دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ في آذانِهِمْ وَ اسْتَغْشَوا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا
وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً * ثُمَّ إِنّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً * ثُمَّ إِنّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ
لَهُمْإِسْراراً ) . (1)ويقول سبحانه بعد عدة من الآيات: (قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْني وَ
اتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاّ خَساراً* وَمَكَرُوا مَكْراً كُبّاراً* وَقالُوا لا
تَذَرُنَّ آلهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً* وَقَدْ أَضَلُّوا
كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظّالِمينَ إِلاّ ضَلالاً ). (2)فهذه الآيات ونظائرها تنبىَ بوضوح عن أنّ أُمنية الاَنبياء الوحيدة في
حياتهم وسبيل دعوتهم هو هداية الناس إلى الله ، وتوسيع رقعة الدعوة إلى أبعد
حد ممكن، وان منعتهم من تحقيق هذا الهدف عراقيل وموانع، فهم يسعون إلى
ذلك بعزيمة راسخة ورجاء واثق.إلى هنا تبيّن الجواب عن السوَال الاَوّل، وهلم معي الآن لنقف على
جواب السوَال الثاني، أعنى:
2. ما معنى إلقاء الشيطان في أُمنية الرسل؟
وهذا السوَال هو النقطة الحاسمة في استدلال المخالف، وبالاِجابة عليها
يظهر وهن الاستدلال بوضوح فنقول: إنّ إلقاء الشيطان في أُمنيتهم يتحقّق
بإحدى صورتين:1. أن يوسوس في قلوب الاَنبياء ويوهن عزائمهم الراسخة، ويقنعهم
بعدم جدوى دعوتهم وإرشادهم، وانّ هذه الاَُمّة أُمّة غير قابلة للهداية، فتظهر
1 . نوح: 7 ـ 9.2 . نوح: 21 ـ 24.