ارتضاه جمع كثير(1) للخلافة، وعولوا عليه في الرئاسة، ولو صدر هذا من
امرأة ما استكبر منها فكيف من مثله؟.
مع ذلك فإن الحائد عن الطريق سب رجلا مسلما بعد إسلامه وادعى أن
الجميع رووا كراهيته(2) الإسلام وما كان الأمر كذا، وكيف يليق بعاقل أن
يذكر مثل هذا مخايرا بينه وبين فعلات العزمات الهاشميات: رسول الله - صلى
الله عليه وآله - [ وعلي ](3) وحمزة وجعفر وعبيدة بن الحارث وكونهم دعوا إلى
الإسلام متعرضين لشبا الرماح وظبا الصفاح ومنازلة أهل الكفاح، حتى قتل
حمزة وجعفر وعبيدة في هاتيك المقامات وكسرت رباعية رسول الله - صلى الله
عليه وآله - ومعنى الجميع عائد إليه.
ويشابه هذا ما ادعى من [ كون ](4) الحاضرين في بعض الغزوات على
ما سلف من بني تيم أكثر من الهاشميين تفضيلا لأبي بكر - رضوان الله عليه -.
وأما هو - صلى الله عليه - فإنه كان في هاتيك المزاحف مجلي غياباتها،
مفرج كرباتها، ممدوح إله الأرض والسماوات(5)، يحطم القرون، ويخالط
المنون، ويستسهل الحزون(6)، ويجرع كأس الأهوال، ولا يتهيبا، ويرتع
منابت الأخطار، ولا يتجنبها، حتى قامت دعائم الدين، ووهت قوائم
المعادين فله بذلك الحقوق الجمة على كل مسلم صحت عقيدته، بل وإن
فسدت طريقته، إذ كان - صلى الله عليه - صادم الخطوب ليقرر قواعد
الإسلام، ويسفر وجه الحق ويهدي أهل الضلالة، خارجين عن الآثام.
(1) ق و ج: كبير.
(2) ن: كراهية.
(3) ما بين المعقوفتين لا توجد في: ق.
(4) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ج و ق.
(5) ن: أرضها وسماواتها.
(6) الحزون: مفرده الحزن (بالفتح) ما غلظ من الأرض (المنجد).
ادعاء الجاحظ نزول بعض الآيات بشأن أبي بكر
مزايا إذا ما قابل الشمس ضوؤها
يحلي ذرى تيجانها الحق إذ حوى(2)
شوارد قد أضنى(3) علاها التفرق(4)
محي ضوؤها منه السناء المحلق(1)
شوارد قد أضنى(3) علاها التفرق(4)
شوارد قد أضنى(3) علاها التفرق(4)
قال: (واجتمع أهل التأويل على أن قوله: * (أفمن يمشي مكبا على
وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم) *(5) نزلت في أبي بكر وأبي
جهل)(6).
أقول: إني اعتبرت ما اتفق من كتب التفسير، تصانيف أهل السنة، فما
رأيت لما ادعى الاتفاق عليه ذكرا [ أصلا ](7) ومن فظيع سوء الأدب قوله:
[ " قوله " إشارة ](8) إلى إله الوجود غير معظم، ولا مفخم، ولا ذاكر له
أصلا(9).
[ و ](10) قال: ([ وقال ](11) تعالى: * (فأما من أعطى واتقى وصدق
بالحسنى) * الآية(12) يعني أبا بكر في إنفاقه المال وعتقه الرقاب، والمعذبين،
* (وتولى) *(13) يعني أبا جهل، وليس في الأرض صاحب تأويل خالف تأويلنا، ولا
(1) في الهامش: للمصنف لا عدمت الدنيا أنواره.
(2) ن: هوى.
(3) ن: أخنى. وق: أضبى. وأضنى: إذا تمكن منه الضعف والهزال (المنجد).
(4) ن: التعلق.
(5) الملك: 22.
(6) العثمانية: 113 - 114.
(7) لا توجد في: ن.
(8) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.
(9) فإن الجاحظ قال: واجتمع أهل التأويل على أن " قوله ": أفمن يمشي... إلى آخره فلم يأت
بكلمة تدل على تفخيم الإله سبحانه وتعالى.
(10) لا يوجد في: ق.
(11) لا يوجد في: ن.
(12) الليل: 5 و 6.
(13) إشارة إلى الآية 16 من سورة الليل: * (الذي كذب وتولى) *.