وبعد: فهل يستغرب من ملك تجهيز الجيوش والاهتمام بما يقرر قواعد الملك؟.
وذكر (أنه كان المفزع في موضع دفن رسول الله)(1).
والذي يقال على هذا: إن الشيعة تروي الرأي في ذلك عن أمير المؤمنين - عليه السلام -(2) وللجاحظ عادة بالتوسط عند الاختلاف، فليكن الوساطة في أن أهل الرجل ابنته وابن عمه ووصيه أعرف بمقاصده من البعداء
(1) قال الجاحظ:
ومما يدل على سعة علمه (يعني أبا بكر) وأنه كان المفزع دون غيره أن المهاجرين عامة وبني هاشم خاصة اختلفوا في موضع دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال قائل: خير المدافن البقيع لأنه كان كثيرا ما يستغفر لأهله وقال آخرون: خير المواضع موضع مصلاه وقال آخرون عند المنبر، قال لهم أبو بكر: أن عندي فيما تختلفون في علما قالوا: فقل يا أبا بكر، قال:
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ما مات نبي قط إلا دفن حيث يقبض فخطوا حول فراشه ثم حولوا رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالفراش في ناحية البيت... إلى آخره.
انظر العثمانية: 83.
(2) ذكر المفيد في الإرشاد: 100.
لما أراد أمير المؤمنين (عليه السلام) غسل الرسول - صلى الله عليه وآله - استدعى الفضل بن العباس، فأمره أن يناوله الماء لغسله، بعد أن عصب عينه، ثم شق قميصه من قبل جيبه حتى بلغ به إلى سرته، وتولى غسله وتحنيطه وتكفينه، والفضل يعاطيه الماء ويعينه عليه، فلما فرغ من غسله وتجهيزه، تقدم فصلى عليه وحده ولم يشركه معه أحد في الصلاة عليه، وكان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم في الصلاة عليه، وأين يدفن فخرج إليهم أمير المؤمنين - عليه السلام - وقال لهم: إن رسول الله - صلى الله عليه وآله - إمامنا حيا وميتا، فليدخل عليه فوج بعد فوج منكم فيصلون عليه بغير إمام، وينصرفون وأن الله تعالى لم يقبض نبيا في مكان إلا وقد ارتضاه لرمسه فيه، وإني لدافنه في حجرته التي قبض فيها، فسلم القوم لذلك ورضوا به.
وقد ذكر ذلك أيضا جماعة من الخاصة انظر: فقه الرضا: 20 و 21 مناقب آل أبي طالب: