المشهور بين العرب أنَّ رأس سنتهم هوالمُحرَّم على ما ذهب إليه العلّامةالمجلسي. (45) أمّا لماذا خالفت روايات أهلالبيت هذه السنَّة الجارية بين العرب،وذهبت إلى أنَّ «شهر رمضان» هو أوَّلالسَّنة، فهذا أمر يستبين الجواب عليه بعداتّضاح معنى أول السَّنة وبيان المقصود منذلك.
معنى أوَّل السَّنة
ليس هناك في الظاهر معنىً حقيقي لرأسالسَّنة، وذلك على النحو التكويني الّذييبدأ فيه الزمان من لحظة خاصّة تعدّ وحدهالحظة بدء السنة دون غيرها من اللحظات،وإنّما يبدو أنَّ هذه البداية هي من جملةالاُمور الاعتبارية الّتي تكتسب معانيمختلفة تبعاً لتنوع الاعتبارات وتعدّدها(46)، وعندئذٍ يمكن أن يكون كلّ يوم أوَّلالسَّنة أو نهايتها تبعاً لاعتبار خاص،وهذا ما يفسّر الاختلاف الناشِئ بينالاُمم والأقوام في تحديد أوائل سنينها،إذ اختارت فارس القديمة مطلع شهر«فروردين» (الموافق 21 آذار ميلادي)بدايةًلسنتها وعدّت ذلك عيداً، ولا تزال على ذلكأعرافها حتّى الوقت الحاضر، على حين اتّخذالعرب أوّل «محرّم» بدايةً لسنتهم، وفيالمقابل اتّخذ النصارى «ميلاد السيّدالمسيح» رأساً لسنتهم.
بداية السَّنة وتجديد الحياة المعنوية
عندما ندرس مفهوم أوَّل السَّنة على ضوءالثقافة الإسلامية، نجد أنّ هذه الظاهرةفي الإسلام تخضع لاعتبارات مختلفة، فمنالنصوص الإسلامية ما يركّز على أنَّ شهررمضان أوَّل السَّنة (47)، ومنها ما يسجّلأن «ليلة القدر» هي أوَّل السَّنة (48)، كماأنّ