المعاني والأغراض الشعرية العامة والخاصة
أشار الدارس الدكتور عمر موسى باشا في هذين الفصلين الثاني والثالث إلى مكانة اليافي في عصره، والأغراض الشعرية العامة والخاصة التي أبدع فيها فهو "مرآة عصره سياسياً واجتماعياً وصوفياً وفكرياً وشعرياً، وديوانه خير دليل على ما نذهب إليه، وقد حاول الباحث دراسة المعاني والأغراض الشعرية العامة تمهيداً لدراسة المعاني، والأغراض الخاصة، ويجملها الباحث في أربعة أقسام:أولها: النبويات والصوفيات.ثانيها: المدائح.ثالثها: التخميسات والتشطيرات، والأراجيز.رابعها: المواعظ والوصايا والمطارحات.ويفصل الباحث شارحاً ومبيناً موضع كل قصيدة من هذه الأغراض في الديوان وقد بحث الدكتور عبد الكريم اليافي مسألة الرمز في الشعر العربي توثيقاً وتحقيقاً وتجديداً وتوليداً من خلال التصوف الإسلامي، مفرقاً بين الإشارة والرمز بقولـه: "لنتأمل الآن في الشعر العربي عناصر التعبير التي لا تواجه الفكرة مباشرة، وإنما تخاطبها من وراء حجاب، وتعبر إليها على طوف أو رمث من الألفاظ، أو تفضي إليها بأساليب أنيقة مختارة، وسبل طريفة جانبية، هنا في الحقيقة يكمن سر من أسرار الإبداع الفني والابتكار الأدبي.. فالشاعر إما أن يعتمد الرمز، والإشارة، والإيحاء، والاستعارة، والتشبيه، وما إلى ذلك لتقريب أفكاره من المألوف المتعارف وللإيحاء بعواطفه ولتصوير بعض ما عاناه وذاقه، وأما أن يدرك في تجربته من أسرار تتأبّى على أدق أساليب البيان، وتتصعّب على وسائل التعبير، وتتعاصى على ألين وجوه القول، وعندئذ يتكلم فإذا هو لا يكاد يبين...وخلص الدكتور اليافي من ذلك ليستشهد لبعض الشعراء كالحلاج ورفضه الرمز، وابن الفارض، وتوقف عند ابن سينا، وعينيته المشهورة، وابن عربي ومدرسته، والعفيف التلمساني وكان ختام المطاف عند ثلاثة من الشعراء في العصر العثماني وهم: عبد الغني النابلسي وعمر اليافي وأمين الجندي.وقد خصص الباحث الفصل الرابع لدراسة الظواهر السماعية والظواهر المسرحية، ذلك أننا نرى في شعر عمر اليافي "ظواهر غنائية واضحة، ومظاهر مسرحية مبكرة، وقد كان الحرص كبيراً على تبيان ذلك لما فيها من إبداع فني جديد يعطيان الشاعر أهمية كبرى بين الشعراء في العصر العثماني عامة والشعراء المتصوفة منهم خاصة، وقد تضمن في هذين الفصلين التحدث عن بواعث الطبيعة الغنائية والسماعية، ومما لا شك فيه أن الطبيعة هي المصدر الذي نشأت منه الألحان، فكانت الطريق إلى الغناء والسماع، وقد كان الشاعر عمر اليافي يتغنى كثيراً في شعره، بذكر الأطيار، ويكثر من التحدث عنها، ويشركها في شعره بمشاعره أكثر مما نجده عند شعراء الطبيعة المعروفين، فهو يذكر (الورقاء، والهزار، والبلبل، والقمري، والعنقاء، والحمائم.. وغيرها من الطيور) وذكر هذه الطيور اقترن بالغناء والسماع، وها هو يقول:
حتى الهوى صبّ يشتاقه
والأطيار غردت بالألحان
تشدو باللحن
مذ ناحت خنساء حالي
كالغصن لـه في الروض إطراقه
في هوى ذي الحسن العالي
مذ ناحت خنساء حالي
مذ ناحت خنساء حالي
ما الألسن في الأسحار شدت
أنعم يا رب بما قصدت
(واسمح للسامع) ما نشدت
ونفوس القوم بها سعدت
(واسمح للسامع) ما نشدت
(واسمح للسامع) ما نشدت