الفصل الرابع في تعديد مبادىء القياساتبقول عام
ثم إن مبادىء القياسات كلها إما أن تكونأمورا مصدقا بها بوجه أو غير مصدق بها. و التي لا يصدق بها إن لم تجر مجرى المصدقبها بسبب تأثير يكون منها في النفس يقومذلك التأثير من جهة ما مقام ما يقع بهالتصديق لم ينتفع بها في القياسات أصلا. والذي يفعل هذا الفعل هي المخيلات فإنهاتقبض النفس عن أمور و تبسطها نحو أمور مثلما يفعله الشيء المصدق به فتقوم معالتكذيب بها مقام ما يصدق به: كمن يقولللعسل إنه مرة مقيئة فتتقزز عنه النفس معالتكذيب بما قيل كما تتقزز عنه مع التصديقبه أو قريبا منه. و كما يقال إن هذا المطبوخالمسهل هو في حكم الشراب و يجب أن تتخيلهشرابا حتى يسهل عليك شربه فيتخيل ذلكفيسهل عليه و ذلك مع التكذيب به. فهذاالواحد هو مبدأ القياسات الشعرية. و منافع القياسات الشعرية عند الجمهور فيالأمور الجزئية قريبة من منافع القياساتالمعقودة من المصدقات التي تؤلف منهاقياسات في الأمور الجزئية: إذ كان الغرض فيإيقاع التصديق فيها هو تقزز النفس علىانقباض و انبساط أو سكون عنهما. و إذا كان التخيل من شأنه أن يفعل ذلك قاممقامه. على أن أكثر عوام الناس أطوع للتخيلمنهم للتصديق. فهذا قسم. و أما القسم الذيفيه التصديق فإما أن يكون التصديق به علىوجه ضرورة أو على وجه تسليم لا يختلج فيالنفس معانده أو على وجه ظن غالب. و الذيعلى وجه ضرورة فإما أن تكون ضرورته ظاهريةو ذلك بالحس أو بالتجربة أو بالتواتر