على أبيه أو على إمامه، ويكون هو بمعزل يهزأ بالفريقين، ولا يحن(1) بالطبيعة والدين إلى إحدى الطائفتين.
بيان هذه الجملة: أن أمير المؤمنين - عليه السلام - كان صاحب العلوم الغيبية، والمواهب الكشفية، حتى أنه حفر الآبار، وألقى فيها النار، وحفر غير ذلك وألقى فيها من يدعي ربوبيته، وفتق ما بين ذلك لينزلوه(2) عن درجات الإلهية فما وافقوا عليه، حيث بهرتهم غرائبه وعجائبه، وإلى الآن أمم لا ترجع عن هذه الدعوى.
وفي ذلك تنبيه على مكاشفاته لا فراساته التي تخطئ وتصيب، وتظفر وتخيب، ولولا أنا نخاف من السأم، وكون هذه الأوراق تخرج عن الحد الذي وضعت له، لذكرنا من ذلك تفاصيل لا يدفعها إلا مبغض شانئ غير خاف(3) على فهم السيرة النبوية والقواعد الإسلامية، أو معاند.
ومما ينبه حمله(4) على هذه الحال قوله غير مكتتم: " فوالله لا تسألوني عن فئة تضل مائة أو تهدي مائة إلا أنبأتكم بناعقها وسائقها ومناخ ركابها ومحط رحالها ومن يقتل من أهلها قتلا ويموت موتا "(5).
(1) ن: يحنو.
(2) ن: ليزلوا به.
(3) ن: جان.
(4) ن: جملة.
(5) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2 / 174 (ط القاهرة) وفي 1 / 208 من الكتاب المذكور:
روى ابن هلال الثقفي في كتاب الغارات عن زكريا بن يحيى العطار عن فضيل عن محمد بن علي قال: لما قال علي سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لا تسألوني عن فئة تضل مائة وتهدي مائة إلا أنبأتكم بناعقتها وسائقتها، قام إليه رجل فقال أخبرني بما في رأسي ولحيتي من طاقة شعر فقال له علي عليه السلام والله لقد حدثني خليلي أن على كل طاقة شعر من رأسك ملكا يلعنك وأن على كل طاقة شعر من لحيتك شيطانا يغويك وأن في بيتك سخلا يقتل ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان ابنه قاتل الحسين عليه السلام يومئذ طفلا يحبو وهو سنان بن أنس النخعي.