ممّا يشير إلى أن استضافة الجسم وتأمينالمتطلّبات المادية ليس بالأمر المهمّالذي يرتقي إلى مصاف القضايا المعنويّة،خاصّةً وأن القرآن الكريم يسجّل صراحةًبأنّه لولا الخشية على الناس من جنوحهمإلى الكفر كافّة، لحظي الكافر بأعلىالإمكانات المادية وأرفعها:«وَلَوْلَآ أَن يَكُونَ النَّاسُأُمَّةً وَحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَنيَكْفُرُ بِالرَّحْمَانِ لِبُيُوتِهِمْسُقُفًا مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَعَلَيْهَا يَظْهَرُونَ* وَلِبُيُوتِهِمْأَبْوَبًا وَسُرُرًا عَلَيْهَايَتَّكُِونَ* وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَوةِالدُّنْيَا وَالْأَخِرَةُ عِندَ رَبِّكَلِلْمُتَّقِينَ». (52)وفي الحديث النَّبوي الشريف:«لَو أنَّ الدُّنيا كانَت تَعدِلُ عِندَاللَّهِ جَناحَ بَعُوضَةٍ ما سَقَىالكافِرَ وَالفاجِرَ مِنها شَربَةً مِنماءٍ». (53)لقد استضاف اللَّه -جلّ جلاله نفوسأحبّائه وأرواحهم في ضيافته الرمضانية،وليس أبدانهم وقوامهم المادّي، وهذهضيافة لا يرقى إلى إدراك قيمتها أحد سواه،ومن هنا قال اللَّه -سبحانه وتعالى:«الصَّومُ لي وَأنَا أجزي بِهِ». (54)لابدَّ أن تأتي شروط هذه الضيافة وآدابهامتوائمة مع ضيافة النفس، ولابدَّ أن يكونالطعام والشراب فيها من سنخ ضيافة الروح،وأن يكون الهدف المرجوّمنها هو إيجادالتحوّل الروحي وتجديد الحياة المعنويةللإنسان وتقوية