فيها ما يذهب إلى تحديد أوَّل السَّنةب«عيد الفطر». (49)فكما أنّ «فروردين» هو أوّل السنةالطبيعية، حيث تكتسي الأرض في هذا الشهرحُلّةً قشيبةً وتُورِق فيه الأشجار،فكذلك يأتي شهر رمضان ليكون بداية سنةالإنسانية من منظور الإسلام، ففي هذاالشهر الكريم تتجدّد الحياة المعنويةلأهل السير والسلوك الذين يُغِذّون السيرصوب الكمال المطلق، وتنبلج نفوسهم عنطاقات تجعلهم على اُهبة الاستعداد للقاءاللَّه، وبذا يمكن القول أن «فروردين»بداية تجديد دورة الحياة الماديةللنباتات في عالم الطبيعة، وأنَّ «شهررمضان» بداية تجديد دورة الحياة المعنويةللإنسان في عالم الإنسانية.أمّا الرواية الّتي تتحدّث عن أنّ «ليلةالقدر» هي أوَّل السنة، فبلحاظ أنّ هذهالليلة هي ليلة التقدير الّتي يقدّر فيهاكلّ شيء يكون في السنة. وبشأن الروايةالّتي تتحدّث عن أنّ يوم «عيد الفطر» هوأوَّل السَّنة؛ فالاعتبار في ذلك يرجع إلىأنّ هذا اليوم أوَّل يوم في السَّنة يحلّفيه الأكل والشرب على ما صرّحت به الروايةنفسها؛ أو لأنّها تومئ إلى أنَّ عيد الفطربداية شوط جديد في حياة الإنسان واستئنافهالعمل مجدّداً، بعد أن رمضت ذنوبه في لهيبمعاناة الصوم، وانمحت من صحيفة أعمالهواستُؤصلت منها تماماً.
2. الضِّيافَةُ الإِلهِيَّةِ
الخصيصة البارزة الثانية الّتي تتألّق فيسماء هذا الشهر الفضيل، هي الإمكاناتالّتي يتيحها لضيافة اللَّه سبحانه، علىما نطق به رسول اللَّه صلّى الله عليهوآله بقوله في وصف هذه الخصلة: «هُوَ شَهرٌدُعيتُم فيهِ إلى ضِيافَةِ اللَّهِ،وَجُعِلتُم فيهِ مِن أهلِ كَرامَةِاللَّهِ». (50)هذه الخصيصة في الحقيقة هي أساس الخصوصيةالاُولى، بل هي منشأ جميع خصوصيات شهررمضان المبارك ومنبثق كلّ البركات الّتيتحفّ به.