تربية النفس - ادباء مکرمون نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ادباء مکرمون - نسخه متنی

عمر موسی باشا، علی عقلة عرسان، جمانة طه، أسعد علی، محمد حسین جمعة، تور ولید مشوح، علی ابوزید، راتب سکر، سامی غانم، مروان المصری، محمد عبدالغنی حسن، عبدالکریم الزهری الیافی، عدنان عبدالبدیع الیافی، حسین حموی، حسان الکاتب، احمد جاسم الحسین، فیصل جرف، مصطفی عکرمة، عبدالعزیز الأهوانی، شوقی ضیف، محمد المبارک، عبدالکریم خلیفة، محمد أبو الفضل إبراهیم، مصطفی جواد، احمد الجندی، عبدالغنی حسن، رکس سمیث، مصطفی الرافعی، جورج عبدالمسیح، احمد مطلوب، محمد عنبر، روحی فیصل، محمد عبدالغنی حسن، نعیم الیافی، محمود المقداد، ولید مشوح

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تربية النفس

فالنفس كما رأينا ذات قيمة كبرى في نظر أفلاطون لأنها مصدر قوتين عظيمتين تتنازعان النفس وهما القوة العقلية، والقوة الشهوانية.

هذا وفي الدولة ثلاث قوى متمايزة أولاها القوة المفكرة، وثانيتها القوة المنفذة، وثالثتها القوة المنتجة. والنفس هي كالدولة بوجود هذه القوى الثلاث إلا أن القوة الثالثة في النفس هي القوة الغضبية التي تتميز عن القوتين الذهنية والشهوانية اللتين سبق ذكرهما.

ويجب أن تكون الأعمال الفكرية في قبضة القوة الذهنية لكونها حكيمة، وباستطاعتها أن تقوم بتدبير مصالح النفس الإنسانية في كل مشاكلها ومشاغلها.

إن النفس تتحلى بالفضيلة وتتبذل بالرذيلة (فالفضيلة صحة النفس وجمالها وسجيتها الصالحة والرذيلة داؤها وتشويهها وفسادها) .

ولعلي بعد أن وصفت النفس كما تصورها أفلاطون، أستطيع أن أتبين السبيل الذي تصوره أفلاطون ليستطيع باتباعه أن يؤدي للنفس حقها من التربية بعد أن رأينا هذه الأهمية الكبرى التي يعلقها عليها أفلاطون. فكيف إذن نجعل النفس تتحلى بالفضيلة؟ وكيف يمكننا إذن أن نبعدها عن الرذيلة إذا استطعنا أن ندرك ذلك إدراكاً صحيحاً نكون قد وصلنا إلى الغرض المقصود.

نحن بإمكاننا بسهولة أن نجنب النفس منذ الصغر هذه المهاوي وذلك بإبعاد الأطفال عن كل ما يدنس نفوسهم، ويؤثر فيها، من بيئة فاسدة، أو مجتمع سيئ، ويقتضي بالطبع منا ذلك أن نوجههم توجيهاً صحيحاً وأن نبعدهم عن كل ما هو ضار. (يجب فصل كل الذين تجاوزوا العاشرة وإرسالهم إلى الأرياف. ويجب تربية أولادهم بعيدين عن تأثيرات السجية الشائعة التي يتصف بها آباؤهم وأتراب آبائهم) ، وفي الحقيقة ليس أضر من البيئة بالنسبة لطفل طاهر القلب بريء النفس. إن البيئة هي المجرمة ولهذا نرى أفلاطون في قوله مصيباً جداً بفصل الأطفال الذين تجاوزوا العاشرة وإرسالهم للريف، ومن المهم أن نلاحظ أن لهذا الأسلوب فوائد أخرى هي الفوائد الصحية والنفسية والأخلاقية؛ ولقد كان العرب يرسلون أبناءهم منذ طفولتهم المبكرة إلى بعض القبائل الرحل ليكتسبوا منها اللغة السليمة والسجايا الحميدة والفضائل العالية.

ومن ناحية ثانية يجب أن نهدي الأطفال إلى الشرائع الإلهية، وذلك بأن نلقنهم أن الله سبحانه وتعالى لا يصنع غير الخير، ولهذا يجب أن نطلب إلى خطبائنا أن يراعوا هذا في كتاباتهم وإلى شعرائنا أن يبتعدوا بأشعارهم عن كل ما يبعث في النفس ظن السوء بالآلهة (أما الادعاء أن الله الصالح علة شر كائن من الناس فهو قول يجب أن نحاربه بما أوتينا من قوة) .

ومن ناحية ثالثة من المهم جداً أن نعلمهم قواعد التهذيب ليستقيم أمرهم في المجتمع، وذلك بأن نطلب إليهم التزام الصمت والجلوس باحتشام في حضرة الشيوخ المحترمين، والأهم من كل ذلك إطاعة الوالدين، وقد يسألنا سائل وهل لهذا الطفل الذي ولد في مجتمع قائم على أساس الشيوعية الجنسية كما سنرى فيما بعد والدان يعرفهما؟

ذلك ما نجهله ونحار في الجواب عليه، ونكتفي هنا بأن نورد قوله:

(التزام الصمت والاحتشام في حضرة الشيوخ. الوقوف لهم متى دخلوا. الاكتراث الكلي للوالدين) لنعلم أن هذه القواعد الأساسية التي وصفها لنا في التهذيب، مضافاً إليها قواعد أخرى تتعلق بقوانين الزينة وملابس الجسد عموماً كلها تؤلف حلقة واحدة غايتها تربية النفس من سائر النواحي التهذيبية.

بقي علينا أن نبحث هذا الأسلوب في قواعد التهذيب، وهو كما يبدو لي يرتكز على أسس متنوعة... ويمكننا أن نعتبر كل أساس مدرسة تربوية حديثة.

فالأساس الأول هو طريقة اللعب والتسلية وذلك بأن يربى الطفل دون أن يشعر بأن هناك ضغطاً خارجياً عليه لئلا نعوده الخضوع والاستكانة منذ طفولته. ويكفي (أن يقتصر أولادنا من البداءة على الملاهي والتسليات المشروعة، لأنه متى كانت الملاهي غير مشروعة وانغمس الأحداث فيها استحال أن يشبوا رجالاً مخلصين) .

فالملاهي غير المشروعة هي طريق نحو الرذيلة التي هي داء النفس الوبيل وفسادها وسوءها؛ أما الملاهي المشروعة والمنظمة فهي وحدها سبيل النجاة من الوقوف في وهدة الرذيلة.

هذا من ناحية الطفولة نفسها، لكن هناك أسلوباً آخر من ناحية النفس ذاتها، إذ يرى أفلاطون أنه يجب أن تكون الموسيقى الوسيلة المفضلة في تهذيب النفس حق التهذيب وفي إصلاحها وتزويدها بالفضائل الكريمة.

يعتقد أفلاطون أن الرياضة إنما وجدت للجسم، أما الموسيقى فقد وجدت للنفس بالدرجة الأولى وللجسم بالدرجة الثانية، ولذلك كان للموسيقى أكبر أهمية بنظره، وليس لها زمن معين إنما هي تستمر مدى الحياة كما رأينا في بحث التربية الجسمية.

وعلى ذلك يمكننا إن نقول أن طريقة اللعب والتسلية مع الموسيقى هي الأسلوب المفضل عند أفلاطون لتربية النفس. ولا نغالي إذا قلنا مع أفلاطون إن الموسيقى ترفع النفس لتجلسها على عرشها الأعلى باعثة فيها محبة الجمال المطلق (يجب أن تنتهي الموسيقى بمحبة الجميل)، والسبب الذي جعل أفلاطون يرفع الموسيقى إلى هذه الدرجة ويعتبرها شرطاً أساسياً من الشروط التربوية هو أثرها العميق في النفس الإنسانية. (إن اللحن والإيقاع إذا استترت في أعماق النفس فإنها تؤثر فيها تأثيراً كبيراً وتتأصل في أعماقها وتجعل الإنسان حلو الشمائل وصادق النفس) .

ولبيان تأثير الموسيقى الذي فطن إليه أفلاطون منذ القديم نذكر هنا قول الكاتب Daniel Oconnuel (سلمني قيادة الغناء في أمة وأنا كفيل بتغيير قوانينها) .

ونحن بدورنا يجب ألا نبالغ كثيراً في تعليم الموسيقى بل نأخذ منها على قدر القرائح والعقول لأن النفوس تختلف حسب طبائعها وسجاياها والمؤثرات التي تعبث بها من اجتماعية وغير اجتماعية! فالجندي يجب أن نختار لـه موسيقى تبعث في نفسه الحماس وتدفعه للمغامرة دون خوف أو وجل.

ولا ننسى أن الموسيقى هي أداة التوازن الذي ينشأ عند من أولعوا بالرياضة البدنية أن هؤلاء تلزمهم الموسيقى لتخفف شيئاً من حدتهم وغلوائهم. وبصورة عامة فالموسيقى يجب أن تتمشى مع طبيعة الفرد وعمله الاجتماعي لتؤدي عملها على أتم وجه وأكمل شكل أي: من الناحية الفردية ومن الناحية الموضوعية. وبالإضافة إلى كل ذلك يجب أن لا نخرج الموسيقى عن هذا الإطار الذي وضعه أفلاطون وهو (يجب أن نلاحظ الإيقاع الطبيعي الملائم لحياة الرجولة المتزنة) .

من كل ذلك استطعنا أن نتبين أثر الموسيقى في التربية الجسمية والنفسية، ولا بأس علينا أن نستعرض العلاقة بين الجسم والنفس وهل يمكن الاستغناء بأحدهما عن الآخر؟ لقد تعرضنا لهذه المسألة في البدء ونكتفي أن نشير مرة أخرى إلى أن النفس أساس كل شيء وأنه لا صلاح للجسم إلا بصلاح النفس والعدل في كل ذلك هو الشرط الأساسي، فالانصراف للجسم ولرياضته يؤدي بالطباع إلى الجمود والخشونة والانصراف بالموسيقى إلى النفس يؤدي إلى الميوعة والتخنث فلا بد إذن من الاعتدال (إن الذين انصرفوا إلى الرياضة وحدها أصبحوا خشني الطباع فوق حد الاحتمال، والذين انصرفوا إلى الموسيقى هم أكثر ليناً مما يليق)

يدلنا ما ذهبنا إليه أن الموسيقى كانت الوسيلة الفعالة في تربية النفس، وفي التربية الحديثة نجدها في رياض الأطفال تحتل مركزاً رفيعاً بالإضافة إلى وسائل تربية الحواس عن طريق اللعب والتسلية، تلك الطريقة التي شاهدناها عند أفلاطون.

ونكتفي بهذا القدر بعد كلامنا عن الجسم والنفس وتربيتهما وننتقل فيما يلي إلى مراحل التربية بصورة مفصلة

/ 136