في الوقت نفسه، اعتمدت الديموقراطيات الحديثة، على ركيزتين:هما التقدم والتلاحم الاجتماعي، حل محلهما، اثنان آخران، هما الاتصالات والسوق، اللذان بَدَّلا من طبيعة العلاقات.فقد أصبحت الاتصالات، الأسطورة الأولى في الوقت الحاضر، مما تسببت بالأزمات بين الأشخاص، بصورة خاصة، وكذلك الحال، في نطاق العائلات، كما في المدارس، وفي المؤسسات والشركات، كما في الدول، كونها أصبحت قادرة على تسوية كل شيء. مع ذلك، بدأ يدب الشك، بأن تسببت كثرتها وتنوعها، بشكل جديد، من النفور، والكراهية، وبأنها، بدلاً من أن تحرر الاتصالات الخاصة بالعقل، فقد حبستها لا بل عزلتها بشكل رهيب (5).وأصبح للسوق، بعد اليوم، ميل إلى إدارة جميع النشاطات الإنسانية وتنظيمها. وكانت بعض المجالات، الثقافية، الرياضية، الدينية، خارج مدى سيطرتها والتأثير فيها. والآن جرى امتصاصها، بواسطة فلك السوق. حيث فوضت الحكومات أمورها، أكثر فأكثر إليها: (التخلي عن قطاعات، الخصخصة...). مع الحالة هذه، تبقى السوق الخصم الرئيس أمام التلاحم الاجتماعي " والتماسك العالمي، لأن مَنْطَقِها يريد فقط، مجتمعاً ينقسم إلى مجموعتين: مجموعة من الموسرين، وأخرى من غير الموسرين.ولا تهتم السوق كثيراً بهؤلاء الأخيرين، فهم خارج اللعبة أيضاً كما يقال. وتستمر السوق، كونها المنتج للتفاوت أو عدم المساواة، من حيث الجوهر ، تزداد عجرفة مذهلة، يمارسها من هم على رأس المجموعة الأولى.