باب السنة ان لا يقتل الرسل
باب لا يؤخذ منهم ذلك فى السنة الامرة واحدة الا ان يقع الصلح على اكثر منها
باب الحربى اذا لجأ الى الحرم وكذلك من وجب عليه حد
[ قال ( باب الحربي اذ الجأ إلى الحرم و كذا ) من وجب عليه الحد - قلت - مراده انه يقام عليه الحد في الحرم ثم استدل على ذلك يقوله عليه السلام ( اقتلوه يعنى ابن خطل و بتأمينه عليه السلام الناس الا أربعة ) ثم ذكر قوله عليه السلام في حديث أبى شريح ( فلا يحل لامرئ يؤمن بالله و اليوم الآخر ان يسفك بها دما و لا يعضدبها شجرة فان احد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه و سلم فقولوا ان الله اذن لرسوله ) ]و لم تحل قبلى و لا تحل لاحد بعدي و انما أحلت لي ساعة من نهار - و قال في شرح حديث أبى شريح قوله عليه السلام فلا يحل لا مري يؤمن بالله و اليوم الآخر ان يسفك بها دما - يؤخذ منه امران - أحدهما - تحريم القتال لاهل مكة و هو الذي يدل عليه سياق الحديث و لفظه و قد قال بذلك بعض الفقهاء و فى التلخيص في أول كتاب النكاح في ذكر الخصائص لا يجوز القتال بمكة حتى لو تحصن جماعة من الكفار فيها لم يجز لنا قتالهم فيها و حكى الماوردي ايضا ان من خصائص الحرم ان لا يجارب أهله ان بغوا على أهل العدل فقد قال بعض الفقهاء يحرم قتالهم بل يضيق عليهم حتى يرجعوا إلى الطاعة و يدخلوا في أحكام أهل العدل و قد قيل أن الشافعي اجاب عن الاحاديث بأن معناهاتحريم نصب القتال عليهم و قتالهم بما يعم كالمنجنيق و غيره إذا لم يمكن إصلاح الحال بدون ذلك بخلاف ما إذا تحصن الكفار في بلد آخر فانه يجوز قتالهم على كل وجه و بكل شيء و أقول هذا التأويل على خلاف الظاهر القوي الذي دل عليه العموم في النكرة في سياق النفي في قوله فلا يحل لامرئ يؤمن بالله و اليوم الآخر أن يسفك بها دما و أيضا فان النبي صلى الله عليه و سلم بين خصوصيته باحلالها ساعة من نهار و قال فان احد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه و سلم فقولوا ان الله أذن لرسوله و لم يأذن لكم - فان هذا اللفظ يفيد أن المأذون لرسول الله صلى الله عليه و سلم فيه لم يؤذن فيه لغيره و الذى أذن للرسول فيه انما هو مطلق القتال و لم يكن قتال النبي صلى الله عليه و سلم لاهل مكة بمنجنيق و غيره مما يعم كما حمل عليه الحديث في هذا التأويل و أيضا فان الحديث و سياقه يدل على ان هذ التحريم لاظهار حرمة المنفعة بتحريم مطلق القتال فيها و سفك الدم و ذلك لا يختص بما يستأصل و أيضا فتخصيص الحديث بما يستأصل ليس لنا دليل على تعيينة لان يجمل عليه الحديث فلو أن قائلا ابدى معنى آخر خص به الحديث لم يكن هذا أولى منه - الثاني ]
مقتل عاصم و خبيب كان في الثالثة فبينه و بين البعثة إلى أبى سفيان من البعد ما ترى و لم يذكر ابن سعد أن عمرا أنزل خبيبا و اهال عليه التراب كما في رواية البيهقي و كيف يترك هذه المدة الطويلة مصلوبا هذا بعيد جدا و ذكر الطحاوي في كتابه الكبير في اختلاف العلماء قول الشافعي أمر عليه السلام عند ما قتل عاصم و خبيب بقتل أبى سفيان إلى آخره ثم قال الطحاوي هذا الذي حكاه لم نجد له أصلا و لا ندرى عمن أخذه - ثم ذكر البيهقي في آخر هذه الباب اثرا عن ابن عباس إلى آخره ثم قال ( و هذا رأى منه تركناه بالظواهر التي وردت في اقامة الحدود دون تخصيص الحرم ) إلى آخره - قلت ذكر الطحاوي في كتابه المشكل حديث عبد الله بن عمرو كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلمفي سفر فنزلوا بقبر أبى رغال فقال كان امرءا من ثمود و كان منزله بالحرم فلما أهلك الله عز و جل قومه بما أهلكهم به منعه لمكانه من الحرم و انه خرج حتى إذا بلغ ههنا اصابته النقمة بهذا المكان - الحديث ثم قال و إذا كان الحرم يمنع في الجاهلية من العقوبات التي معها إتلاف الانفس كان في الاسلام من مثل ذلك امنع و شد ذلك ما روى عن ابن عباس - فذكر الاثر المذكور ثم قال وا روى عن ابن عمر أنه قال لو وجدت قاتل عمر في الحرم ماهجته - ثم قال و لا نعلم لاحد من الصحابة خلافا لهما و قوله تعالى و من دخله كان آمنا - يوجب ذلك و القرآن نزل بلغتهم و هم العالمون بما خوطبوا به انتهى كلامه و روى عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج سمعت ابن أبى حسين يحدث عن عكرمة بن خالد قال قال عمر لو وجدت فيه قاتل الخطاب مامسسته حتى يخرج منه - و رجال هذا السند على شرط الصحيح و فى اتصاله نظر و ابن أبى حسين اسمه عبد الله بن عبد الرحمن و ذكر ابن حزم هذا القول عن جماعة ثم قال فهؤلاء عمر و ابنه عبد الله و ابن عباس و أبو شريح و لا مخالف لهم من الصحابة و من التابعين عطاء و عبيد بن عمير و مجاهد و سعيد بن جبير و الزهري و يخبر بذلك عن علمائه و هم التابعون من أهل المدينة و يخبر أن السنة مضت بذلك و قوله تعالى و من دخله كان أمنا - ليس بخبر لان الكفرة قتلوا فيه فتعين انه امر انتهى