لسعتهم الوجودية والمرتبة الّتي يحظونبها، فقد سمعت مرّات وكرات ممّن هو أقربالناس إليّ حسباً ونسباً (56)، أنه يقول: كنتفي أحد أيّام شهر رمضان مشغولاً بالزيارةالمعروفة ب"زيارة أمين اللَّه" في المرقدالشريف بالنجف، وحين وصلت بعباراتالزيارة إلى: "وموائد المستطعمين معدّةٌ،ومناهل الظماء لديك مترعةٌ"، وفيما أناأتأمّل بمعناها وأفكّر به، تراءت لي فجأةمائدة مصفوف عليها أنواع الأطعمةوالأشربة ممّا لم أكن أتصوّره قطّ، وأناأتناول من طعامها، وفي تلك الأثناء كنتأفكّر بمسألة فقهية، إنّها حالة عجيبةتبعث على الدهشة! الواقع أن هذه هي حقيقةالغذاء، وهي ليست مفطرة للصوم....الشراب الطهور في الحياة الدنيا هو محبّةاللَّه، والوقت الأفضل الّذييغتنملتحصيله هو هذه الضيافة الّتي يكونفيها الساقي هو المضيّف نفسه، ولا تظنّنَّأنَّ تعبيرات هذا العبد هي من قبيل خيالاتالشعراء وأوهامهم، أو من شطيّحات غلاةالمتصوّفة، فحاشى أن أتجاوز لسان الكتابوالسنّة، أو أتخطّى في معتقدي غير ما جاءبه اللَّه والنَّبي وأمرا به، وإنّماالمقصود هو قول اللَّه نفسه في سورة "هلأتى" حيث يقول سبحانه: «وَسَقاَهُمْرَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا» (57). (58)انطلاقاً من هذه الرؤية لضيافة رمضانوللضيافة الإلهية في هذا الشهر الكريم،توزّعت معالم الكتاب الّذي بين أيديكم إلىخمسة أقسام، على النحو الّذي ستتمّالإشارة إليه: