ولاَجل ذلك خاطبه سبحانه بعد قضائه في ذلك المورد بقوله: (يا داود إنّا
جعلناك خليفة في الاَرْضِ فاحكم بين الناس بالحق) كل ذلك يوَيد كون
الخصمين من الملائكة تمثّلوا له بصورة رجلين من الاِنس.نعم كانت القصة وطرح الشكوى عنده أمراً حقيقياً كقصة ضيف إبراهيم
عليه الصلاة والسلام لا بصورة الروَيا وما أشبهها.
4 . كون الاستغفار لاَجل ترك الاَولى
استدلت المخطّئة باستغفاره وإنابته إلى الله ، على صدور ذنب منه ولكنّه
لا يدل على ذلك:أمّا أوّلاً: انّ قضاءه لم يكن قضاء باتاً خاتماً للشكوى، بل كان قضاء على
فرض السوَال، وإنّ من يملك تسعاً وتسعين نعجة ولا يقتنع بها ويريد ضم
نعجة أخيه إليها، ظالم لاَخيه، وكان المجال بعد ذلك بالنسبة إلى المعترض
مفتوحاً وإن كان الاَولى والاَليق بساحته هو أنّه إذا سمع الدعوى من أحد
الخصمين، أن يسأل الآخر عمّا عنده فيها ولا يتسرع في القضاء ولو بالنحو
التقديري.وإنّما بادر إليه لاَنّه (عليه السلام) فوجىَ بالقضية ودخل عليه المتخاصمان بصورة
غير عادية فلم يظهر منه التثبت اللائق به.ولمّا تنبّه إلى ذلك وعرف أنّ ما وقع، كان فتنة وامتحاناً من الله بالنسبة إليه
(استغفر ربّه وخر راكعاً وأناب)تداركاً لما صدر منه ممّا كان الاَولى تركه، أوّلاً،
وشكراً وتعظيماً لنعمة التنبّه الذي نال به فوراً بعد الزلّة، ثانياً.وثانياً: انّ من الممكن أن يكون قضاوَه قبل سماع كلام المدّعى عليه،
لاَجل انكشاف الواقع له بطريق من الطرق وانّ الحق مع المدّعي، فقضى بلا