الفصل الأول في معرفة مبادئ البرهان وكليتها و ضروريتها
إنه لما علم أن مبدأ البرهان يجب أن يكونأوضح و أعرف من البرهان و هو الحق و اقترنبه ظن أن كل شيء يتبين بالبرهان و هو باطلاجتمع منهما رأيان أحدهما رأي مبطلالبرهان و الثاني رأي من يرى أن مبادئالبرهان تبين دورا. فأما الرأي الأول فقد احتج أصحابه بأنقالوا: لما كان المطلوب بالبرهان يتبينبمقدمات تحتاج أن تكون أوضح منه فيجب أنيكون [97 ا] بيانها قبل المطلوب بالبرهانإنما يقع بمقدمات تحتاج أن تكون أوضح منهافيجب أن يكون بيانها متعلقا بإقامةالبرهان عليها فتحتاج أن يتقدمها أيضامقدمات أوضح منها و قد بانت قبل بيانها. وكذلك هلم جرا. و ذلك يؤدي إلى أن يكونالشيء الواحد متوقفا في إقامة البرهانعليه على أن يتقدمه إقامة براهين بلانهاية و هذا محال. أو يكون الشيء يتسلم منغير بيان و ما يبنى على غير البين فهو غيربين. فكذلك ما ليس يبين فلا يكون مبدأللبيان. فإذن لا سبيل إلى إقامة برهان علىشيء. و أما الرأي الثاني فإن أصحابه لما لزمهمهذا المأخذ من الاحتجاج اضطروا إلى أنيقولوا إن للبراهين مبادئ أول. و كانواوضعوا أن كل شيء يتبين ببرهان فوقعوا فيأن قالوا إن هذه المبادئ يكون البرهانمنها عليها بعضها على بعض فيبرهن هذاالمبدأ بذلك المبدإ و ذلك