3. هل الخصمان كانا من جنس البشر ؟
إنّ القرائن الحافة بالآية تشعر بأنّ الخصمين لم يكونا من جنس البشر ،
وهذه القرائن عبارة عن:1. تسوّرهم المحراب ودخولهم عليه دخولاً غير عادي مع أنّ طبع الحال
يقتضي أن يكون محرابه محفوفاً بالحرس ولا أقل بمن يطلعه على الاَمر ، فلو
كان الدخول بإذنهم كان داود (عليه السلام)مطّلعاً عليه ولم يكن هناك أيّ فزع.2. خطاب الخصمين لداود (عليه السلام) بقولهم: (لا تخف)مع أنّ هذا الخطاب لا
يصح أن تخاطب به الرعية الراعي، وطبيعة الحال تقتضي أن يخاطب به الراعي
الرعية.3. انّ خطابهما لداود بما جاء في الآية، أشبه بخطاب ضيف إبراهيم له(عليه السلام) ،
يقول سبحانه: (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ إِنَّا
مِنْكُمْ وَجِلُونَ * قَالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) (1)، ويقول سبحانه:
(فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ) .(2)4. تنبهه (عليه السلام) بأنّه كان فتنة من الله له وامتحاناً منه، وهي تشعر بأنّ الواقعة لم
تكن عادية، وهذا يناسب كون الدعوى مطروحة من جانبه سبحانه عن طريق
الملائكة.5. انّ الهدف من طرح تلك الواقعة كان لغاية تسديده في خلافته وحكمه
بين الناس حتى يمارس القضاء بالنحو اللائق بساحته ولا يغفل عن التثبت
1 . الحجر: 51 ـ 53.2 . الذاريات: 28.