وأما إن أنسا كذب ثلاث مرات، فلا أدرى ما وجهه؟ أما إنه كتم، فلا
نزاع فيه، ويكفي في براءته من الحوب عدم إنكار رسول الله - صلى الله عليه
وآله - وإقامة العذر له بأنه يحب قومه.
قال: (وأما قولكم، إن النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - قال: أنت مني
بمنزلة هارون(1) من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأن النبي - صلى الله عليه
[ وآله ] - أراد بهذا أن يعلم الناس أن عليا وصيه وخليفته)(2).
فإنا نقول(3) في ذلك وبالله وحده نستعين:
قال كلاما حاصله: (إن عليا ما استخلفه النبي - عليه السلام - في
حياته، ومنعها(4) بعد الموت)(5).
قال: (لأن هارون مات قبل موسى، وعلى هذا، فإما أن يكون الحديث
باطلا، أو له تأويل غير ما تأولتم)(6).
والذي يقال على هذا: إن الجاحظ جزم وأبرم بأنه عليه السلام [ لم
يستخلف ](7) عليا في حال حياته. وإذا عرفت هذا فنقول:.
تعين أن يكون ذلك بعد موته، إذ الرواية صحيحة عن النبي - صلى الله
عليه وآله - وننازع(8) مضطرين في أن هارون مات قبل موسى، إذ لم يقرر
برهان ذلك يقينا.
(1) في المصدر: كهارون.
(2) العثمانية: 153.
(3) في المصدر: سنقول.
(4) ن: منعه.
(5) العثمانية: 153.
(6) المصدر السابق.
(7) ن: استخلف.
(8) ق: ينازع ون: تنازع.
الرد على مناقشة الجاحظ لحديث المنزلة
سلمنا ثبوت ذلك، لكن يكون ذلك مشروطا - أعني قول موسى " أخلفني
في أهلي "(1) - أي إن بقيت(2) بعدي وما بقي (لكن)(3) أمير المؤمنين بقي
فيكون الخليفة بعده.
قال: (ولو أن النبي - صلى الله عليه [ وآله ] - أراد أن يجعله خليفة
بعده(4) لكان يقول: أنت مني بمنزلة يوشع بن نون، لأن يوشع كان خليفة
موسى في بني إسرائيل)(5).
قال: (وإن ادعوا أن المراد بذلك الوزارة، قلنا: ما المراد من الوزارة؟
هل هي ما تشاكل الوزارة للملوك، أو المعاونة بحيث إن غاب أحدهما كان
الأخر مؤازره؟)(6).
وساق الكلام إلى (إن النبي عليه السلام لا يجوز أن يستثني ما لا يملكه
وهو النبوة مما يملكه وهو الخلافة)(7).
والجواب: بما أن هارون كان شريك موسى في النبوة وخليفته فهذا
ينقض كلاما بسيطا، ذكره، ومثله في هذا الإسهاب معجبا به، كمثل رجل
أطال(8) فأعجبته الإطالة فقال لعربي [ عنده ](9): [ ما العي ](10) عندكم؟
قال: ما كنت فيه منذ اليوم.
(1) الآية: " أخلفني في قومي " الأعراف: 142.
(2) ن: بقي.
(3) ن: (و) بدل (لكن).
(4) في المصدر: يجعل عليا خليفة من بعده.
(5) العثمانية: 155.
(6) العثمانية: 156.
(7) المصدر السابق: 157.
(8) ن: تكلم فأطال.
(9) لا يوجد في: ن.
(10) ن: بدلها (ما تعدون العلي).