جاء التأكيد في عدد كبير من الروايات أنَّأول خصائص هذه اللّيلة، هو تقدير اُمورالناس وتدبير أحوالهم وأوضاعهم خلالالسَّنة، وهي اللّيلة الّتي ينزل فيها مايحدث ويفرق فيها كلّ أمر إلى مثلها، وربمالهذه الجهة بالذات نزل القرآن الكريم فيهذه اللّيلة؛ هذا الكتاب الّذي يعدّ بدورهبرنامج حياة الإنسان.انطلاقاً من هذا المعنى، بمقدور الإنسانأن يغيّر مصيره ومسار حياته في ليلة القدرعبر استثمار البرنامج الّذي رسمه لهالقرآن، ويستحوذ لسنته المقبلة على أفضلالمقدّرات، ويحقّق لنفسه أغنى المكاسبوأكثرها عطاءً ونفعاً، على أنَّ هاهناملاحظتين حريّتين بالانتباه، هما:الملاحظة الاُولى: إنَّ تقدير مصيرالإنسان في ليلة القدر يأتي في سياقمقدّراته في العلم الأزلي للَّه سبحانه،بعبارة أُخرى، تفيد روايات أهل البيتعليهم السلام، أنَّ ما هو مقدَّر للناس فيعلم الحق سبحانه خلال السَّنة، يبرز بصيغةبرنامج مكتوب تكتبه الملائكة ويسلّم إلىإمام العصر بواسطتهم؛ وذلك تبعاً لما يقومبه الإنسان في ليلة القدر.الملاحظة الثانية: يفيد عدد من الرواياتبأنَّ تقدير مصير الإنسان خلال ليلة القدروتدبير ما سيكون عليه أمره خلال سنةكاملة، لا يعني استسلامه للمصير، بحيث لنيكون بمقدوره أن يغيّر شيئاً من اُمورهومستقبله، بل بمقدوره أن يغيّرمنمقدّراته القطعيّة في ليلة القدر عبرلجوئه إلى الدعاء وتوسّله بالأعمالالصالحة، ولذلك كلّه جاء عن الإمام الباقرعليه السلام، قوله:«فَما قُدِّرَ في تِلك السَّنَةِ وقُضِيَفَهُوَ المَحتُومُ وَللَّهِ فيهِالمَشِيَّةُ» (132).عندما نأخذ بنظر الاعتبار هذه الروايةوما يقع على شاكلتها (133)، ونضيف إلى