ما دل عليه في مواضع كثيرة غير انّه لا يمتنع أن يكون في المكلفين من ليس في
المعلوم أنّ شيئاً متى فعل، اختار عنده الامتناع من القبيح، فيكون هذا المكلف لا
عصمة له في المعلوم ولا لطف، وتكليف من لا لطف له يحسن ولا يقبح وانّما
القبيح منع اللطف في من له لطف مع ثبوت التكليف. (1)
وحاصل ما أفاده هو: انّ الملاك في إفاضة هذا الفيض هو علمه سبحانه
بحال الاَفراد في المستقبل فكل من علم سبحانه أنّه لو أُفيض عليه وصف
العصمة لاختار عنده الامتناع من القبائح، فعندئذ تفاض عليه العصمة، وان لم
يكن نبياً ولا إماماً، وأمّا من علم انّه متى أُفيضت إليه تلك الموهبة لما اختار
عندها الامتناع من القبيح لما أُفيضت عليه العصمة لاَنّه لا يستحق الاِفاضة.
وعلى ذلك فوصف العصمة موهبة إلهية تفاض لمن يعلم من حاله انّه
ينتفع منها في ترك القبائح عن حرية واختيار.
ولاَجل ذلك يعد مفخرة قابلة للتحسين والتكريم ولا يلزم أن يكون
المعصوم نبياً أو إماماً، بل كل من ينتفع منها في طريق كسب رضاه سبحانه
تفاض عليه.
إلى هنا تمت الاِجابة على السوَال الاَوّل، وبقيت الاِجابة على السوَال
الثاني، وإليك ذلك:
هل العصمة تسلب الاختيار؟
ربما يتخيل أنّ المعصوم لا يقدر على ارتكاب المعصية واقتراف المآثم،
فالعصمة تسلب القدرة والاختيار عن صاحبها، وعند ذاك لا يعد ترك العصيان
مكرمة.
1 . أمالى المرتضى: 2|347 ـ 348، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.