والمستحبّات، ويختار منها - بعد مراعاةحاله - الأفضل فالأفضل.ومن جملة ذلك ما ورد في الأخبار الكثيرةمن زيادة النوافل في هذا الشهر بألف ركعة،فإن رأى العمل بالنسبةإليه أحسن،فهنيئاًله في توفيقه بذلك،ولكن لايتركالدعواتالواردة فيها (15) ؛فإنّ فيهامضامينعاليةً بعضُها لايوجد في غيرهامنالدعوات،وليكن في ذلك حيّاً وصادقاًفيكونحظّه من قراءتها المناجاة مع قاضيالحاجات، لا مجرّد التفوّه بالألفاظ، فإنحصلله حقيقةما يقوله،ويصف من حالهومقامه في هذه الدعوات، فطوبى لهوحسنمآب!فإنّ العبد إذا اتّصف قلبه بحال - مثلاً -يدعو فيه لنفسه الويل، ويذكر (من) ويلهوثبوره: أنّ ذنوبه بحيث لو علمت بها الأرضلَابتَلَعَتهُ، ولو عَلِمَت بها الجبالُلَهدَّتهُ، ولو علمت بها البحارلأغرقَتهُ - كما ذكر ذلك في بعض الأدعية-فإنّ ذلك حالٌ أظُنُّ أنّه لو حصل لإبليسلَأنجاهُ، وكيف بمسلمٍ أو مؤمن!؟(و)لاسيّما إذا كان خوفه واضطرابه من سَخَطمولاه أشدَّ من اضطرابه من عذاب النار كمايذكره بعد هذه الفقرات. فهذا حالٌ سَنِيٌّ(16) لايوجد في قلب إلّا وربُّهُ عنه راضٍ،وهكذا غيرُها من المضامين الفاخرة الّتيأودَعوها في هذه الدعوات؛ فإنّها مثارُحالاتٍ وصفاتٍ للنفس والقلبِ يُحييهماويُنجيهما من الهَلَكاتِ، ويوصلهما إلىسنيّ الحالات وعالي الدرجات.ثمّ إنّ العامل إن كسل في بعض الأوقات ولميكن له نشاطٌ للعمل، فله أن يراقب حاله،فإن ظنّ من حاله أنّه لو اشتغل بالعمل - ولوبالتعمّل - يورث له الحالَ، فليَشتَغِلولا يترك حتّى لا يتمكّن الخبيث من نفسه؛فإنّ الإنسان إن ترك العمل بمجرّد الكسل،فإنّه ينجرّ ذلك إلى الترك الكلّيّ، ولكنيتأمّل ويجتهد في حاله، فإن رآه بترك عمليزيد شوقه إليه فيما يأتي فليترك ولايعوّد نفسه بالعمل عن الكسل، وإن رأى أنّتركه يورث تركاً آخر فليَعمَل ولا يترك،وكثيراً ما يدخل السالك في العمل بالضجروالكسل، ثمّ يحسن حاله في الأثناء فوقالأمل، وله ألّا يخطئ في اجتهاده في ترجيحالترك على العمل؛ فإنّ الكسل في النفسأحلى من العسل، وذلك قد يُعميهِ عن معرفةحقّ الواقع هذا. (17)