الفصل الثالث في استئناف القول على برهانلم و إن و مشاركتهما و مباينتهما في الحدودو اختلافهما في علم و في علمين
قد تقدم منا القول في إبانة الفرق بينبرهان إن و برهان لم و كيف يكون على شيءواحد برهان إن و برهان لم. و بقي أن نحاذيبكلامنا ما قيل في التعليم الأول فنقول: إن الحدود قد يقع فيها برهان إن و برهان لمعلى وجهين: أحدهما أن يكون المطلوب واحدابعينه فيكون عليه قياسان: أحدهما لا يكونقد وفيت فيه العلة الأولى أي القريبةللأمر الموجبة له لذاته و تكون هذه العلةقد وفيت في الآخر فيشترك القياسان في أن كلواحد منهما أعطى العلة للأمر و يفترقان فيشيئين: أحدهما أن أحد القياسين أعطى العلةالبعيدة و الثاني أعطى العلة القريبة. والثاني منهما أن أحد القياسين فيه مقدمةتحتاج إلى متوسط و هو العلة القريبة والمعلول القريب و لذلك لم يعط فيها اللمالمحقق و الآخر ليس فيه مقدمة محتاجة إلىذلك. فهذا أحد الوجهين الممكنين و سيردتفصيله بعد. و أما الوجه الثاني فإن لايكون قد أعطى في كل قياس منهما علة لاقريبة و لا بعيدة و لكن أعطى في أحدهما ماليس بعلة أصلا: فإنه قد يمكن أن يكون ما ليسبعلة منعكسا على الحد الآخر من المقدمةسواء كان ما ليس بعلة معلولا للآخر كلمعالكوكب الذي هو معلول لبعده و هو مما ينعكسعلى العلة و هي بعده و مثل هيئة تزيد ضوءالقمر الذي هو معلول كريته و هو مما ينعكسعلى العلة و هي كريته أو كان ما ليس بعلةليس أيضا بمعلول للآخر و لا علة مثل دلالةثبات الهالة