هكذا بدأت - ادباء مکرمون نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ادباء مکرمون - نسخه متنی

عمر موسی باشا، علی عقلة عرسان، جمانة طه، أسعد علی، محمد حسین جمعة، تور ولید مشوح، علی ابوزید، راتب سکر، سامی غانم، مروان المصری، محمد عبدالغنی حسن، عبدالکریم الزهری الیافی، عدنان عبدالبدیع الیافی، حسین حموی، حسان الکاتب، احمد جاسم الحسین، فیصل جرف، مصطفی عکرمة، عبدالعزیز الأهوانی، شوقی ضیف، محمد المبارک، عبدالکریم خلیفة، محمد أبو الفضل إبراهیم، مصطفی جواد، احمد الجندی، عبدالغنی حسن، رکس سمیث، مصطفی الرافعی، جورج عبدالمسیح، احمد مطلوب، محمد عنبر، روحی فیصل، محمد عبدالغنی حسن، نعیم الیافی، محمود المقداد، ولید مشوح

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

هكذا بدأت

الدكتور عمر موسى باشا

بسم الله الرحمن الرحيم

ص والقرآن ذي الذكر وإنْ هو إلاّ ذِكْر للعالمين

إنّها آيات القرآن الكريم، وآلاء المثاني في الذكر الحكيم، هدىً للعالمين، وإرشاداً للناس أجمعين.

لقد كان للقرآن المجيد الأثر الجوهري الأول في تكوين ثقافتي العامة ودلائل تفكيري الذاتي، وأنا ذلك الطفل المتعطش إلى العلم والتعلم، والمعرفة والعرفان، فقد ختمت القرآن الكريم في الرابعة، ولما أتجاوز الخامسة، كما أخبرتني أمي (وصفية)، أسكنها الله في جنّة عالية، قطوفها دانية .

هكذا كان لي هذا القرآن العظيم المعلم الأكبر، والمصدر الأوفى، والينبوع الإلهي الفياض، وكان لي حقاً النبراس الفكري، والبيان اللساني، والتبيان الجناني، وعليه وحده كان المصدر الأول والآخر، والمعلّم والهادي، بل هو الباطن والظاهر.

لقد هداني القرآن لما هو أقوم، ولما هو حق، ولما هو أمثل، فهو السفر الكوني الخالد للبشرية قاطبة والإنسانية جمعاء، ولا زالت في ذاكرتي هذه الآيات الكريمة ماثلة في صحائف نفسي:

إنه لقرآن كريم، في كتابٍ مكنون .

بل هو قرآن مجيد، في لوحٍ محفوظ .

كتابٌ فصّلتْ آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون

هكذا كان الفكر في هذا القرآن ذي الذكر، وهكذا كان تكويني المعرفي والثقافي، فتفتحت أمامي آفاق المعرفة، وتشوقت إلى العلم والتعلم.

وتعود بي الذاكرة، بعد ختمي القرآن المجيد في قاعة شيختي الفاضلة المقرئة إلى القاعة الوسطى في بيت جدي عمر الكبير، وإلى سبعة عقود منذ طفولتي الأولى وأيام جميلة خلت من حياتي، استضاءت فيها الشموع المنيرة، بَيْد أن هذه الشموع بدأت تنطفئ بقاياها، وكانت تريق دموع الفناء من خلال أقباسها وأنوارها، وهي تشعشع وجلة مضطربة، ومن سيل هذه القطرات الذائبة المتحدّرة، لتتجمع في صحنها الذهبي الذي يحتضنها، ويحنو عليها حنوّ المرضعات على الفطيم.

هكذا كانت تعود بي الذاكرة المنسية إلى جدّي عمر الكبير، وأتذكره حين كان يطلب مني، دون غيري من أفراد الأسرة كلها أن أقرأ لـه في كتاب (دلائل الخيرات) ذي الأوراق الصفراء، وكنت أجهل مضمونه، ولا أدرك رموزه، ولا سيما أوراده وأحزابه وقصائده، بل كنت أجهل آنذاك اسم المؤلف نفسه، ذلك أني كنت في الصف الثالث الابتدائي آنذاك، وكنت في العاشرة من العمر، حتى إذا امتد بي العمر وترعرعت في سن اليفاع عرفت أن مؤلفه هو الجزولي الشاذلي، أبو عبد الله محمد بن سليمان، من أهل سوس المراكشية (المتوفى سنة 870هـ/1465م).

كانت (دلائل الخيرات) نعم الدلالة والدليل لي، لأنها كانت مصدر الخير الفكري، إذ كانت لي حقاً الباعث الجوهري والعامل الأوفى، بعد القرآن المجيد، على هذا التوجه الفكري عامّة، والأدبي خاصة، وآيات هذه كلها أنها كانت ذات أثر عميق في نفسي منذ طفولتي اليافعة، فكان قطوف ذلك كله هذا التوجه الأدبي، وأرى توضيحاً لذلك أن أذكر أن هذا الكتاب الخيّر قد استهل بأسماء الله الحسنى التسعة والتسعين، وتلتها أسماء الرسول الكريم، عليه الصلاة والسلام، وقد بلغت المائتين، وذلك مما هو معروف ومأثور ومسطور: اسماً، أو لقباً، أو كنية، أو نعتاً، ومما هو معروف ومأثور عنه في القرآن المجيد، والسيرة النبوية الشريفة.

لقد عرفت بعد زمن طويل بعد نظره، وأدركت لِمَ كان يقرئني كل يوم حزباً واحداً من المتن مشفوعاً بورد أو حزب آخر وارد في الهامش أيضاً، وذلك بعدد أيام الأسبوع، فهل كان هذا تبركاً به؟ أم كان تعليماً لي؟! إنما الأمران معاً والمعروف عنه أنه العالم العارف.

كما تضمن المتن، بالإضافة إلى أحزابه، ذكر أبواب الجنان، وآية الكرسي، وقصيدة البردة الشريفة للشاعر البوصيري:




  • أمن تذكر جيران بذي سلم
    مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم



  • مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم
    مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم



وتضمن الهامش، بالإضافة إلى أوراده وأحزابه، ذكر ثلاثة أحزاب للشاذلي: حزب النصر، وحزب البحر، وحزب البر، وحزب الإمام النووي، وحزب البيومي، وحزب الدور الأعلى، هذا كله بالإضافة إلى الحزب الأعظم للقاري، وقد اختتم ذلك كله أوراداً وأحزاباً بقصيدة المنفرجة المعروفة:




  • اشتدّي أزمةُ تنفرجي
    قد آذَنَ ليلُك بالبَلَجِ



  • قد آذَنَ ليلُك بالبَلَجِ
    قد آذَنَ ليلُك بالبَلَجِ



والقصيدة الهائية:




  • الصبح بدا من طلعتهِ
    والليل دجا من وفرتهِ



  • والليل دجا من وفرتهِ
    والليل دجا من وفرتهِ



واختتم ذلك كله بأوراد عبد القادر الكيلاني، والصلاة المشيشية.

هذا كله كان من عوامل اتجاهي الأدبي، فبدأت بالشعر المبكر، وأنا في الثامنة عشرة من عمري، وذلك حين أصدرت ديواني الأول (عذارى)، وكانت أولى قصائدي سنة ثلاث وأربعين، وكانت تتسم بالحزن الكبير واليأس المرير، وهي بعنوان (القبلة الأخيرة)، ومؤلفة من ثمانية مقاطع، وكل مقطع مؤلف من بيتين اثنين، استهللتها بهذا المقطع:




  • أيّ طيفٍ رأيته في منامي!
    أيّ طيفٍ قد عادني في سقامي!
    جاء صباً على شفا من فنائهْ



  • كملاكٍ مرفرفٍ في سمائهْ
    جاء صباً على شفا من فنائهْ
    جاء صباً على شفا من فنائهْ



واختتمت هذه القصيدة بالبيتين الحزينين الباكيين:




  • كلّلي النعش من ورود بلادي
    واسكبي دمعةً لذكرى فؤادي
    ما بدا نيّر ورنّم شادِ



  • واملئيه من أُقحوان وجادي
    ما بدا نيّر ورنّم شادِ
    ما بدا نيّر ورنّم شادِ



كانت هذه القصيدة الحزينة، وأنا لم أكمل العقد الثاني من عمري اليافع، وهذا يعني أن الفيض الشعري كانت آياته في وقت مبكر جداً من حياتي، إذ كان الفضل لجدي، وهو الذي كان يطلب مني أن أكرّر لـه البردة الشريفة، والمنفرجة اللطيفة، والقصيدة الهائية. هذه القصائد الثلاث كانت حقاً ثقافتي الشعرية في وقت مبكر جداً من حياتي.

بَيْد أن هذا الفيض الشعري قد نضب، لا لعجزٍ مني، وإنما كان لحرب شعواء قامت تجابهني حين طبع لي المرحوم عبد الحسيب شيخ سعيد صاحب مطبعة الإصلاح بحماة ديواني الأول (عذارى) مجاناً، فانتشر في الأوساط الأدبية في مدينة أبي الفداء، وقد تصدى طبيب حماة الشاعر المعروف المرحوم الدكتور وجيه البارودي، فهاجمه علناً بقصيدة معروفة، مطلعها:




  • رونق الشعر تلاشى
    قلت شعراً قلت نثراً
    قلت: حاشا ثم حاشا



  • في عذارى موسى باشا
    قلت: حاشا ثم حاشا
    قلت: حاشا ثم حاشا



هكذا أُسقط في يد هذا الشاعر الشاب اليافع عمر، فطلّق الشعر، ولا سيما حين رأى نسخة تحترق أمامه، لأن بعض المتعصبين أيضاً قد اتهموا صاحبه، وهاجموه ذاكرين أن المسرحية الشعرية الموجودة في ديوان (عذارى)، وهي (غرام الآلهة أو فينوس وإيروس) والمؤلفة من أربعة عشر مقطعاً في سبعين بيتاً، إنما هي الكفر والزندقة، وما عرفوا أنّ من كفّر مؤمناً فقد كفر.

ومما هو جدير بالذكر أنني نظمت القصيدة المذكورة في مطلع شهر أيلول سنة 1947، فلقد كان لهذه الأحداث كلها العامل الجوهري الذي أكرهني على هجري الشعر، فلم أكتف بذلك، وإنما أحرقت ديواني الثاني المخطوط الذي هيأته للطبع، وهو بعنوان (مزامير العذارى)، وفيه ثلاثون قصيدة، يضاف إلى ذلك، رواية بعنوان (دير ياسين)، فقد ذهبت أدراج الرياح، وخلّفت لي في أعماق وجداني جراحات عميقة لا تندمل "ولكنَّ نفسي ما تزال تحنّ إلى ملائكة الشعر وشياطينه، ذلك أن حسنائي الشعرية قد بعثت من جديد خمس مرات، من خلال خمس مقطوعات، في عشرة أبيات، لم أنظم غيرها أبداً، قلتها في أولادي:

/ 136