نزل بساحة أعدائهم من إهلاك وتدمير ـ لا يحصلان إلاّ من طريق الوحي، حتى
قصص الاَُمم السالفة وحكاياتهم لتسرب الوضع والدس إلى كتب القصاصين،
والصحف السماوية النازلة قبل القرآن.
تفسير الآية بآية أُخرى
إنّ الرجوع إلى ما ورد في هذا المضمار من الآيات، يوضح المراد من عدم
درايته بالكتاب أوّلاً، والاِيمان ثانياً:أمّا الاَوّل: فيقول سبحانه: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ
تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)(1)، فالآية
صريحة في أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن عالماً بتفاصيل الاَنباء، وقد وقف عليها من
جانب الوحي، فعبّر عن عدم وقوفه عليها في هذه الآية بقوله: (ما كنت تعلمها
أنت ولا قومك) وفي تلك الآية: بقوله: (ما كنت تدري ما الكتاب) والفرق هو
أنّ (الكتاب) أعم من (أنباء الغيب) والاَوّل يشتمل على الاَنباء وغيرها "وأمّا
الاَنباء" فإنّها مختصة بالقصص، والكل مشترك في عدم العلم بهما قبل الوحي
والعلم بهما بعده.وأمّا الثاني:فقوله سبحانه: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَ الْمُوَْمِنُونَ كُلّ آمَنَ
بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا
غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) (2)فقوله: (آمن الرسول بما أنزل إليه) صريح
1 . هود: 49.2 . البقرة: 285.