صبر الإمام على أذاهم ورفقه بهم - موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ جلد 6

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ - جلد 6

محمد محمدی ری شهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وهم يقولون: لا حكم إلّا للَّه، ولا طاعة لمن عصى اللَّه.

[ الفتوح: 253:4 وراجع المناقب لابن شهر آشوب: 189:3 وكشف الغمّة: 264:1.]


2679- الأخبار الطوال- في ذكر احتجاجات الإمام عليّ عليه السلام الخوارج-: قال: ليخرج إليّ رجل منكم ترضون به حتى أقول ويقول، فإن وجبت عليّ الحجّة أقررت لكم وتبت إلى اللَّه، وإن وجبت عليكم فاتّقوا الذي مردّكم إليه.

فقالوا لعبد اللَّه بن الكوّاء- وكان من كبرائهم-: اخرج إليه حتى تحاجّه، فخرج إليه. فقال عليّ: هل رضيتم؟ قالوا: نعم. قال: اللهمّ اشهد؛ فكفى بك شهيداً.

فقال عليّ رضى الله عنه: يابن الكوّاء، ما الذي نقمتُم عليّ بعد رضاكم بولايتي، وجهادكم معي، وطاعتكم لي؟ فهلّا برئتم مني يوم الجمل؟

قال ابن الكوّاء: لم يكُن هناك تحكيم.

فقال عليّ: يابن الكوّاء، أنا أهدى أم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؟

قال ابن الكوّاء: بل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.

قال: فما سمعت قول اللَّه عزّ وجلّ: 'فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ'،

[ آل عمران: 61.]

أكان اللَّه يشكّ أنّهم هم الكاذبون؟

قال: إنّ ذلك احتجاج عليهم، وأنت شككتَ في نفسك حين رضيت بالحكمين، فنحن أحرى أن نشكّ فيك.

قال: وإنّ اللَّه تعالى يقول: 'فَأْتُواْ بِكِتَبٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ'.

[ القصص: 49.]


قال ابن الكوّاء: ذلك أيضاً احتجاج منه عليهم.

فلم يزَل عليّ عليه السلام يحاجّ ابن الكوّاء بهذا وشبهه، فقال ابن الكوّاء: أنت صادق في جميع ما تقول، غير أنّك كفرت حين حكّمت الحكمين.

قال عليّ: ويحك يابن الكوّاء، إنّي إنّما حكّمت أباموسى وحده، وحكّم معاوية عمراً.

قال ابن الكوّاء: فإنّ أباموسى كان كافراً.

قال عليّ: ويحك، متى كفر، أحين بعثتُه، أم حين حكم؟

قال: لا، بل حين حكم.

قال: أفلا ترى أنّي إنّما بعثته مسلماً، فكفر- في قولك- بعد أن بعثته، أرأيت لو أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بعث رجلاً من المسلمين إلى اُناس من الكافرين ليدعوهم إلى اللَّه، فدعاهم إلى غيره، هل كان على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من ذلك شي ء؟

قال: لا.

قال: ويحك، فما كان عليّ إن ضلّ أبوموسى؟ أفيحلّ لكم بضلالة أبي موسى أن تضعوا سيوفكم على عواتقكم فتعترضوا بها الناس؟!

فلمّا سمع عظماء الخوارج ذلك قالوا لابن الكوّاء: انصرف، ودَع مخاطبة الرجل.

فانصرف إلى أصحابه، وأبى القوم إلّا التمادي في الغيّ.

[ الأخبار الطوال: 208.]


2680- الكامل للمبرّد- في ذكر الخوارج-: يروى أنّ عليّاً في أوّل خروج القوم

عليه دعا صعصعة بن صوحان العبدي- وقد كان وجّهه إليهم- وزياد بن النضر الحارثي مع عبد اللَّه بن العبّاس، فقال لصعصعة: بأيّ القوم رأيتهم أشدّ إطافة؟

فقال: بيزيد بن قيس الأرحبي.

فركب عليّ إليهم إلى حروراء، فجعل يتخلّلهم حتى صار إلى مضرب يزيد بن قيس، فصلّى فيه ركعتين، ثمّ خرج فاتّكأ على قوسه، وأقبل على الناس، ثمّ قال: هذا مقام من فلج فيه فلج يوم القيامة، أنشدكم اللَّه، أعلمتُم أحداً منكم كان أكره للحكومة منّي؟

قالوا: اللهمّ لا.

قال: أفعلمتم أنّكم أكرهتموني حتى قبلتها؟

قالوا: اللهمّ نعم.

قال: فعلامَ خالفتموني ونابذتموني؟

قالوا: إنّا أتينا ذنباً عظيماً، فتبنا إلى اللَّه، فتب إلى اللَّه منه واستغفره نُعد لك.

فقال عليّ: إنّي أستغفر اللَّه من كلّ ذنب. فرجعوا معه، وهم ستّة آلاف. فلمّا استقرّوا بالكوفة أشاعوا أنّ عليّاً رجع عن التحكيم ورآه ضلالاً، وقالوا: إنّما ينتظر أميرالمؤمنين أن يسمن الكراع، ويُجبى المال، فينهض إلى الشام.

فأتى الأشعث بن قيس عليّاً فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّ الناس قد تحدّثوا أنّك رأيتَ الحكومة ضلالاً، والإقامة عليها كفراً!

فخطب عليّ الناس فقال: من زعم أنّي رجعت عن الحكومة فقد كذب، ومن رآها ضلالاً فهو أضلّ. فخرجت الخوارج من المسجد، فحكّمت، فقيل لعليّ: إنّهم خارجون عليك.

فقال: لا اُقاتلهم حتى يقاتلوني، وسيفعلون.

[ الكامل للمبرّد: 1130:3، شرح نهج البلاغة: 278:2 نحوه؛ بحارالأنوار: 353:33 وراجع أنساب الأشراف: 130:3.]


2681- تاريخ الطبري عن عمارة بن ربيعة- في ذكر الخوارج-: بعث عليٌّ زيادَ ابن النضر إليهم فقال: انظر بأيّ رؤوسهم هم أشدّ إطافة. فنظر، فأخبره أنّه لم يَرهم عند رجل أكثر منهم عند يزيد بن قيس.

فخرج عليّ في الناس حتى دخل إليهم، فأتى فسطاط يزيد بن قيس، فدخله فتوضّأ فيه، وصلّى ركعتين، وأمّره على أصبهان

[ إصبهان: هي مركز محافظة اصفهان وتعدّ واحدة من المدن الكبيرة والقديمة في إيران، تقع هذه المدينة على بعد 400 كيلو متر من جنوب طهران. وكانت عاصمة ايران إبّان العهد الصفوي.]

والريّ.

[ الرّي: واحدة من المدن الإيرانية القديمة وتعدّ الآن إحدى مناطق مدينة طهران، وكان لها فى السابق مكانة متميّزة وقد تخرّج منها عدد وفير من العلماء الأفاضل.]

ثمّ خرج حتى انتهى إليهم وهم يخاصمون ابن عبّاس، فقال: انتهِ عن كلامهم، ألم أنهَك رحمك اللَّه! ثمّ تكلّم فحمد اللَّه عزّ وجلّ وأثنى عليه، ثمّ قال: اللهمّ إنّ هذا مقام من أفلج فيه كان أولى بالفَلَج يوم القيامة، ومن نطق فيه وأوعث

[ أوعثَ فلان: إذا خلّطَ، والوعث: فساد الأمر واختلاطه "لسان العرب: 202:2".]

فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلاً. ثمّ قال لهم: من زعيمكم؟

قالوا: ابن الكوّاء.

قال عليّ: فما أخرجكم علينا؟

قالوا: حكومتكم يوم صفّين.

قال: أنشدكم باللَّه، أتعلمون أنّهم حيث رفعوا المصاحف، فقلتُم: نُجيبهم إلى

كتاب اللَّه، قلتُ لكم: إنّي أعلم بالقوم منكم، إنّهم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إنّي صحبتهم وعرفتهم أطفالاً ورجالاً، فكانوا شرّ أطفال وشرّ رجال. امضوا على حقّكم وصدقكم، فإنّما رفع القوم هذه المصاحف خديعة ودهناً

[ دَهَنَ الرجل: إذا نافق "لسان العرب: 162:13".]

ومكيدة، فرددتم عليَّ رأيي، وقلتم: لا، بل نقبل منهم. فقلت لكم: اذكروا قولي لكم، ومعصيتكم إيّاي، فلمّا أبيتم إلّا الكتاب اشترطتُ على الحكمين أن يُحييا ما أحيا القرآن، وأن يُميتا ما أمات القرآن، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حَكَماً يحكم بما في القرآن، وإن أبَيا فنحن من حكمهما برآء.

قالوا له: فخبّرنا أتراه عدلاً تحكيم الرجال في الدماء؟

فقال: إنّا لسنا حكّمنا الرجال، إنّما حكّمنا القرآن، وهذا القرآن إنّما هو خطّ مسطور بين دفّتين لا ينطق، إنّما يتكلّم به الرجال.

قالوا: فخبّرنا عن الأجل، لِمَ جعلته فيما بينك وبينهم؟

قال: ليعلم الجاهل، ويتثبّت العالم، ولعلّ اللَّه عزّ وجلّ يصلح في هذه الهدنة هذه الاُمّة. ادخلوا مصركم رحمكم اللَّه. فدخلوا من عند آخرهم.

[ تاريخ الطبري: 65:5، الكامل في التاريخ: 393:2؛ الإرشاد: 270:1 نحوه وفيه من 'فحمد اللَّه عزّوجلّ...'.]


2682- العقد الفريد- في ذكر كلام الإمام مع ابن الكوّاء-: فقال له عليّ: يابن الكوّاء، إنّه من أذنب في هذا الدين ذنباً يكون في الإسلام حدثاً استتبناه من ذلك الذنب بعينه، وإنّ توبتك أن تعرف هدى ما خرجتَ منه، وضلال ما دخلتَ فيه.

قال ابن الكوّاء: إنّنا لا ننكر أنّا قد فُتنّا. فقال له عبد اللَّه بن عمرو بن جرموز:

أدرَكنا واللَّه هذه الآية: 'الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ ءَامَنَّا وَ هُمْ لَا يُفْتَنُونَ'-

[ العنكبوت: 1 و 2.]

وكان عبد اللَّه من قرّاء أهل حروراء-. فرجعوا فصلّوا خلف عليّ الظهر، وانصرفوا معه إلى الكوفة. ثمّ اختلفوا بعد ذلك في رجعتهم، ولامَ بعضهم بعضاً.

[ العقد الفريد: 345:3، جواهر المطالب: 69:2.]


صبر الإمام على أذاهم ورفقه بهم


2683- تاريخ الطبري عن أبي رزين: لمّا وقع التحكيم ورجع عليّ من صفّين رجعوا مباينين له، فلمّا انتهوا إلى النهر أقاموا به، فدخل عليّ في الناس الكوفة، ونزلوا بحروراء، فبعث إليهم عبد اللَّه بن عبّاس، فرجع ولم يصنع شيئاً. فخرج إليهم عليّ فكلّمهم حتى وقع الرضا بينه وبينهم، فدخلوا الكوفة.

فأتاه رجل فقال: إنّ الناس قد تحدّثوا أنّك رجعت لهم عن كفرك.

فخطب الناسَ في صلاة الظهر، فذكر أمرهم، فعابه، فوثبوا من نواحي المسجد يقولون: لا حُكم إلّا للَّه.

واستقبله رجل منهم واضع إصبعيه في اُذنيه، فقال: 'وَ لَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَل-ِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَسِرِينَ '.

[ الزمر: 65.]


فقال عليّ: 'فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ '.

[ الروم: 60.]

[ تاريخ الطبري: 73:5، البداية والنهاية: 285:7.]


2684- الإمام الصادق عليه السلام: إنّ عليّاً عليه السلام كان في صلاة الصبح فقرأ ابن الكوّا وهو خلفه: 'وَ لَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَل-نْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَسِرِينَ '. فأنصتَ عليّ عليه السلام؛ تعظيماً للقرآن حتى فرغ من الآية، ثمّ عاد في قراءته، ثمّ أعاد ابن الكوّا الآية، فأنصت عليّ عليه السلام أيضاً، ثمّ قرأ، فأعاد ابن الكوّا فأنصت عليّ عليه السلام، ثمّ قال: 'فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ'، ثمّ أتمّ السورة، ثمّ ركع.

[ تهذيب الأحكام: 127:35:3 عن معاوية بن وهب، المناقب لابن شهر آشوب: 113:2 من دون إسناد إلى المعصوم؛ المستدرك على الصحيحين: 4704:158:3، السنن الكبرى: 3327:348:2 كلاهما عن أبي يحيى نحوه وليس فيهما 'ابن الكوّاء'.]


2685- مروج الذهب عن الصلت بن بهرام: لمّا قدم عليّ الكوفة جعلت الحروريّة تناديه وهو على المنبر: جزعتَ من البليّة، ورضيتَ بالقضيّة، وقبلتَ الدنيّة، لا حكم إلّا للَّه. فيقول: حكم اللَّه أنتظر فيكم.

فيقولون: 'وَ لَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَل-ِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَسِرِينَ '.

فيقول عليّ: 'فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ'.

[ مروج الذهب: 406:2، أنساب الأشراف: 128:3 وراجع تاريخ الطبري: 73:5 والبداية والنهاية: 282:7.]


2686- تاريخ الطبري عن كثير بن بهز الحضرمي: قام عليّ في الناس يخطبهم ذات يوم، فقال رجل- من جانب المسجد-: لا حكم إلّا للَّه. فقام آخر فقال مثل ذلك، ثمّ توالى عدّة رجال يحكّمون.

فقال عليّ: اللَّه أكبر، كلمة حقّ يلتمس بها باطل! أما إنّ لكم عندنا ثلاثاً ما

صحبتمونا: لا نمنعكم مساجد اللَّه أن تذكروا فيها اسمه، ولا نمنعكم الفي ء ما دامت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تبدؤونا. ثمّ رجع إلى مكانه الذي كان فيه من خطبته.

[ تاريخ الطبري: 73:5، السنن الكبرى: 16763:319:8 عن كثير بن نمر، الكامل في التاريخ: 398:2، البداية والنهاية: 282:7؛ الإيضاح: 474، المناقب للكوفي: 818:341:2 عن كثير بن نمر وكلّها نحوه وراجع البداية والنهاية: 285:7.]


2687- دعائم الإسلام: خطب |عليّ عليه السلام| بالكوفة فقام رجل من الخوارج فقال: لا حكم إلّا للَّه. فسكت عليّ، ثمّ قام آخر وآخر، فلمّا أكثروا عليه قال: كلمة حقّ يراد بها باطل، لكم عندنا ثلاث خصال: لا نمنعكم مساجد اللَّه أن تصلّوا فيها، ولا نمنعكم الفي ء ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نبدؤكم بحرب حتى تبدؤونا به، وأشهد لقد أخبرني النبيّ الصادق عن الروح الأمين عن ربّ العالمين أنّه لا يخرج علينا منكم فرقة- قلّت أو كثرت إلى يوم القيامة- إلّا جعل اللَّه حتفها على أيدينا، وأنّ أفضل الجهاد جهادكم، وأفضل الشهداء مَن قتلتموه، وأفضل المجاهدين من قتلكم؛ فاعملوا ما أنتم عاملون، فيوم القيامة يخسر المبطلون، و'لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ '.

[ الأنعام: 67.]

[ دعائم الإسلام: 393:1 وراجع تاريخ ابن خلدون: 637:2.]


2688- تاريخ الطبري عن عبد الملك بن أبي حرّة الحنفي: إنّ عليّاً خرج ذات يوم يخطب، فإنّه لفي خطبته إذ حكّمت المحكّمة في جوانب المسجد، فقال عليّ: اللَّه أكبر، كلمة حقّ يُراد بها باطل! إن سكتوا عمّمناهم، وإن تكلّموا حججناهم، وإن خرجوا علينا قاتلناهم.

فوثب يزيد بن عاصم المحاربي فقال: الحمد للَّه غير مودَّعٍ ربّنا، ولا مستغنىً عنه. اللهمّ، إنّا نعوذ بك من إعطاء الدنيّة في ديننا؛ فإنّ إعطاء الدنيّة في الدين إدهان في أمر اللَّه عزّ وجلّ، وذلّ راجع بأهله إلى سخط اللَّه. يا عليّ، أبِالقتل تخوّفنا؟ أما واللَّه، إنّي لأرجو أن نضربكم بها عمّا قليل غير مصفحات، ثمّ لتعلمنّ أيّنا أولى بها صليّاً. ثمّ خرج بهم هو وإخوة له ثلاثة هو رابعهم فاُصيبوا مع الخوارج بالنهر، واُصيب أحدهم بعد ذلك بالنخيلة.

[ تاريخ الطبري: 72:5، الكامل في التاريخ: 398:2.]


2689- الإمام عليّ عليه السلام- من كلام له في الخوارج لمّا سمع قولهم: لا حكم إلّا للَّه-: كلمة حقّ يراد بها باطل! نعم، إنّه لا حكم إلّا للَّه، ولكن هؤلاء يقولون: لا إمرة إلّا للَّه، وإنّه لابدّ للناس من أمير؛ بَرٍّ أو فاجر؛ يعمل في إمرته المؤمن، ويستمتع فيها الكافر، ويبلّغ اللَّه فيها الأجل، ويجمع به الفي ء، ويقاتل به العدوّ، وتأمن به السبل، ويؤخذ به للضعيف من القويّ، حتى يستريح برّ، ويستراح من فاجر.

[ نهج البلاغة: الخطبة 40، بحارالأنوار: 593:358:33 وراجع أنساب الأشراف: 135:3.]


2690- نهج البلاغة: روي أنّه عليه السلام كان جالساً في أصحابه، فمرّت بهم امرأة جميلة، فرمقها القوم بأبصارهم، فقال عليه السلام: إنّ أبصار هذه الفحول طوامح، وإنّ ذلك سبب هِبابها،

[ الهِبّة- بالكسر-: هياج الفحل، وهَبَّ التيس هِبابا: هاجَ ونَبّ للسّفاد "لسان العرب: 778:1".]

فإذا نظر أحدكم إلى امرأة تعجبه فليلامس أهله، فإنّما هي امرأة كامرأته.

فقال رجل من الخوارج: قاتله اللَّه، كافراً ما أفقهه!

فوثب القوم ليقتلوه. فقال عليه السلام: رويداً؛ إنّما هو سبٌّ بسبّ، أو عفوٌ عن ذنب.

[ نهج البلاغة: الحكمة 420، المناقب لابن شهر آشوب: 113:2 وفيه 'هناتها' بدل 'هِبابها'.]


بيعتهم عبد اللَّه بن وهب


2691- تاريخ الطبري عن عبد الملك بن أبي حرّة: إنّ عليّاً لمّا بعث أباموسى لإنفاذ الحكومة لقيت الخوارج بعضها بعضاً، فاجتمعوا في منزل عبد اللَّه بن وهب الراسبي، فحمد اللَّه عبدُ اللَّه بن وهب وأثنى عليه، ثمّ قال: أمّا بعد، فوَاللَّه ماينبغي لقوم يؤمنون بالرحمن وينيبون إلى حكم القرآن أن تكون هذه الدنيا- التي الرضا بها والركون بها والإيثار إيّاها عناء وتبار- آثر عندهم من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والقول بالحقّ، وإن منّ وضُرّ فإنّه مَن يُمنّ ويُضرّ في هذه الدنيا فإنّ ثوابه يوم القيامة رضوان اللَّه عزّ وجلّ والخلود في جنّاته. فاخرجوا بنا إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها إلى بعض كور الجبال، أو إلى بعض هذه المدائن، منكرين لهذه البدع المضلّة.

فقال له حرقوص بن زهير: إنّ المتاع بهذه الدنيا قليل، وإنّ الفراق لها وشيك، فلا تدعونّكم زينتها وبهجتها إلى المقام بها، ولا تلفتنّكم عن طلب الحقّ، وإنكار الظلم، فإنّ اللَّه مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون.

فقال حمزة بن سنان الأسدي: يا قوم! إنّ الرأي ما رأيتم، فولّوا أمركم رجلاً منكم، فإنّه لابدّ لكم من عماد وسناد وراية تحفّون بها، وترجعون إليها. فعرضوها على زيد بن حصين الطائي، فأبى، وعرضوها على حرقوص بن زهير، فأبى، وعلى حمزة بن سنان وشريح بن أوفى العبسي، فأبيا، وعرضوها على عبد اللَّه بن وهب، فقال: هاتوها، أما واللَّه لا آخذها رغبة في الدنيا، ولا

/ 40