تبليغ في القرآن و السنة نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
حَيثُ يَجعَلُ رِسالاتِهِ ![16]488 . العدد القويّة عن الزّهريّ : خَرَجَ [عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليهما السّلام ] يَوماً مِنَ المَسجِدِ ، فَتَبِعَهُ رَجُلٌ فَسَبَّهُ ، فَلَحِقَهُ العَبيدُ وَالمَوالي ، فَهَمّوا بِالرَّجُلِ ، فَقالَ : دَعوهُ . ثُمَّ قالَ : ما سَتَرَ اللهُ عَنكَ مِن أمرِنا أكثَرُ ، ألَكَ حاجَةٌ نُعينُكَ عَلَيها ؟ فَاستَحَى الرَّجُلُ ، فَأَلقى عَلِيٌّ عَلَيهِ قَميصَةً كانَت عَلَيهِ ، وأعطاهُ ألفَ دِرهَمٍ . فَكانَ الرَّجُلُ إذا رَآهُ بَعدَ ذلِكَ يَقولُ : أشهَدُ أنَّكَ مِن أولادِ الرَّسولِ ![17]489 . الإرشاد عن أبي محمّد الحسن بن محمّد عن جدّه عن غير واحد من أصحابه ومشايخه : إنَّ رَجُلاً مِن وُلدِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ كانَ بِالمَدينَةِ يُؤذي أبَا الحَسَنِ موسى عليه السّلام ، ويَسُبُّهُ إذا رَآهُ ، ويَشتُمُ عَلِيّاً عليه السّلام ، فَقالَ لَهُ بَعضُ جُلَسائِهِ يَوماً : دَعنا نَقتُل هذَا الفاجِرَ ، فَنَهاهُم عَن ذلِكَ أشَدَّ النَّهيِ ، وزَجَرَهُم أشَدَّ الزَّجرِ ، وسَأَلَ عَنِ العُمَرِيِّ ، فَذُكِرَ أنَّهُ يَزرَعُ بِناحِيَةٍ مِن نَواحِي المَدينَةِ .فَرَكِبَ ، فَوَجَدَهُ في مَزرَعَةٍ ، فَدَخَلَ المَزرَعَةَ بِحِمارِهِ ، فَصاحَ بِهِ العُمَرِيُّ : لا توطِئ زَرعَنا ! فَتَوَطَّأَهُ أبُو الحَسَنِ عليه السّلام بِالحِمارِ ، حَتّى وَصَلَ إلَيهِ ، فَنَزَلَ وجَلَسَ عِندَهُ ، وباسَطَهُ وضاحَكَهُ ، وقالَ لَهُ : كَم غَرِمتَ في زَرعِكَ هذا ؟ فَقالَ لَهُ : مِائَةُ دينارٍ . قالَ : فَكَم تَرجو أن تُصيبَ فيهِ ؟قالَ : لَستُ أعلَمُ الغَيبَ . قالَ : إنَّما قُلتُ لَكَ : كَم تَرجو أن يَجيئَكَ فيهِ ؟ قالَ : أرجو فيهِ مِائَتَي دينارٍ .فَأَخرَجَ لَهُ أبُوالحَسَنِ عليه السّلام صُرَّةً فيها ثَلاثُمِائَةِ دينارٍ ، وقالَ : هذا زَرعُكَ عَلى حالِهِ ، وَاللهُ يَرزُقُكَ فيهِ ما تَرجو . فَقامَ العُمَرِيُّ فَقَبَّلَ رَأسَهُ وسَأَلَهُ أن يَصفَحَ عَن فارِطِهِ ، فَتَبَسَّمَ إلَيهِ أبُو الحَسَنِ عليه السّلام وَانصَرَفَ .وراحَ إلَى المَسجِدِ فَوَجَدَ العُمَرِيَّ جالِساً ، فَلَمّا نَظَرَ إلَيهِ قالَ : اللهُ أعلَمُ حَيثُ يَجعَلُ رِسالاتِهِ ! فَوَثَبَ أصحابُهُ إلَيهِ فَقالوا لَهُ : ما قِصَّتُكَ ؟ قَد كُنتَ تَقولُ غَيرَ هذا ! فَقالَ لَهُم : قَد سَمِعتُم ما قُلتُ الآنَ ، وجَعَلَ يَدعو لأَبِي الحَسَنِ عليه السّلام ، فَخاصَموهُ وخاصَمَهُم .فَلَمّا رَجَعَ أبُو الحَسَنِ إلى دارِهِ ، قالَ لِجُلَسائِهِ الَّذينَ سَأَلوهُ في قَتلِ العُمَرِيِّ : أيُّما كانَ خَيراً : ما أرَدتُم أم ما أرَدتُ ؟! إنَّني أصلَحتُ أمرَهُ بِالمِقدارِ الَّذي عَرَفتُم ، وكَفَيتُ بِهِ شَرَّهُ ![18]490 . تنبيه الخواطر : حُكِيَ أنَّ مالِكاً الأَشتَرَ رضي الله عنه كانَ مُجتازاً بِسوقِ الكوفَةِ وعَلَيهِ قَميصٌ خامٌ وعِمامَةٌ مِنهُ ، فَرَآهُ بَعضُ السّوقَةِ فَازدَرى بِزِيِّهِ ، فَرَماهُ بَبُندُقَةٍ تَهاوُناً بِهِ ، فَمَضى ولَم يَلتَفِت . فَقيلَ لَهُ : وَيلَكَ ! أتَدري بِمَن رَمَيتَ ؟ فَقالَ : لا ، فَقيلَ لَهُ : هذا مالِكٌ صاحِبُ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السّلام . فَارتَعَدَ الرَّجُلُ ومَضى إلَيهِ لِيَعتَذِرَ مِنهُ ، فَرَآهُ وقَد دَخَلَ مَسجِداً وهُوَ قائِمٌ يُصَلّي ، فَلَمَّا انفَتَلَ أكَبَّ الرَّجُلُ عَلى قَدَمَيهِ يُقَبِّلُهُما ، فَقالَ : ما هذَا الأَمرُ ؟ فَقالَ : أعتَذِرُ إلَيكَ مِمّا صَنَعتُ . فَقالَ : لا بَأسَ عَلَيكَ ؛ فَوَاللهِ ما دَخَلتُ المَسجِدَ إلا لأَستَغفِرَنَّ لَكَ .[19]راجع :ص 139 «تطابق القلب واللسان» .ص 140 «الدعوة بالعمل قبل اللسان» .ص 179 «مخالفة الفعل للقول» .اللّهمّ إنّا نرغب إليك في دولة كريمة تعزّ بها الإسلام وأهله ، وتذلّ بها النّفاق وأهله ، وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى سبيلك ، وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة .اللّهمّ ما عرّفتنا من الحقّ فحمّلناه ، وما قصرنا عنه فبلّغناه .اللّهمّ اجعلنا ممّن لا يخشى في تبليغ رسالاتك إلا إيّاك .