إذا كان أخذ الأجر على التبليغ مذموماً في الإسلام على كلّ الأحوال ، فلابدّ أن يتبادر إلى الذهن السؤال التالي : عن أيّ طريق يمكن تأمين الحاجات المعاشيّة للمبلّغ ؟
1 . الكسب إلى جانب التبليغ
قبل حوالي نصف قرن مضى ، كان هناك جماعة من أدعياء الثقافة والوعي تتصوّر أنّ التبليغ ليس عملاً أساساً ، ويجب على المبلّغ أن يمارس عملاً آخر إلى جانب تبليغ الدين وإشاعة القيم الدينيّة ودعوة الناس إلى الصلاح . فكانوا يقولون : إنّ علماء الدين إذا كانوا يمارسون إلى جانب التبليغ عملاً آخر لكسب الرزق بحيث يستغنون عن الحاجة إلى الناس ، يمكنهم تقديم الإسلام إلى الناس على حقيقته دون الوقوع تحت تأثير من يوفّرون لهم حاجاتهم الاقتصاديّة .إنّ حاجة علماء الدين المباشرة للناس وإن كان لها نتائج ضارّة سبقت الإشارة إليها ، إلا أنّ اُسلوب الحلّ المقترح أعلاه غير صحيح أيضاً ، وهو إنّما يُطرح ـ حسب تعبير الإمام الخميني قدّس سرّه من قبل المناهضين للإسلام ولعلماء الدين .[145] وإنّما التبليغ عمل كأيّ عمل آخر . وفي الوقت الحاضر لا يمكن أن يتخصّص أحد في فروع العلوم الإسلاميّة ويمارس إلى جانبه عملاً آخر لكسب الرزق .
2 . تأمين الحاجات الاقتصاديّة للمبلّغ من قبل الحكومة
عندما يُتاح للنظام الإسلامي تطبيق أحكام الإسلام النيّرة على نحوٍ كامل ، ويصبح بيت المال تحت تصرّف الدولة الإسلاميّة من جهة ، وعدم الحاجة إلى إشراف الحوزات العلميّة والزعماء الدينيّين على الأجهزة التنفيذيّة والتشريعيّة والقضائيّة من جهة اُخرى ، فلعلّ أفضل طريق لتوفير الحاجات الاقتصاديّة لعلماء الدين ، ومنهم المبلّغون ، هو الدولة الإسلاميّة . بيد أنّ مثل هذه الظروف لا تتحقّق إلا في عصر حكومة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) .أمّا في ظلّ الظروف الحاليّة ، فيبدو الاستقلال الاقتصادي لعلماء الدين أمراً ضروريّاً ، وعدم استقلال علماء الدين يعني اتّباعهم لسياسة الحكومات وانقيادهم لها ، في حين أنّهم يجب أن يكونوا مرشدين وموجّهين لولاة الاُمور .
3 . الإدارة الاقتصاديّة الذاتيّة
الطريق الثالث لتأمين الحاجات الاقتصاديّة للمبلّغين هو الإدارة الاقتصاديّة الذاتيّة لشريحة