يمان.

روى أبوعمر بن عبدالبرِّ قبل أن يروي هذا الحديث في أوّل باب جُندب: كان النفر الذين حضروا موتَ أبي ذرّ بالربذة مصادفة جماعة؛ منهم حُجْر بن

الأدْبَر، ومالك بن الحارث الأشتر.

قلت: حُجر بن الأدبَر هو حُجر بن عديّ الذي قتله معاوية، وهو من أعلام الشيعة وعظمائها، وأمّا الأشتر فهو أشهر في الشيعة من أبي الهُذَيل في المعتزلة.

[ شرح نهج البلاغة: 99:15 و 100.]


راجع: القسم السادس/وقعة صفّين/اشتداد القتال/دور الأشتر في القتال.

القسم السابع/استشهاد مالك الأشتر.

مالك بن حبيب


مالك بن حبيب اليربوعي من أصحاب الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام البررة، وعندما تحرّك الإمام عليه السلام تلقاء صفّين، تركه في الكوفة ليعبّئ الناس لنصرته.

وكان قد ساءه عدم حضوره المعركة معه، لكنّ الإمام عليه السلام وعده بالأجر العظيم، وكان مالك على شرطة الإمام عليه السلام في الكوفة.

[ وقعة صفّين: 133.]


6690- وقعة صفّين: أخذ مالك بن حبيب رجلاً وقد تخلّف عن عليّ فضرب عنقه، فبلغ ذلك قومه، فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى مالك، فنتسقّطه لعلّه أن يقرّ لنا بقتله، فإنّه رجل أهوج.

فجاؤوا فقالوا: يا مالك، قتلتَ الرجل؟

قال: اُخبركم أنّ الناقة ترأم

[ تَعطِف عليه فتشُمُّه وتَتَرَشَّفه "النهاية: 176:2".]

ولدها. اخرجوا عنّي قبحكم اللَّه، أخبرتكم أنّي قتلته.

[ وقعة صفّين: 140.]


/ 34