كتاب الإمام إليه يحذّره من طلب ما ليس له بحقّ - موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ جلد 6

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ - جلد 6

محمد محمدی ری شهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


احمرّ البأس ودُعِيَت نَزالِ أقام أهل بيته فاستقدموا، فوقى بهم أصحابه حرّ الأسنّة والسيوف، فقُتل عبيدة يوم بدر، وحمزة يوم اُحد، وجعفر وزيد يوم مؤتة، وأراد للَّهِِ مَن لو شئتُ ذكرت اسمه مثلَ الذي أرادوا من الشهادة مع النبيّ صلى الله عليه و آله غير مرّة، إلّا أنّ آجالهم عُجّلت، ومنيّته اُخّرت. واللَّه مولي الإحسان إليهم، والمنّان عليهم بما قد أسلفوا من الصالحات. فما سمعت بأحد ولا رأيت فيهم من هو أنصح للَّه في طاعة رسوله، ولا أطوع لرسوله في طاعة ربّه، ولا أصبر على اللأْواء والضرّاء وحين البأس ومواطن المكروه مع النبيّ صلى الله عليه و آله من هؤلاء النفر الذين سمّيتُ لك. وفي المهاجرين خير كثير نعرفه، جزاهم اللَّه بأحسن أعمالهم!

وذكرتَ حسدي الخلفاء، وإبطائي عنهم، وبغيي عليهم؛ فأمّا البغي فمعاذ اللَّه أن يكون، وأمّا الإبطاء عنهم والكراهة لأمرهم فلست أعتذر منه إلى الناس، لأنّ اللَّه جلّ ذكره لمّا قبض نبيّه صلى الله عليه و آله قالت قريش: منّا أمير، وقالت الأنصار: منّا أمير. فقالت قريش: منّا محمّد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فنحن أحقّ بذلك الأمر، فعرفت ذلك الأنصار، فسلّمت لهم الولاية والسلطان. فإذا استحقّوها بمحمّد صلى الله عليه و آله دون الأنصار فإنّ أولى الناس بمحمّد صلى الله عليه و آله أحقّ بها منهم. وإلّا فإنّ الأنصار أعظم العرب فيها نصيباً، فلا أدري أصحابي سَلموا من أن يكونوا حقّي أخذوا، أو الأنصار ظلموا، بل عرفت أنّ حقّي هو المأخوذ، وقد تركته لهم، تجاوزَ اللَّه عنهم !

وأمّا ما ذكرت من أمر عثمان وقطيعتي رحمَه، وتأليبي عليه؛ فإنّ عثمان عمل ما قد بلغك، فصنع الناس به ما قد رأيت وقد علمتَ أنّي كنت في عزلة عنه، إلّا أن تتجنّى، فتجنّ ما بدا لك.

وأمّا ما ذكرت من أمر قتلة عثمان؛ فإنّي نظرت في هذا الأمر، وضربت أنفه وعينيه، فلم أرَ دفعهم إليك ولا إلى غيرك.

ولعمري لئن لم تنزع عن غيّك وشقاقك لتعرفنّهم عن قليل يطلبونك، ولا يكلِّفونك أن تطلبهم في برّ ولا بحر، ولا جبل ولا سهل.

وقد كان أبوك أتاني حين ولي الناسَ أبابكر فقال: أنت أحقّ بعد محمّد صلى الله عليه و آله بهذا الأمر، وأنا زعيم لك بذلك على من خالف عليك. ابسُط يدك اُبايعْك، فلم أفعل وأنت تعلم أنّ أباك قد كان قال ذلك وأراده حتى كنت أنا الذي أبيتُ، لقرب عهد الناس بالكفر، مخافة الفرقة بين أهل الإسلام. فأبوك كان أعرف بحقّي منك. فإن تعرف من حقّي ما كان يعرف أبوك تُصِبْ رشدك، وإن لم تفعل فسيُغني اللَّه عنك والسلام.

[ وقعة صفّين: 88، بحارالأنوار: 408:110:33؛ شرح نهج البلاغة: 76:15، المناقب للخوارزمي: 252 نحوه وكلّها عن أبي ورق وراجع نهج البلاغة: الكتاب 28.]


2395- عنه عليه السلام- من كتاب له إلى معاوية جواباً-: أمّا بعد؛ فإنّا كنّا نحن وأنتم على ما ذكرت من الاُلفة والجماعة، ففرّق بيننا وبينكم أمسِ أنّا آمنا وكفرتم، واليوم أنّا استقمنا وفُتِنتم. وما أسلم مسلمكم إلّا كَرهاً، وبعد أن كان أنف الإسلام كلّه لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله حِزباً.

وذكرت أنّي قتلت طلحة والزبير، وشرّدت بعائشة ونزلت بين المِصرين، وذلك أمر غبتَ عنه فلا عليك، ولا العذر فيه إليك.

وذكرت أنّك زائري في المهاجرين والأنصار، وقد انقطعت الهجرة يوم اُسِر أخوك، فإن كان فيك عَجَل فاسْتَرْفِهْ؛ فإنّي إن أزُرْك فذلك جدير أن يكون اللَّه إنّما بعثني إليك للنقمة منك! وإن تزرني فكما قال أخو بني أسد:

مستقبلين رياح الصيف تضربهم

بحاصب بين أغوار وجُلْمودِ

وعندي السيف الذي أعضضته بجدّك وخالك وأخيك في مقام واحد. وإنّك واللَّه- ما علمتُ- الأغلفُ القلبِ، المقاربُ العقل، والأولى أن يقال لك: إنّك رقيت سُلَّماً أطلعك مطلعٍ سوء عليك لا لك، لأنّك نشدت غير ضالّتك، ورعيت غير سائمتك، وطلبت أمراً لست من أهله ولا في معدنه، فما أبعد قولك من فعلك! وقريبٌ ما أشبهتَ

[ ما: مصدرية؛ أي وقريب شبهك "شرح نهج البلاغه: 20:18".]

من أعمام وأخوال! حملَتْهم الشقاوة وتمنّي الباطل على الجحود بمحمّد صلى الله عليه و آله، فصُرِعوا مصارعَهم حيث علمتَ، لم يدفعوا عظيماً، ولم يمنعوا حريماً، بوقع سيوفٍ ما خلا منها الوغَى، ولم تماشِها الهُوَيْنى.

[ أي لم تصحبها، يصفها بالسرعة والمضيّ في الرؤوس والأعناق "شرح نهج البلاغة: 20:18".]


وقد أكثرتَ في قتلة عثمان، فادخل فيما دخل فيه الناس، ثمّ حاكم القوم إليّ أحملْك وإيّاهم على كتاب اللَّه تعالى. وأمّا تلك التي تريد

[ قيل: إنّه يريد التعلّق بهذه الشبهة؛ وهي قَتَلة عثمان. وقيل: أراد به ما كان معاوية يكرّر طلبه من أميرالمؤمنين عليه السلام، وهو أن يقرّه على الشام وحده، ولا يكلّفه البيعة "شرح نهج البلاغة: 21:18".]

فإنّها خدعة الصبي عن اللبن في أوّل الفصال، والسلام لأهله.

[ نهج البلاغة: الكتاب 64، الاحتجاج:91:426:1، بحارالأنوار:402:91:33.]


2396- عنه عليه السلام- من كتاب له إلى معاوية-: أمّا بعد؛ فانّ الدنيا حلوة خَضِرة، ذات زينة وبهجة، لم يصبُ اليها أحدٌ إلّا وشغلته بزينتها عمّا هو أنفع له منها، وبالآخرة اُمِرْنا، وعليها حُثِثْنا؛ فدعْ يا معاوية ما يفنى، واعمل لما يبقى، واحذر الموت الذي إليه مصيرك، والحساب الذي إليه عاقبتك، واعلم أنّ اللَّه تعالى إذا أراد بعبد خيراً حال بينه وبين ما يكره، ووفّقه لطاعته، وإذا أراد اللَّه بعبد سوءاً أغراه بالدنيا، وأنساه الآخرة وبسط له أمله، وعاقه عمّا فيه صلاحه.

وقد وصلني كتابك، فوجدتك ترمي غير غرضك، وتنشد غير ضالّتك وتخبط في عماية، وتتيه في ضلالة، وتعتصم بغير حجّة، وتلوذ بأضعف شبهة.

فأمّا سؤالك المتاركة والإقرار لك على الشام؛ فلو كنت فاعلاً ذلك اليوم لفعلته أمسِ.

وأمّا قولك إنّ عمر ولّاكه فقد عزل من كان ولّاه صاحبه، وعزل عثمان من كان عمر ولّاه، ولم يُنصّب للناس إمام إلّا ليرى من صلاح الاُمّة إماماً قد كان ظهر لمن قبله، أو اُخفي عنهم عيبه، والأمر يحدث بعده الأمر، ولكلّ والٍ رأي واجتهاد.

فسبحان اللَّه! ما أشدّ لزومك للأهواء المبتدعة، والحيرة المتَّبعة مع تضييع الحقائق واطّراح الوثائق التي هي للَّه تعالى طلبة، وعلى عباده حجّة فأمّا إكثارك الحِجاج على عثمان وقتلته فإنّك إنّما نصرت عثمان حيث كان النصر لك، وخذلته حيث كان النصر له، والسلام.

[ شرح نهج البلاغة: 153:16؛ نهج البلاغة: الكتاب 37، الاحتجاج: 92:428:1 وفيهما من 'فسبحان اللَّه... '، بحارالأنوار: 403:97:33.]


2397- عنه عليه السلام- من كتاب له إلى معاوية-: بسم اللَّه الرحمن الرحيم. أمّا بعد؛ فإنّ بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام؛ لأنّه بايعني القوم الذين بايعوا أبابكر وعمر وعثمان على ما بويعوا عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يردّ، وإنّما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإذا اجتمعوا على رجل فسمَّوه إماماً، كان ذلك للَّه رضى، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو رغبة ردّوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتّباعه غير سبيل المؤمنين، وولّاه اللَّه ما تولّى ويُصليه جهنّم وساءت مصيراً.

وإنّ طلحة والزبير بايعاني، ثمّ نقضا بيعتي، وكان نقضهما كردّهما، فجاهدتهما على ذلك، حتى جاء الحقّ، وظهر أمر اللَّه وهم كارهون.

فادخل فيما دخل فيه المسلمون؛ فإنّ أحبّ الاُمور إليَّ فيك العافية، إلّا أن تتعرّض للبلاء؛ فإن تعرّضت له قاتلتك، واستعنت اللَّه عليك.

وقد أكثرتَ في قتلة عثمان، فادخل فيما دخل فيه المسلمون، ثمّ حاكمِ القوم إليَّ أحملك وإيّاهم على كتاب اللَّه.

فأمّا تلك التي تريدها فخدعة الصبي عن اللبن، ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدنّي أبرأ قريش من دم عثمان.

واعلم أنّك من الطلقاء الذين لا تحلّ لهم الخلافة، ولا تعرض فيهم الشورى، وقد أرسلت إليك وإلى من قِبَلك: جرير بن عبد اللَّه؛ وهو من أهل الإيمان والهجرة فبايِع، ولا قوّة إلّا باللَّه.

[ وقعة صفّين: 29؛ تاريخ دمشق: 128:59 كلاهما عن عامر الشعبي، العقد الفريد: 329:3، الأخبار الطوال: 157 نحوه إلى 'فخدعة الصبي عن اللبن'، شرح نهج البلاغة: 75:3، الإمامة والسياسة: 113:1 وراجع نهج البلاغة: الكتاب 64 والفتوح:506:2.]


كتاب الإمام إليه يحذّره من طلب ما ليس له بحقّ


2398- الإمام عليّ عليه السلام- من كتاب له إلى معاوية-: من عبد اللَّه عليّ أميرالمؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان: سلام على من اتّبع الهدى، فإنّي أحمد اللَّه إليك الذي لا إله إلّا هو.

أمّا بعد؛ فإنّك قد رأيت من الدنيا وتصرّفها بأهلها وإلى ما مضى منها، وخير ما

بقي من الدنيا ما أصاب العباد الصادقون فيما مضى. ومن نسي الدنيا نسيان الآخرة يجد بينهما بوناً بعيداً.

واعلم يا معاوية أنّك قد ادّعيت أمراً لست من أهله لا في القدم ولا في الولاية، ولست تقول فيه بأمر بيّن تعرف لك به أثرة، ولا لك عليه شاهد من كتاب اللَّه، ولا عهد تدّعيه من رسول اللَّه، فكيف أنت صانع إذا انقشعت عنك جلابيب ما أنت فيه من دنيا أبهجت بزينتها وركنت إلى لذّتها، وخُلّي فيها بينك وبين عدوٍّ جاهدٍ ملحّ، مع ما عرض في نفسك من دنيا قد دعتك فأجبتها، وقادتك فاتّبعتها، وأمرتك فأطعتها. فاقعَس عن هذا الأمر، وخذ اُهبة الحساب؛ فإنّه يوشك أن يقفك واقف على ما لا يُجنِّك منه مِجَنّ. ومتى كنتم يا معاوية ساسة للرعيّة، أو ولاة لأمر هذه الاُمّة بغير قدم حسن، ولا شرف سابق على قومكم. فشمّر لما قد نزل بك، ولاتمكّن الشيطان من بغيته فيك، مع أنّي أعرف أنّ اللَّه ورسوله صادقان. فنعوذ باللَّه من لزوم سابق الشقاء. وإلّا تفعلْ اُعلمك ما أغفلك من نفسك؛ فإنّك مترف قد أخذ منك الشيطان مأخذه، فجرى منك مجرى الدم في العروق.

واعلم أنّ هذا الأمر لو كان إلى الناس أو بأيديهم لحسدونا وامتنّوا به علينا، ولكنّه قضاء ممّن امتنّ به علينا على لسان نبيّه الصادق المصدّق. لا أفلح من شكّ بعد العرفان والبيّنة. اللهمّ احكم بيننا وبين عدوّنا بالحقّ وأنت خير الحاكمين.

[ وقعة صفّين: 108، بحارالأنوار: 405:100:33؛ شرح نهج البلاغة: 86:15 نحوه وراجع تاريخ دمشق: 132:59.]


جوابه بكلّ وقاحة


2399- وقعة صفّين: كتب معاوية |إلى الإمام عليه السلام|: من معاوية بن أبي سفيان إلى

عليّ بن أبي طالب: أمّا بعد؛ فدع الحسد؛ فإنّك طالما لم تنتفع به، ولا تُفسد سابقة قدمك بشَره نخوتك؛ فإنّ الأعمال بخواتيمها، ولا تمحق سابقتك في حقّ مَن لا حقّ لك في حقّه، فإنّك إن تفعل لا تضرّ بذلك إلّا نفسك، ولا تمحق إلّا عملك، ولا تُبطل إلّا حجّتك. ولعمري ما مضى لك من السابقات لشبيه أن يكون ممحوقاً؛ لِمَا اجترأت عليه من سفك الدماء، وخلاف أهل الحقّ. فاقرأ سورة الفلق، وتعوّذ باللَّه من شرّ نفسك؛ فإنّك الحاسد إذا حسد!!!

[ وقعة صفّين: 110؛ شرح نهج البلاغة: 87:15.]


رسائل اُخرى من الإمام إليه


2400- الإمام عليّ عليه السلام- من كتاب له إلى معاوية-: فاتّقِ اللَّه فيما لديك، وانظر في حقّه عليك، وارجع إلى معرفة مالا تُعذر بجهالته؛ فإنّ للطاعة أعلاماً واضحة، وسبلاً نيّرة، ومحجّةً نَهْجةً، وغاية مُطَّلَبة، يَرِدُها الأكياس، ويخالفها الأنكاس؛ من نكب عنها جار عن الحقّ، وخَبَط في التِّيْه، وغَيَّرَ اللَّه نعمته، وأحلَّ به نِقْمَته. فنفسَك نفسَك! فقد بيّن اللَّه لك سبيلك. وحيث تناهت بك اُمورك فقد أجريت إلى غايةِ خُسْرٍ ومحلّةِ كفر؛ فإنَّ نفسك قد أولجتك شرّاً، وأقحمتك غيّاً، وأوردتك المهالك، وأوعرت عليك المسالك.

[ نهج البلاغة: الكتاب 30، بحارالأنوار: 399:83:33.]


2401- عنه عليه السلام- من كتاب له إلى معاوية-: أمّا بعد، فإنّ الدنيا مَشْغَلة عن غيرها، ولم يُصِبْ صاحبها منها شيئاً إلّا فتحت له حرصاً عليها ولَهَجاً بها، ولن يستغني صاحبها بما نال فيها عمّا لم يبلغه منها. ومن وراء ذلك فراق ما جمع، ونقض ما

أبرم! ولو اعتبرتَ بما مضى حفظتَ ما بقي. والسلام.

[ نهج البلاغة: الكتاب 49، وقعة صفّين: 498 نحوه وفي صدره 'كتب عليّ إلى عمرو بن العاص' بدل 'إلى معاوية'، بحارالأنوار: 688:483:33.]


2402- عنه عليه السلام- من كتاب له إلى معاوية-: أمّا بعد؛ فإنّ اللَّه سبحانه قد جعل الدنيا لما بعدها، وابتلى فيها أهلها؛ ليعلم أيُّهم أحسنُ عملاً. ولسنا للدنيا خُلِقنا، ولا بالسعي فيها اُمِرنا، وإنّما وُضِعنا فيها لنبتلي بها، وقد ابتلاني اللَّه بك، وابتلاك بي، فجعل أحدنا حجّة على الآخر، فعدوت على الدنيا بتأويل القرآن، فطلبتني بما لم تَجْنِ يدي ولا لساني، وعصيته أنت وأهل الشام بي وألَّبَ عالمُكم جاهلَكم، وقائمُكم قاعدَكم؛ فاتّقِ اللَّه في نفسك، ونازعِ الشيطان قيادك، واصرف إلى الآخرة وجهك؛ فهي طريقنا وطريقك. واحذر أن يصيبك اللَّه منه بعاجل قارعة تمسّ الأصل وتقطع الدابر؛ فإنّي اُولي لك باللَّه ألِيّةً غيرَ فاجرة، لئن جمعتني وإيّاك جوامع الأقدار لا أزال بباحَتك 'حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَكِمِينَ'.

[ الأعراف: 87.]

[ نهج البلاغة: الكتاب 55، بحارالأنوار: 409:116:33 وراجع المعيار والموازنة: 138.]


2403- عنه عليه السلام- من كتاب له إلى معاوية-: أمّا بعد؛ فقد آن لك أن تنتفع باللمح الباصر من عِيان الاُمور، فقد سلكتَ مدارجَ أسلافك بادّعائك الأباطيل، واقتحامك غرور المَينِ والأكاذيب، وبانتحالك ما قد علا عنك، وابتزازك لما قد اختُزِن دونك، فراراً من الحقّ، وجحوداً لما هو ألزم لك من لحمك ودمك، ممّا قد وعاه سمعك، وملئ به صدرك، فماذا بعد الحقّ إلّا الضلال المبين، وبعد البيان إلّا اللَّبْس.

فاحذر الشبهة واشتمالها على لُبْستها؛ فإنّ الفتنة طالما أغدفت جلابيبها وأغشت الأبصار ظلمتها. وقد أتاني كتاب منك ذو أفانين من القول، ضعفت قواها عن السِّلْم، وأساطير لم يحُكها منك علم ولا حلم، أصبحت منها كالخائض في الدَّهاس،

[ الدهاس: من رواها بالكسر فهو جمع دَهْس، ومن قرأها بالفتح فهو مفرد، يقول: هذا دَهسٌ ودَهاس- بالفتح- للمكان السهل الذي لا يبلغ أن يكون رملاً، وليس هو بتراب ولا طين."شرح نهج البلاغة: 26:18".]

والخابط في الدِّيماس،

[ الدِّيْماس: السَّرَب المُظلم تحت الأرض "شرح نهج البلاغة: 26:18".]

وترقّيت إلى مرقَبة بعيدة المرام، نازحة الأعلام، تقصر دونها الأنُوق، ويحاذى بها العَيُّوق.

[ الأنُوقْ- كأكول-: طائر؛ وهو الرَّحْمَة، والعَيّوق كوكب معروف فوق زحل في العلو. وهذه أمثال ضَرَبها في بُعد معاوية عن الخلافة "شرح نهج البلاغة: 27:18".]


وحاشَ للَّه أن تلي للمسلمين بعدي صدراً أو وِرداً، أو اُجري لك على أحد منهم عقداً أو عهداً، فمن الآن فتدارك نفسك وانظر لها؛ فإنّك إن فرَّطت حتى ينهدَ

[ أي ينهض. ونَهَدَ القوم لعدوّهم، إذا صمدوا له، وشرعوا في قتاله "النهاية: 134:5".]

إليك عباد اللَّه اُرْتِجَتْ عليك الاُمورُ، ومُنِعت أمراً هو منك اليوم مقبول. والسلام.

[ نهج البلاغة: الكتاب 65، بحارالأنوار: 410:118:33.]


2404- الأمالي للطوسي عن ثعلبة بن يزيد الحمّاني: كتب أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام إلى معاوية بن أبي سفيان:

أمّا بعد؛ فإنّ اللَّه تعالى أنزل إلينا كتابه، ولم يدعنا في شبهة ولا عذر لمن ركب ذنباً بجهالة، والتوبة مبسوطة 'وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى'

[ الأنعام: 164.]

وأنت ممّن شرع

الخلاف متمادياً في غرّة الأمل مختلف السرّ والعلانية، رغبة في العاجل، وتكذيباً بعدُ بالآجل، وكأنّك قد تذكّرت ما مضى منك، فلم تجد إلى الرجوع سبيلاً.

[ الأمالي للطوسي: 381:217، بحارالأنوار: 399:75:33؛ المعيار والموازنة: 102 نحوه.]


نقد الإمام رأيه وفراسته في مكاتبة معاوية


2405- الإمام عليّ عليه السلام- من كتاب له إلى معاوية-: أمّا بعد؛ فإنّي على التردّد في جوابك، والاستماع إلى كتابك؛ لَمُوَهِّنٌ رأيي، ومُخَطِّئ فِراستي. وإنّك إذ تحاولني الاُمور، وتُراجعني السطور، كالمستثقل النائم؛ تَكذبه أحلامه. والمتحيّر القائم يبهظه مقامه. لا يدري ألهُ ما يأتي أم عليه، ولستَ به، غيرَ أنّه بك شبيهٌ.

واُقسم باللَّه إنّه لولا بعض الاستبقاء، لوصلت إليك مني قوارع تقرع العظم، وتَهْلِس اللحم! واعلم أنّ الشيطان قد ثَبَّطك عن أن تُراجع أحسن اُمورك، وتأذن لمقال نصيحتك، والسلام لأهله.

[ نهج البلاغة: الكتاب 73، بحارالأنوار: 411:121:33.]


/ 40