الفصل الثاني [106 ا] في اختلاف العلومالرياضية و غير الرياضية مع الجدل
و في أن الرياضة بعيدة عن الغلط و غيرهاغير بعيدة منه و بيان ما ذكر في التحليل والتركيب إن الجهل المضاد للعلم و هو الذيليس إنما يعدم معه العلم فقط بل أن يعتقد ويرى صورة مضادة لصورة العلم كما يقع فيالوجه الثاني من وجهي اللاعلمي واللاهندسي قلما يقع في التعاليم. و ذلك لأنهذا الجهل إنما يقع لأسباب و أظهرها أمران:أحدهما التباس مفهوم حدود القياس لاشتراكالاسم و خصوصا الأوسط فإن أكثر انخداع يقعبسببه إذا كان اللفظ واحدا في المقدمتين والمعنى مختلفا. و الثاني حال التأليف و شكلالقول إذا لم يكن منتجا و أشبه المنتج مثلالموجبتين في الشكل الثاني و ما أشبه ذلك. و أما القسم الأول فإنه مما لا يقع فيالتعليميات لأن ألفاظ معاني الهندسياتمعلومة المعاني بالتحصيل فلا توهم غيرالمعنى المقصود به. بل لكل لفظ منها معنىمفهوم بحسب الغرض أو بحسب ما سبق منالتحديد. ثم معاني تلك الألفاظ قريبة منالخيال فكما يفهم في العقل للفظ منها معنىكذلك يقوم له في الوهم خيال فيثبت خيالهحقيقة ذلك المعنى و يحفظه و لا يدع الذهنيزيغ عنه. فحينئذ يكون الحد الأوسط مضاعفاأي واحدا بعينه يؤخذ مرتين لشيئين معلومينفينتج ضرورة. و أما في العلوم الأخرى و فيالجدل خصوصا فلا تكون هذه المعاون بل تكونألفاظها في أكثر الأمر مشتركة و المعنىالعقلي باطن غائر في النفس غير معان بخيالملائم لذلك المعنى يثبته و يحفظه في الذهن.بل ربما كان الخيال اللائح منه في الذهنمناسبا لمعنى و الغرض معنى آخر و يزيغالذهن عن الغرض إلى الخيال.