مقتولاً شهيداً....
و عن أبي بكر المأموني: قيل له |أي النسائي| وأنا حاضر: أ لا تُخرج فضائل معاوية؟ فقال: أيّ شي ء اُخرج؟ 'اللهمّ لا تُشبع بطنه'!! وسكت وسكت السائل.
[ تهذيب التهذيب: 66:94:1، خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 11 وفيه من 'قيل له...' وراجع تهذيب الكمال: 48:338:1.]
امر النبيّ بقتله إذا شوهد على منبره
2323- رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.
[ تهذيب التهذيب: 1708:637:1 عن عبداللَّه و ج 366:71:3 عن عبداللَّه مرفوعاً و ج 5956:346:4، تاريخ دمشق: 157:59 كلاهما عن الحسن، سير أعلام النبلاء: 149:3 و ج 105:6؛ وقعة صفّين: 221 كلاهما عن الحسن و ص 216 عن زرّ بن حبيش وعن عبداللَّه بن مسعود وزاد في ذيله 'قال الحسن: فما فعلوا ولا أفلحوا'.]
2324- عنه صلى الله عليه و آله: إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقتلوه.
[ وقعة صفّين: 216 عن الحسن وزاد في ذيله 'قال أبو سعيد الخدري: فلم نفعل ولم نفلح'؛ تاريخ دمشق: 12336:156:59 و ح 12337 كلاهما عن أبي سعيد وفيه 'فارجموه' بدل 'فاقتلوه'.]
2325- عنه صلى الله عليه و آله: إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب على منبري فاضربوا عنقه.
[ وقعة صفّين: 216 عن عبداللَّه بن مسعود.]
2326- أنساب الأشراف عن أبي سعيد الخدري: إنّ رجلاً من الأنصار أراد قتل معاوية، فقلنا له: لا تسلّ السيف في عهد عمر حتى نكتب إليه قال: إنّي سمعت
رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: 'إذا رأيتم معاوية يخطب على الأعواد فاقتلوه'. قالوا: ونحن سمعناه ولكن لا نفعل حتى نكتب إلى عمر، فكتبوا إليه فلم يأتِهم جواب الكتاب حتى مات.
[ أنساب الأشراف: 136:5.]
وصيّة والديه
2327- البداية والنهاية عن عليّ بن محمّد بن عبداللَّه بن أبي سيف: قال أبو سفيان- لمعاوية-: يا بنيّ، إنّ هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخّرنا، فرفعهم سبقهم وقدمهم عند اللَّه وعند رسوله، وقصر بنا تأخيرنا، فصاروا قادة وسادة، وصرنا أتباعاً، وقد ولّوك جسيماً من أمورهم فلا تخالفهم؛ فإنّك تجري إلى أمَدٍ، فنافِس فإن بلغته أورثته عقبك، فلم يزل معاوية نائباً على الشام في الدولة العمريّة والعثمانيّة مدّة خلافة عثمان.
[ البداية والنهاية: 118:8.]
2328- البداية والنهاية عن عليّ بن محمّد بن عبداللَّه بن أبي سيف: قالت هند- لمعاوية فيما كتبت به إليه-: واللَّه يا بنيّ إنّه قلّ أن تلد حرّة مثلك، وإنّ هذا الرجل |أي عمر بن الخطّاب| قد استنهضك في هذا الأمر، فاعمل بطاعته فيما أحببت وكرهت.
[ البداية والنهاية: 118:8.]
عمر بن الخطّاب ومعاوية
2329- البداية والنهاية عن الزهري: ذُكر معاوية عند عمر بن الخطّاب فقال:
دعوا فتى قريش وابن سيّدها؛ إنّه لمن يضحك في الغضب، ولا ينال منه إلّا على الرضا، ومن لا يؤخذ من فوق رأسه إلّا من تحت قدميه.
[ البداية والنهاية: 124:8.]
2330- تاريخ الطبري عن أبي محمّد الاُموي: خرج عمر بن الخطّاب إلى الشام، فرأى معاوية في موكب يتلقّاه، وراح إليه في موكب، فقال له عمر: يا معاوية! تروح في موكب وتغدو في مثله، وبلغني أنّك تصبح في منزلك وذوو الحاجات ببابك! قال: يا أميرالمؤمنين إنّ العدوّ بها قريب منّا ولهم عيون وجواسيس، فأردت يا أميرالمؤمنين أن يروا للإسلام عزّاً، فقال له عمر: إنّ هذا لَكيد رجل لبيب أو خدعة رجل أريب، فقال معاوية يا أميرالمؤمنين مُرني بما شئت أصِر إليه، قال: ويحك! ما ناظرتك في أمر أعيب عليك فيه إلّا تركتني ما أدري آمرك أم أنهاك!
[ تاريخ الطبري: 331:5.]
2331- سير أعلام النبلاء: لمّا قدم عمر الشام، تلقّاه معاوية في موكب عظيم وهيئة، فلمّا دنا منه، قال: أنت صاحب الموكب العظيم؟ قال: نعم. قال: مع ما بلغني عنك من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك؟ قال: نعم. قال: ولِمَ تفعل ذلك؟ قال: نحن بأرضٍ جواسيس العدوّ بها كثير، فيجب أن نُظهر من عزَّ السلطان ما يُرهبهم، فإن نهيتني انتهيت، قال: يا معاوية! ما أسألك عن شي ء إلّا تركتني في مثل رواجِب الضَّرِس.
[ الرواجِب: هي ما بين عُقد الأصابع من داخل والضَّرِس: الصعب السيّئ الخُلُق "النهاية: 197:2 و ج 83:3".]
لئن كان ما قلت حقّاً؛ إنّه لرأي أريب، وإن كان باطلاً؛ فإنّه لخدعة أديب. قال: فمُرني. قال: لا آمرك ولا أنهاك.
فقيل: يا أميرالمؤمنين! ما أحسن ما صدر عمّا أوردته. قال: لحسن مصادره وموارده جشّمناه
[ يقال: جَشِمتُ الأمرَ وتَجَشّمته: إذا تكلّفتَه "النهاية: 274:1".]
ما جشّمناه.
[ سير أعلام النبلاء: 25:133:3، الاستيعاب: 2464:471:3، تاريخ دمشق: 112:59، البداية والنهاية: 124:8 كلّها نحوه.]
2332- تاريخ الطبري عن سعيد المقبري: قال عمر بن الخطّاب: تذكرون كسرى وقيصرَ ودهاءهما وعندكم معاوية!.
[ تاريخ الطبري: 330:5.]
2333- الاستيعاب: قال عمر |بن الخطّاب| إذ دخل الشام ورأى معاوية: هذا كسرى العرب.
[ الاستيعاب: 2464:471:3.]
خصاله الموبقة
2334- تاريخ الطبري عن الحسن: أربع خصال كنّ في معاوية، لو لم يكن فيه منهنّ إلّا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الاُمّة بالسفهاء، حتى ابتزَّها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذو الفضيلة، واستخلافه ابنه بعده سكّيراً خمّيراً؛ يلبس الحرير، ويضرب بالطنابير. وادّعاؤه زياداً؛ وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'الولد للفراش، وللعاهر الحَجَر'. وقتلُه حِجراً، ويلاً له من حجر- مرّتين-.
[ تاريخ الطبري: 279:5، الكامل في التاريخ: 499:2 نحوه وفيه 'بالسيف' بدل 'بالسفهاء' وراجع محاضرات الاُدباء: 483:4، البداية والنهاية: 130:8.]
هويّته عن لسان الإمام عليّ
2335- الإمام عليّ عليه السلام- في صفة معاوية-: لم يجعل اللَّه عزّ وجلّ له سابقةً في الدين، ولا سلف صدق في الإسلام، طليق ابن طليق، حزب من هذه الأحزاب، لم يزل للَّه عزّ وجلّ ولرسوله صلى الله عليه و آله وللمسلمين عدوّاً هو وأبوه حتى دخلا في الإسلام كارهين.
[ تاريخ الطبري: 8:5.]
2336- عنه عليه السلام- في صفة رجل مذموم، ثمّ في فضله هو عليه السلام-: أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مُندَحِق
[ مُنْدَحِق البطن: أي واسعها، كأنّ جوانبها قد بعد بعضها من بعض، فاتّسعت "النهاية: 105:2".]
البطن، يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه، ولن تقتلوه! ألا وإنّه سيأمركم بسبّي والبراءة منّي؛ فأمّا السبّ فسبّوني؛ فإنّه لي زكاة، ولكم نجاةٌ؛ وأمّا البراءة فلا تتبرّؤوا منّي؛ فإنّي وُلدت على الفطرة، وسبقت إلى الإيمان والهجرة.
[ نهج البلاغة: الخطبة 57، إعلام الورى: 340:1، شرح المائة كلمة: 237 وفي صدره 'ما حكم بوقوعه في حقّ عبيد اللَّه بن زياد أما إنّه...'، بحارالأنوار: 27:325:39؛ ينابيع المودّة: 3:205:1.]
2337- عنه عليه السلام- في كتابه إلى معاوية-: فسبحان اللَّه! ما أشدّ لزومك للأهواء المبتدعة، والحيرة المتّبعة، مع تضييع الحقائق واطّراح الوثائق التي هي للَّه طلبة وعلى عباده حجّة.
[ نهج البلاغة: الكتاب 37، الاحتجاج: 92:428:1، بحارالأنوار: 403:98:33 وفيهما 'تضييع' بدل 'تضييق'.]
2338- عنه عليه السلام: واللَّه، لودّ معاوية أنّه ما بقي من هاشم نافخ ضَرَمة
[ الضَّرَمة: النار، وهذا يقال عند المبالغة في الهلاك؛ لأنّ الكبير والصغير ينفخان النار "النهاية: 86:3".]
إلّا طُعِن في نَيْطه
[ أي إلّا ماتَ. يقال: طُعن في نَيْطه، وفي جنازته؛ إذا مات "النهاية: 141:5".]
إطفاءً لنور اللَّه، 'وَيَأْبَى اللَّهُ إِلآَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ و وَلَوْ كَرِهَ الْكَفِرُونَ'.
[ التوبة: 32.]
[ عيون الأخبار لابن قتيبة: 180:1، النهاية في غريب الحديث: 90:5 وفيه إلى 'ضَرَمة'، شرح نهج البلاغة: 129:19 وفيه إلى 'نَيْطه'؛ تفسير العيّاشي: 30:81:2 عن أبي الأعزّ التميمي.]
راجع: حرب الدعاية.
اهداف معاوية
2339- سير أعلام النبلاء عن سعيد بن سويد: صلّى بنا معاوية في النخيلة
[ النُّخَيْلَة: موضع قرب الكوفة على سمت الشام "معجم البلدان: 278:5".]
الجمعة في الضحى ثمّ خطب وقال: ما قاتلنا لتصوموا ولا لتصلّوا ولا لتحجّوا أو تزكّوا، قد عرفت أنّكم تفعلون ذلك، ولكن إنّما قاتلناكم لأتأمّر عليكم، فقد أعطاني اللَّه ذلك وأنتم كارهون.
[ سير أعلام النبلاء: 25:146:3، البداية والنهاية: 131:8؛ كشف الغمّة: 167:2.]
2340- مروج الذهب عن مطرف بن المغيرة بن شعبة: وفدت مع أبي المغيرة إلى معاوية، فكان أبي يأتيه يتحدّث عنده، ثمّ ينصرف إليَّ فيذكر معاوية، ويذكر عقله، ويعجب ممّا يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء، فرأيته مغتمّاً، فانتظرته ساعة، وظننت أنّه لشي ء حدث فينا أو في عملنا، فقلت له: ما لي أراك مغتمّاً منذ الليلة؟ قال: يا بنيّ، إنّي جئت من عند أخبث الناس! قلت له: وما ذاك؟ قال:
قلت له- وقد خلوت به-: إنّك قد بلغت منّا يا أميرالمؤمنين، فلو أظهرت عدلاً، وبسطت خيراً؛ فإنّك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم، فوصلت أرحامهم؛ فواللَّه ما عندهم اليوم شي ء تخافه، فقال لي:
هيهات هيهات!! ملك أخو تَيمٍ فعدل وفعل ما فعل، فواللَّه ما عدا أن هلك فهلك ذكره، إلّا أن يقول قائل: أبو بكر، ثمّ ملك أخو عديّ، فاجتهد وشمّر عشر سنين، واللَّه ما عدا أن هلك فهلك ذكره، إلّا أن يقول قائل: عمر، ثمّ ملك أخونا عثمان فملك رجل لم يكن أحد في مثل نسبه، فعَمل ما عَمل وعُمل به، فواللَّه ما عدا أن هلك فهلك ذكره، وذِكر ما فُعل به، وإنّ أخا هاشم يُصرخ به في كلّ يوم خمس مرّات: أشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه، فأيّ عمل يبقى مع هذا؟ لا اُمّ لك، واللَّه ألا دفناً دفناً.
[ مروج الذهب: 41:4، الأخبار الموفّقيّات: 375:576، شرح نهج البلاغة: 129:5؛ كشف اليقين: 565:466، كشف الغمّة: 44:2 كلّها نحوه، بحارالأنوار: 443:169:33.]
كتاب الإمام الحسين إليه [ كتب معاوية إلى الإمام الحسين عليه السلام: أما بعد، فقد انتهت اليّ منك اُمور، لم أكن اظنّك بها رغبة عنها، وإنّ احقّ الناس بالوفا لمن اعطى بيعة من كان مثلك، في خطرك وشرفك ومنزلتك التي انزلك اللَّه بها، فلا تنازع إلى قطيعتك، واتق اللَّه ولا تردّن هذه الاُمّة في فتنة وانظر لنفسك ودينك واُمّة محمّد، ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون "الإمامة والسياسة: 201:1".
]
2341- الإمام الحسين عليه السلام- في كتابه إلى معاوية-: أمّا بعد: فقد جاءني كتابك تذكر فيه أنّه انتهت إليك عنّي اُمور لم تكن تظنّني بها رغبة بي عنها، وإنّ الحسنات لا يهدي لها، ولا يسدّد إليها إلّا اللَّه تعالى.
وأمّا ما ذكرت أنّه رُقي إليك عنّي، فإنّما رقّاه الملّاقون المشّاؤون بالنميمة، المفرّقون بين الجمع، وكذب الغاوون المارقون، ما أردت حرباً ولا خلافاً، وإنّي لأخشى اللَّه في ترك ذلك منك ومن حزبك القاسطين المُحِلّين، حزب الظالم، وأعوان الشيطان الرجيم.
أ لست قاتل حِجْر وأصحابه العابدين المخبتين الذين كانوا يستفظعون البدع، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر؟ فقتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة، والعهود المؤكّدة، جرأةً على اللَّه، واستخفافاً بعهده؟ أوَلست بقاتل عمرو بن الحمق الذي أخلقتْ وأبلتْ وجهه العبادة؟ فقتلته من بعدما أعطيته من العهود ما لو فهمته العُصْم
[ العُصْم: الوعول "لسان العرب: 406:12".]
نزلت من شُعَف
[ جمع شَعَفة؛ وهي مِن كلّ شي ء أعلاه "النهاية: 481:2".]
الجبال.
أوَلست المدّعي زياداً في الإسلام، فزعمت أنّه ابن أبي سفيان، وقد قضى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أنّ الولد للفراش وللعاهر الحَجَر؟ ثمّ سلّطته على أهل الإسلام يقتلهم ويُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ويصلبهم على جذوع النخل. سبحان اللَّه يا معاوية ! لكأنّك لست من هذه الاُمّة، وليسوا منك.
أوَلستَ قاتل الحضرمي الذي كتب إليك فيه زياد أنّه على دين عليّ كرم اللَّه وجهه، ودين عليّ هو دين ابن عمّه صلى الله عليه و آله الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف آبائك تجشّمُ الرحلتين: رحلة الشتاء والصيف، فوضعها اللَّه عنكم بنا منّة عليكم.
وقلت فيما قلت: لا تُرْدِ هذه الاُمّة في فتنة. وإنّي لا أعلم لها فتنة أعظم من
إمارتك عليها.
وقلت فيما قلت: انظر لنفسك ولدينك ولاُمّة محمّد. وإنّي واللَّه ما أعرف أفضل من جهادك؛ فإن أفعل فإنّه قربة إلى ربّي، وإن لم أ فعله فأستغفر اللَّه لديني، وأسأله التوفيق لما يحبّ ويرضى.
وقلتَ فيما قلتَ: متى تكدْني أكدْك. فكدْني يا معاوية ما بدا لك، فلعمري لقديماً يُكاد الصالحون، وإنّي لأرجو أن لا تضرّ إلّا نفسك، ولا تمحق إلّا عملك، فكدني ما بدا لك.
واتّقِ اللَّه يا معاوية! واعلم أنّ للَّه كتاباً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها، واعلم أنّ اللَّه ليس بناسٍ لك قتلك بالظنّة، وأخذك بالتُّهَمة، وإمارتك صبيّاً يشرب الشراب، ويلعب بالكلاب، ما أراك إلّا قد أوبقت نفسك، وأهلكت دينك، وأضعت الرعيّة. والسلام.
[ الإمامة والسياسة: 202:1؛ رجال الكشّي: 99:252:1، الاحتجاج: 164:89:2 كلاهما نحوه بحارالأنوار: 9:212:44.]
بلاغ تعميمي للمعتضد العبّاسي
2342- تاريخ الطبري- في ذكر وقائع سنة 284 ه-: في هذه السنة عزم المعتضد باللَّه على لعن معاوية بن أبي سفيان على المنابر، وأمر بإنشاء كتاب بذلك يُقرأ على الناس، فخوَّفه عبيد اللَّه بن سليمان بن وهب اضطراب العامَّة، وأنّه لا يأمن أن تكون فتنة، فلم يلتفت الى ذلك... وأمر بإخراج الكتاب الذي كان المأمون أمر بإنشائه بلعن معاوية، فاُخرج له من الديوان، فأخذ من جوامعه
نسخة هذا الكتاب... وفيه بعد الحمد والثناء على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: وكان ممّن عانده ونابذه وكذّبه وحاربه من عشيرته العددُ الأكثر، والسواد الأعظم، يتلقّونه بالتكذيب والتثريب، ويقصدونه بالأذيّة والتخويف، ويبادونه بالعداوة، وينصبون له المحاربة، ويصدّون عنه من قَصَده، وينالون بالتعذيب من اتّبعه.
وأشدُّهم في ذلك عداوة، وأعظمهم له مخالفة، وأوّلهم في كلّ حرب ومناصبة، لا يُرفع على الإسلام رايةٌ إلّا كان صاحبَها وقائدَها ورئيسَها في كلّ مواطن الحرب من بدر واُحد والخندق والفتح- أبو سفيان بن حرب وأشياعه من بني اُميّة الملعونين في كتاب اللَّه، ثمّ الملعونين على لسان رسول اللَّه في عدّة مواطن وعدّة مواضع، لماضي علم اللَّه فيهم وفي أمرهم ونفاقهم وكفر أحلامهم، فحارب مجاهداً، ودافع مكابداً، وأقام منابذاً حتى قهره السيف، وعلا أمر اللَّه وهم كارهون، فتقوّل بالإسلام غير منطوٍ عليه، وأسرّ الكفر غير مقلع عنه، فعرفه بذلك رسول اللَّه صلى الله عليه و آله والمسلمون، وميّز له المؤلّفة قلوبهم، فقبله وولده على علم منه.
فممّا لعنهم اللَّه به على لسان نبيّه صلى الله عليه و آله، وأنزل به كتاباً قولُه: 'وَ الشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِى الْقُرْءَانِ وَ نُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَنًا كَبِيرًا'
[ الإسراء: 60.]
ولا اختلاف بين أحد أنّه أراد بها بني اُميّة.
و منه قول الرسول عليه السلام وقد رأه مقبلاً على حمار ومعاوية يقود به ويزيد ابنه يسوق به: لعن اللَّه القائد والراكب والسائق....
و منه ما أنزل اللَّه على نبيّه في سورة القدر: 'لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ'
[ القدر: 3.]