تربية الجسم - ادباء مکرمون نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ادباء مکرمون - نسخه متنی

عمر موسی باشا، علی عقلة عرسان، جمانة طه، أسعد علی، محمد حسین جمعة، تور ولید مشوح، علی ابوزید، راتب سکر، سامی غانم، مروان المصری، محمد عبدالغنی حسن، عبدالکریم الزهری الیافی، عدنان عبدالبدیع الیافی، حسین حموی، حسان الکاتب، احمد جاسم الحسین، فیصل جرف، مصطفی عکرمة، عبدالعزیز الأهوانی، شوقی ضیف، محمد المبارک، عبدالکریم خلیفة، محمد أبو الفضل إبراهیم، مصطفی جواد، احمد الجندی، عبدالغنی حسن، رکس سمیث، مصطفی الرافعی، جورج عبدالمسیح، احمد مطلوب، محمد عنبر، روحی فیصل، محمد عبدالغنی حسن، نعیم الیافی، محمود المقداد، ولید مشوح

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تربية الجسم

إن أول غاية من غايات التربية عند أفلاطون هو أن يربى الجسم تربية صالحة، وأن هذه التربية أهم شيء في نظر أفلاطون لأنها الوسيلة الوحيدة التي تخلق الشجاعة في قلب الإنسان، والشجاعة هي فضيلة من الفضائل التي يجب أن يتحلى بها كل فرد. يتساءل أفلاطون قائلاً:

(فإذا كنا نروم أن ينشأ شباننا على الشجاعة والبطولة أفلا يجب أن نضيف إلى ذلك دروساً تحررهم من مخاوف الموت) . أين تلقى هذه الدروس؟ إنها تلقى طبعاً في المدارس التي هي عبارة عن ملاعب مجهزة بكل ما يحتاج إليه الأطفال.

والغاية من التمرين الجسمي متعددة النواحي، ويمكننا أن نجملها في الأشياء التالية:

أولاً: إعطاء الجسم كل ما يمكن من الكمال وكل ما يمكن من الجمال.

ثانياً: بعث النشاط والقوة في الجسم ليبعدا عنه الشعور بالتعب والرغبة الملحة في الإكثار من النوم لأنه يبعث في النفس الفتور والخمود، ولا يمكننا أن نتجنب ذلك إلا بالألعاب الرياضية المنظمة.

ثالثاً: إن تربية الجسد بنظر أفلاطون هي سبيل الشجاعة والشجاعة كما ذكرنا هي إحدى الفضائل التي تبقى حية في النفس، والتي هي سبيل من سبل الوصول إلى العدل. هذه هي الغايات الثلاث التي قصدتها، لكن لبلوغها لا بد من اتباع أسلوب خاص يلائم هذه الغايات، وهذا الأسلوب لا يبدو لنا متجانساً بل هو على أشكال مختلفة لكنها تؤدي دوماً لغاية واحدة.

من هذه الأشكال مثلاً أن نبدأ منذ الطفولة الأولى ببعض تمارين صغيرة بسيطة ثم بعدها نقوي أجسام الأطفال قليلاً خلال سنتين أو ثلاث سنوات، ثم بعدها يجب أن نعودهم امتطاء متون أسرع الخيل ليعلموا على الطراد في ساحات اللعب ثم في حومات الهيجاء. (يجب أن يمتطوا ظهور الخيل منذ الحداثة ومتى تعلموا الطراد يؤخذون إلى ساحة الهيجاء) . فهذه التربية هي -كما يظهر لنا- تربية عسكرية، تعود الأفراد منذ الحداثة على حب المخاطرة واحتمال الشدائد حتى إذا ما كبروا أصبحوا خير ذخر للوطن الذي أنشأهم ورباهم.

ولا يكتفي أسلوب التربية الجسمية بهذه الحركات الرياضية، وامتطاء صافنات الخيول، بل هناك ألعاب خاصة تتعلق بالتمثيل والرقص والصيد ومختلف الرياضات في الغابات والجبال والحقول والأرياف. وأفلاطون لا يكتفي بذلك بل يطلب أن يجعل الرقص وحده رياضة خاصة، وفي الحقيقة فإن الرقص المنظم والمصحوب بالموسيقى هو رياضة هامة للطفل، لأن الرقص لعب ورياضة وموسيقى وهي التي نقصدها دائماً في مثل هذا النوع من التربية، وسوف نرى مقدار ما للموسيقى من أهمية للنفس. إن أفلاطون يطلب أن تكون كل الألعاب الرياضية مقرونة بالموسيقى لأنها تعدل الخشونة والفظاظة التي قد تتولد إذا ما غالينا في الرياضة البدنية.

يضاف إلى كل ما ذكرناه أيضاً أن تقام في مواسم خاصة مباريات رياضية وسباقات للخيل، وحفلات للرقص، يضاف إليها أيضاً حفلات تقام بين الفينة والفينة لتخليد ذكر الضحايا والشهداء الذين قضوا نحبهم في الدفاع عن الوطن. إن هذا النوع من الحفلات لا يخرج عن كونه نوعاً خاصاً من الحفلات الرياضية أيضاً.

ويمكننا أن نقول الآن إن هذه الطريقة تشابه كثيراً الطريقة الطبيعية في التربية التي تجعل الطبيعة مسرحاً أو ملعباً للطفل لينمو ويتكامل دون عائق، ويكون هذا طبعاً بتوجيه غير مباشر وذلك حسب الطريقة الحديثة في التربية ألا وهي الطريقة الفعالة.

وهذا النوع من التربية لا يقتصر فقط على الذكور، بل يشمل الإناث أيضاً وهما وإن كانا مختلفين بعض الاختلاف في تركيبهما الفيزيولوجي، فإن هذا لا يمنع أن يقوم الإناث كالذكور بسائر أنواع الرياضيات، وأن يدربن التدريب اللازم لنمو أجسامهن. (إذا وجدنا الاختلاف بين الجنسين مختصاً بالأقسام التي يشغلونها في النسل، علمنا أن اختلافهما لا يتعارض مع مقصدنا) . ولذلك فرض أفلاطون التربية الجسمية على المرأة كالرجل لأنهما متساويان في كل شيء حتى في الحكم والإدارة (النساء على قدم المساواة مع الرجال في الحكم والإدارة) . ولهذا فرض أفلاطون عليهن التدريب الرياضي ليكن في يوم ما مجندات المستقبل. وكان أفلاطون في جمهوريته يسخر من هؤلاء، الذين لا يرضون عن ذلك من المتزمتين الرجعيين بل يطلب بالإضافة إلى ذلك أيضاً أن يعرين كالرجال في خلال القيام بالحركات لاعتقاد ه أنه يجب أن يستترن بثوب الفضيلة والعفاف بدلاً من ثياب الجسم. (يجب أن تتعرى أزواج حكامنا في تمرينات الرياضة لأنهن يستترن ببرد الفضيلة بدلاً من الثياب، ويشاطرن الرجال الحرب والأعمال التي يجب أن يشتمل عليها حكم الدولة دون غيرها من الأعمال) .

نستنتج من كل ذلك أن التربية الجسمية واحدة للرجل أو المرأة وهي تبدأ منذ الطفولة الباكرة بأشكال متعددة وتهدف لغايات معينة في سبيل رقي المجتمع وسعادته ورفاهيته. ولرب سائل يقول لنا:

هل هذا التمرين يجب أن يكون في سن معينة وخلال وقت معين، أم يجب أن يستمر مدى الحياة؟ إن الإنسان يحتاج إلى عمل جسمه ما دام في الحياة، ولهذا وجب أن تدوم هذه التربية مدى الحياة لأن العضو الذي لا يتحرك ولا يتمرن يتعرض للضعف أو الخور (ولا شك أن التمرين الرياضي كالتمرين الموسيقي يجب أن يبدأ منذ نعومة الأظفار وأن يستمر مدى الحياة) إننا نلاحظ تلك الأهمية التي يعطيها أفلاطون لتربية الجسم، وقد كانت هذه الأهمية عظيمة جداً في نظره، لأنها الوسيلة الوحيدة لخلق جنود شجعان، وعمال وزراع أشداء، وهو في سبيل ذلك لا يتورع عن السماح بإعدام المعلولين والأشرار، وهذا هو مصدر فلسفة نيتشه الحديثة التي تجيز إعدام جميع المرضى الذين لا يشفون؛ والمشوهين الذين يؤثرون في العرق البشري من حيث النسل والوراثة. ولهذا وجب (إهمال سقماء الأبدان فيموتون وإعدام الأشرار الفاسدين غير القابلين إصلاحاً) . كل ذلك ليطهر المجتمع من أوشاب هؤلاء المشوهين والأشرار الذين لا يرجى لهم صلاح أبداً كما يقول.

إن تربية الجسم رغم كل ما لها من أهمية؛ فإنها لا تكفي وحدها لتجعل الفرد كاملاً فالنفس هي بدورها تحتاج إلى نوع خاص من التربية أشد تعقيداً من التربية الجسمية. وأفلاطون يعتقد بدوره أن الأساس في كل تربية هو أن لا فائدة من إصلاح وتربية الجسم إلا إذا أصلحنا النفس. والنفس الصالحة هي التي تجعل الجسم صالحاً.

(أما رأيي فهو أن الجسد مهما يكن أمره لا يجعل النفس صالحة وبالعكس إن النفس الصالحة هي التي بفضلها تجعل الجسد كاملاً على قدر الإمكان) . فالنفس هي التي تتحكم بالجسم وهي التي تجعله يعتدل في كل شيء، فلو كانت النفس غير فاضلة لما أمكن للجسد مطلقاً أن يكون كاملاً ليس في طوله وعرضه، كلا إنما في استخدام هذا الجسم في سبيل الخير لا في سبيل الشر. فهو أقرب للنقصان إن كانت النفس التي تسيره شريرة، ولا بد لها أن تلقي به أخيراً إلى التهلكة.

إذاً كمال الجسم هو مقترن بكمال النفس ولهذا وجب علينا أن نلقي نظرة فاحصة على النفس وعلى سبل تربيتها.

/ 136