اهداف معاوية في حرب الدّعاية وحكمة أجوبة الإمام - موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ جلد 6

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ - جلد 6

محمد محمدی ری شهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


اهداف معاوية في حرب الدّعاية وحكمة أجوبة الإمام


تأمُّل الرسائل التي تبودلت بين الإمام ومعاوية أثناء الحرب الدعائيّة، وما ينطوي عليه جواب معاوية من جرأة ووقاحة؛ يفضي بالباحث إلى السؤال التالي: لماذا فتح الإمام باب المكاتبة وتبادل الكتب مع شخص مثل معاوية؟ ألم يكن الأفضل أن يهمل الإمام جواب معاوية ليكون بمنأى عن كلّ ذلك التعريض والبذاءة؟

يكتب ابن أبي الحديد بعد نقل شطر من الكتب التي جرت بين الإمام ومعاوية، ما نصّه: 'قلت: وأعجب وأطرب ما جاء به الدهر- وإن كانت عجائبه وبدائعه جمّة- أن يُفضي أمر عليّ عليه السلام إلى أن يصير معاوية نِدّاً له ونظيراً مماثلاً، يتعارضان الكتاب والجواب، ويتساويان فيما يواجه به أحدهما صاحبه، ولا يقول له علي عليه السلام كلمة إلّا قال مثلها، وأخشن مَسّاً منها، فليت محمّداً صلى الله عليه و آله كان شاهد ذلك! ليرى عياناً لا خبراً أنّ الدعوة التي قام بها، وقاسى أعظم المشاقّ في

تحمّلها، وكابد الأهوال في الذبّ عنها، وضرب بالسيوف عليها لتأييد دولتها، وشيّد أركانها، وملأ الآفاق بها، خلَصت صفواً عفواً لأعدائه الذين كذّبوه، لمّا دعا إليها، وأخرجوه عن أوطانه لمّا حضَّ عليها، وأدموا وجهه، وقتلوا عمّه وأهله، فكأنّه كان يسعى لهم، ويدأب لراحتهم؛ كما قال أبوسفيان في أيّام عثمان، وقد مرَّ بقبر حمزة، وضربه برجله، وقال: يا أباعُمارة! إنَّ الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمسى في يد غلماننا اليوم يتلعّبون به!

ثمّ آل الأمر إلى أن يفاخر معاوية عليّاً، كما يتفاخر الأكفاء والنظراء!!

إذا عيّر الطائيَّ بالبخلِ مادِرٌ

وقَرّعَ قُسّاً بالفَهاهة باقلُ

وقال السُّها للشمسِ: أنتِ خفيّةٌ

وقال الدُّجَى: يا صبحُ لونُك حائلُ

وفاخَرتِ الأرضُ السماءَ سفاهةً

وكاثرتِ الشهبَ الحصا والجنادلُ

فيا موتُ زُرْ إنّ الحياةَ ذميمةٌ

ويا نفسِ جِدّي إنّ دهرَكِ هازلُ!

ثمّ أقول ثانياً لأمير المؤمنين عليه السلام: ليت شعري، لماذا فتح باب الكتاب والجواب بينه وبين معاوية؟! وإذا كانت الضرورة قد قادت إلى ذلك فهلّا اقتصر في الكتاب إليه على الموعظة من غير تعرّض للمفاخرة والمنافرة! وإذا كان لابدّ منهما فهلّا اكتفى بهما من غير تعرّض لأمر آخر يوجب المقابلة والمعارضة بمثله، وبأشدّ منه: 'وَلَا تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوَم ا بِغَيْرِ عِلْمٍ'...

[ الأنعام: 108.]

ولعلّه عليه السلام قد كان يظهر له من المصلحة حينئذٍ ما يغيب عنّا الآن، وللَّه أمر هو بالغه!'.

[ شرح نهج البلاغة: 136:16.]


وحقيقة الأمر تؤول إلى ما ذكره ابن أبي الحديد نهاية كلامه بصيغة الاحتمال.

فالشي ء الجزمي أنّ الإمام لم يلج مضمار هذه الحرب الدعائيّة من دون حكمة، ولكي نتلمّس الحكمة من وراء مكاتبات الإمام يتحتّم أن نعرف في البدء طبيعة الأهداف التي كان يتوخاها معاوية من إطلاق الحرب الدعائيّة ضدّ الإمام.

اهداف معاوية


قبل أن ندلف إلى تبيين الأهداف التي كان يصبو إليها معاوية من الحرب الدعائية، من الضروري أن نشير إلى أنّ الرسائل السياسيّة كانت تعدّ في ذلك العصر واحدة من أهمّ أدوات الحرب النفسيّة والدعائيّة. ففي ذلك العهد كانت وسائل الإعلام تقتصر على الخطب العامّة والرسائل، ومن الطبيعي أن يكون للرسائل فاعليّة إعلاميّة تفوق ما للخطابة. وربّما استطعنا أن نقارب التأثير الإعلامي للرسائل في ذلك العصر بما للصحافة المعاصرة من موقع في وقتنا الحاضر.

لقد بادر معاوية إلى شنّ حرب دعائيّة شاملة ضدَّ الإمام قبل أن تبدأ لحظة الاشتباك العسكري المباشر معه. فبالاستناد إلى مرتكزات نهجه السياسي رام معاوية من وراء حرب الدعاية هذه أن يهيّئ الأرضيّة الاجتماعيّة للالتحام العسكري المباشر، حيث وظّف في هذه الحرب آليّة الخطابة وآليّة الرسالة في الوقت ذاته.

لقد كان يبغي من وراء حربه الدعائيّة تحقيق عدد من الأهداف، هي:

اتّهام الإمام بقتل عثمان


يركّز الشطر الأعظم من كتب معاوية إلى الإمام على هذا الموضوع. أمّا البواعث التي أملت على معاوية اتّهام الإمام بالتورّط بقتل عثمان، فقد تمثّلت- من جهة- بالطعن بأهليّة الإمام في تسنّم الخلافة، كما تحرّكت- من جهة ثانية-

باتّجاه تمهيد الأجواء للاصطدام العسكري المباشر معه بذريعة الطلب بدم عثمان، ومن ثمّ تهيئة المناخ اللازم لوصول معاوية نفسه إلى السلطة.

كثيرة هي الوثائق التأريخيّة التي تثبت صحّة هذا الادّعاء.

[ قال البلاذري في أنساب الأشراف: بعث معاوية النعمان بن بشير الأنصاري وأباهريرة الدوسي بعد أبي مسلم الخولاني إلى عليّ يدعوانه إلى أن يسلّم قتلة عثمان بن عفّان ليُقتلوا به فيصلح أمر الناس ويكفّ الحرب، وكان معاوية عالماً بأنّ عليّاً لا يفعل ذلك، ولكنّه أحبّ أن يشهد عليه عند أهل الشام بامتناعه من إسلام اُولئك والتبرّي منهم، فيشرع له أن يقول: إنّه قتله، فيزداد أهل الشام غيظاً عليه وحنقاً وبصيرةً في محاربته وعداوته. فلمّا صارا إليه فأبلغاه ما سأله معاوية امتنع من إجابتهما إلى شي ء ممّا قدما له، فانصرف أبوهريرة إلى الشام، فأمره معاوية بأن يعلم الناس ما كان بينه وبين عليّ "أنساب الأشراف: 205:3".]

فقد انتهج معاوية هذه السياسة الشيطانيّة بوضوح حتى قبل مقتل عثمان، حينما تباطأ عن نصرته. وقد بلغ من شدّة جلاء هذا الأمر أنّ عثمان حينما رأى إهمال معاوية لمؤازرته برغم إصراره في أن يبعث إليه بقوّة تحميه في مقابل الثائرين؛ قال له صراحة: 'أردت أن اُقتل فتقول: أنا وليّ الثأر'!

[ تاريخ اليعقوبي: 175:2.]


دفع الإمام للحديث ضدّ الخلفاء


يعرف معاوية جيّداً أنّ عليّاً عليه السلام يعدّ نفسه هو الخليفة بلا فصل بعد النبيّ صلى الله عليه و آله وأنّ الإمام يعتقد بأنّه قد أصابه الظلم في هذه الواقعة، ولذلك اعتصم بالمقاومة وامتنع عن بيعة أبي بكر ما كانت زوجته فاطمة الزهراء عليهاالسلام بضعة النبي صلى الله عليه و آله على قيد الحياة. بيدَ أنّ الإمام لم يكن يرى من المصلحة أن يجهر بهذا الأمر، لما يفضي إليه ذلك من وقوع الفرقة في المجتمع الإسلامي، وتصدّع الكيان السياسي للمسلمين.

وفي هذا الاتّجاه كانت إحدى أهداف معاوية من حربه الدعائيّة أن يدفع الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام للتعريض بالخليفتين الأوّل والثاني، لكي يصيِّر ذلك ذريعة إلى محاصرته أمام الرأي العام وإحراجه، ووسيلة إلى بثّ الفرقة بين أنصاره وأتباعه.

يقول النقيب أبوجعفر بهذا الشأن: 'كان معاوية يتسقّط علياً وينعى عليه ما عساه يذكره من حال أبي بكر وعمر، وأنّهما غصباه حقّه، ولا يزال يكيده بالكتاب يكتبه، والرسالة يبعثها يطلب غِرّته، لينفث بما في صدره من حال أبي بكر وعمر، إمّا مكاتبة أو مراسلة، فيجعل ذلك حجّة عليه عند أهل الشام...

فكانت هذه الطامّة الكبرى ليست مقتصرة على فساد أهل الشام عليه، بل وأهل العراق الذين هم جنده وبطانته وأنصاره؛ لأنّهم كانوا يعتقدون إمامة الشيخين، إلّا القليل الشاذّ من خواصّ الشيعة'.

[ شرح نهج البلاغة: 184:15.]


التعريض بشموليّة بيعة الاُمّة للإمام


اتّضح من مقدّمة القسم أنّ سعة بيعة عموم الناس للإمام هي واحدة من نقاط القوّة البارزة التي اقترنت مع بداية حكمه، إذ لم يحظَ أيّ من الخلفاء السابقين بمثل هذا الشمول. وما كان يرمي إليه معاوية في حربه الدعائيّة هو تشويه هذه النقطة والنيل من هذا المكسب، والإيحاء بأنّ عدم مبايعة أهل الشام للإمام هي دليل عدم شرعيّة خلافته.

النيل من قداسة الإمام في الوجدان الشعبي


لقد كان معاوية على دراية تامّة بأنّه لا يستطيع مواجهة الإمام والوقوف ضدّه

مع كلّ الرصيد الضخم الذي يحظى به أميرالمؤمنين عليه السلام وما له من سابقة مشرقة في هذا الدين، إلّا بتهديم تلك القداسة في الأذهان والنيل من هالته في الوجدان الشعبي، عبر عمل دعائي مكثّف تتخلّله عناصر التضليل والخداع. وما الرسائل التي بعث بها للإمام إلّا خطوة في هذا الاتّجاه، ثمّ جاء سبّه من على المنابر استكمالاً لهذا النهج.

حكمة أجوبة الإمام لمعاوية


والآن نتساءل: ما الذي كان سيقع لو أنّ الإمام تراجع في هذه الحرب الدعائيّة؟ وماذا لو لم يفتح باب المكاتبة مع معاوية بحسب تفكير ابن أبي الحديد؟ وماذا سيكون لو أهمل كلام معاوية وبرامجه على هذا الصعيد ولم يرد عليها؟ هل كان معاوية يختار الصمت مثلاً ويكفّ عن حربه الدعائية الشعواء ضدَّ الإمام؟

لا ريب أنّ سياسة السكوت في مقابل الأمواج الدعائيّة العاتية التي يبثّها معاوية كانت ستنتهي بضرر الإمام. فسكوت الإمام كان معناه تأييداً منه لكلّ تهم معاوية.

إنّه من السذاجة بمكان أن نتصوّر بأنّ الإمام لو لم يفتح باب المكاتبة مع معاوية، لما كان معاوية قد شرع بحربه الدعائيّة ضدّ الإمام أو أنّه كان ينثني عن إدامتها، بل الذي لا نشكّ فيه أنّ سكوت الإمام- لو حصل- كان يستتبع تصعيد وتيرة هذه الحرب وتأجيج نيرانها أكثر.

إنّ كتب الإمام وأجوبته لم تعمل على تعطيل الفعل الدعائي الماكر لمعاوية وحسب، بل تحوّلت إلى وثيقة في التأريخ تثبت أحقّية الإمام. فإضافةً إلى ما

بادر إليه الإمام من تنوير العقول وتبصير الناس وتوعيتها عبر هذه الرسائل، فقد عمد فيها للدفاع عن نفسه على أحسن وجه،

[ لقد دار كثير من كلام الإمام في الحرب الدعائيّة هذه حول إثبات فضائله.]

وأتمّ الحجّة على معاوية والمخدوعين من أتباعه. كما ترك للتأريخ ولمن يأتي بعده وثيقة حوت ما جرى بينه وبين معاوية. لقد التزم الإمام جانب الحذر بعمله بحيث لم يدع معاوية يحقّق أيّاً من الأهداف التي كان يصبو إليها من حربه الدعائيّة كما يريد.

كتاب محمّد بن أبي بكر إلى معاوية


2406- وقعة صفّين عن عبد اللَّه بن عوف بن الأحمر: كتب محمّد بن أبي بكر إلى معاوية:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم. من محمّد بن أبي بكر إلى الغاوي ابن صخر. سلام على أهل طاعة اللَّه ممّن هو مسلم لأهل ولاية اللَّه.

أمّا بعد؛ فإنّ اللَّه بجلاله وعظمته وسلطانه وقدرته خلق خلقاً بلا عَنَت

[ أي مشقّة "النهاية: 306:3".]

ولا ضعف في قوّته، ولا حاجة به إلى خلقهم، ولكنّه خلقهم عبيداً، وجعل منهم شقيّاً وسعيداً، وغويّاً ورشيداً، ثمّ اختارهم على علمه، فاصطفى وانتخب منهم محمّداً صلى الله عليه و آله؛ فاختصّه برسالته، واختاره لوحيه، وائتمنه على أمره، وبعثه رسولاً مصدّقاً لما بين يديه من الكتب، ودليلاً على الشرائع، فدعا إلى سبيل ربّه بالحكمة والموعظة الحسنة؛ فكان أوّل من أجاب وأناب، وصدق ووافق، وأسلم وسلّم- أخوه وابن عمّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فصدّقه بالغيب المكتوم،

وآثره على كلّ حميم، فوقاه كلّ هول، وواساه بنفسه في كلّ خوف، فحارب حربه، وسالم سلمه، فلم يبرح مبتذّلاً لنفسه في ساعات الأزْل

[ الأزْل: الشِّدّة والضيق "النهاية: 46:1".]

ومقامات الروع، حتى برز سابقاً لا نظير له في جهاده، ولا مقارب له في فعله.

و قد رأيتك تساميه وأنت أنت!! وهو هو المبرّز السابق في كلّ خير، أوّل الناس إسلاماً، وأصدق الناس نيّة، وأطيب الناس ذرّيّة، وأفضل الناس زوجة، وخير الناس ابن عمّ. وأنت اللعين ابن اللعين.

ثمّ لم تزل أنت وأبوك تبغيان الغوائل لدين اللَّه، وتجهدان على إطفاء نور اللَّه، وتجمعان على ذلك الجموع، وتبذلان فيه المال، وتخالفان فيه القبائل؛ على ذلك مات أبوك، وعلى ذلك خَلَفْته.

والشاهد عليك بذلك من يأوي ويلجأ إليك من بقية الأحزاب، ورؤوس النفاق والشقاق لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

والشاهد لعليّ- مع فضله المبين، وسبقه القديم- أنصاره الذين ذُكروا بفضلهم في القرآن، فأثنى اللَّه عليهم، من المهاجرين والأنصار، فهم معه عصائب وكتائب حوله، يجالدون بأسيافهم، ويُهريقون دماءهم دونه، يرون الفضل في اتّباعه، والشقاء في خلافه.

فكيف- يا لك الويل!!- تعدل نفسك بعليّ، وهو وارث رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ووصيّه، وأبوولده، وأوّل الناس له اتّباعاً، وآخرهم به عهداً، يخبره بسرّه، ويشركه في أمره، وأنت عدّوه وابن عدّوه؟! فتمتّع ما استطعت بباطلك، وليمدد لك ابن العاص في غوايتك، فكأنّ أجلك قد انقضى، وكيدك قد وهى. وسوف

يستبين لمن تكون العاقبة العليا.

و اعلم أنّك إنّما تكايد ربّك الذي قد أمنت كيده، وأيست من رَوْحه.

[ رَوْح اللَّه: رحمته "لسان العرب: 459:2".]

وهو لك بالمرصاد، وأنت منه في غرور، وباللَّه وأهل رسوله عنك الغَناء، والسلام على من اتّبع الهدى.

[ وقعة صفّين: 118، الاحتجاج: 97:434:1، الاختصاص: 124 كلاهما نحوه، بحارالأنوار: 723:575:33؛ شرح نهج البلاغة: 188:3 نحوه.]


جواب معاوية عنه


2407- وقعة صفّين عن عبد اللَّه بن عوف بن الأحمر: فكتب إليه معاوية:

بسم اللَّه الرحمن الرحيم. من معاوية بن أبي سفيان إلى الزاري على أبيه محمّد ابن أبي بكر. سلام على أهل طاعة اللَّه.

أمّا بعد؛ فقد أتاني كتابك، تذكر فيه ما اللَّه أهله في قدرته وسلطانه، وما أصفى به نبيّه، مع كلام ألفته ووضعته، لرأيك فيه تضعيف، ولأبيك فيه تعنيف.

ذكرت حقّ ابن أبي طالب، وقديم سوابقه وقرابته من نبيّ اللَّه صلّى اللَّه عليه، ونصرته له، ومواساته إيّاه في كلّ خوف وهول، واحتجاجك عليَّ بفضل غيرك بفضلك. فأحمد إلهاً صرف الفضل عنك، وجعله لغيرك.

وقد كنّا وأبوك معنا في حياة من نبيّنا صلّى اللَّه عليه نرى حقّ ابن أبي طالب لازماً لنا، وفضله مبرزاً علينا، فلمّا اختار اللَّه لنبيّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ما عنده، وأتمّ له ما وعده، وأظهر دعوته، وأفلج حجّته. قبضه اللَّه إليه، فكان أبوك

وفاروقه أوّل من ابتزّه وخالفه؛ على ذلك اتّفقا واتّسقا، ثمّ دعواه إلى أنفسهم؛ فأبطأ عنهما، وتلكّأ عليهما؛ فهمّا به الهموم، وأرادا به العظيم؛ فبايع وسلّم لهما؛ لا يشركانه في أمرهما، ولا يطلعانه على سرّهما، حتى قُبِضا وانقضى أمرهما.

ثمّ قام بعدهما ثالثهما عثمان بن عفّان، يهتدي بهديهما، ويسير بسيرتهما، فعبته أنت وصاحبك، حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي، وبطنتما له وأظهرتما، وكشفتما عداوتكما وغلّكما، حتى بلغتما منه مُناكما.

فخُذْ حِذْرك يابن أبي بكر! فسترى وبال أمرك. وقِسْ شبرك بفِترك

[ الفِتْر: مابين طرف الإبهام وطرف السبّابة "لسان العرب: 44:5".]

تقصر عن أن تساوي أو توازي من يزن الجبال حلمه، ولا تلين على قَسْرٍ قناتُه، ولا يدرك ذو مدىً أناتَه. أبوك مهَّدَ مهادَه، وبنى ملكه وشاده، فإن يكن ما نحن فيه صواباً فأبوك أوّله، وإن يك جوراً فأبوك أسَسُه. ونحن شركاؤه، وبهديه أخذنا، وبفعله اقتدينا. ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا ابن أبي طالب وأسلمنا له، ولكنّا رأينا أباك فعل ذلك فاحتذينا بمثاله، واقتدينا بفعاله. فعِب أباك ما بدا لك أو دَعْ، والسلام على من أناب، ورجع عن غوايته وتاب.

[ وقعة صفّين: 119، الاحتجاج: 98:436:1، الاختصاص: 126 كلاهما نحوه، بحارالأنوار: 724:579:3؛ شرح نهج البلاغة: 189:3.]


/ 40