رسائل معاوية إلى الإمام في دم عثمان - موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ جلد 6

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ - جلد 6

محمد محمدی ری شهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




الأحلاف، ومنّا سيّدا شباب أهل الجنّة ومنكم صبية النار، ومنّا خير نساء العالمين ومنكم حمّالة الحطب في كثير ممّا لنا وعليكم؛ فإسلامنا قد سُمع، وجاهليّتنا لا تُدفع، وكتاب اللَّه يجمع لنا ما شذّ عنّا وهو قوله سبحانه وتعالى: ''وَأُوْلُواْ الأَْرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِى كِتَبِ اللَّهِ''


[
الأنفال: 75.]

وقوله تعالى: ''إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَ هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَاللَّهُ وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ''


[
آل عمران: 68.]

فنحن مرّة أولى بالقرابة، وتارة أولى بالطاعة. ولمّا احتجّ المهاجرون على الأنصار يوم السقيفة برسول اللَّه صلى الله عليه و آله فلجوا عليهم، فإن يكن الفلج به فالحقّ لنا دونكم، وإن يكن بغيره فالأنصار على دعواهم.


وزعمت أنّي لكلّ الخلفاء حسدت وعلى كلّهم بغيت، فإن يكن ذلك كذلك فليست الجناية عليك فيكون العذر إليك:


وتلك شكاة ظاهرٌ عنك عارُها


وقلت إنّي كنت اُقاد كما يقاد الجمل المخشوش حتى اُبايع، ولعمر اللَّه لقد أردت أن تذمّ فمدحت، وأن تفضح فافتَضحت! وما على المسلم من غضاضة في أن يكون مظلوماً ما لم يكن شاكّاً في دينه، ولا مرتاباً بيقينه. وهذه حجّتي إلى غيرك قصدها، ولكنّي أطلقت لك منها بقدر ما سنح من ذكرها.


ثمّ ذكرت ما كان من أمري وأمر عثمان فلك أن تجاب عن هذه لِرَحِمِك منه، فأيّنا كان أعدى له وأهدى إلى مَقاتله. أمَن بذل له نصرته فاستقعده واستكفَّه، أم من استنصره فتراخى عنه وبثَّ المنون إليه حتى أتى قدره عليه؟


كلا واللَّه ل''قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَ الْقَآلِلِينَ لِإِخْوَ نِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَ لَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً''


[
الأحزاب: 18.]

وما كنت لأعتذر من أنّي كنت أنقم عليه أحداثاً، فإن كان الذنب إليه إرشادي وهدايتي له فرُبَّ ملوم لا ذنب له:


وقد يستفيد الظِّنَّة المتنصِّحُ.


وما أردت إلّا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلاّ باللَّه عليه توكلت وإليه اُنيب.


وذكرت أنّه ليس لي ولاصحابي عندك إلّا السيف فلقد أضحكتَ بعد استعبار! متى ألفيت بني عبد المطلب عن الأعداء ناكلين، وبالسيف مُخَوَّفين؟! فَ


لَبِّثْ قليلاً يلحقِ الهيجا حَمَل


فسيطلبك من تطلب، ويقرب منك ما تستبعد، وأنا مرقلٌ نحوك في جحفل من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان، شديدٌ زحامُهم، ساطع قَتامهم، متسربلين سرابيل الموت، أحبّ اللقاء إليهم لقاء ربّهم، وقد صَحِبَتْهم ذرّيّةٌ بدريّةٌ وسيوف هاشميّة، قد عَرَفْتَ مواقع نِصالها في أخيك وخالك وجدّك وأهلك


[
إليك خلاصة ما ذكره ابن أبي الحديد في شرح ألفاظ الجواب المذكور: هَجَر: اسم مدينة كثيرة النخل يُحمل منها التمر إلى غيرها. مسدّده: معلِّمه، والنِّضال: الرمي. فلان وفلان: اُبو بكر و عمر. حَنَّ قِدح ليس منها: مثلٌ يُضرب لمن يُدخل نفسه بين قوم ليس له أن يدخل بينهم، وأصله القِداح من عود واحد يَجعل فيها قِدْح من غير ذلك الخشب، فيصوّت بينها إذا أرادها المفيض، فذلك الصوت هو حَنينُه. وتربَع: أي ترفق بنفسك وتكفّ ولا تحمل عليها ما لا تطيقه. والظَّلْع: مصدر ظَلَع البعير يظلعُ أي غمز في مشية. قُطعت أيديهم: إشارة إلى جعفر. عاديّ طولنا: أي قديم فضلنا. المكذِّب: أبوسفيان. أسدُ اللَّه: حمزة. أسد الأحلاف: عتبة بن ربيعة. صِبية النار: صِبية عُقبة بن أبي معيط "شرح نهج البلاغة: 188:15 تا 196".]



''وَ مَا هِىَ مِنَ الظَّلِمِينَ بِبَعِيدٍ''.


[
هود: 83.]


[
نهج البلاغة: الكتاب 28، الاحتجاج: 90:417:1، بحارالأنوار: 398:57:33 وراجع الفتوح: 534:2 تا 537. قال ابن أبي الحديد: سألت النقيب أباجعفر يحيى بن أبي زيد فقلت: أرى هذا الجواب منطبقاً على كتاب معاوية الذي بعثه مع أبي مسلم الخولاني إلى عليّ عليه السلام، فإن كان هذا هو الجواب فالجواب الذي ذكره أرباب السيرة، وأورده نصر بن مزاحم في وقعة صفّين إذاً غير صحيح، وإن كان ذلك الجواب فهذا الجواب إذاً غير صحيح ولا ثابت؛ فقال لي: بل كلاهما ثابت مرويّ "شرح نهج البلاغة: 184:15 وراجع وقعة صفّين: 88".]



رسائل معاوية إلى الإمام في دم عثمان



2390- الكامل للمبرّد: كتب |معاوية| إلى عليّ رضى الله عنه:


من معاوية بن صخر إلى عليّ بن أبي طالب:


أمّا بعد؛ فلعمري لو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت بري ءٌ من دم عثمان كنت كأبي بكر وعمر وعثمان، ولكنّك أغريت بعثمان المهاجرين، وخذّلت عنه الأنصار، فأطاعك الجاهل، وقوي بك الضعيف. وقد أبى أهل الشام إلّا قتالك حتى تدفع إليهم قتلة عثمان، فإن فعلت كانت شورى بين المسلمين.


ولعمري ما حجّتك عليَّ كحجّتك على طلحة والزبير، لأنّهما بايعاك ولم أبايعك. وما حجّتك على أهل الشام كحجّتك على أهل البصرة؛ لأنّ أهل البصرة أطاعوك ولم يطعك أهل الشام. وأمّا شرفك في الإسلام وقرابتك من


رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وموضعك من قريش فلست أدفعه.


[
الكامل للمبرّد: 423:1، شرح نهج البلاغة: 88:3، العقد الفريد: 329:3، المناقب للخوارزمي: 240:203، الإمامة والسياسة: 121:1 والثلاثة الأخيرة نحوه؛ بحارالأنوار: 365:394:32.]



2391- وقعة صفّين عن أبي ورق: إنّ أبامسلم الخولاني قدم إلى معاوية في اُناس من قرّاء أهل الشام، قبل مسير أميرالمؤمنين عليه السلام إلى صفّين، فقالوا له: يا معاوية علام تقاتل عليّاً، وليس لك مثل صحبته ولا هجرته ولا قرابته ولا سابقته؟ قال لهم: ما اُقاتل عليّاً وأنا أدّعي أنّ لي في الإسلام مثل صحبته ولا هجرته ولا قرابته ولا سابقته، ولكن خبّروني عنكم؛ ألستم تعلمون أنّ عثمان قُتل مظلوماً؟ قالوا: بلى. قال: فليَدَعْ إلينا قتلته فنقتلهم به، ولا قتال بيننا وبينه. قالوا: فاكتب إليه كتاباً يأتيه به بعضنا. فكتب إلى عليّ هذا الكتاب مع أبي مسلم الخولاني....


من معاوية بن أبي سفيان إلى عليّ بن أبي طالب: سلام عليك، فإنّي أحمد إليك اللَّه الذي لا إله إلّا هو.


أمّا بعد؛ فإنّ اللَّه اصطفى محمّداً بعلمه، وجعله الأمين على وحيه، والرسول إلى خلقه، واجتبى له من المسلمين أعواناً أيّده اللَّه بهم، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام؛ فكان أفضلهم في إسلامه، وأنصحهم للَّه ولرسوله الخليفة من بعده، وخليفة خليفته، والثالث الخليفة المظلوم عثمان، فكلّهم حسدتَ، وعلى كلّهم بغيتَ. عرفنا ذلك في نظرك الشَّزْر، وفى قولك الهجر، وفي تنفسّك الصُّعَداء، وفي إبطائك عن الخلفاء، تقاد إلى كلّ منهم كما يقاد الفحل


المخشوش


[
هو الذي جُعل في أنفه الخِشاش؛ وهو عُوَيد يُجعل في أنف البعير يشدُّ به الزِّمام؛ ليكون أسرع لانقياده "النهاية: 34:2 وص 33".]

حتى تبايع وأنت كاره.


ثمّ لم تكن لأحد منهم بأعظم حسداً منك لابن عمّك عثمان، وكان أحقَّهم ألّا تفعل به ذلك في قرابته وصهره؛ فقطعت رحمه، وقبَّحت محاسنه، وألّبت الناس عليه، وبطنت وظهرت، حتى ضرِبَتْ إليه آباط الإبل، وقِيدت إليه الخيل العِراب، وحُمل عليه السلاح في حرم رسول اللَّه، فقُتل معك في المحلّة وأنت تسمع في داره الهائعة، لا تردع الظنّ والتُّهَمة عن نفسك فيه بقول ولا فعل.


فاُقسم صادقاً أن لو قمتَ فيما كان من أمره مقاماً واحداً تُنَهْنِه الناس عنه ما عدل بك من قبلنا من الناس أحداً، ولمحا ذلك عندهم ما كانوا يعرفونك به من المجانبة لعثمان والبغي عليه.


واُخرى أنت بها عند أنصار عثمان ظَنين:


[
من الظِّنَّة: الشكّ والتهمة "النهاية: 163:3".]

إيواؤك؛ قتلة عثمان، فهم عضدك وأنصارك ويدك وبطانتك. وقد ذُكِر لي أنّك تَنَصَّلُ من دمه، فإن كنت صادقاً فأمكِنّا من قتلته نقتلهم به، ونحن أسرع الناس إليك. وإلّا فإنّه فليس لك ولا لأصحابكَ إلّا السيف.


والذي لا إله إلّا هو لنطلبنّ قتلة عثمان في الجبال والرمال، والبرّ والبحر، حتى يقتلهم اللَّه، أو لتلحقنّ أرواحنا باللَّه. والسلام.


[
وقعة صفّين: 85، بحارالأنوار: 408:108:33؛ شرح نهج البلاغة: 73:15، المناقب للخوارزمي: 250 نحوه.]



2392- شرح نهج البلاغة- في ذكر كتابٍ كتبه معاوية إلى الإمام عليه السلام-: من معاوية


ابن أبي سفيان إلى عليّ بن أبي طالب:


أمّا بعد؛ فإنّا بني عبد مناف لم نزل نَنْزع من قَلِيب واحد، ونجري في حلبة واحدة ليس لبعضنا على بعض فضل، ولا لقائمنا على قاعدنا فخر، كلمتنا مؤتلفة، واُلفَتُنا جامعة، ودارنا واحدة، يجمعنا كرم العرق، ويحوينا شرف النِّجار،


[
أي الأصل والحسب "لسان العرب: 193:5".]

ويحنو قويّنا على ضعيفنا، ويواسي غنيّنا فقيرنا، قد خلصت قلوبنا من وغل الحسد، وطهرت أنفسنا من خبث النيّة.


فلم نزل كذلك حتى كان منك ما كان من الإدهان في أمر ابن عمّك والحسد له ونصرة الناس عليه، حتى قتل بمشهد منك لا تدفع عنه بلسان ولا يد، فليتك أظهرت نصره حيث أسررت خبره، فكنت كالمتعلّق بين الناس بعذر وإن ضعف، والمتبرّئ من دمه بدَفع وإن وهن ولكنّك جلست في دارك تدسّ إليه الدواهي، وترسل إليه الأفاعي، حتى إذا قضيت وطرك منه أظهرت شماتة، وأبديت طلاقة، وحسرت للأمر عن ساعدك، وشمّرت عن ساقك، ودعوت الناس إلى نفسك، وأكرهت أعيان المسلمين على بيعتك.


ثمّ كان منك بعد ما كان من قتلك شيخي المسلمين أبي محمّد طلحة، وأبي عبد اللَّه الزبير، وهما من الموعودين بالجنّة والمبشَّر قاتل أحدهما بالنار في الآخرة.


هذا إلى تشريدك باُمّ المؤمنين عائشة، وإحلالها محلّ الهون متبذّلة بين أيدي الأعراب وفسقة أهل الكوفة، فمن بين مشهر لها، وبين شامت بها، وبين ساخر منها، ترى ابن عمّك كان بهذه لو رآه راضياً أم كان يكون عليك ساخطاً، ولك عنه


زاجراً! أن تؤذي أهله، وتُشَرّد بحليلته، وتسفك دماء أهل ملّته.


ثمّ تركك دار الهجرة التي قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عنها: ''إنّ المدينة لتنفي خبثها كما ينفي الكيرُ خبث الحديد'' فلعمري لقد صحّ وعده، وصدق قوله، ولقد نفت خبثها، وطردت عنها من ليس بأهل أن يستوطنها، فأقمتَ بين المِصْرين، وبعدت عن بركة الحرمين، ورضيت بالكوفة بدلاً من المدينة، وبمجاورة الخورْنق والحيرة عوضاً عن مجاورة خاتم النبوّة، ومن قبل ذلك ما عبتَ خليفتَي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أيّام حياتهما، فقعدت عنهما، وألّبتَ عليهما، وامتنعت من بيعتهما، ورمت أمراً لم يرَك اللَّه تعالى له أهلاً، ورقِيت سُلِّماً وعراً وحاولت مقاماً دحضاً، وادّعيت ما لم تجد عليه ناصراً


ولعمري لو وَليتها حينئذٍ لما ازدادت إلّا فساداً واضطراباً، ولا أعقبت ولايتكها إلّا انتشاراً وارتداداً؛ لأنّك الشامخ بأنفه، الذاهب بنفسه، المستطيل على الناس بلسانه ويده، وها أنا سائر إليك في جمع من المهاجرين والأنصار تحفّهم سيوف شاميّة، ورماح قحطانيّة، حتى يحاكموك إلى اللَّه.


فانظر لنفسك وللمسلمين، وادفع إليَّ قتلة عثمان؛ فإنّهم خاصّتك وخلصاؤك والمحدقون بك، فإن أبيت إلّا سلوك سبيل اللجاج والإصرار على الغيّ والضلال فاعلم أنّ هذه الآية إنّما نزلت فيك وفي أهل العراق معك: ''وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُّطْمَل-ِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَ قَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ''.


[
النحل: 112.]


[
شرح نهج البلاغة: 251:17؛ بحارالأنوار: 402:89:33.]



اجوبة الإمام عن الرسائل بما لا مزيد عليه



2393- الإمام عليّ عليه السلام- من كتاب له إلى معاوية-: من عليّ إلى معاوية بن صخر: أمّا بعد؛ فقد أتاني كتاب امرئ ليس له نظر يهديه ، ولا قائد يُرشده، دعاه الهوى فأجابه، وقاده فاتّبعه.


زعمت أنّه أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان. ولعمري ما كنتُ إلّا رجلاً من المهاجرين؛ أوردت كما أوردوا، وأصدرت كما أصدروا. وما كان اللَّه ليجمعهم على ضلالة، ولا ليضربهم بالعمى، وما أمرت فيلزمني خطيئة الآمر، ولا قتلت فيجب عليّ القصاص.


وأمّا قولك إنّ أهل الشام هم الحكّام على أهل الحجاز، فهاتِ رجلاً من قريش الشام يقبل في الشورى أو تحلّ له الخلافة. فإن زعمت ذلك كذبك المهاجرون والأنصار، وإلّا أتيتك به من قريش الحجاز.


وأمّا قولك: ادفع إلينا قتلة عثمان، فما أنت وعثمان؟ إنّما أنت رجل من بني اُميّة، وبنو عثمان أولى بذلك منك. فإن زعمت أنّك أقوى على دم أبيهم منهم فادخل في طاعتي، ثمّ حاكم القومَ إليّ أحملْك وإيّاهم على المحجّة.


وأمّا تمييزك بين الشام والبصرة وبين طلحة والزبير فلعمري ما الأمر فيما هناك إلّا واحد؛ لأنّها بيعة عامّة لا يُثنى فيها النظر، ولا يُستأنف فيها الخيار.


وأمّا ولوعك بي في أمر عثمان فما قلت ذلك عن حقّ العيان، ولا يقين الخبر. وأمّا فضلي في الإسلام وقرابتي من النبيّ صلى الله عليه و آله وشرفي في قريش فلعمري لو


استطعتَ دفع ذلك لدفعته.


[
وقعة صفّين: 57، بحارالأنوار: 379:32؛ شرح نهج البلاغة: 89:3 نحوه وراجع المناقب للخوارزمي: 204.]



2394- عنه عليه السلام- من كتاب له إلى معاوية-: من عبد اللَّه عليّ أميرالمؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان:


أمّا بعد؛ فإنّ أخا خولان قدم عليَّ بكتاب منك تذكر فيه محمّداً صلى الله عليه و آله، وما أنعم اللَّه عليه به من الهدى والوحي. والحمد للَّه الذي صدقه الوعد، وتمّم له النصر، ومكّن له في البلاد، وأظهره على أهل العداء والشنآن من قومه الذين وثبوا به، وشنفوا له، وأظهروا له التكذيب، وبارزوه بالعداوة، وظاهروا على إخراجه وعلى إخراج أصحابه وأهله، وألّبوا عليه العرب، وجامعوهم على حربه، وجهدوا في أمره كلّ الجهد، وقلّبوا له الاُمور حتى ظهر أمر اللَّه وهم كارهون.


وكان أشدّ الناس عليه ألبةً اُسرته، والأدنى فالأدنى من قومه إلّا من عصمه اللَّه.


يا بن هند! فلقد خبأ لنا الدهر منك عجباً! ولقد قدمت فأفحشت؛ إذ طفقت تخبرنا عن بلاء اللَّه تعالى في نبيّه محمّد صلى الله عليه و آله وفينا، فكنت في ذلك كجالب التمر إلى هَجَر، أو كداعي مسدِّده إلى النِّضال.


وذكرت أنّ اللَّه اجتبى له من المسلمين أعواناً أيّده اللَّه بهم، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الإسلام، فكان أفضلهم- زعمتَ- في الإسلام، وأنصحهم للَّه ورسوله الخليفة، وخليفة الخليفة. ولعمري إنّ مكانهما من الإسلام لعظيم، وإنّ المصاب بهما لجرح في الإسلام شديد. رحمهما اللَّه وجزاهما


بأحسن الجزاء.


وذكرت أنّ عثمان كان في الفضل ثالثاً؛ فإن يكن عثمان محسناً فسيجزيه اللَّه بإحسانه، وإن يك مسيئاً فسيلقى ربّاً غفوراً لا يتعاظمه ذنب أن يغفره.


ولعمر اللَّه إنّي لأرجو- إذا أعطى اللَّه الناس على قدر فضائلهم في الإسلام ونصيحتهم للَّه ورسوله- أن يكون نصيبنا في ذلك الأوفر.


إنّ محمّداً صلى الله عليه و آله لمّا دعا إلى الإيمان باللَّه والتوحيد كنّا- أهلَ البيت- أوّل من آمن به، وصدّق بما جاء به، فلبثنا أحوالاً مجرَّمة، وما يَعبد اللَّه في رَبعٍ ساكن من العرب غيرنا، فأراد قومنا قتل نبيّنا، واجتياح أصلنا، وهمُّوا بنا الهمومَ، وفعلوا بنا الأفاعيل؛ فمنعونا المِيرةً، وأمسكوا عنّا العَذْب، وأحلسونا الخوف،


[
أي ألزموناه ولم يفارقنا "انظر النهاية: 424:1".]

وجعلوا علينا الأرصاد والعيون، واضطرونا إلى جبل وعر، وأوقدوا لنا نار الحرب، وكتبوا علينا بينهم كتاباً لا يواكلونا ولا يشاربونا ولا يناكحونا ولا يبايعونا ولا نأمن فيهم حتى ندفع النبيّ صلى الله عليه و آله فيقتلوه ويُمثّلوا به. فلم نكن نأمن فيهم إلّا من موسم إلى موسم، فعزم اللَّه لنا على منعه، والذبّ عن حوزته، والرمي من وراء حرمته، والقيام بأسيافنا دونه، في ساعات الخوف بالليل والنهار، فمؤمننا يرجو بذلك الثواب، وكافرنا يحامي به عن الأصل.


فأمّا من أسلم من قريش بعدُ فإنّهم ممّا نحن فيه أخلياء؛ فمنهم حليف ممنوع، أو ذو عشيرة تدافع عنه؛ فلا يبغيه أحد بمثل ما بغانا به قومنا من التلف، فهم من القتل بمكان نجوة وأمن. فكان ذلك ما شاء اللَّه أن يكون.


ثمّ أمر اللَّه رسوله بالهجرة، وأذِن له بعد ذلك في قتال المشركين، فكان إذا


/ 40