فاعتبروا يا اولي الابصار بما تضمنت هذه السورة من الاخبار في الاخيار صلى الله عليهم صلاة تتعاقب عليهم تعاقب الاعصار ، و تتكرر عليهم تكرار الليل و النهار إنه الملك الجبار العزيز الغفار .( 18 ) ( سورة القصص ) ( و ما فيها من الآيات في الائمة الهداة ) منها : قوله تعالى : و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الورثين [ 5 ]المعنى : أن ظاهر هذا الكلام يتعلق ببني إسرائيل ، و الباطن أن المعني به آل محمد صلى الله عليهم ، يدل على ذلك قوله تعالى ( و نجعلهم أئمة ) أي قادة و رؤساء يقتدي بهم الناس في الخير ، و يكون بعضهم حكاما يحكمون بين الناس بالعدل و الانصاف ، و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر ، و الله تعالى لا يجعل أئمة و حكاما يحكمون بالظلم و العدوان كما فعل بنو إسرائيل من بعد موسى عليه السلام و الامام الذي يكون من قبل الله سبحانه تجب طاعته ، و لا تجب طاعة المعصوم ، و بنو إسرائيل لم يكن فيهم معصوم موسى و هارون عليهما السلام و ليسا من الذين استضعفوا لقوله تعالى ( فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما و من اتبعكما الغالبون ) فلم يبق إلا أن يكون المراد بهذا آل محمد صلى الله عليه و آله 1 - و جاء بذلك أخبار منها : ما رواه محمد بن العباس ( ره ) ، عن عليه السلام علي بن عبد الله ابن أسد ، عن إبراهيم بن محمد ، عن يوسف بن كليب ( 1 ) المسعودي ، عن عمر بن عبد الغفار باسناده ، عن ربيعة بن نجاد ، قال سمعت عليا عليه السلام يقول في هذه الآية ، و قرأها هامش ص 413 .1 ) في نسختى ( ب ، م ) كلب .
(414)
الاية 61
قوله عز و جل ( و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ) و قال : لتعطفن هذه الدنيا على أهل البيت كما تعطف الضروس على ولدها ( 1 ) .2 - و قال أيضا : حدثنا علي بن عبد الله ، عن إبراهيم بن محمد ، عن يحيى بن صالح الجزيري باسناده ، عن أبي صالح ، عن علي عليه السلام كذا قال في قوله عز و جل ( و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين ) و الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتعطفن علينا هده الدنيا كما تعطف الضروس على ولدها ( 2 ) .و ( الضروس ) الناقة ( التي ) ( 3 ) يموت ولدها ، أو يذبح فيحشى جلده فتدنو منه و تعطف عليه .3 و قال الطبرسي ( ره ) : روى العياشي بالاسناد عن أبي الصباح الكناني قال : نظر أبو جعفر عليه السلام إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال : هذا و الله من الذين قال الله ( و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ) .4 - و قال سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام و الذي بعث محمدا بالحق بشيرا و نذيرا ، إن الابرار منا أهل البيت ، و شيعتهم بمنزلة موسى و شيعته ، و إن عدونا و أشباعه بمنزلة فرعون و أشياعه ( 4 ) .5 - و يؤيده ذلك : ما ذكره علي بن إبراهيم ( ره ) و هو من محاسن التأويل قال : ( و روي ) ( 5 ) في الخبر : أن الله تبارك و تعالى أحب أن يخبر رسول الله صلى الله عليه و آله بخبر فرعون فقال ( إن فرعون علا في الارض و جعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم و يستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين ) هامش ص 414 .1 ) عنه البحار : 24 / 170 ح 5 و البرهان : 3 / 219 ح 10 و حلية الابرار : 2 / 597 ح 3 .2 ) عنه البحار : 24 / 170 ح 6 و البرهان : 3 / 220 ح 11 و حلية الابرار : 2 / 597 ح 4 .3 ) ليس في نسخة ( م ) و الضروس : الناقة السيئة الخلق تعض حالبها .4 ) مجمع البيان : 7 / 239 و عنه البحار : 24 / 167 و البرهان : 3 / 219 ح 8 ، و رواه الطبرسي في مشكاة الانوار : 95 .5 ) ليس في نسخة ( أ ) و المصدر .
(415)
الاية 65 و 66 و 85
ثم انقطع خبر موسى ، و عطف على أهل بيت محمد صلى الله عليهم ، فقال ( و نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض و نجعلهم أئمة و نجعلهم الوارثين و نمكن لهم في الارض و نري فرعون و هامان و جنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) و إنما عني بهم آل محمد صلوات الله عليهم ، و لو كان عني فرعون و هامان لقال ( و نري فرعون و هامان و جنودهما - منهما ( 1 ) - ما كانوا يحذرون ) فلما قال ( منهم ) علمنا أنه عني آل محمد صلى الله عليه و آله إذا مكن الله الارض لهم .و أما قوله ( و نري فرعون و هامان و جنودهما ) يعني : الذين غصبوا آل محمد حقوقهم و هو مثل قول أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته يوم بويع له : ألا و قد أهلك الله فرعون و هامان ، و خسف بقارون ، و إنما أخبر الله رسوله أن ذريتك يصيبهم الفتن و الشدة في آخر الزمان من عدوهم كما أصاب موسى و بني إسرائيل من فرعون .ثم يظهر أمرهم على يدي رجل من أهل بيتك ، تكون قصته كقصة موسى ، و يكون بين الناس و لا يعرف حتى أذن الله له ، و هو قوله تعالى : ( اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا و إن الله على نصرهم لقدير ) ( 2 ) .و قوله تعالى : قال سنشد عضدك بأخيك و نجعل لكما سلطنا 6 - تأويله : قال محمد بن العباس ( ره ) : حدثنا الحسين بن محمد بن يحيى الحسيني ( 3 ) ، عن جده يحيى بن الحسن ( 4 ) ، عن أحمد بن يحيى الاودي ( 5 ) ، عن عمر ابن حامد ( 6 ) بن طلحة ، عن ( 7 ) عبيد الله بن المهلب البصري ، عن المنذر بن زياد الضبي ( 8 ) هامش ص 415 .1 ) كذا في نسخة ( ب ) ، و فى بقية النسخ ( منه ) .2 ) تفسير القمي : 482 مع اختلاف و عنه البحار : 24 / 168 ح 3 وج 53 / 54 ح 32 و البرهان : 3 / 220 ح 3 ، و الاية 39 من سورة الحج .3 ) في نسخة ( ب ) الحسني .4 ) في البرهان : يحيى بن الحسين .5 ) في نسخة ( أ ) الازدى .6 ) في البرهان : عمر بن خالد .7 ) في نسخة ( ج ) بن .8 ) في البرهان : الصيني .
(416)
عن أبان ، عن أنس بن مالك قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و آله مصدقا إلى قوم فعدوا على المصدق فقتلوه ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و آله و سلم فبعث إليهم عليا عليه السلام ، فقتل المقاتلة و سبى الذرية ، فلما بلغ علي عليه السلام أدنى المدينة تلقاه رسول الله صلى الله عليه و آله و التزمه و قبل ما بين عينيه ، و قال : بأبي و أمي من شد الله به عضدي كما شد عضد موسى بهارون ( 1 ) .و قوله تعالى : و ما كنت بجانب الغربي إذ قضينآ إلى موسى الامر و ما كنت من الشهدين [ 44 ]7 - تأويله : قال محمد بن العباس ( ره ) : حدثنا علي بن أحمد بن حاتم ، عن حسن بن عبد الواحد ، عن سليمان بن محمد بن ( 2 ) أبي فاطمة ، عن جابر بن إسحاق البصري ، عن النضر بن إسماعيل الواسطي ، عن جوهر ، عن ( 3 ) الضحاك ، عن ابن عباس في قول الله عز و جل ( و ما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر و ما كنت من الشاهدين ) قال : بالخلافة ليوشع بن نون من بعده .ثم قال الله : لن أدع نبيا من وصي و أنا باعث نبيا عربيا و جاعل وصيه عليا فذلك قوله ( و ما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر ) في الوصاية و حدثه بما هو كائن بعده .قال ابن عباس : و حدث الله نبيه صلى الله عليه و آله بما هو كائن ، و حدثه باختلاف هذه الائمة من بعده ، فمن زعم أن رسول الله ما تعين وصيه ( 4 ) فقد كذب على الله عز و جل ، و على نبيه صلى الله عليه و آله ( 5 ) .هامش ص 416 .1 ) عنه البرهان : 3 / 226 ح 1 ، و أخرج نحوه في البحار : 38 / 305 عن مناقب ابن شهر اشوب : 2 / 67 .2 ) في نسخة ( ب ) سليمان بن محمد ، عن أبى فاطمة جابر بن إسحاق البصري .3 ) في نسخة ( ج ) بن ( خ ل - عن ) .4 ) في نسخ ( أ ، ج ، م ) مات بغير وصية .5 ) عنه البحار : 26 / 295 ح 58 و البرهان : 3 / 227 ح 1 .
(417)
الاية 88
8 - و جاء ( 1 ) في تفسير أهل البيت ، صلوات الله عليهم : قال : روى بعض اصحابنا عن سعيد بن الخطاب حديثا يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى عز و جل ( و ما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر و ما كنت من الشاهدين ) ( قال أبو عبد الله عليه السلام : إنما هي ( أو ما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر و ما كنت من الشاهدين ) ) ( 2 ) 9 - قال أبو عبد الله في بعض رسائله : ليس موقف أوقف الله سبحانه نبيه فيه ليشهده و يستشهده إلا و معه أخوه و قرينه و ابن عمه و وصيه و يؤخذ ميثاقهما معا .صلوات الله عليهما و على ذريتهما الطيبين دائمة في كل أوان و حين ( 3 ) .و قوله تعالى : و ما كنت بجانب الطور إذ نادينا و لكن رحمة من ربك 10 - تأويله : قال محمد بن العباس ( ره ) : حدثنا جعفر بن محمد بن مالك ، عن الحسن بن علي بن مروان ، عن ظاهر ( 4 ) بن مدرار ، عن أخيه ، عن أبي سعيد المدائني قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز و جل ( و ما كنت بجانب الطور إذ نادينا ) قال : كتاب كتبه الله عز و جل في ورقة آس ( 5 ) قبل أن يخلق الخلق بألفي عام فيها مكتوب : يا شيعة آل محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني ، و غفرت لكم قبل أن تستغفروني ، من أتى منكم بولاية محمد و آل محمد أسكنته جنتي برحمتي ( 6 ) .11 - و يؤيده : ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي ( ره ) بإسناده عن الفضل بن شاذان يرفعه إلى سليمان الديلمي ، عن مولانا جعفر بن محمد عليه السلام قال : قلت لسيدي هامش ص 417 .1 ) في نسخة ( ج ) يؤيده .2 ) عنه البحار : 296 / 26 ح 59 ، و ما بين القوسين ليس في نسخة ( ج ) .3 ) عنه البحار : 296 / 26 ح 60 و البرهان : 3 / 227 ذح 1 .4 ) في البحار : طاهر .و فى نسخة ( ب ) طاهرين مروان .5 ) في نسخ ( ب ، ج ، م ) و البرهان .( أثبته فيها ) بدل ( آس ) .6 ) عنه البحار : 26 / 296 ح 61 و البرهان : 3 / 227 ح 1 .
(418)
أبي عبد الله عليه السلام : ما معنى قول الله عز و جل ( و ما كنت بجانب الطور إذ نادينا ) ؟ قال : كتاب كتبه الله عز و جل قبل أن يخلق الخلق بألفي عام في ورقة آس فوضعها على العرش .قلت : يا سيدي و ما في ذلك الكتاب ؟ قال : في الكتاب مكتوب : يا شيعة آل محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني ، و غفرت لكم قبل أن تعصوني و عفوت عنكم قبل أن تذنبوا ، من جاءني ( 1 ) ( منكم ) ( 2 ) بالولاية أسكنته جنتي برحمتي ( 3 ) .12 - و جاء ( 4 ) في تفسير مولانا أبي محمد العسكري عليه السلام تأويل حسن و هو : قال الامام عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه و آله : لما بعث الله تعالى موسى بن عمران و اصطفاه نجيا ، و فلق له البحر و نجى بني إسرائيل ، و أعطاه التوراة و الالواح ، رأى مكانه من ربه عز و جل ، فقال : يا رب لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي .فقال الله تعالى : ( يا موسى أما علمت أن محمدا أفضل عندي من جميع ملائكتي و خلقي ) ؟ قال موسى : يا رب فان كان محمد أكرم عندك من جميع خلقك ، فهل في آل الانبياء أكرم من آلي ؟ قال الله عز و جل ( يا موسى أما علمت أن فضل آل محمد على آل جميع النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين ) ؟ فقال : يا رب فان كان آل محمد عندك كذلك ، فهل في صحابة الانبياء أكرم عندك من صحابتي ؟ قال الله تبارك و تعالى : ( أما علمت يا موسى أن فضل صحابة محمد على جميع صحابة المرسلين كفضل آل محمد على جميع آل النبيين ، و فضل محمد على جميع المرسلين ) ؟ فقال موسى : يا رب فان كان محمد و آله و أصحابه كما وصفت ، فهل في امم هامش ص 418 .1 ) في البحار : أتى .2 ) ليس في نسخة ( م ) .3 ) عنه البحار : 26 / 296 ح 62 و البرهان : 3 / 228 ح 2 ، و فى البحار : 24 / 266 ح 30 عنه و عن تفسير فرات : 117 ، و أخرجه في البحار : 13 / 382 ح 80 عن تفسير فرات .4 ) في نسخة ( أ ) هكذا : و الصدوق قدس سره في عيون الاخبار و غيره بإسناده إلى أبى محمد العسكري عليه السلام .الخ .
(419)
* سورة العنكبوت * الاية 1 - 2
الانبياء أفضل عندك من أمتي ظللت عليهم الغمام ، و أنزلت عليهم المن و السلوى و فلقت لهم البحر ؟ فقال الله تعالى ( يا موسى أما علمت أن فضل امة محمد على جميع الامم كفضلي ( 1 ) على جميع خلقي ؟ ) فقال موسى - عند ذلك - : يا رب ليتني كنت أراهم .فأوحى الله إليه ( يا موسى إنك لن تراهم فليس هذا أوان ظهورهم و لكن سوف تراهم في جنات عدن و الفردوس بحضرة محمد في نعمها ( 2 ) يتقلبون ، و في خيراتها يتبحبحون ، أ فتحب أن اسمعك كلامهم ) ؟ قال : نعم يا إلهي .قال : قم بين يدي و اشدد مئزرك [ وقم ]( 3 ) قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل .ففعل ذلك موسى .فنادي ربنا عز و جل : يا امة محمد ! فأجابوا كلهم و هم في أصلاب آبائهم و أرحام أمهاتهم : لبيك أللهم لبيك ، لبيك ( لا شريك لك لبيك ) ( 4 ) إن الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك لبيك [ قال ]( 5 ) فجعل الله تلك الاجابة منهم شعار الحج .ثم نادى ربنا عز و جل : يا امة محمد قضائي عليكم : إن رحمتي سبقت غضبي و عفوي قبل عقابي ، و قد استجبت لكم قبل أن تدعوني و أعطيتكم قبل أن تسألوني من لقيني منكم يشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله صادق في أقواله محق ( 6 ) في أفعاله و أن علي بن أبي طالب أخوه و وصيه من بعده و وليه يلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد ، و أن ذريته المصطفين المطهرين المباينين ( 7 ) لغيرهم بعجائب آيات الله و دلائل حجج الله من بعدهما أولياؤه أدخله جنتي و لو كان ( 8 ) هامش ص 419 .1 ) في البحار : كفضله .2 ) في نسخة ( م ) نعيمها .3 ) من نسخة ( ج ) .4 ) ليس في نسخ ( أ ، ج ، م ) .5 ) من المصدر ، و فيه : لا شريك لبيك ، و فى نسخة ( ج ) لا شريك لك .فيهما سقط .6 ) في نسخة ( م ) محقق .7 ) في نسخة ( ج ) البائنين ، و فى البرهان : الميامين المتنابين .8 - في تفسير الامام : و إن كانت .