الفصل الحادي عشر في اعتبار مقدماتالبرهان من جهة تقدمها و عليتها و سائرشرائطها
و لما كانت مقدمات البرهان عللا للنتيجة والعلل أقدم بالذات فمقدمات البرهان أقدمبالذات. و كذلك هي أقدم من النتيجة عندنافي الزمان و أقدم عندنا في المعرفة من جهةأن النتيجة لا تعرف إلا بها. و يجب أن تكونصادقة حتى ينتج الصدق. و إذا كانت هذه المقدمات عللا فيجب أنتكون مناسبة للنتيجة داخلة في جملة العلمالذي فيه النتيجة أو علم يشاركه على نحو مانبين بعد و أن تكون أوائل براهينها منمقدمات أول بينة بنفسها هي أعرف و أقدم منكل مقدمة بعدها. و إن لم تكن بهذه الشرائطلم تكن المقدمات برهانية. و كثيرا ما يؤخذ في الإقناع الجدلي كواذبمشهورة ينتج بها صادق. و كثيرا ما تؤخذصوادق غير مناسبة في قياسات ينتج بهاصوادق: مثل احتجاج الطبيب أن الجراحاتالمستديرة أعسر برءا من قبل أن المستديرأكثر إحاطة. فتكون أمثال هذه دلائل لابراهين حقيقية لأنها غير مناسبة: فإنهاستعمل مقدمة كبرى هندسية توخى بها إبانةمطلوب طبيعي و لم يوضح علة مناسبة. و الأقدم عندنا هي الأشياء التي نصيبهاأولا. و الأقدم عند الطبع هي الأشياء التيإذا رفعت ارتفع ما بعدها من غير انعكاس. والأعرف عندنا هي أيضا الأقدم عندنا. والأعرف عند الطبيعة هي الأشياء التي تقصدالطبيعة قصدها في الوجود. فإذا رتبتالكليات بإزاء الجزئيات المحسوسة كانتالمحسوسات الجزئية أقدم عندنا و أعرفعندنا معا و ذلك لأن أول شيء نصيبه نحن ونعرفه هو المحسوسات و خيالات مأخوذة منهاثم منها نصير إلى اقتناص الكليات