الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَــلَـتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ و وَ لا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَ كَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا .[1]لفظ «التبليغ» مشتقّ من كلمة «البلوغ» و «البلاغ»[2] ؛ بمعنى الإيصال التامّ الكامل للرسالة أو الخبر أو الفكرة أو الكلام إلى الطرف الآخر .والمبلِّغ : هو من يسعى بكلّ جهده لإيصال مادّة التبليغ إلى مقصدها النهائي الذي هو فكر المخاطب وقلبه .وقد جاء ت كلمة التبليغ ومشتقّاتها في القرآن الكريم (27) مرّة .[3] وتوجد هناك ، بطبيعة الحال ، مصطلحات اُخرى ـ كالهداية ، والدعوة ، والموعظة ، والتبشير ، والتخويف ، والإنذار ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ـ ذات صلة وثيقة بمعنى التبليغ ، إلا أنّ أيّاً منها لا يحمل ذات المغزى الثقافي لكلمة التبليغ في ما تعنيه من نقل الرسالة إلى المخاطب .ويُعتبر تبليغ رسالات الله سبحانه وترسيخها في قلوب الناس وعقولهم من أهمّ واجبات الأنبياء ومن يضطلعون بمهمّة مواصلة نهجهم ، وأداء هذه الرسالة على درجة بالغة من الأهمّية ، بحيث أكّد القرآن الكريم في خطابه للرسول صلّى الله عليه و آله بالقول : إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلَـغُ .[4]فكان رسول الله صلّى الله عليه و آله يصف نفسه بالمبلِّغ قائلاً : «إنَّما أنَا مُبَلِّغٌ» .[5]
عوامل نجاح المبلّغ
إنّ نجاح أو فشل المبلّغين والمعنيّين بوضع الخطط التبليغيّة في تحقيق أهدافهم يتوقّف على العوامل الخمسة التالية : 1 . دافع المبلِّغ .2 . المادّة التبليغيّة .3 . خصائص المبلِّغ .4 . وسائل التبليغ .5 . اُسلوب التبليغ .وجميع هذه العوامل تحظى في الدين الإسلامي بالرعاية والاهتمام .ويهدف هذا الكتاب من خلال الاستلهام من القرآن والحديث ـ علاوةً على تقوية دافع التبليغ ـ إلى توعية المبلّغ وتعريفه بأهمّ ماينبغي إيصاله إلى المخاطب ، وبالصفات والخصائص الضروريّة التي تضمن نجاح المبلّغ في أداء مهمّته ، بالإضافة إلى تعريفه بوسائل التبليغ والأساليب المؤثّرة في نجاح المبلّغ . وفي مايلي نقدّم نبذة موجزة عن النصوص الإسلاميّة الواردة بشأن عوامل نجاح المبلّغ : دافع المبلّغ